عربي21:
2025-01-30@05:31:23 GMT

هل ضعف الطالب والمطلوب في مصر؟ (1-2)

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

يجب أن نعيد قراءة المشهد الذي تتغير ملامحه قليلاً جداً بين الفينة والأخرى في مصر، تتغير بتلاحق أحداث بسيطة صغرى؛ على أن تستمر دهشة المتابع لا من الأحداث التي تستحق الاستغراق في التأمل بل من فرط إعادة المشهد والتفاصيل واهتمام السلطة ومقاوميها السلميين، وكأننا أمام أحداث حقيقية تؤدي لسياسية استثنائية من بدء عمل جاد لنهضة أو حتى وقف النزيف المستمر للبلاد والشعب.



وهكذا يُؤذنُ المشهد المتكرر منذ نحو عشر سنوات بأننا كمصريين نمارس باستمرار طقوس الجري بالمكان بامتياز، فيما يفترض جانب منهم أنهم يتقدمون صفوف الأمم، ويتعامل الآخر على أنه يوشك أن يسقط الجانب الأول:

1- أزمة الحكم في مصر متأزمة وبلغت ذروتها 1798م بمجيء الحملة الفرنسية ثم الإنجليزية الأولى، ولاحقاً استتباب الحكم للألباني محمد علي ومن ثم أسرته، وهو ما يجب النظر إليه اجتماعياً ونفسياً قبل النظر سياسياً واقتصادياً عند دراسة الأحوال التي جعلت المصريين يتركون أحوال الحكم الخاصة بهم لغيرهم؛ ويقبلون ألَّا يكونوا فعّالين في عالم لا يحترم إلا الأقوياء، وإلا فأين الثورة في 1952م؟ فقد تحرك الجيش بمعونة خارجية وضوء أخضر واضح للاستيلاء على السلطة التي نال الملك الراحل فاروق شرعيتها بناء على حكم آبائه دون موافقة المصريين أو كامل رضاهم!

يُؤذنُ المشهد المتكرر منذ نحو عشر سنوات بأننا كمصريين نمارس باستمرار طقوس الجري بالمكان بامتياز، فيما يفترض جانب منهم أنهم يتقدمون صفوف الأمم
2- مثّل الملك فاروق ذروة عقد انفراجة السياسية المصرية السابقة منذ نحو قرن ونصف القرن واللاحقة لحوالي ثلاثة أرباع القرن ففي الحيز الزمني (1798- 2011م)، بل حتى اليوم يكاد يكون الملك فاروق الحاكم الأفضل "المستمر" لمصر، فقد رعى واقعاً سياسياً أقرب لليبرالية والتعددية لعقد ونصف العقد من الزمان بما لم تره مصر من قبله أو من بعده، وواجه أعداء الأمة خاصة الأمريكيين ولم يكن على وئام تام مع البريطانيين حتى همّوا بخلعه عام 1942م، وفي النهاية تجمع عليه الطرفان بمباركة صهيونية حتى فقد عرشاً مثَّل أفضل حلقاته.

3- للأمانة لم تكن 1952م انقلاباً كما يحلو للبعض أن يقول ضمن طوفان الأحكام التالية لـ2013م دون تدقيق أو تمييز، فما نال محمد علي عرشاً بالعدل، وإن بدأ الحكم برضا شعبي تعمّد الفكاك منه والسعي وراء تثبيت ملك بالقهر ودوام الاستبداد له ولعائلته، وإن لم يخل الأمر من ميزات.

4- لم يأتِ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمباركة أو حتى شرعية شعبية وإنما اقتنص الحكم باستبداد ربما فاق محمد علي وعائلته، ويكفي أن ما كان لمصر من مكانة وإمكانيات في عهد فارق تواطأ على إفنائه جميع رؤساء مصر من بعده إلا الراحل محمد مرسي.

5- حلاوة وجمال وحسن ما اعتقد كثير من المصريين أنه انتصار ثوري شعبي في 2011م أنساهم أنه ما من ثورة حقيقية مصرية ناجحة خاصة عبر التاريخ الحديث نجحت؛ اللهم إلا ما كان من مقومات ثورية لم تكتمل ولم يكتب لها التوفيق في 1919م.

