جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-02@17:38:16 GMT

الرقابة المالية ومكافحة الفساد

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

الرقابة المالية ومكافحة الفساد

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

لا تستقيم أمور الدول إلا بوجود جهازين رسميين قويين يهتم الأول بقضايا مكافحة الفساد والتلاعب المالي والإداري في المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني، فيما يهتم الجهاز الثاني بأمور القضاء والمحاكم لنشر العدالة وحماية حقوق الناس وإرجاعها من المختلسين مهما كانت صغيرة، على أن يعمل بكل شفافية ونزاهة وحياد دون أن يقف مع الشخص المعروف والقوي والغني.

وهنا يتعين على جميع المؤسسات في الدولة أن تتعاون وتتكامل من أجل تقديم العون لهاتين المؤسستين المُهمتين، ومساعدتهما في تقديم المعلومات والحقائق اللازمة تجاه القضايا المُثارة، بهدف نشر الأمن والطمأنينة والسلام بين جميع أفراد وفئات المجتمع وإرجاع الحقوق إلى أصحابها.

ما يدفعنا للحديث عن ذلك هو التقرير السنوي الأخير لجهاز الرقابة المالية والإدارية المعنون "مُلخص المجتمع" لعام 2022 والذي نشر قبل أيام، وتضمن العديد من الموضوعات التي تهم المؤسسات الحكومية العامة والشركات تجاه المخالفات المالية والإدارية والفنية التي ارتكبها بعض العاملين خلال الفترة الماضية سواء من خلال متابعة الجهاز لتلك القضايا والتقارير، أو من خلال الشكاوى والبلاغات التي ترد إليه من البعض، خاصة القضايا التي ترتبط بالإهمال والتلاعب ومخالفة القوانين واللوائح والقرارات الصادرة عن تلك الجهات، والتقصير في أداء الواجبات الوظيفية والمساس بالمال العام وغيرها من القضايا الأخرى.

التقرير الأخير يتناول العديد من المخالفات الإدارية والمالية التي تصل إلى مرتبة الجرائم الجنائية، الأمر الذي تطلب إحالة القضايا إلى الادعاء العام والجهات المعنية الأخرى لجمع الأدلة والاستمرار في معرفة الحقائق والمعلومات والاستدلالات بشأن كل قضية لإحالتها في نهاية المطاف إلى الجهات القضائية وتجريم المخالفين بالإدانة والسجن والغرامة، وإلزام المخالفين بدفع ما عليهم تجاه المخالفات التي ارتكبت من قبلهم.

ووفقًا لبيانات التقرير الأخير، فإنَّ الجهاز تعامل مع العديد من الشكاوى والبلاغات بلغ إجماليها 587 شكوى وبلاغًا، فيما تم رصد 459 حالة تجاوزات إدارية ومالية وقعت في مؤسسات حكومية، بجانب متابعته للعديد من قضايا تظلم الموظفين، وخاصة ممن لا حول لهم ولا قوة أمام سلطة المديرين والمسؤولين، إضافة إلى متابعته لعدة شكاوى وردت إليه تتعلق بتعطيل مصالح المواطنين، وأخرى تتعلق بعدم سلامة إسناد المناقصات العامة بالإضافة إلى عدة شكاوى وبلاغات عن سوء استغلال السلطة. كما تعامل الجهاز مع عدة قضايا تهم الهيئات والشركات والاستثمارات التي تطلبت متابعة الرقابة عليها، خاصة وأن هناك بعض المؤسسات الخاصة تسيئ إلى الاقتصاد المحلي أكثر مما تنفع نتيجة تلاعبها في القوانين واستخدامها الأساليب والحيل في تضخيم ثروتها، وزيادة تحويلاتها المالية السنوية إلى خارج البلاد بعيداً عن أعين الجهات المسؤولة في الدولة، وابتعادها عن دفعها لضريبة الدخل على الشركات، وضريبة الخصم من المنبع وغيرها، الأمر الذي يؤدي إلى افتقاد البلاد للثروات المالية.

ونتيجة لذلك، تمكن الجهاز خلال السنتين الماضيتين من استرداد مبالغ بلغت نحو 97.8 مليون ريال عماني لخزينة الدولة، منها 80 مليون ريال في عام 2021، و17.8 مليون ريال في عام 2022، تختص 14 مليون ريال للهيئات والاستثمارات والشركات العاملة في البلاد. فهناك مؤسسات وشركات تبتعد بصورة أو بأخرى عن تقديم تقاريرها بشأن إيراداتها الحقيقية، الأمر الذي يتطلب اتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها.

