صديق الزيلعي

قدمت في المقال الأول عرضا تاريخيا لظهور المصطلح. ركز المقال الثاني على دور لينين في صياغة المفهوم بشكله التنظيمي المكتمل، وهو الحالي المعروف. وهو أعد كشكل للتنظيم في إطار حزب سياسي يعمل في ظروف السرية المطلقة في روسيا القيصرية. المقال الثالث، قدم باختصار اطروحات دعاة المركزية الديمقراطية، ونقد من يختلفون معها، ثم أعقب ذلك تحليل سريع لسماتها العامة.

مقال اليوم يناقش التحدي المشروع والذي يتخطى النقد السلبي الى تقديم رؤى اكثر تقدما. وهو يجتهد للإجابة على ما هو البديل المقترح للمركزية الديمقراطية؟

البديل:
هذه مجرد رؤوس مواضيع حول البديل اطرحها للنقاش والتطوير بالتعديل او التبديل او النقد والوصول لأشكال اخري.
في البداية اود ان أركز على نقطة مهمة هي ان محاولات تبديل اسم المركزية الديمقراطية بالديمقراطية المركزية لن يجدي وقد رأينا ما حدث عندما حاول السوفييت تحت قيادة غورباتشوف فعل ذلك. والاهم ان مجمل أعضاء الأحزاب الشيوعية في كل العالم تمت تربيتهم على الاشكال التنظيمية النابعة من المركزية الديمقراطية وتمت برمجة عقولهم على هذا الأساس، وهو ما يسمي أحيانا بروح اللائحة. لذلك اعتقد الغاء المركزية الديمقراطية ونقدها بلا هوادة سيفتح الطريق للجديد المتجدد.

وهذه هي بعض الأسس العامة والمقترحة لتجديد وتفعيل مبادئ التنظيم الحزبي:

• التمسك بالمركز الواحد كقيادة للتنظيم ويقوم بإدارة شئونه الداخلية والخارجية ويطرح سياساته امام الرأي العام ويحدد استراتيجيته وتكتيكاته. كما له كامل الحق في رفع أي من بنود اللائحة في ظروف العمل السري او عند تعرض الحزب لهجمات أجهزة السلطة كحل الحزب ومصادرة نشاطه الخ.

• يسمح بوجود تيارات داخل الحزب (وهي حقيقة لا مجازا موجودة داخل كل الأحزاب رغم عدم الاعتراف ووصفها بكافة الاسماء). وتنظم اللائحة الجديدة أسس تنظيمها واشكال عملها. أهمية هذا في انه يحمي الحزب من التآمر والطعن في الظهر والشللية والثرثرة، وفى نفس الوقت يرتقي بالصراع الحزبي ويفتح افاقا جديدة للديمقراطية الحزبية. السمعة السيئة التي خلقتها القيادات الشيوعية حول قضية التيارات جعل الأعضاء يحسون بقشعريرة في جلودهم عند ذكرها ويعتبرونها رجس من عمل الشيطان اليميني التصفوي. لكنها، عند التطبيق، ستخرج الحزب من عنق الزجاجة الذي ادخل نفسه فيه. إضافة لذلك كانت التيارات موجودة داخل حزب لينين نفسه خلال بعض فترات تطوره، ولكن التجربة الخاصة للثورة السوفيتية وما تعرضت له ادي لإيقاف تلك التيارات.

• الرأي الرسمي للحزب حول أي قضايا عامة يعلنه المتحدث الرسمي المعلن والمعروف او يصدر من قيادة الحزب كتابة. اما بقية أعضاء الحزب، مهما كانت مواقعهم الحزبية، فلهم الحرية في طرح آرائهم والدفاع عنها بدون

