يبدو أن للاحتجاجات في السويداء ظروفا مختلفة عن كل الاحتجاجات السابقة التي تعامل معها النظام السوري بأدواته القمعية والأمنية، حيث تمنع حسابات عديدة النظام من مواجهة الحراك بأساليبه التي تعامل بها حين اندلاع الثورة في العام 2011.

ورغم أن الاحتجاجات في المحافظة التي تعد معقلاً للطائفة الدرزية قد شارفت على يومها الـ50، إلا أن النظام لم يلوح للآن بخيار العنف والحلول الأمنية، مراهناً كما يبدو على نفاد صبر المحتجين، رغم استمرار زخمها، والدعم الغربي السياسي لها.



وكانت الاحتجاجات قد اندلعت في منتصف آب/أغسطس الماضي، بسبب الحالة المعيشية الصعبة والقرارات الاقتصادية المتعلقة برفع أسعار المحروقات وتقليص الدعم الحكومي.



ويقول الكاتب وعضو الائتلاف السوري السابق حافظ قرقوط، إن ردود فعل النظام السوري على الاحتجاجات حتى الآن هي خارج سلوكه المعتاد وتركيبته الأمنية منذ تسلمه السلطة في سوريا.

توسع الاحتجاجات

وأضاف لـ"عربي21" أن النظام يبدو في حالة تخبط في ظل انشغال حليفته روسيا بغزوها لأوكرانيا، وكذلك إيران التي تركز حالياً على المفاوضات مع الغرب بخصوص برنامجها النووي ومع بعض الدول الإقليمية.

وتابع قرقوط مشيراً إلى خشية النظام السوري من اشتعال أكثر من جبهة في حال بدأ عملاً عسكرياً في السويداء، وقال: "كل المحافظات السورية على صفيح ساخن، ومن غير المستبعد انضمام محافظات أخرى إلى الاحتجاجات".

وتركيزاً على تاريخ السويداء العسكري، يقول الكاتب وهو من السويداء: "المعارك في السويداء كانت دائماً خاسرة، من العثمانيين إلى الفرنسيين، لدى أبناء المحافظة خصوصية قتالية والنظام يدرك ذلك".

وبالتالي يرجح قرقوط أن يتجاهل النظام الاحتجاجات، وأن يترك الحل للزمن، كما يتعامل مع الملفات الدولية، مشيراً إلى إعادة بعض الدول العربية علاقتها مع النظام بعد قطيعة طويلة.

خسارة شعار حماية الأقليات

أما الباحث في مركز "جسور للدراسات" وائل علوان، فقال إنه "على الرغم من الحرج الكبير التي تسببه الاحتجاجات في السويداء للنظام، لا يستطيع التدخل بالشكل المعتاد أي التدخل الخشن".

وفي حديثه لـ"عربي21" يلفت الباحث إلى خشية النظام السوري من نسف الخيار العسكري في السويداء مع ادعاء النظام بأنه "حامٍ للأقليات"، حيث تقطن المدينة إحدى الأقليات السورية (الدرزية).

من جانب آخر يشير علوان إلى مخاوف النظام من تحرك إقليمي ودولي ضده رداً على العنف ضد السويداء بخصوصيتها الديموغرافية.

لكن مع ذلك، يؤكد الباحث أن "النظام لم يدخر جهداً في إشعال الفتنة في السويداء منذ اندلاع الاحتجاجات في السويداء، واللجوء إلى التهديد والتخويف بتنظيم الدولة تارة والحيل من خلال الحديث عن تنازلات شكلية".

لا إرهاب ولا تطرف

ويتفق مع علوان، المحلل السياسي أسامة بشير، الذي يشير خلال حديثه لـ"عربي21" إلى "خصوصية" السويداء التي تمنع النظام من إطلاق صفة "الإرهاب والتطرف" على سكانها، كما فعل مع بقية المحافظات السورية الأخرى، وخاصة حلب وحمص.

ويضيف بشير أن النظام لا يستطيع كذلك اتهام الحراك بـ"الانفصالي"، بحيث تؤكد كل شعارات الاحتجاجات على "وحدة سوريا" وسلمية الاحتجاجات، ويقول: "بالتالي فقد النظام كل حجج الخيار العسكري".