ولا شك أن غياب الرقابة على المؤسسات في أي مجتمع في العالم يؤدي إلى تصاعد وتيرة المخالفات المالية والإدارية، خاصة في مجتمعات الدول النامية التي ما زال تُعشعش فيها جرائم الرشوة، والتزوير، والاختلاس، والتعدي على المال العام، واستغلال المنصب وغيرها من الاخلالات الوظيفية الأخرى. بعض العاملين في هذه المؤسسات اعتادوا أن يتلاعبوا في مواجهة ظاهرة التهرب الضريبي من خلال إقامة أنظمة فنية تعمل على عدم اكتشاف الإيرادات الحقيقية لها؛ حيث إن معظم تلك الشركات والمؤسسات تتعامل وتتعاون مع بعضها البعض في تغطية الثغرات القانونية، خاصة تلك التي تتعامل مع مفاصل الاقتصاد الرئيسي في البلاد كشركات الأغذية والأدوية والاستيراد والتصدير والعلاج بالمستشفيات والتأمين والمعادن ووسائل تقنية المعلومات والأنظمة الإلكترونية وغيرها من الشركات.

وأخيرًا.. كُلنا يقين بأن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة سيُواصل الجهود لسرعة الكشف عن الاختلاسات والتلاعب في المؤسسات والإفصاح عنها لتعزيز التوعية بين المواطنين، ونتمنى أن يتم الإعلان عن المخالفات أولًا بأول دون الانتظار لسنة كاملة، فيما يتطلب من أجهزة الادعاء العام والأمن والشرطة والقضاء والمحاكم سرعة البت في تلك القضايا والتنفيذ على المخالفين ليعيش الجميع في رفاهية وسعادة وطمأنينة، وهذه العملية سوف تؤدي إلى تعزيز مبادئ النزاهة والمساءلة والمحاسبة في المجتمع وتخلق نوعًا من الردع أمام الذين يحاولون نشر الفساد والتلاعب في المؤسسات.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الاتحاد المصري للتأمين ينظم ورشة عمل بالتعاون مع الرقابة المالية وجامعة القاهرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نظم الاتحاد المصري للتأمين مساء أمس الخميس الموافق 31 أكتوبر 2024 ورشة عمل بالتعاون والتنسيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية وكلية التجارة بجامعة القاهرة وتأتي هذه الورشة ضمن جهود الاتحاد المستمرة لتعزيز المعرفة وتنمية القدرات في مجال العلوم الأكتوارية وتطبيقاتها، حيث استضافت الورشة البروفسور جان داين Professor/ Jan Dhaene  رئيس مركز Longevity Research Center وأستاذ العلوم الأكتوارية بجامعة KU Leuven University ببلجيكا كمتحدث رئيسي، وبحضور السيدة الأستاذة الدكتورة/ لبنى محمد فريد عميد كلية التجارة بجامعة القاهرة ،وتناولت الورشة موضوع: -


“Market Consistent Versus Model Consistent Valuations”


سلطت الورشة الضوء على أنواع التقييمات المختلفة والتي تشمل 5 تقييمات (التقييم المالي، الاكتواري، المتسق مع السوق، المتسق مع النماذج، القيمة العادلة) واهم الاختلافات بين تلك التقييمات وفقا لطبيعة الخطر المغطى وكيفية اختيار احدى تلك التقييمات بما يتناسب مع طبيعة الالتزام او الأصل، كما أوضحت الورشة أهمية التقييم المتسق مع السوق في تعزيز الشفافية والثقة لدى المستثمرين، حيث يساعد هذا التقييم على عكس الظروف المالية الحالية، وفي المقابل يساعد التقييم المتسق في ضوء النماذج المعدة في توضيح المخاطر طويلة الأجل مما يسهم في إعداد خطط استراتيجية فعّالة، ويعدّ معيار الملاءة المالية II محورًا هامًا في إدارة المخاطر المالية وضمان قدرة شركات التأمين على تلبية التزاماتها، حيث يتم تقييم رأس المال المطلوب بشكل متناسب مع المخاطر المرتبطة.


كما تم عرض مقارنة بين التقييم المالي والتقييم الاكتواري حيث ان التقييم المالي يركز على القيمة الحالية للأصول ويعتمد على أساليب مثل التدفقات النقدية المخصومة، مضاعفات الربحية، وقيم الاصول ويشمل تحليل البيانات المالية، التدفقات النقدية، والأرباح، بينما التقييم الاكتواري يركز على تقدير الالتزامات المستقبلية والتأمين ضد المخاطر ويعتمد على النماذج الإحصائية والاحتمالية لتقدير المخاطر ويشمل تحليل البيانات السكانية، الخسائر، والتعويضات.


