الرسالة التى فاجأنا بها الرئيس الغانى نانا أكوفو أدو الأسبوع الماضى وهجومه الشديد على دول أوروبا وأمريكا تستحق أن نتوقف أمامها كثيرًا وذلك لعدة أسباب.. أولها أنها تحمل اتهامات صريحة وواضحة ولا لبس فيها للدول الكبرى بنهب ثروات أفريفيا وجمع هذه الثروات من دماء الأفارقة.. ولم يتوقف الرئيس الغانى عند توجيه الاتهامات.
. بل طالب هذه الدول بدفع تعويضات عن تجارة العبيد، وقال بكل صراحة: لقد حان الوقت للاعتراف بأن الكثير من ثروات أوروبا وأمريكا تحققت من تعب ودموع ودماء ورعب تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسى وقرون من الاستغلال والاستعمار، كما تحدث «أكوفو» عن مواجهة 40 مليون شخص فى أفريقيا شكلًا من أشكال العبودية، وعن قرون من الاستيلاء على الموارد الطبيعية والاتجار بالشعوب الأفريقية وكأنهم سلة للبيع والشراء.
وتكتسب هذه الرسالة أهميتها من إصرار الرئيس الغانى على إثارة قضية دول أفريقيا فى تشكيل مجلس الأمن، حيث قال بكل صراحة: لقد طال الوقت ونحن ننتظر تصحيح الظلم الطويل فى هيكل وتشكيل مجلس الأمن بالنسبة لأفريقيا، ووصف ما تعرضت له القارة بأنه ظلم تاريخى.
أما السبب الثانى الذى يكسب هذه الرسالة أهميتها فيتمثل فى المكان الذى أطلق منه الرجل قذائفه.. فما قاله قليل من كثير، وحديثه عن الظلم والقهر الذى عانت منه أفريقيا - وما زالت تعانى - وعن نهب الثروات واستغلال خيرات البلاد من جانب دول أوروبا وتحديدًا فرنسا هو أمر تحدث عنه الكثيرين آخرهم القيادة الشابة الجديدة فى أفريقيا إبراهيم تراورى.. لكن حديث الرئيس الغانى هذه المرة جاء من داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة وهو ما أكسبها قوة وساعد فى إحداث صخب وضجيج على المستوى الدولى.
أما السبب الثالث لقوة هذه الرسالة فيتمثل فى التوقيت، حيث تتزامن مع الصحوة التى تعيشها أفريقيا حاليًا ضد استمرار البلطجة الفرنسية ورفض حكام «الإليزيه» سحب القوات التى زرعوها بحجة محاربة الإرهاب فى حين أن ما يفعله حكام «الإليزيه» هو الإرهاب بعينه والبلطجة فى أوضح صورها.
لقد جاءت رسالة الرئيس الغانى فى وقت نجح فيه أبناء النيجر منذ أيام فى طرد قوات الاحتلال الفرنسية.. ليس هذا فحسب.. بل تم طرد السفير الفرنسى الذى ارتكب جريمة دبلوماسية غير مسبوقة وهو رفضه مغادرة البلاد متحديًا شعب النيجر وحكامه.
إن الرسالة القادمة من غانا والتى تتزامن مع إسقاط الأنظمة الموالية لفرنسا ومع صحوة الشعوب فى رفع الوصاية ووقف نهب الثروات يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن هذه الصحوة مستمرة ولن تتوقف إلا عند خروج آخر جندى فرنسى من أفريقيا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أوروبا أمريكا الموارد الطبيعية
إقرأ أيضاً:
وعدت يا "عيد"
ها هو عيد الفطر المبارك وقد هلت أيامه علينا، بعد أن أعاننا الله على صيام وقيام شهر رمضان المبارك، تقبل الله منا جميعا صالح الأعمال والطاعات، وأعاده علينا بالخير والبركة والأمان.
فى الأسبوع الأخير والأيام القليلة قبل العيد لاحظنا حركة كبيرة فى الأسواق سواء فى محال الملابس الجاهزة وذلك لشراء ملابس العيد، وفى محال الحلويات لشراء لوازم الاحتفال بالعيد من كعك وبسكويت وخلافه.
