التخلي عن الولايات المتحدة.. لماذا تلجأ السلطة الفلسطينية إلى الصين؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
في منتصف يونيو/حزيران 2023، سافر الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" إلى الصين، وأصبح أول رئيس عربي يلتقي الرئيس الصيني "شي جين بينغ" منذ فوز الأخير بفترة رئاسية ثالثة في مارس/آذار الماضي. وبينما ترك عباس الأراضي الفلسطينية وراءه مشتعلة على أكثر من صعيد بفعل الاعتداءات الإسرائيلية، فإنه وجد احتفاء كبيرا من بكين التي استقبلته استقبالا رسميا قبل أن يلتقي بالرئيس الصيني في قاعة الشعب الكبرى (1).
كانت تلك زيارة عباس الخامسة لبكين، وقد سمع الرجل ما يحلو له من تعهُّدات صينية بدعم الفلسطينيين في محادثات السلام مع دولة الاحتلال، واستعداد الصين لمواصلة تقديم المساعدات لفلسطين لتخفيف الصعوبات الإنسانية وإعادة الإعمار، وقد قال "شي" لعباس: "الصين وفلسطين صديقتان حميمتان وشريكان جيدان يثقان ويدعمان بعضهما بعضا"، مشيرا إلى أن بلاده "على أهبة الاستعداد لتعزيز التنسيق والتعاون مع فلسطين، والعمل من أجل حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية"، على حد قوله.
الأهم أن هذه الزيارة أتت وسط اهتمام بكين بتعزيز وجودها في الشرق الأوسط، وفي ظل غياب أي اختراق دبلوماسي واضح في مسارات التسوية بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال الإسرائيلي التي ترعاها الولايات المتحدة، ليطرح الحضور الصيني على الساحة الفلسطينية أسئلة حول سر تجدد اهتمام بكين بمسألة طالما أغفلتها لسنوات، ومدى احتمالية أن يسفر هذا الاهتمام عن تطوير حضور مباشر للصينيين في القضية الفلسطينية.
العلاقات الصينية الفلسطينيةعلى مدى أكثر من خمسة عقود، أبدت الصين التزاما خطابيا تجاه حل القضية الفلسطينية وفق المقررات الدولية، فنادت بتطبيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. ومنذ أُنشئت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 اعترفت الصين بالمنظمة، بل إن قادة صينيين أمثال ماو تسي تونغ ودنغ شياو بينغ قدموا دعما من الأموال والأسلحة لرئيس المنظمة الراحل ياسر عرفات، وفق ما نشرته مصادر صحفية (3).
الزعيم الصيني "دنغ شياو بينغ" (يسار) ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية "ياسر عرفات". (الصورة: غيتي)وبعد استعادة جمهورية الصين الشعبية عضويتها في الأمم المتحدة بعد غياب 22 عاما عام 1971، دعمت الصين الفلسطينيين في أكثر من مناسبة في المحافل الدولية، ونادت بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي تطالب بانسحاب الاحتلال من الأراضي الفلسطينية دون شرط، ووصفت الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية بأنه "انتهاك للقانون الدولي". وقد شكَّل دعم بكين للفلسطينيين استثناء من سياسات العملاق الآسيوي القائمة على مبدأ الحياد و"عدم التدخل في الشؤون الداخلية"، والدعوة إلى "الاحترام والمنفعة المتبادلة"، إذ أرادت الصين من دعم القضية الأولى بالنسبة للعرب كسب النفوذ في العالم الثالث وتعزيز قوتها الناعمة في المنطقة (4). وبحلول الثمانينيات، أقامت الصين رسميا علاقات دبلوماسية مع فلسطين، وكانت من أوائل الدول التي اعترفت بفلسطين دولة ذات سيادة عام 1988 (5).
