الذين عاشوا لحظة العبور أفضل من عبّروا عنها

 

لن نجد أفضل من الكلمات التى خرجت أيام النصر.. نصر أكتوبر، من قلوب الشعراء والفنانين، الذين عاشوا تلك اللحظات بكل ما تحملها من معنى، مهما كتب الصحفيون والأدباء والشعراء الآن، لن يتمكنوا من صياغة جملة واحدة تعطى هذا النصر حقه، كما فعل رموز الأغنية الذين عاشوا اللحظة أولاً بأول، لحظة العبور المجيد والنصر العظيم.

لذلك عندما فكرنا فى الاحتفال بالذكرى الـ50 لهذا النصر العظيم وجدنا أن الأفضل نحتفى بكلمات التى سطرها هؤلاء الكبار، حتى يذكرهم التاريخ فى تلك اللحظة التى نحتفل نحن جميعا باليوبيل الذهبى لانتصارات أكتوبر المجيدة، من يعبر أفضل من الذين ألهمهم النصر وقتها، الآن نحن نكتب عن ذكرى لكنهم وقتها كتبوا عن واقع عاشوه لحظة بلحظة، كل منزل كان به ممثل على الجبهة جندى من جنود مصر، لذلك كان الإلهام وصدق المعنى والإحساس بالحدث أمر ليس له مثيل نعم كُتبت أغانٍ عن النصر، لكنها لم تكن بنفس صدق الإحساس، هل مَن سمع عن النصر، مثل الذى عاشه على أرض الواقع؟ بالتأكيد الإحساس مختلف. لذلك سوف نرصد لحظة ممن عاشوها. 

من حسن الطالع أن تكون الحلقة الخمسون من كتاباتى عن الفنان المصرى عمره 7 آلاف سنة.. عن أغانى أكتوبر الخالدة.

(1)

بسم الله الله أكبر بسم الله بسم الله.. بسم الله أذن وكبر بسم الله بسم الله 

نصرة لبلدنا بسم الله بسم الله.. بإيدين ولادنا بسم الله بسم الله 

وأدان ع المدنة بسم الله بسم الله.. بيحيى جهادنا بسم الله بسم الله 

الله أكبر أذن وكبر.. وقول يا رب النصرة تكبر

تلك كانت صيحة جنود مصر البواسل على الجبهة «الله أكبر».. وهو الهتاف الذى بدأ به عبدالرحيم منصور كلمات النشيد وترجم أحاسيسها موسيقيا الراحل بليغ حمدى، وهى أسرع ما كتب ولحن فى تاريخ الأغانى المصرية، حتى أن تلحينها تم داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون فى ماسبيرو، ليلتقطها أثير الإذاعة، وتذاع عبر الراديو والتليفزيون، موثقة للحظات العبور الأولى، بالتزامن مع بيان العبور من القوات المسلحة والإعلان للمصريين عن تحطيم خط بارليف، انطلق بليغ حمدى قاصدا مبنى الإذاعة، حاملا معه عوده الخاص به، بعد أن أجرى اتصالا هاتفيا بالشاعر عبدالرحيم منصور طالباً منه أن يلحق به لوضع أغنية العبور، ومثلما كان العبور ملهما، كان الشارع المصرى ملهما أيضاً للشاعر والملحن، حيث خرج المصريون فى الشارع يهتفون مع جنودهم على الجبهة «الله أكبر الله أكبر» لتلتقط أذن الشاعر وعود الموسيقار الإلهام الشعبى، وينتجان معاً واحدة من أعظم أغنيات النصر فى التاريخ المصرى. 

دخول بليغ إلى مبنى الإذاعة لم يكن بالأمر السهل، حيث كان المبنى يخضع لإجراءات أمنية مشددة، وبحسب العديد من الروايات وشهود العيان، فقد تم منع الموسيقار الراحل من دخول المبنى، لكنه تمسك بالدخول ورفض كل التهديدات والمحاولات لمنعه من الدخول، بل وهدد بكسر زجاج الأبواب ليتمكن من الدخول، فما كان من القائمين على المبنى وقتها سوى إبلاغ وزير الإعلام وقتها عبدالقادر حاتم بالأمر، الذى تلقى ما أبلغ به بتقدير حماس بليغ، وأمر بالسماح له بالدخول، وتذكر روايات الواقعة أن الموسيقار الراحل لم ينتظر مصعد ماسبيرو، وصعد على قدميه إلى الدور السابع، حيث استوديو 64 الذى شهد ميلاد الأغنية. 

