سلط مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، كريس دويل، الضوء على الاتفاق المزمع لتطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، مشيرا إلى أن الزيارة الأولى لوزير في الحكومة الإسرائيلية إلى السعودية أدت إلى تصاعد الثرثرة والتكهنات بشأن اقتراب الاتفاق.

وذكر دويل، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن سؤال الصفقة السعودية الإسرائيلية هو: متى ستتم؟ ومن سيكون مهندسها؟ وليس ما إذا كانت ستتم من عدمه، خاصة أن الأطراف الثلاثة للصفقة (السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة) ليست في حالة صداقة حميمة.

وأضاف أن بعض المراقبين يرون أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يريد أن يكون داعما للاتفاق، ويعتبره نجاحا حيويا في سياسته الخارجية قبل انتخابات عام 2024، إذ ليس لديه الكثير ليقدمه للناخبين المتشككين، كما لا يريد أن يرى السعودية تقترب أكثر من الصين.

 فيما يعتقد آخرون أن بايدن قد لا يكون يائسا كما يتصور البعض، ويتساءلون: هل يهتم الناخبون الأمريكيون بالتطبيع السعودي الإسرائيلي إلى هذا الحد؟ فضلا عن شعور الكثيرين منهم بالقلق إزاء احتمال تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.

ويلفت دويل، في هذا الصدد، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يريد صفقة التطبيع ليضيفها إلى إرثه التاريخي، ما يسمح له بالظهور كزعيم أبرم صفقة مع واحدة من أغنى القوى في العالم العربي، مضيفا دفعا صاروخيا لعملية التطبيع، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أبعد من ذلك.

ومن شأن إبرام الصفقة أيضا أن يجدد علاقات حكومة نتنياهو مع الولايات المتحدة، بعد أن استغرق رئيس الوزراء الإسرائيلي 9 أشهر لعقد اجتماع مباشر مع بايدن، ومن شأنه أيضًا أن يصرف الانتباه عن مشاحناته القانونية المستمرة، بحسب دويل.

أما بالنسبة لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، فإن لديه قائمة أهداف مفصلة للغاية، بما في ذلك الأسلحة الأمريكية المتقدمة، واتفاقية دفاع وبرنامج نووي مدني.

وعلى النقيض من الزعيمين الآخرين، فلا يبدو بن سلمان يائسا؛ بل هو "قادر على التحلي بالصبر، وهي صفة لم تكن ظاهرة عندما صعد لأول مرة إلى قمة السياسة السعودية" بحسب دويل، مشيرا إلى أن ولي العهد السعودي لا يواجه انتخابات (كما هو حال بايدن) أو خطر انفكاك تحالف حكومي متطرف وغير مستقر، أو احتمال الذهاب إلى السجن (كما هو حال نتنياهو)، ولا يبدو أنه سيندفع بشكل أعمى إلى أي صفقة مع إسرائيل.

مطالب كبيرة

كما أن نظرة سريعة على استطلاعات الرأي الأخيرة ستذكّر بن سلمان بأن الخليفة المحتمل لبايدن هو الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي تربطه به علاقات وطيدة، بخلاف بايدن، الذي اضطر للذهاب إلى جدة والسلام مع ولي العهد السعودي بقبضة اليد سيئة السمعة بسبب الوضع الاقتصادي الأمريكي وأسعار النفط.

وكان على بايدن أن يواجه الجناح ذو النفوذ المتزايد في الحزب الديمقراطي الذي لا يحب السعودية ولا إسرائيل، ولذا ربما يسأل بن سلمان نفسه: لماذا يمنح أي جوائز لبايدن؟

وهنا يشير دويل إلى أن الالتزام الإسرائيلي الكامل بشأن مستقبل المسجد الأقصى يجب أن يكون حجر الزاوية في أي اتفاق، وقد شجع بن سلمان ذلك على رفع سقف مطالبه، واختبار مدى رغبة بايدن في إبرام الصفقة، وإذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للموافقة على شروطه، خاصة السماح للسعودية بامتلاك برنامج نووي مدني واتفاق دفاعي كامل، فقد يمضي بن سلمان قدما.

أما إذا رفض بايدن، فستتكيف القيادة السعودية وفقًا لذلك وتبقي خياراتها الأمنية طويلة المدى مفتوحة، بحسب دويل.

