لماذا لم يستخدم الأسد القوة ضد احتجاجات السويداء؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
يبدو أن للاحتجاجات في السويداء ظروفا مختلفة عن كل الاحتجاجات السابقة التي تعامل معها النظام السوري بأدواته القمعية والأمنية، حيث تمنع حسابات عديدة النظام من مواجهة الحراك بأساليبه التي تعامل بها حين اندلاع الثورة في العام 2011.
ورغم أن الاحتجاجات في المحافظة التي تعد معقلاً للطائفة الدرزية قد شارفت على يومها الـ50، إلا أن النظام لم يلوح للآن بخيار العنف والحلول الأمنية، مراهناً كما يبدو على نفاد صبر المحتجين، رغم استمرار زخمها، والدعم الغربي السياسي لها.
وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في منتصف آب/ أغسطس الماضي، بسبب الحالة المعيشية الصعبة والقرارات الاقتصادية المتعلقة برفع أسعار المحروقات وتقليص الدعم الحكومي.
ويقول الكاتب وعضو الائتلاف السوري السابق حافظ قرقوط، إن ردود فعل النظام السوري على الاحتجاجات حتى الآن هي خارج سلوكه المعتاد وتركيبته الأمنية منذ تسلمه السلطة في سوريا.
توسع الاحتجاجات
وأضاف لـ"عربي21" أن النظام يبدو في حالة تخبط في ظل انشغال حليفته روسيا بغزوها لأوكرانيا، وكذلك إيران التي تركز حالياً على المفاوضات مع الغرب بخصوص برنامجها النووي ومع بعض الدول الإقليمية.
وتابع قرقوط مشيراً إلى خشية النظام السوري من اشتعال أكثر من جبهة في حال بدأ عملاً عسكرياً في السويداء، وقال: "كل المحافظات السورية على صفيح ساخن، ومن غير المستبعد انضمام محافظات أخرى إلى الاحتجاجات".
وتركيزاً على تاريخ السويداء العسكري، يقول الكاتب وهو من السويداء: "المعارك في السويداء كانت دائماً خاسرة، من العثمانيين إلى الفرنسيين، لدى أبناء المحافظة خصوصية قتالية والنظام يدرك ذلك".
وبالتالي يرجح قرقوط أن يتجاهل النظام الاحتجاجات، وأن يترك الحل للزمن، كما أنه يتعامل مع الملفات الدولية، مشيراً إلى إعادة بعض الدول العربية علاقتها مع النظام بعد قطيعة طويلة.
خسارة شعار حماية الأقليات
أما الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان، فقال إنه "على الرغم من الحرج الكبير الذي تسببه الاحتجاجات في السويداء للنظام، فإنه لا يستطيع التدخل بالشكل المعتاد أي التدخل الخشن".
وفي حديثه لـ"عربي21" يلفت الباحث إلى خشية النظام السوري من نسف الخيار العسكري في السويداء مع ادعاء النظام بأنه "حامٍ للأقليات"، حيث تقطن المدينة إحدى الأقليات السورية (الدرزية).
من جانب آخر يشير علوان إلى مخاوف النظام من تحرك إقليمي ودولي ضده رداً على العنف ضد السويداء بخصوصيتها الديموغرافية.
لكن مع ذلك، يؤكد الباحث أن "النظام لم يدخر جهداً في إشعال الفتنة في السويداء منذ اندلاع الاحتجاجات في السويداء، واللجوء إلى التهديد والتخويف بتنظيم الدولة تارة والحيل من خلال الحديث عن تنازلات شكلية".
لا إرهاب ولا تطرف
ويتفق مع علوان، المحلل السياسي أسامة بشير، الذي يشير خلال حديثه لـ"عربي21" إلى "خصوصية" السويداء التي تمنع النظام من إطلاق صفة "الإرهاب والتطرف" على سكانها، كما فعل مع بقية المحافظات السورية الأخرى، وخاصة حلب وحمص.
ويضيف بشير أن النظام لا يستطيع كذلك اتهام الحراك بـ"الانفصالي"، بحيث تؤكد كل شعارات الاحتجاجات على "وحدة سوريا" وسلمية الاحتجاجات، ويقول: "بالتالي فقدْ فقدَ النظام كل حجج الخيار العسكري".
وبذلك يرى المحلل السياسي أن قمع التظاهرات يعني حتمية نهايته، موضحاً أن "مشايخ عقل الدروز تلقوا اتصالات من مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، والاتصالات هذه رسالة للنظام بأن الخيار العسكري يعني التدخل والدعم المباشر للمحتجين".
وثمة حسابات أخرى تمنع النظام من استخدام العنف ضد احتجاجات السويداء، بحسب بشير، منها تحرك الدروز في لبنان وفلسطين نصرة لأبناء طائفتهم في السويداء، مؤكداً أن "الحسابات هذه تمنع النظام من حصار السويداء، كما فعل في مناطق عديدة خرجت عن سيطرته، مثل غوطة دمشق".