حين انتهى وضع الكلمات ووضع اللحن، لم يكن قد اختير بعد من سيؤدى الأغنية، وبسبب الإجراءات الأمنية المشددة لمبنى ماسبيرو، والذى منع دخول المطربين، فقرر بليغ حمدى جمع العمال والموظفين بالمبنى، ودربهم على أداء الأغنية، التى خرجت إلى الجماهير المصرية بأصوات غنت من قلبها وليس حناجرها.

(2)

ثانى تلك الأغانى التى دائما تتردد مع كل المناسبات الوطنية والتى تعتبر أيقونة نصر أكتوبر «بلادى السمرا أو أنا على الربابة بغنى». 

الكلمات عبدالرحيم منصور

الألحان بليغ حمدى 

الغناء وردة الجزائرية

تقول كلمات الأغنية التى عبر بها الشاعر عن إحساسه عندما سمع بيان العبور واقتحام خط بارليف. 

حلوة بلادى السمرا بلادى الحرة بلادى.. وأنا على الربابة بغنى ما أملكش غير أنى أغنى 

وأقول تعيشى يا مصر.. وأنا على الربابة بغنى وأقول 

ما أملكش غير غنوة أمل للجنود.. أمل للنصر.. ليكى يا مصر ليكى يا مصر 

حلوة بلادى 

وأنا على الربابة بغنى 

وأبارك كل خطوة أتعدى عالطريق الصعب.. يا مصر.. وأنا على الربابة بغنى 

وبغنى غنوة الحرية قول معايا يا شعب.. تحيا مصر تحيا مصر 

حلوة بلادى

وانا على الربابة بغنى عدى وأغنى.. وإيه ح اكون جنب عشاقك يا مصر 

وانا على الربابة بغنى.. وانت اللى ما بتنسيش شهيد هدر بدمه على التراب لمصر 

فداك يا مصر فداك يا مصر 

حلوة بلادى. 

(3)

عاش اللى قال 

أما أغنية «عاش اللى قال» كلمات محمد حمزة، وألحان بليغ حمدى، وغناء العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، حيث تحمس العندليب لتقديم تلك الأغنية بعد النصر، فاختار كلمات محمد حمزة، ووجد أن الأنسب لتلحينها هو بليغ حمدى، الذى قدم بالفعل وبدأت البروفات فى منزل عبدالحليم بالزمالك، فضلاً عن مشاركة مجموعة من الكورال بتوصية من بليغ، وبعد تسجيل الأغنية علم السادات أن اسمه يردد ضمن كلمات الأغنية وهذا ما رفضه، ليضطر عبدالحليم لتسجيل الأغنية مرة أخرى وإعادة إذاعتها مرة أخرى. 

عاش اللى قال الكلمة......... بحكمة وفى الوقت المناسب 

عاش اللى قال لازم............ نرجع أرضنا من كل غاصب 

عاش العرب اللى فى ليلة......... أصبحوا ملايين تحارب 

عاش اللى قال............ للرجال عدوا القنال 

عاش اللى حول............ صبرنا حرب ونضال 

عاش اللى قال............ يا مصرنا مافيش محال 

عاش ليكى ابنك............ عاش اللى حبك 

رد اعتبارك خلى............ نهارك.. أحلى نهار 

(4)

رايات النصر 

كلمات نبيلة قنديل 

الحان على إسماعيل

غناء المجموعة

كانت أغنية «رايات النصر» من أشهر الأغانى التى تعبر عن حرب أكتوبر وانتصار الجيش المصرى، كتبت كلماتها الشاعرة نبيلة قنديل ولحنها زوجها على إسماعيل، وكانت الأغنية جاهزة قبل عام من حرب أكتوبر لتعرض فى فيلم «العصفور» للمخرج يوسف شاهين، ولكن شاهين قدمها للإذاعة بعد انتصار أكتوبر، قائلًا: «نصر أكتوبر عندى أهم من الفيلم». 