حالة الاستغلال والجشع التى أصابت التجار خلال هذه الايام لا تجد من يضع لها حدا، والحجة أن السوق عرض وطلب، ومن يرد البضاعة فليتحمل ثمنها أو يتركها لمشتر آخر، وهو ما أدى إلى مزيد من "الابتزاز" لجيوب المواطنين، الذين أصبح الكثيرون منهم غير قادرين على الوفاء باحتياجاتهم، الأمر الذى يضطرهم للبحث عن البدائل الأوفر والأرخص..
ويرتبط عيد الفطر المبارك، الذى نعيش أيامه، فى التقاليد المصرية بعمل الكعك بكل أنواعه، بالإضافة إلى شراء ملابس للأطفال الصغار، وشراء مستلزمات الاحتفال بالعيد، وهى عادات توارثتها الأجيال عاما بعد عام، وبدونها يفقد الناس إحساسهم ببهجة العيد وفرحة قدومه.
هذه العادات والتقاليد أصبحت مكلفة للغاية، خاصة أن الشهر الفضيل أيضا تتزايد فيه المصروفات بشكل مضاعف، فهو شهر التزاور والتواصل مع الأهل والأصدقاء، وبالتالي فإن هناك إجراءات تقشفية فرضت نفسها هذا العام، على معظم الأسر، ومنها الاستغناء عن بعض الأنواع من الأطعمة مرتفعة الثمن، وتقليل العزومات، أو تقليل أعداد المدعوين..
الأسعار التى قفزت قفزات سريعة خلال أيام الشهر الفضيل، فى معظم السلع الأساسية وخاصة اللحوم والدواجن، كان لها أثر بالغ فى التخطيط لاستقبال العيد، وعلى سبيل المثال كعك العيد الذى تضاعف سعره هذا العام وحتى الأصناف العادية منه، لم تقدم كثير من الأسر على شراء كميات كبيرة منه، كما كان يحدث فى السابق، ولكن تم تقليل الكميات بقدر المستطاع، حتى أن البعض اكتفى بكميات بسيطة للغاية حتى لا يحرم أطفاله منها، والبعض لجأ إلى تصنيعه فى المنزل توفيرا للنفقات، أما بالنسبة للملابس فتلك مشكلة أخرى، حيث بلغت أسعارها حتى فى المناطق الشعبية أرقاما مبالغا فيها.
الملاحظ هذا العام هو تزايد الحركة على بائعي ملابس "البالة" المنتشرة فى بعض الشوارع وخاصة فى منطقة وكالة البلح والشوارع المحيطة فى شارع الجلاء ومنطقة الإسعاف، وكذا فى كثير من شوارع المناطق الشعبية، وذلك نظرا لوجود فرق واضح فى الأسعار مقارنة بمحلات الملابس الجاهزة، والتى تعرض قطعا من الملابس يتجاوز متوسط سعرها الالف جنيه، وهو رقم كبير بالنسبة لمعظم الأسر.
أما بالنسبة لأماكن المتنزهات التى يمكن أن ترتادها الأسر بسيطة الحال والشباب، فأصبحت قليلة ولا تكفي تلك الأعداد التى تتدفق من الأحياء الشعبية باتجاه منطقة وسط البلد مثلا، وبالتالي تكتظ الشوارع بشكل كبير، ويقضي الشباب كل وقته فى التنقل من شارع لآخر، مع تفريغ طاقة اللعب واللهو فى الشارع، وهو ما ينتج عنه أحيانا سلوكيات غير حضارية.
حتى الكباري الممتدة بطول نهر النيل استغلها أصحاب الكافيهات فى وضع الكراسي واستقبال الزبائن، غير عابئين بحق الناس الطبيعي فى التجول دون تضييق عليهم، الأمر الذى يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، والتوسع لعمل متنزهات وحدائق عامة بأسعار رمزية فى كل الأحياء السكنية أو قريبا منها، وكل عام وأنتم بخير.