6- لم يراجع أحد نفسه على النحو الكافي منذ 11 من شباط/ فبراير 2011م حتى 3 تموز/ يوليو 2013م وقد كانت فترة العام ونصف العام تقريباً كافية، إن أحسن استغلالها من جانب جميع القوى الوطنية كافية لتدبر الواقع جيداً، وإحسان قراءة ما حدث خلال أحداث الثورة لتحديد كيفية استمرارها والانتصار على نفوس الأشقاء الوطنيين الثوريين/ الفرقاء، بدلاً من التخبط ومحاولة كل فصيل سياسي بسط نفسه وهيمنته على المشهد، وما كان الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل بدعاً لو وجد مَنْ يؤمن برؤيته وحسن قراءته للمشهد -خفف الله عنه- بدلاً من اتهامه قبل 3 تموز/ يوليو بساعات بالتوهم والخوف مما لا يحدث على أرض الواقع.

7- مشهد 25 يناير بكامله كان حلماً جميلاً فاق ما يمكن أن تحدثه 18 يوماً، وأسس في المقابل أبجدية ليوتيوبيا غريبة غزت حياة المصريين ووصلت ببعض محبيها لتخيل واقع موازٍ يمكن عبره الحكم دائماً والانتصار في معارك هم فيها مفتوحو الصدر أمام أسلحة لا طاقة ولا قِبل لهم بتحملها.

لغياب الوعي الثوري لم يتم تأسيس منهج لعمل مناسب خلال عام حكم الجماعة، فضلاً عن أن الأخيرة لم تقنن أو تحاول أن تستوعب هل تسير على نهج المؤسس من كونها إصلاحية، أم أنها أبدلت المسار فصارت ثورية، وهو خطأ فادح شاركت فيه القوى السياسية بدرجات إذ لم تتعرف على كينونتها وهل هي معارضة للجماعة أم للظلم والاستبداد اللذين عانت البلاد منهما لقرون، ولعدم تحديد المحالف من المُعادي لجأت الأطراف جميعاً للمجلس العسكري والجنرال
8- لعدم تأسيس قراءة جيدة للواقع واستنباط دروس الماضي تم الإقرار في الأذهان أن واقع ما بعد 11 شباط/ فبراير 2011م هو الأصل والأساس المستمر أبد الدهر، وهي فرضية انطلقت منها مئات الآلاف من المقولات وافتراض أحداث، وكم طافت بمصر مقولات مثل هذه قادمة من الخارج أو الداخل ويعيش منها كثيرون باسم الألم والخيبة، وأحياناً "المخدرات الفكرية".

9- ولغياب الوعي الثوري لم يتم تأسيس منهج لعمل مناسب خلال عام حكم الجماعة، فضلاً عن أن الأخيرة لم تقنن أو تحاول أن تستوعب هل تسير على نهج المؤسس من كونها إصلاحية، أم أنها أبدلت المسار فصارت ثورية، وهو خطأ فادح شاركت فيه القوى السياسية بدرجات إذ لم تتعرف على كينونتها وهل هي معارضة للجماعة أم للظلم والاستبداد اللذين عانت البلاد منهما لقرون، ولعدم تحديد المحالف من المُعادي لجأت الأطراف جميعاً للمجلس العسكري والجنرال.

10- تمادى الجميع عدا الجنرالات وفلول الراحل المخلوع الرئيس حسني مبارك في الانطلاق من افتراضات عقلية ومنطقية لا يؤيدها واقع من أن الشعب الذي اختار الرئيس المخلص مرسي سيحميه، متناسين أنه فاز بأغلبية بسيطة، وأن القوى الناعمة المعتادة التي لم تعرف الطريق للقوة والسلطة تعامل في دولنا -للأسف- على أنها مغلوبة على أمرها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الثورة الوعي مصر الإنقلاب الإخوان الثورة الوعي مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