بدأت بكين في هذا العقد أيضا في تدشين سياسة الانفتاح الخاصة بها التي تضمنت تقاربا تدريجيا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث انجذبت إلى تكنولوجيا الدفاع الواعدة هناك، التي أمكن أن تفيد منها الصين آنذاك. ومن ثمَّ قامت بكين عام 1992 بتطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وسرعان ما نما التبادل التجاري بين الجانبين بسرعة (6). وقد وقَّعت (7) الصين مع دولة الاحتلال شراكة ابتكارية شاملة في مجال التكنولوجيا عام 2017، وأصبحت اليوم ثالث أكبر شريك تجاري لدولة الاحتلال، حيث كانت التجارة الثنائية عندما أقام البلدان علاقات دبلوماسية في بداية التسعينيات نحو 50 مليون دولار فقط، في حين قفزت إلى 22.8 مليار دولار عام 2022 (8).
ومع ذلك، حافظت الصين على علاقاتها مع السلطة الفلسطينية وجميع الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وأقامت علاقات تجارية -وإن كانت محدودة- مع الفلسطينيين. ففي عام 2019، أطلق البلدان الجولة الأولى من المفاوضات حول منطقة التجارة الحرة، وبعد عام وقَّع الجانبان مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مبادرة الحزام والطريق، فيما بلغ حجم التجارة الثنائية 158 مليون دولار العام الماضي 2022، بزيادة سنوية قدرها 23.2% وفقا لوزارة الخارجية الصينية، لكن استثمار الشركات الصينية في الأراضي الفلسطينية يظل ضئيلا مقارنة بحضورها في الدول العربية الأخرى (9) (10).
الوفد الفلسطيني في إحدى الزيارات لبحث سبل التعاون مع الجانب الصيني. (الصورة: شترستوك)ورغم أن الصين لم تتجاوز التضامن الخطابي والتفاعل الدبلوماسي مع القادة الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، فإن هذه التفاعلات المحدودة كثيرا ما أغضبت دولة الاحتلال، وقد حدث ذلك على سبيل المثال عندما أيَّدت الصين قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي يطالب "إسرائيل بالوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية"، ليرد رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" آنذاك بإعلان عزمه تقييد العلاقات الدبلوماسية مع الصين (11).
كان على بكين كلما اشتعلت التوترات الفلسطينية-الإسرائيلية أن "تمشي على قشور البيض لتجنب الانحياز إلى أيٍّ من الجانبين"، على حد وصف المحلل السياسي الصيني "وانغ جين"، لكن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي التي قامت بالتخلي عن سياستها التقليدية التي قامت في البداية على فصل السياسة عن الاقتصاد في علاقتها مع بكين، لتنضم تل أبيب إلى حملة الانتقادات الدولية التي أدانت انتهاكات الصين في إقليم شينجيانغ ذي الأغلبية الأويغورية المُسلمة (12).
في حَلْبة "السلام" قدمت الصين في عام 2003 اقتراحها الأول المكون من خمس نقاط بشأن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأعقبت ذلك موجة من الزيارات الإقليمية قام بها المبعوثون الصينيون. (الصورة: شترستوك)في أوج انتصارها الدبلوماسي عقب نجاح توسُّطها بين الخصمين اللدودين السعودية وإيران، مضت بكين بحماسة نحو الانخراط في المزيد من النزاعات في الشرق الأوسط، وعلى رأسها ملف المفاوضات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي. ففي 23 أبريل/نيسان الماضي اتصل وزير الخارجية الصيني السابق "تشين غانغ" بكلٍّ من "رياض المالكي" وزير الخارجية الفلسطيني ووزير الخارجية الإسرائيلي "إيلي كوهين"، ودعاهما لاستئناف محادثات السلام (13).
لم يكن ظهور الصين على خط الوساطة بين فلسطين ودولة الاحتلال وليد اللحظة. فعلى مدار السنوات الماضية روَّجت (14) الصين لعدد من خطط السلام التي تقوم على مبدأ قيام دولة فلسطينية مستقلة وفق حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتعود بدايات ذلك إلى عام 2002، الذي عيَّنت فيه الصين لأول مرة مبعوثا خاصا إلى الشرق الأوسط تشمل مسؤولياته الوساطة بين الطرفين وحثّهما على "العودة إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن" (15). بعد عام واحد، قدَّمت الصين اقتراحها الأول المُكوَّن من خمس نقاط لحل الصراع، وأعقبت ذلك موجة من الزيارات الإقليمية قام بها المبعوثون الصينيون (16).
