صدمة في تل أبيب|كيف قام السادات بأكبر عملية خداع إستراتيجي في التاريخ
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
تعد حرب أكتوبر المجيدة، علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة، فقد تبارت فيها جميع التشكيلات والقيادات في أن تكون مفتاحا لنصر مبين، دفع فيه المصريين أثمانًا غاليةً من دمائهم الطاهرة، ليستردوا جزءًا غاليًا وعزيزًا من أرض الوطن، وهي سيناء.
حرب أكتوبر المجيدة لم تكن مجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها، وإنما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقة، فلقد تحدى الجيش المصري المستحيل ذاته، وقهرهُ، وانتصر عليه، وأثبت تفوقه في أصعب اللحظات التي قد تمر على أي أمة.
فقد كان جوهر حرب أكتوبر هو الكفاح من أجل تغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر ومن الظلام إلى النور ومن الانكسار إلى الكبرياء، فقد غيرت الحرب خريطة التوازنات الإقليمية والدولية.
غرفة عمليات حرب أكتوبرحرب أكتوبرفي السادس من أكتوبر عام 1973، كانت صيحات الله أكبر تزلزل قناة السويس، حينما عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة إلى الضفة الشرقية للقناة، لاستعادة أرض الفيروز من العدو الإسرائيلي، تكبد فيها العدو خسائر لا يمكن أن ينساها أبدًا، واستعاد المصريين معها كرامتهم واحترامهم أمام العالم.
حرب السادس من أكتوبرفلقد علّمنا نصر أكتوبر العظيم أن الأمة المصرية قادرةٌ دومًا على الانتفاض من أجل حقوقها وفرض احترامها على الآخرين، تعلمنا في حرب أكتوبر أن الحق الذي يستند إلى القوة تعلو كلمته وينتصر في النهاية، وأن الشعب المصري لا يفرط في أرضه وقادرٌ على حمايتها.
نصر أكتوبرواليوم، تمُر علينا الذكرى الخمسين على نصر السادس من أكتوبر عام 1973، فقد حققت مصر في حرب أكتوبر معجزة بكل المقايس، ستظل خالدة في وجدان الشعب المصري وفي ضمير الأمة العربية، وقام جيل حرب أكتوبر برفع راية الوطن على ترابه المقدس، وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ في النصر العظيم.
حرب أكتوبرسيناءسيناء، الأرض المقدسة، تلك الأرض التي تجلى عليها رب العزة وأقسم بها، مر الأنبياء عليها، وزادها الله قدسية على قدسيتها، فهي الأرض المباركة والبقعة الغالية على قلب كل مصري، كما أنها المفتاح لموقع مصر العبقري في قلب العالم بقاراته وحضاراته، وهي محور الاتصال بين آسيا وأفريقيا وبين الشرق والغرب.
لقد قُدر لمصر، بحكم موقعها الجغرافي ومكانتها، أن تُصبح قبلة العالم على مدار التاريخ، فمصر "المكان – والمكانة"، تتوسط العالم وتربط قاراته ببعضها البعض، ما جعلها محط أنظار الجميع، وأن من يسيطر على مصر، فقد سيطر على قلب العالم أجمع.
سيناءونتيجة لموقعها الجغرافي، سعت العديد من الدول لاحتلال مصر، لتستغل موقعها، ولتتحكم في كل شيء، إلا أنها كانت عصية على الانكسار، قوية في الدفاع عن أرضها وترابها المقدس، وكان المدخل الرئيسي لأي مُحتل يريد أن يقوم باحتلال مصر، هي سيناء، الأرض التي ضحى من أجلها عشرات الآلاف على مدار التاريخ، وذلك لحمايتها وصونها من المخططات والمؤامرات، التي تحاك ضدها بصفة مستمرة.
والمعروف عن سيناء أنها البوابة الشرقية لمصر، وحصن الدفاع الأول عن أمن مصر وترابها الوطني، وهي البيئة الثرية بكل مقومات الجمال والطبيعة والحياة، فهي التاريخ العريق الذي سطرته بطولات المصريين وتضحياتهم الكبرى لحماية هذه الأرض.