رايحين رايحين.. شايلين فى إيدنا السلاح 

راجعين راجعين.. رافعين رايات النصر 

سالمين سالمين.. حالفين بعهد الله 

نادرين نادرين.. واهبين حياتنا لمصر 

باسمك يا بلدى.. حلفنا يا بلدى 

جيشك وشعبك يرد التحدى 

ارضك وزرعك.. شمسك وقمرك 

شعرك ونغمك.. نيلك وهرمك 

بدمى أفادى وأصد الأعادى 

وأفدى بروحى عيونك يا مصر 

رايحين رايحين شايلين فى إيدنا سلاح 

راجعين راجعين.. رافعين رايات النصر 

سالمين سالمين.. حالفين بعهد الله 

نادرين نادرين.. واهبين حياتنا لمصر 

شرفك يا بلدى.. وعزك كرامتك 

يا غالية ده حقك.. أمانة فى رقبتى

حبك وسحرك ليلك وكرمك فى نخلك وطرحك 

فى صبرك وسهرك 

فى صحوى حانادى وفى استشهادى حاسجل نشيدى فى تاريخك يا مصر 

(5)

عبرنا الهزيمة 

كلمات عبدالرحيم منصور

ألحان بليغ حمدى

غناء شادية 

قدمت شادية أغنية «عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة» والتى تقول:

عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة.. باسمك يا بلادى تشتد العزيمة 

باسمك يا بلادى عدينا القنال.. باسمك يا بلادى خطينا المحال 

باسمك يا حبيبتى.. مصر يا حبيبتى.. خطينا المحال 

باسمك يا حبيبتى هاسمى الحرية 

باسمك يا حبيبتى هاسمى النضال 

 هاسمى الشجاعة واسمى الآمال. 

(6)

أم البطل

كلمات نبيلة قنديل

ألحان على إسماعيل

غناء شريفة فاضل

جاءت فكرة الأغنية لما سيطر الحزن عليها، بعد استشهاد ابنها فى حرب أكتوبر طلبت من صديقتها الشاعرة نبيلة قنديل، أن تكتب أغنية عن أم بطل، وكانت تقصد بها كل الستات اللاتى فقدن أبناءهن الأبطال فى الحرب، أو الذين عاشوا وشاركوا فى صنع النصر خصوصاً أن كل الأغنيات كانت تتغنى للحرب. 

وتحدثت الراحلة شريفة فاضل عن كواليس تلك الأغنية فى حوار لها، سألتها الشاعرة نبيلة قنديل، المطربة شريفة فاضل: هل أكتبها عن أم شهيد؟ ردت: لا، أريدها أن تصل لأمهات كل الأبطال الذين شاركوا فى حرب أكتوبر، من استشهد منهم ومن نجا، دخلت نبيلة أوضة ابنى الشهيد، لعدة دقائق، وخرجت وفى يدها ورقة بكلمات الأغنية، اللى هزتنى بشدة، وشعرت بأنها تعبر عنى بالفعل، بس طلبت منها تعديل شطرة: «بيضربوا بيك المثل»، رأيتها غير مناسبة، لكن الشاعرة نبيلة تمسكت بيها ووقتها كان زوجها، الملحن على إسماعيل، حاضراً معنا، فأخذ الكلمات وتوجه لمنزله، وعاد اليوم التالى بلحن شديد الإتقان، لم أطلب تعديل جملة موسيقية واحدة، وفى اليوم التالت كنت بماسبيرو لتسجيلها، فرحب «بابا شارو»، رئيس الإذاعة وقتها، بالأغنية وأمر بدخولى الاستوديو فورا. 

ابنى حبيبى يا نور عينى.. بيضربوا بيك المثل 

كل الحبايب بتهنينى.. طبعا ما أنا أم البطل 

يا مصر ولدى الحر.. اتربى وشبع من خيرك 

اتقوى من عظمة شمسك.. اتعلم على إيد أحرارك 

اتسلح بإيمانه واسمك 

شد الرحال.. شق الرمال.. هز الجبال.. عدى المحال 

زرع العلم.. طرح الأمل.. وبقيت أنا.. أم البطل 

ابنى حبيبى يا نور عينى.. بيضربوا بيك المثل 

كل الحبايب بتهنينى.. طبعا م أنا أم البطل 

يا مصر ولدى الحر.. 

