جريدة الوطن:
2025-04-02@16:38:29 GMT

درنة والحمدانية .. قران المفاجأة والكارثة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

درنة والحمدانية .. قران المفاجأة والكارثة

بَيْنَ الاضطراب والاضطرار تظلُّ لحظة المفاجأة مشحونةً بالمزيد من التشويش المحسوب عَلَيْها إذا لَمْ يكُنْ هناك حيِّز من إدراك المسؤوليَّة القائمة على الحِكم والتبصُّر والتحرُّك في أقلِّ زمن ممكن. إنَّ الإنقاذ الشخصي من أيِّ حادث، أو في معاونة آخرين تعرَّضوا إليه، أو المزاوجة بَيْنَ الموقفَيْنِ ضِمْن تسامٍ إنساني، أقول إنَّ هذا النَّوع من الإنقاذ يظلُّ رهنًا بالإدراك العاجل، ماذا ينبغي أن أعملَ عِند تلك اللحظة المصيريَّة؟ وما مقتضيات معالجة هول الحادث؟ لقَدْ أُتيح لي في الأيَّام القليلة الماضية أن أتابعَ بالمزيد من الاهتمام ما أحدثه إعصار دانيال من دمار وخسائر بَشَريَّة ومادِّيَّة مريعة في مدينة درنة الليبيَّة، ومع استمرار متابعتي لهذا الحدث المُفزع تبَيَّنَ لي أنَّ الطوفان المائي الذي ضرب المنطقة كان غير مسبوق في حدَّته ونتائجه الكارثيَّة وما ترك من بصمة مأساويَّة خلَّفت المزيد من الأسئلة التي قَدْ لا تتوافر الإجابة الكاملة عَلَيْها إلَّا بعد اكتمال كُلِّ التحقيقات، لكنِّي دوَّنتُ عددًا من المعلومات المُتَّفق على صحَّتها لغرض الاستناد إلَيْها في الكتابة عن مفهومَي الاضطراب والاضطرار والمعنى التركيبي بَيْنَهما وما ينبغي اتِّخاذه لحظة المفاجأة.

ثم جاء المصاب الآخر، هذه المرَّة في الحمدانية إحدى حواضر محافظة نينوى شمال العراق. أنا أعرف هذه المدينة ميدانيًّا، ولي فيها أصدقاء، وعِندي فيها أيضًا مشاغل إعلاميَّة وثقافيَّة بحُكم مسؤوليَّتي مستشارًا في منظَّمة حمورابي لحقوق الإنسان. لقَدْ أنزلت عليَّ هذه الكارثة الكثير من الحزن والأسى، وتابعتُ بدقَّة تفاصيل ما جرى بالنَّقل المباشر، وإزاء ذلك توافرت لديَّ انطباعات إضافيَّة عن عصف المفاجأة هناك. الواضح أنَّ هناك مشتركات من التقصير والإهمال والفساد سبب ما جرى في المدينتَيْنِ، درنة الليبيَّة، والحمدانيَّة العراقيَّة، ولكنَّ لكارثة الحمدانيَّة سببًا اخر يتعلَّق بالألعاب الناريَّة التي أطلقت خلال العرس الدَّامي وكانت شرارة اندلاع الحريق وفق نتائج التحقيقات الحكوميَّة. إنَّ واحدة من أشدِّ الاختلاطات وقعًا على الإنسان عِندما يخلو حسابه التوقُّعي من فرضيَّة المتغيِّر ويظلُّ يتصرف وفق اعتقاد، أنَّ كُلَّ شيءٍ على ما يرام. استدراكًا، ما زلتُ عِند رأيي الذي قُلتُه في شهادة سابقة عن حرص الملَّاح العربي أحمد بن ماجد على استخدام قلقِه مغذيًا لوجستيًّا، الأمْرُ الذي أوقعه تحت طائلة متوالية فحص أدوات إبحاره بصورة دَوْريَّة دُونَ أن يملَّ من ذلك. ومن هنا يُمكِن قياس سرِّ تحمُّله كُلَّ الأهوال التي تعرَّض لها خلال رحلاته، وأُضيف أنَّه لَمْ يغادر الموقف القائل، البِحار أقدار، وإنَّ اللبيب مَنْ لا يطمئن لسكونها. بالمباشر، هناك افتقاد للرصيد المعرفي الذي تتطلبه السَّلامة العامَّة، بل هناك تهاون يُصيب التحسُّب، وإذا كانت التحقيقات الجنائيَّة تتَّخذ من كشْف الدلالة مادَّة لتوثيق الحدث وتوجيه الاتِّهامات، يظلُّ كشْف الدلالة التحسبيَّة واحدًا من مفاتيح السَّلامة العامَّة في أيِّ مرفق حياتي وفي أيَّة لحظة من حياتنا اليوميَّة. إنَّ أيَّ مرفق ينبغي أن يُشيَّدَ وفق مواصفات الرصانة الهندسيَّة، في الأبعاد، وطاقة التحمُّل مع هامش من أسبقيَّات السَّلامة العامَّة المرتبطة بقدرته على امتصاص الصَّدمات، أيًّا كان نَوْعها، وبخلاف ذلك تبقى الكوارث تتربَّص بنا، ويبقى الغشُّ شهادة إثبات التُّهمة، بالمقابل تبقى المراجعة وفق متطلبات الفحص الدَّوْري وثقافة الطوارئ من مستلزمات الحياة التي لا يُمكِن التفريط بها مهما كانت الثِّقة ملازمة للواقع.

عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: لا ينبغي استهداف العاملين في المجال الصحي خلال الحروب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد جوناثان ريتال رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في غزة أنه لا ينبغي أن يكون العاملون في مجال الرعاية الصحية هدفًا على الإطلاق خلال الحروب.

وقال ريتال وفقًا لقناة العربية الحدث الإخبارية "إننا نحفر اليوم مقبرة جماعية لأكثر من 15 شخصا من عمال الإغاثة والإسعاف في جنوب غزة".

وأضاف أنه قبل 7 أيام وصلت سيارات الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني إلى موقع الحادث وأصيبوا واحد تلو الأخر ودفنوا في هذه المقبرة الجماعية ونخرجهم بزيهم الرسمي.

وأشار إلى أن الطاقم الذي لقى حتفه كان يقوم بعمله في إنقاذ حياة المواطنين ولكن بدلا من ذلك انتهى بهم المطاف في مقبرة جماعية، كما تم سحق سياراتهم ودفنها في الرمال.

وكانت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قد أعلنت سابقا أن 9 من فنيي الطوارئ الطبية التابعين لها فقدوا منذ 23 مارس عقب إطلاق نار للقوات الإسرائيلية النار على سيارات الإسعاف والإطفاء في جنوب رفح الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • أرمينيا بيلفيلد يحقق المفاجأة ويتأهل لنهائي كأس ألمانيا
  • دلالة على قدوم الصيف.. رصد اقتران "القمر" مع "عنقود الثريا"
  • رصد اقتران “القمر” مع “عنقود الثريا” دلالة على قدوم فصل الصيف ومهاجرة الطيور شمالًا
  • رصد اقتران القمر مع عنقود الثريا بسماء رفحاء
  • الحاج حسن: هناك أبواق تضع نفسها في خدمة العدو
  • هل العمل في أيام العيد حرام أم جائز؟.. 10 حقائق ينبغي معرفتها
  • الخارجية الأمريكية: لا ينبغي لإيران الحصول على سلاح نووي
  • الخضيري: هناك 3 زوايا للقضاء علي تهيّج القولون العصبي
  • مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: المسعفون لا ينبغي أبدا أن يكونوا هدفا
  • الأمم المتحدة: لا ينبغي استهداف العاملين في المجال الصحي خلال الحروب