نصر أكتوبر 73 خطة الخداع الإستراتيجىلقد كانت حرب السادس من أكتوبر عام 1973، المعنى الحقيقي للحديث الشريف أن "الحرب خُدعة"، فقد قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بأكبر عملية خداع إستراتيجي، قام بها أي رجل "سياسي – عسكري" في تاريخ البشرية دون مبالغة، حيث نجحت القيادة السياسية ممثلة فى السادات والقوات المسلحة والمخابرات العامة وأجهزة الدولة فى عملية خداع استراتيجي للداخل قبل الخارج، خاصة فى الفترة التى سبقت الحرب.
وقد تم اتخاذ مجموعة من الخطوات التى كانت تهدف إلى تضليل العدو الإسرائيلي قبل حرب أكتوبر 1973، وكان أهمها؛ أن الرئيس السادات والجيش المصري، لا يفكرون في الحرب على الإطلاق، واستمرار الوضع على ما هو عليه، وهو "اللاحرب واللاسلم".
وقد سجلت خطة الخداع الإستراتيجى أكبر مفاجآت الحرب وإنجازا ضخما خططت له المخابرات المصرية وشاركت فيه القيادة السياسية وعناصر المخابرات فى الداخل والخارج، وذلك للتغطية على استعدادات مصر للحرب ولإيهام العدو بأن الوقت مازال مبكرا جدا بالنسبة للمصريين حتى يخوضوا حربا.
ويوصف الخداع فى الحروب بأنه مجموعة من الإجراءات والأنشطة المنسقة والمخطط لها بعناية بالغة بغية إخفاء الحقائق التي من شأنها التأثير على مجريات الحرب، ومنعها من الوصول إلى الدول المعادية أو المتعاونة معها، وتوجيه ودعم تقديراتها وجهودها إلى اتجاهات زائفة تؤدي إلى قرارات تخدم الخطط الموضوعة ويهدف الخداع في الحرب والصراع المسلح إلى تمويه العدو عن خطة إعداد الدولة وإجراءاتها مع إخفاء فكرة إدارة الصراع المسلح وطبيعته.
كما اشتملت خطة الرئيس الراحل محمد أنور السادات الخاصة بـ الخداع الإستراتيجي، على إظهار ضعف مصر اقتصاديًا وعدم قدرتها على الهجوم، وإظهار حرصها على أن حل الأزمة يجب أن يكون سلميا، واشتمل الحل السياسي بإظهار قبول حالة اللاسلم واللا حرب والإعلان عن عدم الحسم أكثر من مرة ثم الخداع الإستراتيجي والتعبوي الإعلامي، مثل قرار وزير الحربية بزيارة ليبيا في توقيت معين.
الرئيس الراحل أنور الساداتالسادات يشرف على خطة الخداع الاستراتيجيقبل نشوب حرب أكتوبر المجيدة، أشرف الرئيس أنور السادات شخصيا على خطة التنسيق بين جهات عدة لتطبيق خطة الخداع، حيث تم نشر أخبار سلبية عن الوضع الاقتصادى وتصدير فكرة أن مصر لا يمكنها خوض أي معارك، وليس أمامها خيار آخر سوى القبول بحالة السلم، وعلى الصعيد السياسي تم إعداد خطة حرب بسيطة وشاملة بالتنسيق مع الجانب السوري، مع الأخذ فى الاعتبار إمكانية أحداث أي تغيير مع بداية الحرب مباشرة.
تسريح 30 ألف مقاتل مصري ورفع درجة الاستعداد في القواعد الجويةكما صدر فى يوليو 1972 قرار بتسريح 30 ألفا من المجندين منذ عام 1967، وكان كثير منهم خارج التشكيلات المقاتلة الفعلية وفى مواقع خلفية، وفى الفترة من 22 وحتى 25 سبتمبر تم الإعلان عن حالة التأهب فى المطارات والقواعد الجوية بشكل دفع إسرائيل لرفع درجة استعدادها تحسبا لأى هجوم، ولكن أعلنت القوات المصرية بعد ذلك أنه كان مجرد تدريب روتيني، واستمرت القوات المصرية تطلق تلك التدريبات والمناورات من وقت لآخر حتى جاءت حرب أكتوبر وظنت إسرائيل فى بدايتها أنها مجرد تدريب أيضا ولم تكن مستعدة لها.
