جريدة الوطن:
2025-02-08@22:01:37 GMT

المولد النبوي بين الخصوصية والعموم «2»

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

لا يزال الحديث موصولًا حول الخصوصية التي تميز بها مولده الشريف ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ وكانت الإشارة إلى ما كان له من إشارات خاصة بمولده (صلى الله عليه وسلم) في مكة.. وغيرها.
ومن أجمل من كتب عن ذلك صاحب كتاب (حياة محمد ورسالته، ص: 55):(حيث يقول: وقبل مولد الرسول، تلقّت أمه النبأ السعيد في رؤيا. ويرشح من بعض أحاديث الرسول أن جدّه سماه محمدا، وأن أمه سمّته أحمد، وقد فعل كل منهما ذلك تبعًا لرؤيا رآها.

ولقد تحدث القرآن الكريم عنه بالاسمين جميعًا، ويروي أحد الثقات ان الرسول نفسه قال:(أنا محمد وأحمد في آنٍ معًا)، وليس يتسع مجال هذا الفصل للإسهاب في الكلام على الحادثات الاستثنائية التي رافقت مولد الرسول، ففي نفس العام الذي ولد فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الواقع كان العالم يموج في صراع حياة أو موت بين التثليث والتوحيد، ولهذا سأعود إلى قصة أبرهة الأشرم لنستخرج منها أمرين، أولهما: سار أبرهة الأشرم ـ كما ذكرت سابقًاـ على رأس جيش عظيم قاصدًا مكة لكي يدكّها دكًّا، وعسكر على مبعدة ثلاث مراحل من مكة، وبعث إلى المكيين رسولًا يبلغهم الغرض الذي من أجله جاء، وفي غضون ذلك احتجز رجال أبرهة مئةبعير لعبد المطلب. فلم يكن من عبد المطلب إلا أن وفد بنفسه على الزعيم ليسأله ردّ إبله.وتأثر ابرهة تأثرًا عظيمًا بمظهرة المهيب، فسأله ما الذي دعاه إلى الوفود عليه، معتقدًا من غير ريب أنه أقبل ليلتمس منه الإبقاء على البيت المقدّس. فأجابه عبد المطلب انه إنما أقبل ليسأله ردّ إبله. فعجب أبرهة لهذا الجواب غير المتوقّع وأبدى استغرابه لقلق عبد المطلب البالغ على إبله وعدم قلقه على الكعبة قائلًا لترجمانه:(قل له لقد كنت اعجبتني حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلّمتني) أتكلّمني في مائة بعير أصبتها لك وتترك بيتًا (هو دينك ودين آبائك) قد جئت لأهدمه لا تكلمني فيه؟، فقال له عبد المطلب:(إني أنا ربّ الإبل، وإن للبيت الحرام ربا سيمنعه)، وإذ وجد القرشيونأنفسهم أضعف من أن يقاوموا أبرهة أخلوا مكة ونصبوا خيامهم في الكثبان المجاورة،وفيما هم يغادرون مكة أخذ عبد المطلب بستار من أستار الكعبة، وراح يستنصر الله قائلًا:(اللهم هذا بيتك، اننا نشعر اننا أضعف من أن نحميه، فتولّ أنت حمايته بنفسك).
وهنا تظهر مناجاة الله خالق الكون ورب الكعبة الذي هو سميع قريب، وسرعان ما استجاب، والأمر الثاني:يقول المؤرخون أن الجدري تفشّى، في غضون ذلك، بجيش أبرهة تفشيا ليس أقوى منه ولا أعنف، محدّثًا في صفوفه ذعرًا رهيبًا، مهلكًا القسم الاعظم من رجاله. أما سائره فلاذ بالفرار في اختلاط كامل وفوضى مطلقة.
واليك وصف القرآن الكريم لهلاك جيش أبرهة:(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ تَرْمِيهِمْ)،هذا يظهر أن الجيش ولى الأدبار، فأمست طعاما للنسور.. وغيرها من جوارح الطير. وقد وقعت هذه الحادثة الأعجوبية في آنٍ واحد مع مولد الرسول الكريم، وتقول بعض الروايات:إن هزيمة أبرهة تمّت يوم مولد محمد بالذات، فأي خصوصية وتمييز لهذه المناسبة الشريفة عما سواها، بل وإظهارها للعالمين بصورة تثبت أنه رسول من رب العالمين، فالقدر محكم والعلامات ظاهرة والنور جلي والفضل له ليس بخفي، فاسمه ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ خصوصية، وما حدث قبيل مولده خصوصية في الداخل في مكة وخارجها، يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه (فقه السيرة):(إن هذا الكلام تعبير غلط عن فكرة صحيحة، فإن ميلاد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان حقًّا إيذانًا بزوال الظلم واندثار عهده واندكاك معالمه. وقد كانت رسالة محمد بن عبد الله أخطر ثورة عرفها العالم للتحرر العقلي والمادي).. وللحديث بقية.