ظل محتوى المقترحات التي قدمتها الصين متشابها إلى حدٍّ كبير، بيد أن الميلاد الحقيقي للدور الصيني في القضية كان عام 2017، الذي تبنَّى فيه الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب" سياسة منحازة انحيازا صارخا لصالح الإسرائيليين. وقد حفَّزت مواقف ترامب، وأبرزها إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال، رغبة صينية في الاضطلاع بدور أكبر في ملف الصراع الأقدم في الشرق الأوسط. ففي ذلك العام، لم تكتفِ الصين باستضافة ندوة لـ"دعاة السلام الفلسطينيين والإسرائيليين" في بكين، بل وصرَّح وزير الخارجية الصيني قبل ساعات من التصويت الأخير في الأمم المتحدة على قرار إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال أنها "مأساة تاريخية أن الفلسطينيين ما زالوا بلا دولة بعد أن أصدرت الأمم المتحدة القرار بشأن فلسطين وإسرائيل قبل 70 عاما" (17).
عقب اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة 2021، عرض وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" التوسط بين دولة الاحتلال وفلسطين، ودعا إلى "الانخراط في محادثات مباشرة في الصين". (الصورة: شترستوك)سجَّلت الصين تحركا مهما أيضا عقب اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في مايو/أيار 2021 عندما عرض وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" التوسط بين دولة الاحتلال وفلسطين، ودعا الطرفين إلى "الانخراط في محادثات مباشرة في الصين" (18). وقد قدَّم الوزير الصيني اقتراحا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول "الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين" يشمل أربع نقاط للتوصل إلى السلام هي: "وقف إطلاق النار ووقف العنف وتقديم المساعدات الإنسانية، مع قيام إسرائيل برفع الحصار عن غزة لضمان وصول المساعدات، وجدية مجلس الأمن لتعزيز السلام، وأخيرا استئناف محادثات على أساس حل الدولتين في أقرب وقت ممكن" (19).
ولكن في حين لفت اتفاق استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران النظر إلى جدوى التوسط الصيني المُحتمل في تسوية سلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يرى محللون أن العروض الصينية تواجه عدة تحديات، أولها أن الصراع بين الجانبين غير متكافئ فعليا، حيث يسيطر الاحتلال عسكريا وإداريا على الأرض الفلسطينية المحتلة، فيما تواصل الحكومات الإسرائيلية عمليات الاستيطان بوتيرة أسرع من أي وقت مضى؛ ما يعني أن حيادية الوسيط المطلوبة، أو استبدال الدور الأكثر مصداقية للصين بالدور المنحاز لواشنطن في القضية الفلسطينية، ليس هو مربط الفَرَس، إذ إن المطلوب تعديل الموازين السياسية والعسكرية المُختلة لصالح إسرائيل قبل أن يُترجَم هذا التوازن في صورة اتفاق سلام حقيقي (20).
بخلاف ذلك، استثمرت الولايات المتحدة مليارات الدولارات من أجل ما تسميها "قضية السلام في الشرق الأوسط" طيلة العقود الماضية، ويرى بعض المحللين أن اضطلاع الصين بدور مركزي في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي سيتطلَّب منها تخصيص مبالغ ضخمة مكافئة لما خصصه الأميركيون كي يتبوؤوا المكانة نفسها. أضف إلى ذلك أن الصين قد لا تكون قادرة على تكريس الوقت اللازم للتوصُّل إلى نتيجة تُرضي كل الأطراف، لا سيَّما أنها لا تمتلك الخبرة والنفوذ الكافيين في المنطقة كي تصبح وسيطا فعالا، علاوة على أن الشرق الأوسط خارج نطاق اهتماماتها الإستراتيجية المباشرة، على عكس واشنطن التي طالما شكَّل أمن إسرائيل وتأمين نفط الخليج دافعا واضحا بالنسبة لها لتكريس ما يكفي من وقت ومال من أجل الصراع العربي-الإسرائيلي (21).