اقرأ أيضاً

جيروزاليم بوست: إيران تتحضر لمواجهة تطبيع السعودية وإسرائيل.. ماذا قد تفعل؟

ولكن ما هو موقع الفلسطينيين من ذلك؟ يجيب مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني بأن اتفاقيات إبراهيم تميزت بالغياب التام للمساهمة الفلسطينية في كل مرحلة، وجاءت الصفقة بمثابة صدمة للقيادة الفلسطينية، التي لم تكن تعلم شيئًا عن المحادثات ولم تكن لها علاقة بإدارة ترامب في ذلك الوقت.

ولم تظهر الإمارات والبحرين أي ميل لإدراج الشأن الفلسطيني في اتفاق التطبيع، ودفعتا علاقاتهما مع إسرائيل إلى الأمام إلى درجة غير عادية، وكان الشرط الوحيد هو أن تتخلى إسرائيل عن خططها لضم أراضي الضفة الغربية المحتلة رسميا، وهو ما كان نتنياهو على استعداد تام للقيام به، نظرا لأنه يعتقد أن الضم الفعلي أصبح في متناول اليد وأن الضم الرسمي هو مجرد مسألة وقت.

تحول ذو مغزى

ومن الواضح أن القيادة الفلسطينية متوترة بشأن خطط السعودية للتطبيع، وقد أوضحت الرياض أنها تتوقع تحركاً كبيراً في الملف الفلسطيني، رغم أن ما يعنيه ذلك غير واضح.

لكن القيادة الفلسطينية منخرطة في كواليس التطبيع السعودي الإسرائيلي على الأقل، حتى لو لم تكن بالفعالية التي قد يرغب بها الكثيرون، بحسب دويل.

وزار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، السعودية في أبريل/نيسان، وأجرى محادثات مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، وفعلت حركة حماس الشيء نفسه، كما عينت السعودية أول سفير غير مقيم لها لدى السلطة الفلسطينية.

غير أن دويل يصف القضية الفلسطينية بأنها "خطر على القيادة السعودية"، إذ يشكل مستقبل القدس، وخاصة المسجد الأقصى، قضية حساسة بالنسبة لبلد يفتخر بكونه موطن مكة والمدينة.

فالالتزام الإسرائيلي الكامل بشأن مستقبل الأقصى يجب أن يكون حجر الزاوية في أي اتفاق للتطبيع، ويأمل العديد من الفلسطينيين أن تلتزم السعودية بخطوط مبادرة السلام العربية، التي تتطلب الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة مقابل السلام الكامل.

وهنا يشير دويل إلى أن الائتلاف الإسرائيلي الحالي هو الأكثر تطرفاً في تاريخ البلاد، وأن أمثال وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، ووزير الأمن القومي، إيتامار بن غفير، سيدمرون الائتلاف بدلاً من التنازل عن أي شيء ذي معنى للفلسطينيين، لأنهم يريدون تفكيك السلطة الفلسطينية، في حين يريد نتنياهو أن تظل السلطة بمثابة الذراع الأمنية لإسرائيل لحماية الاحتلال.

لكن إذا انهار الائتلاف الإسرائيلي، فهل سيتشكل ائتلاف جديد من يمين الوسط للمضي قدماً في التوصل إلى اتفاق مع السعودية؟ يتشكك دويل في ذلك، مشيرا إلى أن انعدام الثقة في نتنياهو سيكون هو العقبة الرئيسية أمام هكذا سيناريو على نطاق واسع.

ويخلص دويل إلى أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع، وأن إسرائيل والسعودية ليستا في حالة حرب، ولديهما علاقات معقولة تحت الطاولة ومصالح مشتركة، "لكن السلام الحقيقي المستدام الذي يمكن أن يشهد تحولاً حقيقياً وهادفاً في المنطقة يتطلب وضع حد للقمع المنهجي للشعب الفلسطيني، وإزالة نظام الفصل العنصري الذي يعاني منه كل يوم".

كما يجب على القيادة الأمريكية، بحسب دويل، أن تفهم ذلك أيضًا، وإذا كان الهدف هو مكافأة حليفيها بسخاء، فلابد أن يكون ذلك من أجل التوصل إلى حل طويل الأمد، وليس "سلام المسرح الدبلوماسي الذي لا معنى له" حسب تعبيره.

