عالية الشوبكي تكتب .. ما بين “عربي” واحمد حسن الزعبي.. نزف لم يعد منفردا
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
#سواليف
ما بين “عربي” واحمد حسن الزعبي.. نزف لم يعد منفردا
ما بين ( #عربي ) في #رواية ” #أنت_منذ_اليوم ” لــ #تيسير_السبول، وبين #أحمد_حسن_الزعبي، عزف، لم يعد منفردا.
يقول (عربي): ” وخُيّلَ إليَّ أن المسألة كلها سؤال واحد: شعبٌ نحن أو #حشية_قش يتدرب عليها هواة #الملاكمة؟… إنها شهور حَرِيَّة باسم عصور الظلمة… إنني أتحدث عمّا أُسدِلَ في جمجمة واحدة… فهنا مواطن أراد على الدوام أن تحمل روحه وشم الدولة القوية… #شعب نحن أم حشية قش؟”
أحمد حسن الزعبي تلقّف سؤال (عربي) وأجاب:
نحن شعب، ولسنا حشية قش، “وهاي البلد إلنا”… “هنا الشعب”.
وبينهما نحن بين لحظتين:
الأولى، لحظة المبتدأ: تيسير السبول مثخنا بنكسة حزيران، وما تدفق بعدها من محاولات لفهم الذات المهزومة في مواجهة العدو المنتصر. تلك لحظة انتهت بعبارة “أنت منذ اليوم” وهي مبتدأ ينتظر خبره منذ عام 1968.
والثانية، لحظة الخبر:أحمد حسن الزعبي، ومعه كان لا بد أن نضحك كثيرا لكي نحتمل آلام استفزاز الوعي، ومتاعب استنفار الإدراك. استفز وعينا حين تجاوز الواقع المُهَدَّم إلى إعادة بناء وجدان الشخصية العربية في الأردن بخصوصيتها الأردنية، وعيا فإدراكا؛ فهو انتقى مفردات وتعابير تقضُّ مضاجعَ الوعي بتداعيات معانيها، وتحشر الإدراك بين خيارين واضحين. مثلا، تعدُّد مستويات المعنى وتدرجها صعودا في “من – سفَّ- بلدي”، تخضُّ المتلقي؛ ثمة من يمكن أن يقرأها “منسف بلدي” رغم علامات الترقيم والشدة على الفاء، والمتلقي هنا مدعو إلى وجبة دسمة تسعده -غالبا- لكنها بحاجة إلى “هضم” و”استيعاب. وثمة من يراها كما أريد لها “من بلع بلدي”، وحين يرتقي الوعي هنا إلى فعل “البلع” تصبح صيغة السؤال دعوة للمشاركة في الإجابة.
صعودا إلى المستوى الثالث الذي يصدم المتلقي حين يتأمل مفردة (سفَّ)…
سفَّ تعني بلع السفوف، والسفوف خليط مطحون يبتلعه مريض البطن!
قريبا منها مفردة (لِدْ) وفي محكية أخرى يقولون (بَحِّرْ).
درجة التنبيه والحركة في مفردة (لِدْ) حين تقال تحفز المُخاطب، فينصت مديرا وجهه إلى المتكلم؛ هي مفردة تستخدم -غالبا- للتحذير المسبق من عواقب إهمال مواجهة التهديد. اسمعوها في حالات الغضب والتحدي لتعرفوا اليقظة التي تستدعيها.
في المفردات، وغيرها، وضع أحمد حسن الزعبي اللبنة الأولى: #الوعي؛ شرط بدء التغيير، وإدراك نتائج الوعي يغير المشاعر ويراكم المعرفة ويفرض الحركة، والمحكية المحلية تحفر عميقا وتصحح صور الشعور بالذات.
نعم، مع أحمد حسن الزعبي، لا بد أن نضحك كثيرا لكي نحتمل صدمة الانتقال من سخرية وكوميديا التنفيس إلى أدب التسييس، والمبدع الذي ينقل الناس إلى هذا المستوى يضع حجر أساس راسخا في بناء الدولة المدنية الحديثة.
يا إحمد الحسن… “لِدْ me” ، وبحِّر زين…
عندما قرأت رواية “الأم” لمكسيم غوركي، قبل أكثر من ثلاثين سنة، أدهشتني (بلاجيا) أمُّ (بافل) وهي تهتف: إن كلمات ابني هي كلمات شرف، يقولها عامل لم يبع نفسه، وسوف تفهمونها لجرأتها”.