العالم وصلت اخباره.. لشجاعته وتحريره لأرضه 

اتلموا اخواته وأعمامه.. من كل بلد عربى جنبه 

الكل قال باسم النضال.. وقفه رجال صدق اللى قال 

زرعوا العلم.. طرحوا الأمل 

وبقيت أنا.. أم البطل 

ابنى حبيبى يا نور عينى.. بيضربوا بيك المثل 

كل الحبايب بتهنينى.. طبعا م أنا أم البطل 

يا مصر.. ده أنا أم البطل 

(7)

سمينا وعدينا 

كلمات علية الجعار

ألحان عبدالعظيم محمد 

غناء شهرزاد

أغنية «سمينا وعدينا» والتى تقول: 

جمعنا كل قوتنا وساندتنا عروبتنا 

وسمينا وعدينا وإيد المولى ساعدتنا 

وسمينا وعدينا وشقينا طريق النصر 

وإيد المولى ساعدتنا ورجعنا إبتسامة مصر 

وشقينا طريق النصر.. ورجعنا ابتسامة مصر 

خيوط الفجر بتنور.. وكل الشعب بيكبر 

وفى رمضان وبالإيمان أراضينا بتتحرر 

وسمينا وعدينا وشقينا طريق النصر 

وإيد المولى ساعدتنا ورجعنا ابتسامة مصر 

وشقينا طريق النصر.. ورجعنا ابتسامة مصر. 

(8)

دولا مين

كلمات أحمد فؤاد نجم

ألحان كمال الطويل

غناء سعاد حسنى 

«دولا مين ودولا مين» واحدة من أجمل الأغنيات التى قدمت بمناسبة السادس من أكتوبر، حيث قدمتها فى حفل على مسرح الجلاء. 

تقول كلماتها، دولا مين ودولا مين دولا عساكر مصريين 

دولا مين ودولا مين دولا ولاد الفلاحين 

دولا الورد الحر البلدى.. يصحى يفتح اصحى يا بلدى

دولا خلاصة مصر يا ولدى.. 

دولا عيون المصريين دولا مين ودولا مين

دولا القوة ودولا العز.. يهدوا الغالى مهما يعز 

هز يا دفعه هلالك هز..

وإحنا وراك ملايين جايين 

دولا اخواتنا ودولا بنينا.. 

دولا الأمل اللى مخلينا دولا المجد اللى يعلينا

فوق الجرح نعود سالمين دولا يا سينا ولاد الشهدا

دولا التار لا ينام ولا يهدا خلى ترابك يسكن يهدا.. 

 طول ما بهية بحضن ياسين.

(9)

يا حبيبتي يا مصر 

رغم أن تلك الأغنية قدمت عام 1971، لكن خلال لحظات النصر تم استدعاؤها، خاصة أنها قدمت خلال حرب الاستنزاف مع إسرائيل. 

الأغنية خرجت من جلسة بين الثلاثى الشاعر محمد حمزة والملحن بليغ حمدى، فقد سمع حمزة بليغ يقول يا حبيبتى يا مصر، فالتقط الجملة وقام بكتابة الأغنية كاملة ولحنها بليغ أيضاً فى تلك الجلسة. 

غناء: شادية

الملحن: بليغ حمدى 

المؤلف: محمد حمزة

يا أحلى البلاد يا بلادى..فداكى أنا والولاد يا بلادى 

يا حبيبتى يا مصر يا مصر.. يـــــــــا مصر 

ما شافش الأمل فى عيون الولاد.. وصبايا البلد 

ولا شاف العمل سهران فى البلاد.. والعزم اتولد 

ولا شاف النيل فى أحضان الشجر.. ولا سمع مواويل 

فى ليالى القمر.. أصله معداش على مصر 

يا حبيبتى يا مصر يا مصر.. يا بلادى يا أحلى البلاد يا بلادى 

فداكى أنا والولاد يا بلادى.. بلادى 

ما شافش الرجال السمر الشداد.. فوق كل المحن 

ولا شاف العناد فى عيون الولاد.. وتحدى الزمن 

ولا شاف إصرار فى عيون البشر.. بيقول أحرار ولازم ننتصر 

أصله معداش على مصر.. يا حبيبتى يا مصر يا مصر. 

