التغيير الجذري ـ الأسباب والأهداف
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
زيد الشُريف
التغيير سنة إلهية ثابتة لكل زمان ومكان ومجتمع، والتغيير يبدأ من النفوس من عند الناس أنفسهم من أعماقهم ومشاعرهم وفي أفعالهم ومواقفهم سواء كان التغيير إيجابياً أو سلبياً، فإذا كانت إرادة الناس سواء بشكل عام أو شعب من الشعوب أو فئة كبيرة من الناس، إذا كانت إرادتهم هي التغيير نحو الأفضل والأحسن ولما فيه الخير والصلاح والعدل والحرية والكرامة يتدخل الله تعالى بقدرته ورحمته التي وسعت كل شيء ليؤيدهم ويعينهم على التغيير إلى الأفضل لما فيه الخير لهم في الدنيا والآخرة قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
والتغيير النفسي يكمن في التوجه إلى الله تعالى والإنابة إليه وطلب العون والتوفيق والهداية والنصر والتمكين منه وحده وعلى أساس ذلك يتحركون ويعملون قال تعالى (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)، وكذلك الحال إذا كان الناس في حالة خير وصلاح ونعمة وتغيروا هم إلى الأسوأ إلى الفساد والفوضى والاستهتار والعبث، تغيرت نفسياتهم وتوجهاتهم ومنطلقاتهم وأعمالهم ومقاصدهم وصاروا يفضلون الفساد على الصلاح والضلال على الهدى والظلم على العدل سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فإن الله تعالى يغير واقعهم إلى الأسوأ، قال تعالى (ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) – وعلى أساس التغيير يترتب حاضر الناس ومستقبلهم في الدنيا وفي الآخرة سواء كان التغيير إيجابياً أو سلبياً، والله تعالى فطر الإنسان على حب الخير والصلاح وليس على حب الشر والفساد ولكن التغيير يتطلب توجهاً شاملاً نفسياً ومعنوياً وعملياً واستعانة بالله تعالى وتوكلاً عليه.
لقد كان الهدف الأساسي والثابت لثورة الحادي والعشرين في سبتمبر التي قام بها الشعب اليمني عام 2014م هو التغيير الجذري والشامل للواقع المعيشي والسياسي والاقتصادي والأمني وفي كل المجالات، التغيير من الأسوأ إلى الأفضل، لأنه لو كان الواقع العام جيداً وخالياً من الفساد لما قامت ثورة من الأساس، ولكن لأن الواقع اليمني العام بكل تفاصيله كان قائما على الفساد والفوضى التي حولت حياة الشعب اليمني إلى جحيم كانت الثورة ضرورة قصوى ولذلك قامت وحين تمكنت من الإطاحة بالفاسدين والعملاء جن جنونهم هم ومن يقف خلفهم ومن يحركهم ويدعمهم من خارج اليمن من أعداء اليمن وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها في المنطقة أمثال النظامين السعودي والإماراتي الذين يريدون أن يبقى اليمن ضعيفا هزيلا يعج بالفوضى والفساد وحين انتصرت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر علموا أن التغيير للأفضل قادم لا محالة فقرروا شن عدوان شامل على اليمن لا يزال مستمرا إلى اليوم منذ اكثر من ثمان سنوات ورغم ذلك صمد الشعب وخاض غمار المعركة في مواجهة العدوان وحقق انتصارات كبيرة بفضل الله تعالى، واليوم بعد أن وصل تحالف العدوان إلى اليأس في هزيمة هذا الشعب حان الوقت لتستكمل الثورة أهدافها وتواصل مشوارها وتعمل على التغيير الجذري من الأسوأ إلى الأفضل في كل المجالات.
هناك الكثير من الأسباب المهمة جداً للتغيير الجذري ومن أبرزها استنقاذ الشعب اليمني من الظروف الصعبة التي فتكت به من قبل ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وخلال سنوات العدوان التي أوشكت على استكمال عامها التاسع ولا تزال مستمرة والتي وصلت بالواقع اليمني إلى مستوى مؤلم وموجع جداً، كما أن من أهم أسباب التغيير الجذري هو وضع حد للفساد والفوضى التي تسيطر على مؤسسات الدولة والتي لا تزال امتدادا لذلك الواقع الفاسد الذي ضج منه الشعب قبل الثورة وخلالها والتي لا تزال سارية المفعول إلى اليوم من خلال المسؤولين الفاسدين ومن خلال النظم واللوائح والقوانين التي تشرعن للفاسدين الاستمرار في فسادهم.
كما أن من أهم الأسباب التي تحتم على القيادة الشروع في تحقيق التغيير الجذري هي مطالب الشعب في إصلاح الوضع العام على المستوى الاقتصادي والقضائي وفي كل المجالات فهذا الشعب صبر وصمد وعانى وقدم التضحيات وقد حان الوقت ليحصد ثمار صموده وتضحياته وهناك أسباب كثيرة ومهمة وضرورية للتغير الجذري ونستطيع القول أن الأسباب والأهداف مشتركة فالأهداف ستعمل على القضاء على الأسباب ومعالجتها.