لا تخضعوا لجيش أعاد الدواعش إلى المشهد

إن الحديث عن "الانتصارات العسكرية" في الخرطوم وما جاورها لا يمكن أن يُقرأ بمعزل عن السياق العام للحرب التي تمزق السودان. إنها حرب عبثية، لم تنطلق بدوافع وطنية أو سياسية رشيدة، بل جاءت لتدشين صراع دموي على السلطة بين طرفين عسكريين لا يعيران أدنى اهتمام بحياة السودانيين أو آمالهم في الحرية والسلام.
إن دخول الجيش إلى مناطق كان يسيطر عليها الدعم السريع ليس نصراً وطنياً بأي معيار منطقي. هو مجرد تبديل بين قوى استبدادية، تُحمّل الشعب أعباء الخراب والدمار الذي خلفته هذه الحرب. المليشيات التي كانت أداة النظام الإسلاموي في فرض سطوته خلال السنوات الماضية، تحولت إلى عدو داخلي بسبب طموحها السياسي، والآن، بعودة الجيش إلى الواجهة، نرى نفس القوى الإسلاموية تظهر مجددًا وكأنها "منقذ" الشعب، بينما هي السبب الأول في هذه الكارثة الوطنية.
رمزية "النصر الإعلامي"
النصر الذي يروج له الجيش الآن لا يتجاوز كونه انتصارًا رمزيًا وإعلاميًا. الترويج للسيطرة على حي أو مدينة وسط مشاهد الخراب والدمار لا يمكن أن يكتسب أي معنى إيجابي. فالشعب الذي يهرب من تحت الأنقاض، أو يعود إلى منازل مدمرة، أو يعاني انقطاع الخدمات الأساسية، لا يرى أي فرق بين انسحاب الدعم السريع أو تقدم الجيش.
إن إدخال "الدواعش" والمليشيات الإسلامية إلى قلب المشهد العسكري يعد إهانة للثورة والثوار، الذين ناضلوا من أجل دولة مدنية تحترم حقوق الإنسان وتقوم على أسس المواطنة المتساوية. كيف يمكن أن يقبل الثائرون بدخول عناصر متطرفة إلى مناطقهم تحت راية الجيش؟ هؤلاء الذين جزوا الرؤوس وبقروا البطون في دارفور واحتفلوا بتدمير قرى بأكملها، يعودون الآن بصفتهم "محررين"!
تساؤلات المواطن المنكوب
من حق المواطن السوداني أن يسأل , لماذا تحول جيشنا إلى طرف في معادلة الصراع بدلاً من أن يكون حامياً للوطن؟
لماذا استخدم سلاح الدولة، الذي تم تمويله من قوت الشعب، في تدمير المدن وقتل الأبرياء؟
لماذا يصر الجيش على استخدام المليشيات الإسلامية التي كانت شريكاً مباشراً في جرائم الحرب؟
إن هذه التساؤلات تكشف الحقيقة المرة: الحرب الحالية ليست إلا نتيجة للفساد العميق والخلل البنيوي في المنظومة العسكرية، التي تأسست لخدمة أجندة الإسلاميين على حساب الدولة والمواطن.
مستقبل محفوف بالمخاطر
حتى إذا توقفت هذه الحرب، فإن أسبابها ستظل قائمة إذا لم تتم معالجة جذورها. من فساد المؤسسة العسكرية، إلى تعدد الجيوش والمليشيات، إلى غياب الرؤية السياسية لبناء دولة المواطنة، فإن السودان يظل معرضاً لحروب جديدة.
لن يوقف هذا العبث إلا وعي شعبي جامع يرفض الاصطفاف خلف أي طرف عسكري، ويرفض استغلال الدواعش والإسلامويين كأدوات للهيمنة. الشعب الذي صنع ثورة ديسمبر بصدور عارية لن يخضع لمن يريد إعادة عجلة الزمن إلى الوراء.
لن يأتي النصر الحقيقي إلا عندما تصبح الحرية والسلام والعدالة هي القيم الحاكمة، وعندما يعود الجيش ليكون مؤسسة مهنية خالصة تخدم الوطن بدلاً من أن تكون أداة للقمع والاستبداد.
لا تخضعوا للدعاية الزائفة، فالشعب هو القائد والمعلم والذي يملك السلطة ولن تنالوا منا غير االقصاص منكم والانصراف لبناء دولة المواطنة والقانون .

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • محمد صبحي يكشف عن المشهد الذي يرفض تقديمه في أعماله!
  • لا تخضعوا لجيش أعاد الدواعش إلى المشهد
  • شاهد | طوفان العودة في لبنان وفلسطين.. دلالات تفوق المشهد
  • مشاهد العودة وروعة التفاصيل
  • بالأسماء.. جامعة كفر الشيخ تعلن نتائج مسابقة الأبحاث الاجتماعية
  • الانتهاء من تنفيذ مشروع سكن لكل المصريين بمدينة ٦ أكتوبر نهاية 2025
  • رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر: تنفيذ 3216 وحدة بمساحات مختلفة ضمن «سكن لكل المصريين»
  • التطورات الجنوبية تقلب المشهد الحكومي
  • المشهد القادم أكثر لطفا !..
  • بقيادة صلاح ومرموش.. تألق المحترفين المصريين في الدوريات الأوروبية