اقرأ أيضاً

تطبيع السعودية وإسرائيل هل يجلب السلام؟.. التاريخ يجيب بالأدلة

المصدر | كريس دويل/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية إسرائيل التطبيع جو بايدن نتنياهو محمد بن سلمان السعودیة وإسرائیل بن سلمان أن یکون إلى أن

إقرأ أيضاً:

برؤية السعودية 2030.. ميلانو تستضيف منتدى الأعمال الإيطالي السعودي حول الصادرات

ناقش المنتدى التجاري السعودي الإيطالي الذي نظمته اليوم في ميلانو جمعية الشركات الإيطالية "أسولومباردا" ومجلس الأعمال السعودي الإيطالي واتحاد غرف التجارة السعودية فرص نمو التجارة الاستثمار الجديدة والالتزام المشترك برؤية السعودية 2030 

افتتحت وكيلة وزارة الخارجية ماريا تريبودي، منتدى التجارة السعودي الإيطالي نيابة عن وزير الخارجية أنطونيو تاياني، نائب رئيسة الوزراء الإيطالية.

علاقات ممتازة ومتنامية بين السعودية وإيطاليا 

 وأكدت تريبودي أن "العلاقات بين إيطاليا والمملكة العربية السعودية ممتازة ومتنامية باستمرار، مع إمكانات كبيرة لمزيد من التعزيز من حيث الاستثمارات والتجارة"، مذكّرة بأنه بفضل الزيارة الأخيرة التي قامت بها إلى العلا رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني "تم رفع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مع التعاون المنظم في مختلف القطاعات ذات الاهتمام المشترك". 

وأكدت وكيلة الوزارة أيضًا أن "الحكومة الإيطالية ملتزمة بقوة بدعم تدويل شركاتنا"، من خلال خطة التصدير الجديدة، والتي "تلعب المملكة العربية السعودية دورًا رائدًا فيها". وفي الواقع، من المتوقع أن تتجاوز الصادرات الإيطالية إلى المملكة 6 مليارات يورو في عام 2024، بزيادة قدرها 27,9 في المائة مقارنة بالعام السابق.

شراكات دولية

وأثناء الفعاليات، أكدت فيرونيكا سكوينزي نائبة رئيس جمعية رجال الأعمال الإيطاليين، على "الفرص التي ظهرت بعد زيارة الرئيسة ميلوني إلى المملكة العربية السعودية"، مشيرة إلى أن "هذه التطورات تسلط الضوء على إمكانات الشركات الإيطالية للمساهمة في رؤية السعودية 2030، وتحويل اقتصاد المملكة وتطوير قطاعات رئيسية مثل الرعاية الصحية والسياحة والتعليم والرياضة".

وأكدت سكوينزي على دور جمعية أسولومباردا ونظام الاتحاد العام الإيطالي للصناعات (كونفيندوستريا) في "تسهيل إنشاء شراكات دولية" من خلال شبكة موحدة من العلاقات الاقتصادية والمؤسسية. 

وبحسب بيانات نشرتها جمعية "أسولومباردا"، بلغت قيمة الصادرات الإيطالية إلى السعودية 6,2 مليار يورو في عام 2024، منها ملياران من لومباردي وحدها. وشهدت صادرات لومباردي إلى المملكة نمواً بنسبة 95 بالمئة بين عامي 2021 و2024، مدفوعة بشكل رئيسي بالقطاع الميكانيكي والمعادن.

فرص استثمارية "هائلة"

وفي رسالة فيديو إلى المنتدى، أكد الرئيس التنفيذي لصندوق الودائع والقروض داريو سكانبيكو أن إيطاليا تعد حاليا "سادس أكبر مورد للمملكة العربية السعودية" وأن هناك "فرصا استثمارية هائلة لمجتمعي الأعمال في كلا البلدين". 

وأشار سكانابيكو إلى أن صندوق الودائع والقروض مستعد "لتقديم تمويل متوسط الطول لصالح المشترين السعوديين" ووصف الشركاء السعوديين بأنهم "حلفاء رئيسيون لتسريع التحول الأخضر وتعزيز المرونة الاقتصادية وتعزيز تنمية القطاع الخاص في أفريقيا". كما تم إيلاء اهتمام خاص للقطاع الصناعي.