في ذلك العمر كان قلبي طريا، ولفرط الحماس حضَّرت قِدْري.. بس ما رِكِب.
ثم قرأت “أم سعد” للشهيد غسان كنفاني، فكَبُرَ قلبي بها واشتد وهي تنقل الزوادة للشباب المقاتلين، وتعدد أنواع الحبوس، وتميز خيمة عن خيمة.
مرة ثانية، حضَّرت قِدْري .. وما توازن.
وجاءت كرمة العلي.. “ياسمينة الدار” التي ” توشوش السماء أن يحفظ الله الأردن وشعبه.
هل هي “كرمة علي” * التي يلتقي فيها نهرا دجلة والفرات لكي يكونا شطَّ العرب في العراق؟
أي صدفة هذه؟!
أهي مثل صدفة رحيلها في الخامس من حزيران تحديدا؟!
أم مثل صدفة أن تكون رمثاوية على مقرط عصا من دمشق؟!
يا إحمد الحسن، يا زوادة الحراثين وحراس الحدود التي أعدتها كرمة العلي بكرامة وفائض محبة..
الآن، بكرمة العلي، رِكِب قِدْري. مقالات ذات صلة الكشف عن تفاصيل جديدة لـ “اتفاق التطبيع” المرتقب بين الاحتلال والسعودية 2023/10/04
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف عربي رواية الملاكمة شعب الوعي أحمد حسن الزعبی
إقرأ أيضاً:
في ذكرى رحيله الستين.. “إيسيسكو” تحتفي بالمفكر المصري عباس العقاد
المغرب – احتفت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” في الرباط، الجمعة، بالكاتب والمفكر المصري عباس محمود العقاد بمناسبة الذكرى الستين لرحيله.
وذكرت المنظمة، في بيان، أنها “نظمت مؤتمرا دوليا حول العقاد والعالم الإسلامي، بشراكة مع مكتبة الإسكندرية في مصر”.
وقال المدير العام للمنظمة سالم بن محمد المالك إن “العقاد كان موسوعيا في ثقافته ملما بالتاريخ الإنساني والفلسفة والأدب وعلم النفس وعلم الاجتماع، وهو ما تجلى في كتبه التي تجاوزت المئة، وجاب خلالها في فلك أرقى العلوم والمعارف”.
وأضاف في كلمة ألقاها نيابة عنه عبد الإله بنعرفة، نائب المدير العام للإيسيسكو، وفق البيان، أن مؤتمر اليوم “يأتي في إطار احتفاء المنظمة بأعلام العالم الإسلامي ممن أسدوا خدمات جليلة وتركوا مآثر عدة”.
بدوره، أكد مدير مكتبة الإسكندرية أحمد عبد الله زايد أن العقاد “مدرسة فكرية قائمة بذاتها، وقدم للعالم الإسلامي إرثا فكريا غنيا ومتنوعا، وجمع بين التراث الإسلامي والأصالة والمعاصرة”.
وتابع أن العقاد “انفتح على الثقافات المختلفة، وسعى إلى بناء جسور للتواصل الفكري مع الغرب من خلال تقديم الإسلام بصفته حضارة عالمية قائمة على التسامح والعقلانية”، وفق البيان نفسه.
وأوضح أنه “فهم شخصيات التاريخ الإسلامي المحورية، وقدم تحليلا منهجيا لها في سلسلته الفريدة “العبقريات”، كما سخر قلمه للدفاع عن الإسلام في وجه التيارات التي حاولت التشكيك في عقيدة الأمة”.
سيرة أديب العربية الكبيروُلِد عباس محمود العقاد في 28 يونيو/حزيران 1889 بأسوان، أقصى جنوب مصر، لأب مصري وأم كردية الأصل، وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1903، لكنه لم يتمكن من مواصلة تعليمه بسبب الظروف المادية الصعبة، ومع ذلك، بفضل الإرادة الصلبة التي قال إنه ورثها عن والدته، قرر العقاد أن يعلّم نفسه بنفسه ليصبح مثقفا وأديبا وشاعرا ومفكرا وروائيا. لم يقتصر اطلاعه على الكتب العربية فقط، بل تعلم الإنجليزية بنفسه، مما أتاح له الإبحار في الثقافات العالمية.