تحدث قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عن التغيير الجذري وأسبابه وأهدافه في كلمته في العيد التاسع لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وكذلك في كلمته خلال تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي وأيضاً في كلمته عشية ذكرى المولد النبوي الشريف، حيث أكد على أن التغيير الجذري للواقع اليمني العام في مؤسسات الدولة ضرورة وطنية وإنسانية ملحة وهدف ثوري ومطلب شعبي محق ومهم يجب أن يتحقق، وفي خطاب المولد النبوي الشريف لقائد الثورة أعلن السيد عن المرحلة الأولى من التغيير الجذري والتي تتمثل في إقالة الحكومة وإصلاح القضاء كمرحلة أولى من التغيير نحو الأفضل والذي يقوم على أساس الشراكة الوطنية ومبدأ الشورى وقبل ذلك من منطلق الهوية الإيمانية التي دستورها القرآن الكريم واعلن يومها الملايين من أبناء الشعب اليمني تفويضهم للسيد القائد، ومعلوم أن التحرك الجماعي لخوض غمار معركة التغيير بصدق ومسؤولية وتحرك جماعي من قبل الشعب سيثمر ثماراً طيبة ويولد من رحمه يمناً جديداً قوياً في كل المجالات خاليا من الفساد والفوضى وقائماً على البناء والتنمية والإنتاج والنزاهة والعدل والخير والرخاء وهذا مرهون بتضافر جهود الجميع وبالاستعانة بالله تعالى.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الحادی والعشرین التغییر الجذری فی کل المجالات الشعب الیمنی الله تعالى
إقرأ أيضاً:
استئناف العدوان على غزة.. دلالات التوقيت والأهداف
#سواليف
قبل بزوغ فجر اليوم الثلاثاء استأنف قوات #الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع #غزة بسلسلة من الغارات العنيفة أسفرت إلى غاية الآن عن 356 شهيدًا وعشرات المصابين، وفقًا لوزارة الصحة في غزة، فيما أعلن #جيش_الاحتلال الإسرائيلي أن 100 طائرة شاركت في استئناف #الغارات على قطاع غزة، وقال إن “ #الهجوم سيستمر ما دام ذلك ضروريًّا وسيتوسع إلى ما هو أبعد من الغارات الجوية”.
واستهدفت غارات الاحتلال مواقع مختلفة في القطاع، من بينها مخيم المغازي (وسط) وخان يونس ورفح جنوبًا ومخيم جباليا وبيت حانون (شمال)، ودير البلح (وسط)، وأسفرت الغارات عن استشهاد وإصابة المئات، فيما لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إلى عشرات #الشهداء و #المصابين، الذي دك الاحتلال خيامهم وبيوتهم.
وأكدت مصادر صحفية أن عائلات بكاملها حُذفت من السجل المدني خلال الغارات التي بدأت في حدود الثالثة من صباح اليوم، فيما أعلن الدفاع المدني في غزة أن طواقمه تواجه صعوبات كبيرة في العمل نتيجة الغارات المتزامنة على مناطق عدة بالقطاع، لا سيما مع إحكام الحصار وإغلاق المعابر وعدم وجود معدات ثقيلة لإزالة الركام المتهدم على رؤوس الشهداء والمصابين.
مقالات ذات صلةانقلاب على الاتفاق
من جهتها قالت حركة #حماس المقاومة الإسلامية (حماس) إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو وحكومته يستأنفون #حرب_الإبادة الجماعية ضد المدنيين العزل في قطاع غزة، بالانقلاب على #اتفاق_وقف_إطلاق_النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.
وأضافت الحركة في بيان لها: إن “نتنياهو وحكومته النازية يستأنفون العدوان وحرب الإبادة الجماعية ضد المدنيين العزل في قطاع غزة”.. “نتنياهو وحكومته المتطرفة يأخذون قرارًا بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول”.
وحمّلت الحركة نتنياهو وحكومته “المسؤولية الكاملة عن تداعيات العدوان الغادر على غزة والمدنيين العزّل الذين يتعرضون لحرب متوحّشة وسياسة تجويع ممنهجة (منذ 2 مارس/ آذار الماضي حينما أغلقت إسرائيل المعابر أمام المساعدات الإنسانية)”.
وطالبت حماس الوسطاء بـ”تحميل نتنياهو وحكومته المسؤولية الكاملة عن خرق الاتفاق والانقلاب عليه”، داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لانعقاد عاجل لأخذ قرار يلزم إسرائيل بوقف عدوانها.
أما حركة الجهاد الإسلامي، فقالت إن إعلان مجرم الحرب نتنياهو وحكومته استئناف العدوان بقطاع غزة إمعان بارتكاب مزيد من المجازر، مؤكدة أن نتنياهو أفشل عامدًا كل مساعي التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وأضافت “الجهاد” في بيان لها أن هذا العدوان الجديد لن يمنح العدو يدًا عليا على المقاومة، لا في الميدان ولا في المفاوضات، ولن يخرج نتنياهو وحكومته من أزماتها التي تهرب منها، بل سيزيدها ضعفًا وسيراكم من فشلها.