وبذلك يرى المحلل السياسي أن قمع التظاهرات تعني حتمية نهايته، موضحاً أن "مشايخ عقل الدروز تلقوا اتصالات من مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، والاتصالات هذه رسالة للنظام بأن الخيار العسكري يعني التدخل والدعم المباشر للمحتجين".

وثمة حسابات أخرى تمنع النظام من استخدام العنف ضد احتجاجات السويداء، بحسب بشير، منها تحرك الدروز في لبنان وفلسطين نصرة لأبناء طائفتهم في السويداء، مؤكداً أن "الحسابات هذه تمنع النظام من حصار السويداء، كما فعل في مناطق عديدة خرجت عن سيطرته، مثل غوطة دمشق".



وتأسيساً على ما سبق، يعتقد المحلل أن النظام في حالة "عجز" أمام استمرار الاحتجاجات، مطالباً أبناء المحافظات السورية باللحاق بركب السويداء، حيث يستحيل على النظام استخدام الأسلوب القمعي بسبب ما يجري في السويداء.

لا مبررات للقوة

في المقابل، يقول المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام عمر رحمون، إن استخدام القوة أو السلاح من جانب الدولة لا بد وأن يكون له مبررات، بمعنى أن "الدولة إن لم تشاهد السلاح، فالخيار العسكري ليس مطروحاً".

وأضاف لـ"عربي21" أنه "مضى على الاحتجاجات فترة لم نشهد فيها استخداماً للسلاح ضد مؤسسات الدولة والجيش وعناصر الأمن، وبقاء الاحتجاجات بالسوية السلمية ذاتها، لا تعارضه الدولة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية السويداء النظام سوريا سوريا النظام السويداء سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری فی السویداء أن النظام

إقرأ أيضاً:

استنكار في الأردن لقمع مظاهرة السفارة الإسرائيلية.. ودعوات للتوجه إلى الحدود

استنكر الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن في الأردن، تصعيد السلطات ضد الحراك الشعبي المناصرة لأهالي قطاع غزة.

وقال الملتقى في بيان، إن ما جرى مساء الثلاثاء في محيط مسجد الكالوتي، القريب من سفارة الاحتلال الإسرائيلي في منطقة الرابية، “يمثل تحولا سياسيا خطيرا وانتهاكا للحقوق الدستورية”.

وحذر من محاولات استهداف الملتقى ونشاطاته عبر “التحريض الإعلامي” و”التضييق الأمني”، مؤكدا أن أنشطة الحراك لا تتعارض مع أمن الأردن بل تسهم في حمايته، وتقف مع مقاومةٍ تمثل “خط الدفاع الأول عن الوطن والأمة”.

وشهد محيط السفارة قمعا شديدا للمشاركين في الفعالية، مع الاعتداء بالضرب من قبل عناصر أمن بزي مدني على بعض المتظاهرين، واعتقال آخرين.

ودعا الملتقى للإفراح الفوري عن المعتقلين اللذين تم اعتقالهم في الفعالية، واستنكر "حملة الإساءة والتحريض التي تقوم بها حسابات مجهولة عبر مواقع التواصل بحق المشاركين والمشاركات وتعاطي السلطات معها".

من جهته، أصدر حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين) بيانا شديد اللهجة، اعتبر فيه منع فعالية الكالوتي واعتقال المشاركين فيها “إساءة بالغة للموقف الأردني الداعم لأهل فلسطين”، محذرا من خطورة “حملات الشيطنة والتحريض ضد الحراك الشعبي”، والتي قد تضر بـ”النسيج المجتمعي” وتُظهر الحراك على أنه تهديد لأمن الدولة.

وأكد الحزب أن الفعاليات المناصرة لغزة تعبّر عن “الغضب الشعبي ضد حرب الإبادة”، معتبرا أن التضييق على هذه الفعاليات يضر بصورة الأردن أمام العالم، خصوصا مع تضامن شعوب العالم مع الفلسطينيين بحرية ومن دون قمع.

وشدد على أن دعم المقاومة الفلسطينية “يشكل حماية للأردن وسدا منيعا في مواجهة المشروع الصهيوني التوسعي”، داعيا الحكومة إلى التوقف عن سياسات “التضييق والاعتقالات” والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.