• رأي الأغلبية هو رأي الحزب الذي سيعلن وللأقلية الحق في الاحتفاظ برأيها والتبشير به لأقناع الاخرين به
• تفتح مجلات الحزب الداخلية، والتي نري ان تكون مجلات لترسيخ الديمقراطية الحزبية وتفعيل الصراع الفكري وليست أداة تستخدمها قيادة الحزب في التعبئة فهنالك أدوات اخري معروفة لتعبئة العضوية وان تفتح لكل الآراء بلا حجر على أي منها. وان يكتمل ما تقوم به داخليا بإصدار مجلة فكرية علنية (مثل الفجر الجديد التي كان يصدرها عبد الخالق) تبشر بآراء الحزب وتفتح الحوارات حول القضايا العامة البرامجية والفكرية امام الجميع ولنا مثال جيد في ذلك الحوار الذي تم بين فاروق محمد إبراهيم وشريف الدشوني حول السياسة الزراعية ونشر في حلقات في جريدة اخبار الأسبوع في عام 1970..

• في حالة القضايا الكبيرة الخلافية او البرامجية يطرح امام العضوية رأي التيارات المختلفة ويسمح لكل تيار بتنظيم اشكال الدعاية والتعبئة لرايه من اجل كسب الأعضاء لجانبه.

• لا يسمح بان يشغل أي زميل موقع لأكثر من دورتين بما في ذلك السكرتير العام ويمكن للزميل المحدد تبوأ مناصب أخرى في القيادة او القاعدة. وهكذا يمكن تجديد دماء القيادة وتدريب الكوادر الشابة وفتح المجال للرؤي الجديدة ولأشكال متطورة للتفكير والعمل.
• الصراع الفكري ليس ممارسة موسمية تفتح بقرار وتغلق بقرار من المركز، بل هو جزء اصيل من نشاط أي حزب وهنا ادعو للتمسك بمقولة لينين الشهيرة حرية المناقشة ووحدة التنفيذ. بمعنى الا نضع أي قيد على حرية المناقشة وبعد تحديد الرأي النهائي نتوحد في تنفيذه.
• الايمان فعلا لا قولا بانه لا توجد حقيقة مطلقة لا يأتيها الباطل من امامها او خلفها وان نقرأ مقولات الجدل حول الحركة والصراع ووحدة الضدين. وهذا يستدعي الا نؤمن بالمسلمات والا يكون هنالك أي مبدا او برنامج او شخص قائد فوق النقد والمحاسبة.
• عدم تقييد الترشيح بما تقدمه اللجنة المركزية من أسماء ليتم انتخابها، بل يفتح الباب للتيارات لتقدم برنامجا يتم الانتخاب على أساسه ويتم محاسبتها عليه في نهاية الدورة.
• يحق سحب الثقة من القيادات من مستوى المركز وانتهاء بالفروع في حالة فشلها.
• تحديد سن أقصى لشاغلي المواقع الحزبية القيادية والا يصبح القبر او الانقسام او الفصل هي ما تبعد القيادي عن منصبه.
• ادخال أسلوب التخصص في تعيين المتفرغين الحزبيين (تنظيم، صحافة، تعليم حزبي، عمل جماهيري، وعلوم الاتصالات الخ) ويتم تدريبهم لأعلى المستويات على عملهم وان يسري عليهم مسألة الحد الأقصى من سنوات التفرغ.
• الاستفادة والانفتاح على تجارب التنظيم والادارة المختلفة، وعدم الركوع امام صنم التنظيم اللينيني والاستسلام له باعتباره اخر منجزات الفكر التنظيمي وان العقل التنظيمي تجمد بعده.
• تمليك الأعضاء كل ما يدور من مناقشات في القيادة ليعرفوا مواقف من يتقلدون مواقع في المركز مما يساعد على تقييم أدائهم في المؤتمرات وتحديد هل سيتم انتخابهم مجددا ام لا.
• استقلالية التنظيمات الديمقراطية حقيقة لا اسما عن الحزب وخلق شكل جديد وديمقراطي للتحالف والتنسيق بينها والحزب، ويشمل ذلك منظمات الطلاب والشباب والنساء الديمقراطية.