وتمت مناقشة التقييمات المتسقة مع النموذج في التقييمات المالية التي تهدف إلى ضمان استخدام نفس الافتراضات والنماذج الرياضية لتقييم جميع جوانب القيمة في سياق مالي ،وتُستخدم هذه التقييمات لتحديد القيمة السوقية للأصول أو الالتزامات ولتحقيق الاتساق في تقدير العوائد والمخاطر عبر فئات الأصول المختلفة ،بينما التقييمات المتسقة مع النموذج في التقييمات الاكتوارية تشير إلى اتباع النموذج الاكتواري المعتمد والمتسق عبر الفترات الزمنية المختلفة بهدف تقدير التزامات التأمين أو التقاعد بشكل صحيح ،ويشمل التقييم موازنة الافتراضات الاكتوارية لتوفير تقييم متسق لمخاطر والتزامات المستقبلية ،وتهدف هذه التقييمات إلى ضمان أن التوقعات تبقى متسقة مع افتراضات النماذج عبر الأوقات لضمان دقة الحسابات على المدى الطويل.

وأوضحت الورشة أن التقييمات القائمة على التحوط تتيح لشركات التأمين إدارة المخاطر المتعلقة بالأصول والالتزامات بصورة أكثر كفاءة وتعتمد هذه المنهجية على اتخاذ استراتيجيات تحوط فعّالة تحاكي التقلبات المحتملة في قيم الأصول مما يدعم تحقيق عوائد متوقعة ومستقرة للشركات ويضمن قدرة أكبر على تلبية التزاماتها المالية حيث أن ربط التقييمات باستراتيجيات التحوط هو عنصر أساسي لضمان استقرار شركات التأمين فعند استخدام منهجيات التقييم القائمة على التحوط يمكن للشركات تحقيق حماية أكبر ضد تقلبات السوق عن طريق تحديد النماذج المالية المناسبة ويساعد هذا التكامل في تقليل التعرض لمخاطر السوق، وضمان حماية الأصول، وتحقيق عوائد متوقعة تتماشى مع أهداف الشركة.

وشملت الجلسات حوارات تفاعلية بين المتحدثين والمشاركين، مما اتاح تبادل المعرفة والخبرات لضمان تحقيق أقصى استفادة للمشاركين.


تأسس الاتحاد المصري للتأمين في جمهورية مصر العربية عام 1953 بموجب قرار وزير المالية والاقتصاد رقم (156) لسنة 1953و هو مؤسسة غير هادفة للربح وله شخصية اعتبارية مستقلة، ويضم في عضويته جميع شركات التأمين العاملة بالسوق المصري وعددها 40 شركة، ويهدف إلى العمل على رفع مستوى صناعة التأمين والمهن التأمينية المرتبطة بها وتحديثها وترسيخ مفاهيم وأعراف العمل التأميني الصحيح.
 

مقالات مشابهة

  • المصرف العراقي للتجارة يوضح إجراءات الحوالات المالية ومكافحة غسيل الأموال
  • الخطط الحكومية في معركة غير متكافئة ضد محاصرة الفساد بسبب المحاصصة وسوء الادارة
  • زيزو يخضع لأشعة لكشف حجم الإصابة التي تعرض لها في مواجهة البنك الأهلي
  • الاتحاد المصري للتأمين ينظم ورشة عمل بالتعاون مع الرقابة المالية وجامعة القاهرة
  • "نزاهة" تباشر عددًا من القضايا الجنائية وجرائم الفساد خلال أكتوبر
  • “نزاهة”: توقيف 121 موظفًا بـ4 وزارات وهيئة بتهم الرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي
  • د.حماد عبدالله يكتب: الخبرات النادرة و"الفساد " !!
  • إيداع 4 متهمين حبس القليعة منهم مسؤولا مركب الحجار و”فوندال” ووضع شرف الدين عمارة تحت الرقابة القضائية بتهمة الفساد
  • إيداع 4 متهمين الحبس منهم مسؤولا مركب الحجار و”فوندال” ووضع شرف الدين عمارة تحت الرقابة القضائية بتهمة الفساد
  • إيداع 4 متهمين حبس الحراش منهم مسؤولا مركب الحجار و”فوندال” ووضع شرف الدين عمارة تحت الرقابة القضائية بتهمة الفساد