(10)

أحلف بسماها وبترابها 

غناء: عبدالحليم حافظ 

إنتاج: 1967 

الملحن: كمال الطويل 

المؤلف: عبدالرحمن الأبنودى 

رغم أن هذا العمل أيضاً تم غناؤه بعد نكسة 67 إلا أن الشعب استدعاه مع لحظات النصر. 

أحلف بسماها وبترابها 

أحلف بدروبها وأبوابها.. أحلف بالقمح وبالمصنع 

أحلف بالمدنة والمدفع.. بأولادى بأيامى الجاية 

ما تغيب الشمس العربية.. طول ما أنا عايش فوق الدنيا.

وهناك العديد من الأغنيات الرائعة الأخرى التى عبرت عن النصر منها «لفى البلاد يا صبية» و«صباح الخير يا سينا» و«الفجر لاح» لعبدالحليم، و«ع البر التانى» لنجاة، و«من باب الفتوح» لنجاة، و«صباح النصر» لفايزة أحمد، و«رايحة فين يا عروسة» لشادية، و«بالأحضان يا سينا» للمجموعة.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نصر أكتوبر الذكرى الـ50 بليغ حمدى وردة الجزائرية عبدالحليم حافظ شادية أم البطل شريفة فاضل كمال الطويل بسم الله بسم الله نصر أکتوبر حرب أکتوبر محمد حمزة الله أکبر بلیغ حمدى

إقرأ أيضاً:

د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز

11 عاماً مضت على ثورة 30 يونيو، إذا أردت لها وصفاً دقيقاً فإنها سنوات التحدى والإنجاز، منذ اللحظة الأولى كانت التحديات فوق الاحتمال، فقد تربص أبالسة الشر بتلك الثورة المباركة المؤيدة من الله تعالى، تربصوا بها رغبة فى عرقلتها ووقف مسيرتها.

وكلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله تعالى بقدرته، فهم يجهلون أنهم يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين، كما أنهم يجهلون أن الله من ورائهم محيط، لذلك وجدنا التحديات تتوالى والنصر من الله لعبور التحديات لا يتوانى، وهذا ما أفقدهم صوابهم وشتت جمعهم وأفقدهم البصيرة والبصر، فلم يجدوا سوى الأكاذيب الممزوجة بالشبهات حتى يخدعوا البسطاء بدعواهم التى يفوح منها الكذب، لكنهم يخادعون الله وهو خادعهم.

ولأن فطرة المصريين نقية فلم تنطلِ عليهم تلك الأكاذيب، ووقفوا وراء دولتهم ومؤسساتهم الوطنية الصادقة بالتأييد فى أصعب الظروف، وتحمّلوا التحديات والصعاب سعياً إلى تحقيق الإنجاز الذى يليق بمقام مصر ومكانتها بين دول العالم والمنطقة بتاريخها ومقامها وأزهرها الشريف وعلمائها والبركة والنور الإلهى الذى اصطفاها الله تعالى به منذ خلق الأرض ومن عليها.

كنت أول المؤمنين أن الإخوان لن يكملوا عاماً واحداً فى مكانهم، فكما أن الحق عليه دلائل فإن الباطل لدى العقلاء معروف، وعندما تتعرض لحادثة من الحوادث غير المنطقية فعليك بقراءة التاريخ وربطه بعلوم الطبائع البشرية وعادات وأخلاق الشعوب، وإذا حققت تلك المقدمات فإن النتائج تصل بك إلى يقين أن شعب مصر معدنه طيب أصيل يأبى التحزب ويرفض التناحر الطائفى.

ولذلك عندما جاء الإخوان بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر من الحقد والغل والبغضاء وتصفية الحسابات وإرهاب المخالفين، كانوا يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يخطر على بال عاقل، أرادوا مصر ولاية إرهاب.

