جريدة الوطن:
2024-12-24@16:01:41 GMT

درنة والحمدانية .. قران المفاجأة والكارثة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

درنة والحمدانية .. قران المفاجأة والكارثة

بَيْنَ الاضطراب والاضطرار تظلُّ لحظة المفاجأة مشحونةً بالمزيد من التشويش المحسوب عَلَيْها إذا لَمْ يكُنْ هناك حيِّز من إدراك المسؤوليَّة القائمة على الحِكم والتبصُّر والتحرُّك في أقلِّ زمن ممكن. إنَّ الإنقاذ الشخصي من أيِّ حادث، أو في معاونة آخرين تعرَّضوا إليه، أو المزاوجة بَيْنَ الموقفَيْنِ ضِمْن تسامٍ إنساني، أقول إنَّ هذا النَّوع من الإنقاذ يظلُّ رهنًا بالإدراك العاجل، ماذا ينبغي أن أعملَ عِند تلك اللحظة المصيريَّة؟ وما مقتضيات معالجة هول الحادث؟ لقَدْ أُتيح لي في الأيَّام القليلة الماضية أن أتابعَ بالمزيد من الاهتمام ما أحدثه إعصار دانيال من دمار وخسائر بَشَريَّة ومادِّيَّة مريعة في مدينة درنة الليبيَّة، ومع استمرار متابعتي لهذا الحدث المُفزع تبَيَّنَ لي أنَّ الطوفان المائي الذي ضرب المنطقة كان غير مسبوق في حدَّته ونتائجه الكارثيَّة وما ترك من بصمة مأساويَّة خلَّفت المزيد من الأسئلة التي قَدْ لا تتوافر الإجابة الكاملة عَلَيْها إلَّا بعد اكتمال كُلِّ التحقيقات، لكنِّي دوَّنتُ عددًا من المعلومات المُتَّفق على صحَّتها لغرض الاستناد إلَيْها في الكتابة عن مفهومَي الاضطراب والاضطرار والمعنى التركيبي بَيْنَهما وما ينبغي اتِّخاذه لحظة المفاجأة.

ثم جاء المصاب الآخر، هذه المرَّة في الحمدانية إحدى حواضر محافظة نينوى شمال العراق. أنا أعرف هذه المدينة ميدانيًّا، ولي فيها أصدقاء، وعِندي فيها أيضًا مشاغل إعلاميَّة وثقافيَّة بحُكم مسؤوليَّتي مستشارًا في منظَّمة حمورابي لحقوق الإنسان. لقَدْ أنزلت عليَّ هذه الكارثة الكثير من الحزن والأسى، وتابعتُ بدقَّة تفاصيل ما جرى بالنَّقل المباشر، وإزاء ذلك توافرت لديَّ انطباعات إضافيَّة عن عصف المفاجأة هناك. الواضح أنَّ هناك مشتركات من التقصير والإهمال والفساد سبب ما جرى في المدينتَيْنِ، درنة الليبيَّة، والحمدانيَّة العراقيَّة، ولكنَّ لكارثة الحمدانيَّة سببًا اخر يتعلَّق بالألعاب الناريَّة التي أطلقت خلال العرس الدَّامي وكانت شرارة اندلاع الحريق وفق نتائج التحقيقات الحكوميَّة. إنَّ واحدة من أشدِّ الاختلاطات وقعًا على الإنسان عِندما يخلو حسابه التوقُّعي من فرضيَّة المتغيِّر ويظلُّ يتصرف وفق اعتقاد، أنَّ كُلَّ شيءٍ على ما يرام. استدراكًا، ما زلتُ عِند رأيي الذي قُلتُه في شهادة سابقة عن حرص الملَّاح العربي أحمد بن ماجد على استخدام قلقِه مغذيًا لوجستيًّا، الأمْرُ الذي أوقعه تحت طائلة متوالية فحص أدوات إبحاره بصورة دَوْريَّة دُونَ أن يملَّ من ذلك. ومن هنا يُمكِن قياس سرِّ تحمُّله كُلَّ الأهوال التي تعرَّض لها خلال رحلاته، وأُضيف أنَّه لَمْ يغادر الموقف القائل، البِحار أقدار، وإنَّ اللبيب مَنْ لا يطمئن لسكونها. بالمباشر، هناك افتقاد للرصيد المعرفي الذي تتطلبه السَّلامة العامَّة، بل هناك تهاون يُصيب التحسُّب، وإذا كانت التحقيقات الجنائيَّة تتَّخذ من كشْف الدلالة مادَّة لتوثيق الحدث وتوجيه الاتِّهامات، يظلُّ كشْف الدلالة التحسبيَّة واحدًا من مفاتيح السَّلامة العامَّة في أيِّ مرفق حياتي وفي أيَّة لحظة من حياتنا اليوميَّة. إنَّ أيَّ مرفق ينبغي أن يُشيَّدَ وفق مواصفات الرصانة الهندسيَّة، في الأبعاد، وطاقة التحمُّل مع هامش من أسبقيَّات السَّلامة العامَّة المرتبطة بقدرته على امتصاص الصَّدمات، أيًّا كان نَوْعها، وبخلاف ذلك تبقى الكوارث تتربَّص بنا، ويبقى الغشُّ شهادة إثبات التُّهمة، بالمقابل تبقى المراجعة وفق متطلبات الفحص الدَّوْري وثقافة الطوارئ من مستلزمات الحياة التي لا يُمكِن التفريط بها مهما كانت الثِّقة ملازمة للواقع.

عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

برلين: تركيا لا ينبغي أن تعلن الحرب على قوات سوريا الديمقراطية

أنقرة (زمان التركية) – رفضت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، سعي تركيا للقضاء على قوات سوريا الديمقراطية.

وفي حديث لشبكة الإذاعة العامة الألمانية ”دويتشلاندفونك“، قالت بايربوك إنه لا ينبغي لتركيا أن تشن حرباً ضد قوات سوريا الديمقراطية، لأن ذلك قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تقوية إرهابيي داعش“، مضيفةً أنه ”لن يكون مفيدا لأحداً إذا كان الطرف الثالث في الصراع مع الأكراد هو داعش“.

وشددت بايربوك على أن هذا سيشكل تهديداً أمنياً لسوريا، بالنسبة لتركيا ولأوروبا“، مذكرة بـ”المجازر المروعة التي ارتكبها إرهابيو داعش“.

وأكد بايربوك أن الأكراد هم الذين دفعوا داعش إلى الوراء، وأن كوباني أصبحت رمزاً لكفاح الأكراد الشجاع ضد داعش.

وأضافت المسؤولة الألمانية: “بالطبع لتركيا مصالح أمنية مشروعة، مثل كل دولة، تريد تركيا التخلص من الإرهاب، تقع على عاتقنا جميعًا مسؤولية ضمان عدم حدوث عنف جديد أو تطرف جديد، وأن يتمكن الناس أخيرًا من العيش في أمان بعد سنوات من الإرهاب“.

وتابعت بايربوك قائلة: ”يجب الحفاظ على وحدة سوريا، من غير المقبول أن تتواطأ أطراف ثالثة، مثل إيران وروسيا، مرة أخرى في البلاد، كما فعلت في الماضي“.

 

Tags: أوروباالأكرادالعدالة والتنميةتركياداعشقوات سوريا الديمقراطية

مقالات مشابهة

  • «لا ينظرون إليه كما ينبغي».. صلاح يواجه أزمة كبيرة في تجديد عقده مع ليفربول
  • برلين: تركيا لا ينبغي أن تعلن الحرب على قوات سوريا الديمقراطية
  • مواليد 4 أبراج فلكية يعشقون المفاجآت حتى ولو بسيطة.. «بتغير مودهم»
  • ما ينبغي
  • هذا ماكشفته نتائج التحقيقات الاسرائيلية بعد عملية يافا
  • محافظ المنوفية يشهد على عقد قران 4 عرائس من ذوي الهمم.. (صور)
  • محافظ المنوفية يشهد على عقد قران 4 عرائس من ذوي الهمم..صور
  • محافظ المنوفية شاهد على عقد قران 4 عرائس من ذوي الهمم
  • ترامب يهدد بالسيطرة على قناة بنما .. لا ينبغي أن تديرها الصين
  • عقد قران أحمد بن سلطان على كريمة سلطان بن أحمد