خاتمة:
هذه مقدمة تطرح رؤوس مواضيع للمناقشة وستعقبها، بعد الحوار والاخذ والرد والحذف والاضافة، ورقة أكثر شمولا وأعمق طرحا تستخدم المراجع والامثلة الواقعية بعيدا عن التجريد والحذلقة الفكرية واستخدام المحسنات البلاغية. ولكي تكون مساهمة في معركة التجديد التي تحتاج للتشمير عن السواعد وشحذ الاذهان وتفعيل العقل الجمعي والمعارف العصرية وتراكم الخبرات.

مقدمة في نقد المركزية الديمقراطية «1-4»

الوسومصديق الزيلعي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: صديق الزيلعي المرکزیة الدیمقراطیة

إقرأ أيضاً:

خروج الرتل الثاني لقوات سوريا الديمقراطية من حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب

حلب-سانا

خرج رتل ثانٍ لقوات سوريا الديمقراطية من حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب باتجاه شرق الفرات، تحت إشراف وزارة الدفاع وقوات الأمن العام.

حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب خروج الرتل الثاني لقوات سوريا الديمقراطية 2025-04-09hadeilسابق مراسل سانا بحلب: بدء خروج الرتل الثاني لقوات سوريا الديمقراطية من حيي الأشرفية والشيخ مقصود باتجاه شرق الفرات تحت إشراف وزارة الدفاع وقوات الأمن العامآخر الأخبار 2025-04-09خروج الرتل الثاني لقوات سوريا الديمقراطية من حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب 2025-04-09مراسل سانا بحلب: بدء خروج الرتل الثاني لقوات سوريا الديمقراطية من حيي الأشرفية والشيخ مقصود باتجاه شرق الفرات تحت إشراف وزارة الدفاع وقوات الأمن العام 2025-04-09وزير الاتصالات يؤكد ضرورة إنشاء نظام رقمي متكامل للمعلومات الصحية في الوزارات كافة 2025-04-09إصابة ستة أشخاص جراء حريق بمنزل في مساكن الدوير بريف دمشق 2025-04-09“هيومن رايتس ووتش” تدعو المجتمع الدولي للمساعدة في إزالة مخلفات الحرب في سوريا 2025-04-09الموجهون الاختصاصيون يناقشون في وزارة التربية الاستعدادات ‏للامتحانات العامة ‏ 2025-04-09مسؤولة أممية: السوريون بحاجة إلى التضامن العالمي معهم أكثر من أي وقت مضى 2025-04-09انتهاء زراعة البطاطا الربيعية في حمص 2025-04-09محافظة دمشق تبدأ أعمال تأهيل وتجميل منطقة جبل قاسيون 2025-04-09وزير التربية يبحث واقع التعليم وسبل التعاون مع عدد من المنظمات الدولية

صور من سورية منوعات أول دراسة سريرية بالعالم… زراعة الخلايا الجذعية تحسن الوظائف الحركية لمرضى الشلل 2025-03-26 جامعة ناغازاكي تطور “مرضى افتراضيين” لتدريب طلاب كلية الطب 2025-03-24فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • رتل ثان من قوات سوريا الديمقراطية يغادر حلب وحملة أمنية بحمص
  • نتنياهو يجتمع مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية
  • خروج الرتل الثاني من قوات سوريا الديمقراطية من حلب
  • خروج الرتل الثاني لقوات سورية الديمقراطية من حلب
  • القيادة المركزية الأمريكية: لن نتهاون مع أي دعم للحوثيين عبر الموانئ
  • مناقشة تأثير «الذكاء الاصطناعي»على الديمقراطية وحقوق الإنسان
  • خروج الرتل الثاني لقوات سوريا الديمقراطية من حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب
  • استطلاع رأي يكشف عن الانقسامات الحزبية العميقة بشأن السياسة الخارجية الأمريكية
  • ما هو الطريق البديل لكوبري السيدة عائشة بعد الانتهاء من تفكيكه؟
  • مصدر مسؤول في الخارجية: قرار بنقل سفيري سوريا في روسيا والسعودية إلى الإدارة المركزية