محمود عدلي الشريف
ma.alsharif78@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: عبد المطلب

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: سماع الأغاني مباح إذا كانت خالية من الرذيلة وذات معنى نبيل

كشف الدكتور إبراهيم عبدالسلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن حكم سماع الأغاني، مؤكدًا أن المعتمد عند الفقهاء هو أن الأغاني هي مجرد "كلام"، حسنها حسن وقبيحها قبيح.

وخلال استضافته في برنامج "فتاوى الناس" المذاع عبر قناة "الناس"، أوضح عبدالسلام أنه إذا كانت كلمات الأغاني لا تدعو إلى الرذيلة أو إثارة الشهوات أو الفتن، وكانت خالية من أي ما يخدش الحياء وتحتوي على معانٍ نبيلة مثل حب الوطن أو الوالدين أو الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا حرج في سماعها، وحينها تكون مباحة.

وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن هناك نصوصًا عديدة تؤكد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستحسن السماع، وكان هناك إنشاد يُنشد حوله، مستشهدًا بقصة سيدنا أبوبكر رضي الله عنه عندما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد جاريتين تُغنيان بغناء بُعاث، فقال: "أمزمار الشيطان في بيت رسول الله؟"، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم: "دعهم يا أبا بكر فإن اليوم يوم عيد".

وأشار عبدالسلام إلى أنه لا بأس على العبد أن يروّح عن نفسه بشيء من السماع في المناسبات أو الأعياد. كما نوه إلى أن الأحاديث التي تُنذر بعقاب من يسمع الأغاني، مثل "يصب الآنك على أذنه"، لم يصح منها شيء. ومع ذلك، ورد حديث نبوي يقول: "ليكوننَّ من أمتي أقوامٌ يستحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخمرَ والمعازفَ"، حيث أكد عبدالسلام أن الحديث المقصود يُشير إلى المجالس التي تجمع بين الأمور المحرمة مثل الخمور والأغاني.

وفي ختام حديثه، أكد أمين الفتوى أن العلماء قالوا إن هذا الحديث يتعلق بالمجالس التي تكون فيها أفعال محرمة مجتمعة، وأن مثل هذه المجالس نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم.

مقالات مشابهة

  • لقاء جمعه مع الإمام.. رشوان توفيق مُتحدثًا عن الشعراوي: «قيل إنه رأى الرسول أثناء احتضاره»
  • ما يقال عند العطاس وحكمه ودعائه.. ماذا قال الرسول ؟
  • خطيب المسجد النبوي يحذر من 5 أفعال شائعة عند نزول المِحن والبلاء
  • خطيب المسجد النبوي: لا أحد تصيبه عثرة قدم ولا خدش إلا بقدر
  • خطيب المسجد النبوي: الدنيا دار ابتلاء لا يجزع فيها العبد المؤمن
  • خطيب المسجد النبوي يتضرع إلى الله بالدعاء لنصرة أهل فلسطين على الاحتلال
  • أمين الفتوى: سماع الأغاني مباح إذا كانت خالية من الرذيلة وذات معنى نبيل
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • ليلة النصف من شعبان .. صحابيات مجهولات عشن في حياة الرسول
  • وكيل كلية الدراسات الإسلامية: مصر لها نصيب من حب رسول الله ﷺ وآل بيته