غير مرجح أن تتزحزح دولة الاحتلال عن ترتيباتها التي تتمسك بالولايات المتحدة وسيطا رئيسيا لما أبدته واشنطن طيلة عقود من انحياز واضح لتل أبيب. الصورة: شترستوك)من جانبهم، يُظهِر الفلسطينيون رغبة واضحة في جلب المزيد من الجهات الخارجية الدولية بغية تكثيف الضغوط على دولة الاحتلال لتنفيذ التزاماتها الدولية. ومع ذلك، غير مرجح أن تتزحزح دولة الاحتلال عن ترتيباتها التي تتمسك بالولايات المتحدة وسيطا رئيسيا لما أبدته واشنطن طيلة عقود من انحياز واضح لتل أبيب. هذا وينظر الإسرائيليون إلى بكين بوصفها وسيطا غير نزيه ولاعبا منحازا أو ربما محايدا أكثر مما ينبغي، كما أن إسرائيل التي تعتبر إيران تهديدا إستراتيجيا لها تنظر بعين الريبة إلى دعم الصين المتواصل لطهران (22).
"اللاعب المناسب في الوقت المناسب"؟لكن ذلك لم يمنع السلطة الفلسطينية تحديدا من تكثيف رهانها على بكين في الفترة الأخيرة. ففي أوج الأزمة الصينية-التايوانية، لم تتردد السلطة الفلسطينية في إعلان دعمها لسياسة "الصين الواحدة" وحق بكين في "ممارسة سيادتها وأمنها وحقوقها التنموية" (23) في وقت أمكن فيه للقيادة الفلسطينية أن تلتزم الصمت وتتجاهل صراعا آسيويا يبعُد عنها آلاف الأميال. في ظاهر الأمر، أرادت السلطة الفلسطينية انتهاز الفرصة لإرسال رسائل إلى واشنطن التي تراخت مساعيها تجاه حل الصراع، إذ توقفت الوساطة الأميركية منذ عام 2014، الذي عُقِدَت فيه آخر محادثات سلام مباشرة بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، في حين تواصل (24) التأييد الأميركي لدولة الاحتلال، واستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد معظم القرارات التي تدين إسرائيل.
مع غياب أي مخرج في الأفق من ذلك المأزق، بدت السلطة الفلسطينية (25) مقتنعة إلى حدٍّ كبير بأن إدارة الرئيس الأميركي "جو بايدن"، رغم تصريحاتها الداعمة نسبيا للفلسطينيين مقارنة بإدارة ترامب، لا تمتلك نية جدية لإنعاش حل الدولتين، وأنها تواجه صعوبة في وقف (26) سياسات اليمين المتطرف الإسرائيلي أكثر من أي وقت مضى، وبالأخص مع عودة نتنياهو إلى السلطة، وإعلانه صراحة مواصلة البناء في مستوطنات الضفة الغربية الذي يجعل حل الدولتين مستحيلا عمليا.
تتطلع بكين بشكل غير مسبوق لتوسيع حضورها في الشرق الأوسط وتنمية نفوذها في المنطقة، بما في ذلك الملف الفلسطيني. (الصورة: غيتي)في هذا السياق، جاءت الزيارة الأخيرة للرئيس عباس إلى الصين. فإلى جانب رغبة الفلسطينيين في الحصول على المزيد من الرعاية الصينية لنضالهم في المحافل الدولية، والحصول على تعهدات تمويل ودعم مالي كافٍ، كان الهدف الأهم محاولة استبدال الدور الصيني بالدور الأميركي أو على الأقل منح بكين موطئ قدم في عملية السلام في وقت تسعى فيه لتعزيز دورها الدولي، وتلميع مكانة الرئيس الصيني بوصفه رجلَ دولة عالميا يمكنه تحقيق اختراقات دبلوماسية (27). لذا، لم يكن مفاجئا ما أظهرته نتائج استطلاع رأي أجرته مؤسسة "يوجوف" لمعرفة آراء الفلسطينيين حول جهود الصين لتسوية الصراع، إذ رحَّب 80% منهم بالصين وسيطا في القضية، في حين قال نحو 60% إنهم لا يثقون في أن تتوسط الولايات المتحدة في المفاوضات رغم أن 86% وفق الاستطلاع نفسه يعتقدون بأن الولايات المتحدة لها تأثير كبير على دولة الاحتلال (28).