لكن الصالحين من أبنائها أعلنوا النفير العام ضد المستعمرين الذين يتخذون الدين مطية لتغييب العقول، ولأنهم كذبوا على ربهم لذا فإن الله تعالى كشف للناس باطلهم، ولم تمض السنة العجفاء التى تولوا فيها حكم مصر حتى جاء نصر الله والفتح بتلك الثورة المباركة التى قام بها شباب وحمى ظهرهم جيش لا يتأخر عن تلبية نداء شعبه للدفاع عن أرضه ضد الاختطاف الداخلى أو العدوان الخارجى.

منذ جاءت هذه الجماعة المنحرفة إلى الحكم أيقنت أنهم سيصابون بحالة من الفصام فى بداية الأمر، حيث يقولون شيئاً ويفعلون نقيضه تماماً، يحاولون مخادعة الناس بابتسامات صفراء، لكن يجهلون أن صفحات الوجوه كاشفة لبواطن القلوب، لذا فإنهم حرصوا على التمكين لأذنابهم فى جميع المؤسسات، ووقتها تحدث الإعلام عن منهجيتهم فى أخونة الدولة.

وبدأوا فى الإعداد للسيطرة على مفاصل العملية السياسية فى الدولة من خلال إنشاء حزب الحرية والعدالة وتدشين مقرات له بالمراكز والمحافظات، وتحققت لهم الأغلبية الكاسحة فى مجلس النواب، وبدأوا تصفية الحسابات مع الجميع، وأنا من جملة من حاولوا تصفيتهم جسدياً، وكان ذلك يوم جمعة، خير يوم طلعت عليه الشمس، وأثناء توجهى لأداء الصلاة بمسجد فاضل، المجاور لمسكنى.

ورغم أننى أجلس مستمعاً لأحد الأبناء يؤدى خطبة الجمعة، فإننى فى ذلك اليوم حرصت على صعود المنبر لأداء خطبة الجمعة لأعلمهم أننى جندى فى صفوف المصريين الشرفاء الذين لا يخافون فى الحق لومة لائم، وهذه الطباع الإرهابية كشفت للمجتمع مدى تأصل تلك الجماعة وأذنابها فى العنف، وأنهم لا يراعون فى مؤمن إِلَّاً ولا ذمة.

ولا يؤمنون بحرمة الدماء ولا الأعراض، وأذكر أن من جملة الأسباب التى جعلت الشيخ الشعراوى، رضى الله عنه، يعدل عن المضى فى طريقهم بعدما حاول حسن البنا احتواءه، أنه رأى بعينيه عبدالرحمن السندى، مؤسس الجناح العسكرى لجماعة الإخوان، يعتدى على حسن البنا بالدفع حتى كاد أن يسقط نتيجة خلافهما على دعم النحاس باشا أو إسماعيل صدقى فى الانتخابات، ووقتها أذكر كلام الشيخ الشعراوى بأنه علم أن تلك الجماعة هدفها الحكم وليس الدعوة، وأنهم لا علاقة لهم بالإسلام من قريب أو بعيد.

الحق دائماً تتم محاربته، ومن قرأ التاريخ جيداً يعلم أن دعوات الحق واجهها أهل الباطل بكل ما يستطيعون إليه سبيلاً من تكذيب وافتراءات حتى وصلت إلى الدماء، وحينما نطالع السيرة النبوية نجد عجباً عجاباً من اتهامات وتشنيع على خير خلق الله تعالى، وحينما لم يجدوا سبيلاً فى صده عن الدعوة التى يحملها ويؤمن بها قرروا التخلُّص منه صلى الله عليه وسلم.

واتفقوا على ضربه ضربة رجل واحد حتى يتفرق دمه بين القبائل، لكنهم جهلوا حقيقة «والله يعصمك من الناس»، وهذه العصمة الإلهية ثابتة فى حق أصحاب الدعاوى وحاملى مشاعل التنوير، وهذا لا ينفى أن هناك من دفعوا أرواحهم ثمناً، والتاريخ القديم والحديث ملىء بأمثال تلك النماذج، أبرزهم فى تاريخنا الحديث فضيلة الشيخ محمد حسين الذهبى حينما واجه جماعة التكفير بالفكر.

