جريدة الوطن:
2025-01-27@05:22:02 GMT

درنة والحمدانية .. قران المفاجأة والكارثة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

درنة والحمدانية .. قران المفاجأة والكارثة

بَيْنَ الاضطراب والاضطرار تظلُّ لحظة المفاجأة مشحونةً بالمزيد من التشويش المحسوب عَلَيْها إذا لَمْ يكُنْ هناك حيِّز من إدراك المسؤوليَّة القائمة على الحِكم والتبصُّر والتحرُّك في أقلِّ زمن ممكن. إنَّ الإنقاذ الشخصي من أيِّ حادث، أو في معاونة آخرين تعرَّضوا إليه، أو المزاوجة بَيْنَ الموقفَيْنِ ضِمْن تسامٍ إنساني، أقول إنَّ هذا النَّوع من الإنقاذ يظلُّ رهنًا بالإدراك العاجل، ماذا ينبغي أن أعملَ عِند تلك اللحظة المصيريَّة؟ وما مقتضيات معالجة هول الحادث؟ لقَدْ أُتيح لي في الأيَّام القليلة الماضية أن أتابعَ بالمزيد من الاهتمام ما أحدثه إعصار دانيال من دمار وخسائر بَشَريَّة ومادِّيَّة مريعة في مدينة درنة الليبيَّة، ومع استمرار متابعتي لهذا الحدث المُفزع تبَيَّنَ لي أنَّ الطوفان المائي الذي ضرب المنطقة كان غير مسبوق في حدَّته ونتائجه الكارثيَّة وما ترك من بصمة مأساويَّة خلَّفت المزيد من الأسئلة التي قَدْ لا تتوافر الإجابة الكاملة عَلَيْها إلَّا بعد اكتمال كُلِّ التحقيقات، لكنِّي دوَّنتُ عددًا من المعلومات المُتَّفق على صحَّتها لغرض الاستناد إلَيْها في الكتابة عن مفهومَي الاضطراب والاضطرار والمعنى التركيبي بَيْنَهما وما ينبغي اتِّخاذه لحظة المفاجأة.

ثم جاء المصاب الآخر، هذه المرَّة في الحمدانية إحدى حواضر محافظة نينوى شمال العراق. أنا أعرف هذه المدينة ميدانيًّا، ولي فيها أصدقاء، وعِندي فيها أيضًا مشاغل إعلاميَّة وثقافيَّة بحُكم مسؤوليَّتي مستشارًا في منظَّمة حمورابي لحقوق الإنسان. لقَدْ أنزلت عليَّ هذه الكارثة الكثير من الحزن والأسى، وتابعتُ بدقَّة تفاصيل ما جرى بالنَّقل المباشر، وإزاء ذلك توافرت لديَّ انطباعات إضافيَّة عن عصف المفاجأة هناك. الواضح أنَّ هناك مشتركات من التقصير والإهمال والفساد سبب ما جرى في المدينتَيْنِ، درنة الليبيَّة، والحمدانيَّة العراقيَّة، ولكنَّ لكارثة الحمدانيَّة سببًا اخر يتعلَّق بالألعاب الناريَّة التي أطلقت خلال العرس الدَّامي وكانت شرارة اندلاع الحريق وفق نتائج التحقيقات الحكوميَّة. إنَّ واحدة من أشدِّ الاختلاطات وقعًا على الإنسان عِندما يخلو حسابه التوقُّعي من فرضيَّة المتغيِّر ويظلُّ يتصرف وفق اعتقاد، أنَّ كُلَّ شيءٍ على ما يرام. استدراكًا، ما زلتُ عِند رأيي الذي قُلتُه في شهادة سابقة عن حرص الملَّاح العربي أحمد بن ماجد على استخدام قلقِه مغذيًا لوجستيًّا، الأمْرُ الذي أوقعه تحت طائلة متوالية فحص أدوات إبحاره بصورة دَوْريَّة دُونَ أن يملَّ من ذلك. ومن هنا يُمكِن قياس سرِّ تحمُّله كُلَّ الأهوال التي تعرَّض لها خلال رحلاته، وأُضيف أنَّه لَمْ يغادر الموقف القائل، البِحار أقدار، وإنَّ اللبيب مَنْ لا يطمئن لسكونها. بالمباشر، هناك افتقاد للرصيد المعرفي الذي تتطلبه السَّلامة العامَّة، بل هناك تهاون يُصيب التحسُّب، وإذا كانت التحقيقات الجنائيَّة تتَّخذ من كشْف الدلالة مادَّة لتوثيق الحدث وتوجيه الاتِّهامات، يظلُّ كشْف الدلالة التحسبيَّة واحدًا من مفاتيح السَّلامة العامَّة في أيِّ مرفق حياتي وفي أيَّة لحظة من حياتنا اليوميَّة. إنَّ أيَّ مرفق ينبغي أن يُشيَّدَ وفق مواصفات الرصانة الهندسيَّة، في الأبعاد، وطاقة التحمُّل مع هامش من أسبقيَّات السَّلامة العامَّة المرتبطة بقدرته على امتصاص الصَّدمات، أيًّا كان نَوْعها، وبخلاف ذلك تبقى الكوارث تتربَّص بنا، ويبقى الغشُّ شهادة إثبات التُّهمة، بالمقابل تبقى المراجعة وفق متطلبات الفحص الدَّوْري وثقافة الطوارئ من مستلزمات الحياة التي لا يُمكِن التفريط بها مهما كانت الثِّقة ملازمة للواقع.

عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

حفظ التحقيقات حول إنهاء مسن حياته حزنا على زوجته

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قررت النيابة العامة بشمال الجيزة حفظ التحقيقات حول إنهاء مسن احياته حزنًا على وفاة زوجته، وذلك بعدما تبين عدم وجود شبهة جنائية حول الواقعة.

تلقى المقدم حسام العباسي رئيس مباحث قسم شرطة الدقي بمديرية أمن الجيزة، إشارة من غرفة عمليات النجدة مفادها سقوط شخص من علو بدائرة القسم، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى محل البلاغ، وبالفحص تبين العثور على جثة مهندس بالمعاش في عقده السادس وسط بركة من الدماء، وبعمل التحريات تبين أن المتوفي أقدم على إنهاء حياته لمروره بحالة اكتئاب، وجرى نقل الجثة إلى ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.

وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.

مقالات مشابهة

  • جبهة اليمن.. المفاجأة الاستثنائية لـ “طوفان الأقصى”
  • حفظ التحقيقات حول إنهاء مسن حياته حزنا على زوجته
  • ضبط تاجر مخدرات بحوزته كميات كبيرة من الحشيش في درنة
  • اليوم التالي لنهاية الحرب في السودان.. ماذا ينبغي أن يحدث؟
  • على ذمة التحقيقات.. حبس قاتـ.ـل ابنته خنقا في سوهاج
  • عقيلة صالح يبحث تعويض متضرري إعصار دانيال مع وفد غرفة تجارة درنة
  • «عقيلة صالح» يناقش سبل تعويض المتضررين من «إعصار دانيال» في درنة
  • عاطف خليل رئيس تحرير الوفد يهنئ الزميل عبد الرحمن بصلة بمناسبة عقد قران ابنته
  • تخللها أمسية أدبية وشعرية .. عقد قران نجلة مرشح رئاسة الاتحاد السابق وليد الشهري
  • الخارجية الفرنسي: ينبغي دراسة إرسال بعثة مساعدة دولية إلى غزة