بينما تمضي السلطة الفلسطينية في طريقها نحو جذب الصين إلى مدار صراعها مع دولة الاحتلال، تتطلع بكين بشكل غير مسبوق لتوسيع حضورها في الشرق الأوسط وتنمية نفوذها في المنطقة، بما في ذلك الملف الفلسطيني، مُستغِلة إحباط الفلسطينيين من الدور الأميركي والأوروبي من جهة، وتراجع الدور الأميركي عموما في أعقاب الانسحاب من العراق وأفغانستان من جهة أخرى، علاوة على فقدان الكثير من دول المنطقة الثقة في الولايات المتحدة بوصفها حليفا لها (29). ورغم أن طريق الصين في الصراع الأقدم في الشرق الأوسط ليس مفروشا بالورود، فإنها تمتلك حضورا لا يمكن لأحد تجاهله، بما في ذلك إسرائيل نفسها التي تتطلع باستمرار إلى الاستثمارات الصينية السخية، كما أنها تخشى أن تجاهل جهود بكين ربما يدفعها إلى الاستثمار أكثر في العلاقات الأحادية مع فلسطين وإيران وغيرهما من خصوم تل أبيب (30).
على أي حال، لا مفر من القول إن القضية الفلسطينية أصبحت عنصرا جديدا في المنافسة الجيوسياسية الأوسع بين الولايات المتحدة والصين، وبغض النظر عن نجاح الصين من عدمه في حيازة مكانة مركزية في قضايا الشرق الأوسط، فإن واشنطن حسَّاسة للغاية الآن تجاه أي تدخل صيني يسلط الضوء على إخفاقاتها في المنطقة. يواصل العملاق الآسيوي طريقه في تحدي النفوذ الأميركي إذن، ولعل واشنطن اليوم لا ترغب في حل الصراعات بقدر ما هي معنية بمنع حل هذه الصراعات على يد الصينيين، بيد أن ذلك الهدف قد يدفع واشنطن إلى البحث عن سُبل ناجعة أكثر من ذي قبل لحل النزاعات في شتى أنحاء العالم، تحسُّبا لفقدان مكانتها الدولية. وفي حال نجحت الصين في تقديم حلول جديدة، أو أُجبِرَت واشنطن على اتخاذ خطوات جادة خوفا من المنافسة الصينية، يأمل الفلسطينيون أن يثمر ذلك انفراجة ولو بسيطة في صراعهم طويل الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
______________________________________
المصادر:
(1) Xi: China willing to help foster Palestinian peacemaking with Israel. (2) China, Palestine agree to establish a strategic partnership. (3) https://www.jstor.org/stable/2536531 (4) Why China Must Pay Attention to the Israel-Palestine Conflict. (5) What would China do to solve Israeli-Palestinian conflict and how do its ties with the two sides compare? (6) China to cement ties with Palestine, ‘play a greater role to mediate Palestine-Israel conflict. (7) الصين: علاقات متطورة مع إسرائيل ودعم لحقوق الفلسطينيين الوطنية. (8) China, Israel, and the Palestinians: Navigating Politics and Economics. (9) Interview: Innovative cooperation becomes highlight, booster of China-Israel relations: Chinese ambassador. (10) China, Palestine agree to establish a strategic partnership. (11) مصدر سابق. (12) China’s Middle East Dilemma: Israel or Palestine? (13) مصدر سابق. (14) China Offers to Facilitate Israel-Palestinian Peace Talk. (15) مصدر سابق. (16) China’s First Special Envoy to Middle East. (17) China wades into the Israel-Palestine conflict once more. (18) China Takes Bigger Role in Palestine-Israel Issue as UN Rejects Trump’s Jerusalem Move. (19) مصدر