لكن الفكر يزعجهم لأن بضاعتهم كاسدة قليلة لا تتفق مع العقل المستقيم ولا الفطرة السوية، لذلك قرروا الهجوم على بيته ليلاً واختطافه وسط أبنائه، وتصفيته جسدياً، والعجيب فى تلك الحادثة أنهم بعدما اختطفوا الشهيد الذهبى طالبوا بعدة مطالب مثل الإفراج عن أتباعهم والحصول على مبلغ مالى قدروه وقتها بنحو 200 ألف جنيه، لكن الغريب مطالبتهم أن تقوم الصحافة المصرية بتجميل صورتهم ونشر كتاب شكرى مصطفى «الخلافة» على حلقات.

وعندما لم تتم الاستجابة لمطالبهم قتلوه قاتلهم الله أنى يؤفكون، لذلك فإن سُنة الله ماضية بأن الحق يحاربه أهل الباطل، وسنظل نحاربهم لنحمى شبابنا وبلادنا ونحمى الناس أجمعين من شرهم، حتى نلقى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونُبلغه بأننا أدينا الأمانة التى حَمَّلنا إياها كاملة غير منقوصة.

هنا يجب التوقف عند نقطة محددة دفاعاً عن الإعلام، حيث تعرض الإعلام والإعلاميون لهجمة إخوانية شرسة نالت منهم ومن شرف مهنتهم، وقد دفع بعض الإعلاميين حياتهم فى ثورة الـ30 من يونيو مثل الحسينى أبوضيف والصحفية ميادة أشرف، وقد حاول وقتها الإخوان وأذنابهم أن يلصقوا التهمة بالثائرين عليهم رغبة فى تغيير دفة الريح، لكن تاريخهم الملىء بالدماء فضح كذبتهم، وكانت دماء هذين الإعلاميين بمثابة الوقود الحقيقى لثورة الـ30 من يونيو.

وأذكر أن الإخوان كانوا يتطاولون فى مهاجمة الإعلاميين بأوصاف نابية، ولأنهم يؤمنون بمبدأ: من ليس معنا فإنه علينا، لذا فإنهم يجهلون مفهوم رسالة الإعلام، فرسالة الإعلام كاشفة وليست منشئة، بمعنى أن الإعلام حينما يتعرض لوضع معين فإنه لا يختلقه وفق أسس الإعلام الصحيحة، وكما يصف الإعلاميون حقيقة منهج الرسالة الإعلامية بأنهم مرآة عاكسة لما تراه من جمال أو قبح.

وأن هذه الصورة التى تبدو فى مرآة الإعلام يفترض أنها بمثابة نقل الواقع بتفاصيله دون إضافات مدعومة بالغرض أو الهوى، وهذا ما حدث بالفعل فى وسائل الإعلام المصرية المقروءة والمسموعة والمرئية، فإذا كانوا يحاولون تكذيب الصحف والمواقع الإلكترونية بدعاوى الاختلاق، رغم أنهم فى دعواهم كاذبون، لكن دعنا نفترض جدلاً صدق دعواهم، فهل الاختلاق أيضاً فى اللقاءات التليفزيونية الموثقة بالصوت والصورة والحركة؟!

لذلك فإن الإعلام المصرى كان بمثابة الوقود الذى يُحرك المشاعر ويفتح بصائر المصريين على الواقع المأساوى الأليم الذى يلقونه حال استمرار تلك الجماعة فى حكمهم

مقالات مشابهة

  • جولة المملكة 2024.. موعد ومكان حفل عبد المجيد عبد الله
  • الجمهور يشيد بأغنية" قطر جيلك" لـ عمر كمال وحسن شاكوش
  • جولة المملكة 2024| موعد ومكان حفل عبد المجيد عبد الله
  • الوالد/ عماش بن غازي الصالحي رحمه الله تعالى
  • ملخص أحداث الحلقة الـ 17 من مسلسل "الوصفة السحرية"
  • «النيابة مستقلة وليست لعبة في يد الإخوان».. مصطفى بكري يروي موقفا حاسما للقضاة مع المعزول
  • خالد ميري يكتب: حكايتي مع «الإخوان»
  • المشير محمد علي فهمي.. بطل الدفاع الجوي وصانع النصر
  • د. علي جمعة يكتب: سنوات التحدي والإنجاز
  • لماذا أكتب.. ؟