وأغلقت القوات الأمنية الطرق المؤدية إلى المسجد، ومنعت أداء صلاة العشاء فيه، وفرضت طوقا أمنيا يمتد لأكثر من كيلومتر في محيط السفارة، مع نشر تعزيزات أمنية كثيفة شملت عناصر من الشرطة النسائية.

ورغم الإجراءات، انطلقت التظاهرة عبر طرق فرعية ورئيسية في المنطقة، قبل أن يتم تفريقها بالقوة.


إلى الحدود
“الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن”، دعا بدوره إلى فعالية جماهيرية حاشدة يوم الجمعة المقبل، في منطقة الأغوار الأردنية على الحدود مع فلسطين المحتلة ، نصرة لغزة، ورفضا لتصاعد المجازر وحرب الإبادة التي تستهدف الفلسطينيين مؤكدا على التوجه بأعداد كبيرة نحو الحدود.

وفي بيان  وصل "عربي21" نسخة منه أوضح الملتقى أسباب التوجه إلى الأغوار يوم الجمعة 11 نيسان/ أبريل، مؤكدا أن الخطوة تأتي أولا وفاءً لأهل غزة الذين يتعرضون لحرب “إبادة جماعية” منذ 17 شهرا، وثانيا لمواجهة ”الخطر الصهيوني المتصاعد” الذي يستهدف الأردن والمنطقة بأسرها.

وأضاف البيان أن الفعالية تأتي كذلك لإحياء ذكرى معركة الكرامة التي “كسر بها الأردنيون أسطورة الجيش الذي لا يُقهر”، ورفضا لمخططات التهجير التي تسعى لتفريغ الضفة وغزة من سكانهما.

ويضم “الملتقى الوطني” طيفا واسعا من القوى السياسية والحزبية والنقابية، بينها حزب جبهة العمل الإسلامي، حزب الوحدة الشعبية، حزب العمال، حركة المقاطعة (BDS)، إلى جانب أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني ونشطاء مستقلين، ويعد من أبرز مكونات الحراك الأردني الداعم للمقاومة الفلسطينية في القطاع والضفة الغربية.

???? تغطية صحفية: ثريد فيديوهات لقمع وسحل واعتقال المتظاهرين الأردنيين الذين خرجوا الليلة للتضامن مع #غزة والمطالبة بوقف الحرب ورفح الحصار قرب السفارة الصهيونية.#اعتصام_الكالوتي pic.twitter.com/McjZTmVxNB

— Khair Eddin Aljabri (@Khair_Aljabri) April 8, 2025

???? تغطية صحفية: سحل المتظاهرين المتضامنين مع غزة قرب السفارة الصهيونية pic.twitter.com/ZiNixpMHOZ

— Khair Eddin Aljabri (@Khair_Aljabri) April 8, 2025

مقالات مشابهة

  • من مشاركة الدفاع المدني في حملة إزالة رموز النظام البائد التي أطلقتها محافظة حلب
  • استنكار في الأردن لقمع مظاهرة السفارة الإسرائيلية.. ودعوات للتوجه إلى الحدود
  • حركة مدنية بنيجيريا تقود احتجاجات ضد قانون الجرائم الإلكترونية
  • الجمعية الطبية السورية الألمانية تنظم لقاءً علمياً مع طلاب كلية الطب البشري في جامعة إدلب حول النظام الصحي في سوريا، وبعض الحالات الإسعافية والطبية الحرجة، وذلك على مدرج مستشفى إدلب الجامعي
  • أهالي منطقة الحولة بريف حمص يعيدون بناء وترميم منازلهم التي دمرها النظام البائد
  • الشرع يبحث إعادة بناء الجيش وحصر السلاح في أول اجتماع للحكومة السورية
  • من أعمال إزالة الحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة التي وضعها النظام البائد أمام الفرع 235 بدمشق
  • سوريون: هجوم الشعراني على محافظ السويداء حرية تعبير أم تطاول على الدولة؟
  • صراع الممالك.. خريطة الأطماع الإسرائيلية - التركية فوق أنقاض الدولة السورية
  • الوزير العلي: نطمح أن نضاهي الدول المتقدمة في بناء النظام الصحي، فالطبيب السوري في كل مكان يمتلك الخبرة بالأنظمة الصحية العالمية وننسق حالياً مع المنظمات الصحية في المغترب لتقديم أفضل خدمة للمواطن