زار الشيخ محمد عبده مدرسته الابتدائية، وأشاد بدفتر الإنشاء الخاص به، متنبئا له بمستقبل باهر في الكتابة. وكان والد العقاد يأخذه إلى مجلس الشيخ أحمد الجداوي، أحد علماء الأزهر الشريف الذين تتلمذوا على يد جمال الدين الأفغاني.
في شبابه، قابل العقاد عددا من أعلام الأدب المصري والعربي مثل عبد العزيز البشري، وجورجي زيدان، وعبد القادر المازني، وعبد الرحمن شكري، كما شهدت حياته لقاءات مميزة، من بينها علاقته بالأديبة اللبنانية مي زيادة. وقد ساهمت تلك اللقاءات مع صفاء ذهنه وإصراره على المطالعة في نبوغه المبكر، لكنه لم يكن بمعزل عن المعارك الأدبية التي خاضها لاحقا.
معارك سياسية وأدبيةلم يتزوج العقاد قط، وعندما سُئل عن السبب، أجاب أنه لا يريد أن يشق على امرأة بسبب كثرة معاركه.
كانت أبرز معاركه السياسية مع الملك فؤاد الأول، عندما حاول إسقاط عبارتين من الدستور تنصان على أن الأمة مصدر السلطات، وأن الوزارة مسؤولة أمام البرلمان. وقف العقاد أمام البرلمان وقال بقوة “إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه”. كلفته هذه العبارة السجن 9 أشهر بتهمة العيب في الذات الملكية، وخلالها كتب قصيدته الشهيرة:
وكنت جنين السجن تسعة أشهر
فها أنذا في ساحة الخلد أولد
ففي كل يوم يولد المرء ذو الحجى
وفي كل يوم ذو الجهالة يلحد
استقر العقاد في القاهرة بعد وفاة أبيه عام 1907، وعمل في الصحافة والتدريس. خلال ثورة 1919، كان أحد مناصري حزب الوفد وزعيمه سعد زغلول، لكنه اصطدم بالوفد لاحقا، واعتزل السياسة تماما في عام 1935 ليتفرغ للتأليف.
في المجال الأدبي، خاض العقاد معارك طويلة، أبرزها مع طه حسين حول “رسالة الغفران” لأبي العلاء المعري، حيث قلل العقاد من خيال المعري. كما شهدت معاركه الأدبية صداما عنيفا مع مصطفى صادق الرافعي حول إعجاز القرآن الكريم.
أما مع أحمد شوقي، فقد وصف وزير الثقافة المصري الأسبق حلمي النمنم معركتهما بأنها اتسمت بالقسوة، حيث حاول العقاد أن ينزع عنه لقب أمير الشعراء.
العبقريات ومئة كتابترك العقاد إرثا يزيد عن مئة كتاب، أبرزها سلسلة “العبقريات”، التي شملت عبقرية الصديق، وعبقرية عمر، وعثمان ذو النورين، وعبقرية علي. وعندما سُئل عن سبب استخدامه “ذو النورين” بدلا من “عبقرية عثمان”، أجاب بأنه يرى في عثمان ملكا من ملائكة البشر وليس عبقريا فقط.
اعتُبرت “العبقريات” من أبرز ما كُتب في القرن الماضي، حيث واجهت دعاوى التغريب وأبرزت عبقرية الشخصيات الإسلامية التاريخية، مؤكدا جدارتها أمام بطولات غربية، ومن مؤلفاته: أول كتبه “الخلاصة اليومية” 1912، و”ساعات بين الكتب” 1914، و”الفلسفة القرآنية”، و”حقائق الإسلام وأباطيل خصومه”، و”أثر العرب في الحضارة الأوروبية”، و”المرأة في القرآن”، و”اللغة الشاعرة”، و”التفكير فريضة إسلامية” 1962، وسلسلة العبقريات، وقد ترجم بعض كتبه إلى لغات أجنبية.
إلى جانب ذلك، ترك العقاد مؤلفات تاريخية واجتماعية ودراسات نقدية ولغوية، بالإضافة إلى ديوان شعري ورواية وحيدة بعنوان “سارة”، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1959، في تكريم لمسيرته الإبداعية.
وقد نعى العقاد نفسه بقصيدة تعكس عمق رؤيته للحياة والموت:
إذا شيعتموني يوم تأتي منيتي
وقالوا أراح الله ذاك المعذبا
فلا تحملوني صامتين إلى الثرى
فإني أخاف القبر أن يتهيبا
ولا تذكروني بالبكاء وإنما
أعيدوا على سمعي القصيد فأطربا