وتابعت الحركة: “ما عجز نتنياهو وجيشه عن تحقيقه طوال 15 شهراً من الجرائم وسفك الدماء سيعجز مجدداً عن تحقيقه بفضل صمود شعبنا المظلوم وبسالة مجاهدينا في ميادين الجهاد والمقاومة”.
تنسيق مع الإدارة الأمريكية
وعقب شن العدوان الإسرائيلي غاراته على قطاع غزة، أعلن البيت الأبيض أن إسرائيل استشارت إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن الغارات على غزة، ونقلت صحيفة معاريف عن مصادر إسرائيلية أن تجدد القتال في غزة تم تنسيقه مع الإدارة الأميركية، وأن واشنطن وافقت على ذلك.
وزعم بيان لمكتب نتنياهو أن استئناف العدوان على غزة يأتي “في أعقاب رفض حماس المتكرر إطلاق سراح الرهائن، ورفضها جميع المقترحات التي تلقتها من المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف والوسطاء”.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قالت الخميس الماضي إن المبعوث الأميركي قدّم اقتراحا محدثا الى الطرفين يقضي بإطلاق 5 محتجزين إسرائيليين مقابل 50 يوما من وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وإدخال مساعدات إنسانية، والدخول في مفاوضات بشأن المرحلة الثانية.
وجاء رد حماس يوم الجمعة الماضي بالموافقة على مقترح قدمه الوسطاء، وتتضمن الموافقة الإفراج عن جندي إسرائيلي أمريكي و4 جثامين لمزدوجي الجنسية، في إطار استئناف مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى.
ومطلع مارس/آذار الجاري انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة التي استمرت 42 يومًا، في حين تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب التي راح ضحيتها أكثر من 40 ألف شهيد منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
صفعة على حهود الوسطاء
من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي سعيد زياد أن التصعيد الإسرائيلي في هذا التوقيت وفي ظل وجود وفود التفاوض في القاهرة يُعد صفعة لجهود الوسطاء، وأن تصريح الاحتلال بأن القرار تم اتخاذه يوم السبت الماضي وأثناء وجود الوفد التفاوضي في القاهرة، فهذا يعني أنها جولة من الخداع والتضليل.
وأضاف زياد -في مداخلة له على شبكة الجزيرة- أن هذا العدوان هو أكبر خرق لوقف اتفاق لإطلاق النار الذي حدث تم التوقيع عليه منذ شهرين، وأن الهدف الإسرائيلي يتمثل في إحداث حالة من الرعب في قلب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي قلب المفاوض الفلسطيني لإيهامهم بأن شبح الحرب قد عاد.
وأكد ان إسرائيل تحتاج إلى هذه الصورة الدامية دائمًا لإثبات أنها قادرة على فعل شيء، مشيرًا إلى أن لجوء إسرائيل إلى شن هذا العدوان يعني أن كل الجهود السياسية خلال الفترة الماضية قد فشلت في إرغام المفاوض الفلسطيني على تنفيذ المطالب الإسرائيلية.
ولفت زياد إلى أن نتنياهو يحتاج إلى هذه الجولة التصعيدية لإنقاذ حكومته؛ حيث أنها تأتي قبل أيام من اعتماد موازنة الحكومة، والتي من المتوقع أن تسقط في ظل الخلافات الإسرائيلية، وهذا يعني أن ذبح أطفال ونساء غزة يتم لإجل إنقاذ حكومة نتنياهو.
وحمل الكاتب والمحلل السياسي وسطاء التفاوض مسؤولية وقف هذا التصعيد قبل أن تنزلق الأمور إلى عودة كاملة للعمليات العسكرية، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية -والتي هي على رأس الضامنين لوقف اتفاق وقف الحرب- كانت على علم مسبق بهذا العدوان، معربًا عن اعتقاده أن تتبنى تأييد الاحتلال في عدوانه على غزة.
ضغط على حماس
بدوره قال الخبير العسكري والاستراتيجي حاتم كريم الفلاحي إن كل المؤشرات خلال الفترة الماضية كانت تؤدي إلى رغبة الاحتلال في العودة للحرب، خاصة بعد قرار نتنياهو إقالة رئيس الشاباك الإسرائيلي رونين بار، والذي أحدث انقسامًا كبيرًا جدًّا في الداخل الإسرائيلي، وبالتالي كانت حكومة نتنياهو في حاجة إلى العودة مرة أخرى إلى استئناف العدوان على غزة.
وأضاف الفلاحي -في مداخلة له على شبكة الجزيرة- أنه بسبب وصول المفاوضات إلى طريق مسدود فيما يتعلق بتمديد المرحلة الأولى وعدم الانتقال إلى المرحلة الثانية، لجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى أسلوب ممارسة الضغط على حركة حماس للقبول التي طرحها المبعوث الأمريكي ويتكوف وكذلك نتنياهو.