وتأسيساً على ما سبق، يعتقد المحلل أن النظام في حالة "عجز" أمام استمرار الاحتجاجات، مطالباً أبناء المحافظات السورية باللحاق بركب السويداء، حيث يستحيل على النظام استخدام الأسلوب القمعي بسبب ما يجري في السويداء.
لا مبررات للقوة
في المقابل، يقول المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام عمر رحمون، إن استخدام القوة أو السلاح من جانب الدولة لا بد وأن يكون له مبررات، بمعنى أن "الدولة إن لم تشاهد السلاح، فالخيار العسكري ليس مطروحاً".
وأضاف لـ"عربي21" أنه "مضت على الاحتجاجات فترة لم نشهد فيها استخداماً للسلاح ضد مؤسسات الدولة والجيش وعناصر الأمن. وبقاء الاحتجاجات بالسوية السلمية ذاتها، لا تعارضه الدولة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السويداء النظام سوريا سوريا الأسد النظام السويداء سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری فی السویداء أن النظام النظام من
إقرأ أيضاً:
المغرب.. احتجاجات عارمة بالرباط تنديدا بالقمع والتضييق المتزايد من طرف المخزن
شهدت العاصمة المغربية الرباط, مساء أمس السبت, وقفة احتجاجية عارمة دعت إليها شبيبة اليسار الديمقراطي, حيث اجتمع نشطاء ومناضلون أمام مبنى البرلمان للتنديد بالقمع المخزني الممنهج والتضييق المتزايد على الحقوق والحريات, والمطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين.
ورفع المحتجون لافتات تدين فساد و استبداد المخزن, وتؤكد أن “الديمقراطية ليست امتيازا بل حقا مكتسبا”, بينما ترددت شعارات غاضبة ضد القمع والتهميش, مطالبة بإسقاط كافة أشكال التطبيع مع القمع والاستبداد.
الوقفة, التي سبقتها وقفات اخرى مماثلة, شهدت مشاركة قوية من شبيبة النهج الديمقراطي العمالي والجمعية المغربية لحقوق الإنسان إلى جانب هيئات حقوقية أخرى, توحدت أصواتها حول مطلب رئيسي وهو “الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية”.
و شددت شبيبة اليسار الديمقراطي على أن “الأسباب التي دفعت المغاربة إلى الخروج هذه المرة و كل المرات السابقة, لا تزال قائمة حتى اليوم, بل تفاقمت بشكل أكثر خطورة, فالمغاربة يرزحون تحت وطأة الغلاء الفاحش, و ارتفاع تكاليف المعيشة, وتنامي معدلات البطالة, إلى جانب سياسات حكومية منهكة للشعب ومثقلة لكاهله, في مقابل منح الامتيازات لقلة متنفذة لا تكترث إلا بجشعها”.
و قالت أن “ما تعيشه البلاد اليوم هو انتكاسة حقوقية خطيرة, حيث تحولت العدالة إلى غطاء قانوني لتصفية الحسابات, و أصبحت الأصوات الحرة مهددة في كل لحظة بالاختطاف أو السجن أو التشهير”, مشيرة الى أن السلطة “التي تتباهى بإصلاحات وهمية لا تتردد في سحق كل من يجرؤ على معارضتها, بينما تواصل إحكام قبضتها على المؤسسات الإعلامية, وتحويل القضاء إلى عصا لكسر إرادة المناضلين”.
وحسب مصادر اعلامية محلية, تحولت الوقفة إلى منصة صاخبة للتنديد بحملات القمع والاعتقالات السياسية التي تطال الصحافيين والنشطاء, “الذين يدفعون ثمن كشفهم للحقائق وفضحهم للفساد المستشري في مختلف مفاصل الدولة, حيث لم يكتف النظام بمصادرة حرية التعبير, بل طور أساليبه القمعية إلى حد ملاحقة الصحافيين عبر المحاكمات الصورية والتشهير الممنهج والتضييق المستمر”.
وفي السياق, دعت جماعة العدل والإحسان إلى تنظيم وقفة احتجاجية مساء اليوم الأحد بفاس (شمال شرق), تنديدا باستمرار تشميع 14 منزلا لأعضائها منذ ست سنوات, و اعتبرت أن “هذا الإجراء التعسفي يندرج ضمن محاولات إخراس الأصوات الحرة وإرهاب المعارضين, في تحد صارخ لكل القوانين والمواثيق الحقوقية”.
و أدانت الجماعة تواصل تشميع المنازل دون أي سند قانوني, محذرة من استمرار الدولة في نهج سياسة القمع والترهيب ضد معارضيها. وقالت أن المنازل “أغلقت دون أي مبرر قانوني واضح وبدون حكم قضائي منذ 2019, ما يعكس حجم التلاعب بالقوانين لخدمة أجندات سياسية”.
هذا الواقع يضاف, حسب “العدل والإحسان”, إلى “سجل طويل من الانتهاكات التي تثبت أن الدولة ماضية في قمع معارضيها بكل الوسائل, ضاربة بعرض الحائط كل الشعارات الرنانة حول الحقوق والحريات”.