أمريكا وروسيا والصين والحرب الباردة الجديدة (٢/٢)
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
إن أمريكا تتراجع عن مبادئها الأيديولوجية الليبرالية التى كانت تروج لها فى خطاب بلينكن الأسبوع قبل الماضى، ركّز بلينكن على محاور سياسة بلاده الخارجية، كاشفاً عن تراجع خطير فى المبادئ الأيديولوجية الليبرالية التى تعد الولايات المتحدة الرائد والمروج لها على مستوى العالم، إن ذلك يذكرنا بتراجع الاتحاد السوفيتى عن المبادئ الشيوعية فى نهاية عهد الحرب الباردة وسقوطه.
أبقى بلينكن فى ذلك الخطاب على الهدف الرئيسى لبلاده باحتواء الصعود الصينى والتركيز على آسيا، إلا أنه تراجع عن فكرة «الالتفاف» عن الشرق الأوسط، فقد أكد بلينكن على أهمية هذه المنطقة، وضرورة الانخراط الأمريكى الدبلوماسى والأمنى فيها، وذلك بهدف «تعزيز التكامل الإقليمى بقيادة الولايات المتحدة»، ومن أبرز مفارقات الخطاب فى إطار الهدف السابق، تأكيد بلينكن على نية بلاده العمل مع أى دولة فى المنطقة، فى إيمائية بالتغاضى عن المعايير الديمقراطية، التى تشترطها الولايات المتحدة فى تعاملاتها وشراكاتها. ورغم أن الولايات المتحدة تتعامل بمعايير مزدوجة ضمن ذلك المبدأ، وبشكل فاضح، خصوصاً مع إسرائيل، إلا أن التصريح رسمياً بالتخلى عن ذلك المبدأ الأصيل فى الفكر الأمريكى والأيديولوجيا الليبرالية يحمل فى جعبته الكثير.
وقد طرح بلينكن فى ذلك الخطاب مشروعا مستقبليا بتدشين ممر بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، والذى إن تحقق، ينافس مشروع طريق الحرير الصينى، الذى تستثمر فيه الصين مالياً ودبلوماسياً منذ سنوات، ويعزز الوجود الاقتصادى الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط، كمنافس للصين، ويعد ذلك المشروع الذى تطرحه الولايات المتحدة ضربة أخرى لمبادئ الليبرالية التى تتبناها الولايات المتحدة كأيديولوجيا، والتى ترى أن الاقتصاد والتكامل التجارى والمالى طريق مهم لتحقيق السلام والاستقرار فى العالم.
الولايات المتحدة تعلن من خلال هذا المشروع الحرب الاقتصادية على الصين، والذى يبتعد تماماً عن فكرة التكامل والتعاون الاقتصادى العالمى، وهو ذلك المبدأ الذى خضعت له وانخرطت فى إطاره دول العالم أجمع، بما فيها روسيا والصين، فى ظل سيادة العولمة الأمريكية، خصوصاً بعد انتهاء الحرب الباردة، وتسيّد أمريكا كقطب منفرد على العالم.
تتعدد أهداف السياسة الخارجية الأمريكية فى عالم ما بعد عالم القطبية الأحادية، فبالإضافة إلى إعادة الالتفاف نحو الشرق الأوسط، باتت الولايات المتحدة تعطى اهتماماً لقارة أفريقيا، بعد أن أهملتها لسنوات طوال، خصوصاً فى أعقاب تصاعد تمرد دول القارة السمراء على النفوذ الغربى، لصالح تحالفات مع الصين وروسيا وأقطاب أخرى.
كما تواجه الولايات المتحدة منزلق الحرب الروسية - الأوكرانية، التى آثرت تأجيجها لكسر شوكة روسيا وإزاحتها من عالم الأقطاب المتعددة، المهدد لتفردها القطبي، ورغم عدم دفع الولايات المتحدة لثمن مباشر لهذه الحرب الدموية، كالثمن الذى تدفعه أوكرانيا وروسيا، ودول الاتحاد الأوروبى حلفاء أمريكا المقربون، إلا أن الولايات المتحدة تدفع ثمناً أيضاً، من خلال عشرات المليارات من الدولارات وآلاف المعدات العسكرية والتى أثقلت وأرهقت ميزانية الولايات المتحدة الأمريكية، وجعلت الشعب الأمريكى يتذمر، ويدعو لوقف المساعدات الأمريكية إلى أوكرانيا، والعودة إلى الاهتمام بالاقتصاد الأمريكى والمواطن الأمريكى، خاصة مع الأزمات المالية الشديدة التى يشهدها الاقتصاد الأمريكى وتفشى البطالة بشكل كبير بالداخل الأمريكي، والتى أثرت بشدة على الاقتصاد الأمريكى، وجعلته فوق فوهة الخطر، خاصة بعد وصول الدين الداخلى والخارجى مستوى الخطر، وأصبحت أمريكا عاجزة عن دفع أقساط الدين مع مخاوف من عدم القدرة على دفع الدين، مع إعلان إفلاس للعديد من البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية والتى أثرت بشدة على الاقتصاد الأمريكى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أمريكا وروسيا الباردة الجديدة الخطاب الولايات المتحدة الولایات المتحدة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
أمريكا تلمح لتخفيف العقوبات عن روسيا بشرط
قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، الخميس، إن روسيا قد تُمنح تخفيفا من العقوبات الأمريكية بناء على استعدادها للتفاوض على إنهاء حربها في أوكرانيا.
وأضاف بيسنت في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرج"، أنه سيتحدث إلى نظيره الصيني اليوم الجمعة لحث بكين على إعادة ضبط اقتصادها للتركيز على زيادة الإنفاق الاستهلاكي.
وردا على سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لزيادة العقوبات على روسيا أو تقليصها وفقا لمسار محادثات إنهاء الحرب في أوكرانيا، قال بيسنت "هذا توصيف جيد للغاية"، مضيفًا أن "الرئيس (دونالد ترامب) ملتزم بإنهاء هذا الصراع بسرعة كبيرة".
وقال الرئيس ترامب إنه قد يجتمع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال الشهر الجاري لمناقشة وقف الحرب.
وأحجم بيسنت عن تحديد موعد اجتماع ترامب وبوتين، لكنه أكد أنه لن يحضر اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظي البنوك المركزية الأسبوع المقبل في جنوب أفريقيا "بسبب اعتبارات داخلية"، بحسب وكالة "رويترز".
وانتقد وزير الخزانة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لعدم توقيعه على اتفاق بقيمة 500 مليار دولار لتوفير المعادن الحيوية للولايات المتحدة، ولتصعيده الحرب الكلامية مع ترامب، الذي اتهم زيلينسكي بأنه "دكتاتور".
وقال الوزير بيسنت إن زيلينسكي "أكد لي أنه سيوقع على صفقة المعادن في ميونيخ ولم يفعل".
ورفض زيلينسكي أول أمس الأربعاء مطالب أمريكية بأن تدفع أوكرانيا لواشنطن 500 مليار دولار في صورة موارد معدنية، مقابل مساعدات تلقتها من الولايات المتحدة خلال الحرب.