سابق. (20) China puts forward a four-point proposal regarding Palestine-Israel conflict. (21) China’s Offer to Mediate in the Israel-Palestine Conflict Is Overstated – For Now. (22) Can China broker Israel-Palestine peace talks? (23) Can China become a ‘peacemaker’ in the Middle East? (24) Palestine supports China’s sovereignty, territorial integrity. (25) Palestinians prefer Russia, China to mediate with Israel, don’t trust U.S. (26) Giving Up on the U.S., Palestinian President Abbas Turns to China. (27) U.S. Announced Israeli Settlement Freeze, Netanyahu Rushed to Deny It. (28) China’s Palestinian moment is about global standing rather than peace. (29) 80% of Palestinians welcome Chinese offer to mediate with Israel, US seen as least favorite option. (30) Can China become a ‘peacemaker’ in the Middle East? (31) Could China serve as broker of Israel-Palestinian peace? – Analysis.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وزیر الخارجیة الصینی الاحتلال الإسرائیلی الأراضی الفلسطینیة السلطة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة الولایات المتحدة مع دولة الاحتلال فی الشرق الأوسط لدولة الاحتلال الفلسطینیین فی القدس الشرقیة الأمم المتحدة حل الدولتین فی المنطقة بما فی ذلک حل الصراع مصدر سابق فی القضیة الصین فی أکثر من فی حین
إقرأ أيضاً:
سفير سلطنة عمان في القاهرة: مصر لم تتأخر يومًا عن دعم القضية الفلسطينية
قال السفير عبد الله الرحبي، سفير سلطنة عمان بالقاهرة، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، إن استمرار الحرب في غزة قد يدخل المنطقة في صراع، وهذا الأمر لا تتمناه السلطنة أو أي عقل بشري، مشيرًا إلى أن المجازر التي حدثت في غزة تتجاوز فكرة الدفاع عن النفس مثلما تتحدث دولة الاحتلال.
وأضاف "الرحبي"، خلال حواره مع الإعلامي فهمي بهجت، ببرنامج "المحاور"، المذاع على فضائية "الشمس"، أن سلطنة عمان تنادي بضرورة حل القضية الفلسطينية بالحوار، وضرورة أن يقف العالم موقف صدق، ويحترم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
سفير سلطنة عمان: إنجازات الدولة المصرية مفخرة للمواطن العربي الرئيس السيسي يهنئ سلطنة عمان بذكرى العيد الوطنيوأوضح أن مصر لم تتأخر يومًا عن دعم القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن القاهرة وقعت اتفاقية سلام مع دولة الاحتلال، وسلطنة عمان ساندت هذه الاتفاقية، وعلى دولة الاحتلال أن تحترم هذه الاتفاقية وتعتبرها نموذجاً للعلاقات مع الدول العربية.
ونوه إلى أن القمة العربية الإسلامية في الرياض كانت مهمة، مشيرًا إلى أن هذه القمة طالبت بوقف الحرب وإيصال المساعدات، والعمل على تجميد عضوية دولة الاحتلال في الأمم المتحدة، لأنها تجاوزت القوانين الدولية والإنسانية.
وأضاف، أن التضامن العربي مهم خلال الفترة الحالية، لكي يكون للأمة العربية شأنها، ولكن في ظل عدم وجود رؤية عربية واحدة وعدم الإيمان بالتضامن العربي سيستمر النزيف الذي يحدث الآن.
وأوضح أن التقارب السعودي الإيراني بدأ في سلطنة عمان، واستكمل مع الصين، مشيرًا إلى أن هذا التقارب خطوة إيجابية لاستقرار المنطقة العربية.