تعاون قائم على 3 ركائز

وأوضح بياجيو مازوتا رئيس مجلس إدارة شركة فينكانتيري أن التزام المجموعة تجاه المملكة العربية السعودية يرتكز على ثلاثة ركائز أساسية هي: "الاستثمار في النمو المتبادل، والشراكة الاستراتيجية والتوطين، والابتكار والاستدامة". وبحسب مازوتا، فإن "التحول الرقمي وتبني التقنيات المتقدمة أمران ضروريان للقدرة التنافسية والامتثال البيئي"، وهي المجالات التي تعتزم فينكانتيري أن تلعب فيها دوراً رائداً في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030.

كما أكد وكيل وزارة الخارجية جورج سيلي اهتمام إيطاليا القوي بدعم مسار التنوع الاقتصادي في المملكة، مضيفًا: "نرى إمكانات كبيرة في استراتيجية التنمية في المملكة العربية السعودية، التي تركز على الاستدامة والطاقة النظيفة والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والبنية التحتية المتقدمة".

وبحسب سيلي، فإن مشاريع الطاقة المستقبلية مثل نيوم لا تعمل على إعادة تشكيل المنطقة فحسب، بل إنها تضع معايير عالمية جديدة للابتكار والمسؤولية البيئية. وأكد وكيل الوزارة أن "هذه رحلة ترغب إيطاليا في أن تكون جزءًا منها كشريك استراتيجي". 

وأشار سيلي إلى أن إيطاليا مستثمر ملتزم وتساهم بشكل فعال في الرؤية السعودية، التي تهدف إلى بناء اقتصاد عالمي أكثر ترابطًا ومرونة وتوجهًا نحو المستقبل. واختتم حديثه قائلاً: "نحن مستعدون للمساهمة بشكل كبير في تحقيق الأهداف التي حددتها المملكة".

مكتب للبعثات التجارية

في غضون ذلك، افتتح السفير الإيطالي لدى المملكة العربية السعودية، روبرتو بالدوتشي مكتباً في مركز التأشيرة الإيطالية بالرياض مخصصاً لجميع البعثات التجارية التابعة للاتحاد السعودي للغرف التجارية والصناعية وأعضائه في إيطاليا، بحسب مذكرة رسمية للسفارة الإيطالية في الرياض، نشرتها وكالة نوفا.

ومن المقرر افتتاح مكاتب مماثلة مخصصة للاتحاد السعودي بحلول شهر مايو في جدة والدمام في يونيو، في مراكز التأشيرات الإيطالية المعنية. 

وصرّح الدبلوماسي الإيطالي أن "هذه خطوة مهمة، من شأنها أن تُسهم بشكل متزايد في تعزيز العلاقات المتميزة بين قطاع الأعمال الإيطالي والسعودي، لا سيما في إطار الشراكة الاستراتيجية. إنها بادرة ملموسة تهدف إلى مواكبة توسيع التبادلات الاقتصادية والتجارية بين إيطاليا والمملكة العربية السعودية، في أعقاب الاهتمام المتزايد الذي تبلور أيضًا عقب زيارة رئيس الوزراء والارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى استراتيجي. سيحظى رجال وسيدات الأعمال في الاتحاد بفرصة سريعة للقدوم إلى إيطاليا، لأن هذه هي الرسالة التي ننوي إيصالها تحديدًا: علينا أن نتحرك".

طباعة شارك المنتدى التجاري السعودي أخبار السعودية رؤية السعودية

مقالات مشابهة

  • السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان
  • الوزيرة قبوات تلتقي وفداً من مركز الملك سلمان السعودي للإغاثة والأعمال ‏الإنسانية‏ ‏
  • السعودية والأردن تبحثان تحضيرات مؤتمر تسوية القضية الفلسطينية
  • مجمع الملك سلمان العالمي" يختتم مؤتمر "اللغة العربية وتعزيز الهوية الوطنية السعودية"
  • “مجمع الملك سلمان العالمي” يختتم مؤتمر “اللغة العربية وتعزيز الهوية الوطنية السعودية”
  • التربية الفلسطينية: استشهاد 14.784 طالباً منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • وزير إسرائيلي: الانتصار في غزة مفتاح التطبيع مع السعودية
  • السعودية وبريطانيا توسعان الاستجابة للكوليرا في اليمن
  • النائب العام السعودي باجتماع مع نظيره الروسي يؤكد قرب تسوية مسألة استئناف الرحلات بين البلدين
  • برؤية السعودية 2030.. ميلانو تستضيف منتدى الأعمال الإيطالي السعودي حول الصادرات