حرب أكتوبر 73إجراء التعبئة العامة والاستدعاءكان من ضمن خطة الخداع الإستراتيجي التي وضعها الرئيس الراحل أنور السادات قبل الحرب، تعمد تكرار إجراء التعبئة العامة والاستدعاء ثم تسريح القوات، ما جعل القيادة الإسرائيلية تترد كثيرًا في إعلان حالة الاستعداد القصوى إزاء كل تعبئة تقوم بها مصر والقيام بعملية تعبئة كاملة للقوات قبيل بدء الحرب.
التمرن على عبور القناةفي عام 1972، كانت القوات المصرية تتدرب على عبور قناة السويس، تحت سمع وبصر قوات العدو، فقد أعدت القوات المسلحة المصرية شواطئ لنزول القوات عليها، وذلك مع علم القيادة العسكرية المصرية حينها بأن العدو الإسرائيلي يقوم بمراقبة التحرك بصورة يومية، كما قام الجيش المصري مرة واحدة على الأقل في عام 73 بتمثيل عملية العبور بأقل تفاصيل ممكنة، ونقلت الصحف المصرية سير هذه العملية التي شهدها جنود العدو في خنادقهم على الضفة الشرقية للممر المائي.
وهذا التكرار للتدريب على عملية العبور أكبر خدعة للعدو، إذ إنه لم يثر فيهم سوى الضحك والاستهزاء من عدم قدرة القوات المصرية على القيام بذلك وعبور أكبر خط دفاعي وساتر ترابي عرفه التاريخ.
غرفة عمليات حرب أكتوبرإنشاء ساتر ترابي على الضفة الغربية لقناة السويسأنشأ الجيش المصري على الضفة الغربية للقناة ساترًا ترابيًا في مواجهة مناطق تمركز قوات العدو لإخفاء التحركات العسكرية، وكذلك أنشأ عددًا من السواتر في العمق بزوايا ميل مختلفة لنفس الغرض، وقد حققت هذه السواتر أهدافها إذ جعلت العدو يقتنع بأن الجيش المصري قد لجأ إلى إستراتيجية دفاعية في حماية هذه السواتر، كما ساعدت على إخفاء تحركات القوات المدرعة المصرية نحو شاطئ القناة لتأخذ أوضاع الهجوم عندما بدأت الحرب.
تحريك القوات المصرية في اتجاهات مختلفة وثانويةكان من ضمن خطة الخداع الإستراتيجي التي وضعها الرئيس الراحل أنور السادات قبل الحرب، تحريك القوات المصرية في اتجاهات مختلفة وثانوية، وإجراء تحركات عرضية داخل الجبهة وعكسية من وإلى الجبهة تحت ستار التدريب مع التغيير المستمر في حجم وأوضاع القوات البرية وأماكن تمركز القطع البحرية في الموانئ والمراسي داخل وخارج الجمهورية.
استمرار عملية تشتيت العدو الإسرائيليكانت خطة الهجوم تتضمن عملية خداع موسعة للعدو، حتى لا يكتشف مبكرًا اتجاه الهجوم الرئيسي، فقد تم الهجوم على طول الجبهة وفي أعماق سيناء وعبر بحيرة التمساح، وذلك بهدف إرباك العدو وخداعه، بالإضافة إلى استمرار الأعمال اليومية الاعتيادية على طول الجبهة وتفادي الإقدام على إجراء يمكن أن يدل على تغيير سير الحياة الطبيعية.
السوريون يأتون إلى مصر عبر السفنفى يوم 21 أغسطس تم عقد اجتماع بين القادة السوريين والمصريين ولإخفاء فكرة حضورهم مصر، جاءوا بالملابس المدنية على إحدى السفن القادمة إلى الإسكندرية، وخلال الاجتماع تم تحديد موعد الهجوم ما بين 5-11 أكتوبر.
حرب أكتوبرخداع الأقمار الصناعيةتعتبر هذه الخطوة من أدهى الخطوات التى قام بها الجيش المصري فى خطة الخداع الإستراتيجية، فقد كان الجيش على دراية كبيرة بأجهزة الاستطلاع الجوى التي يستخدمها العدو الإٍسرائيلي فى التقاط الصور ونقلها بكفاءة، خاصة الأقمار الصناعية المزودة بمعدات التصوير الحراري التي تستطيع التقاط صور واضحة لتحركات المعدات حتى بعد أن تغادر أماكنها بدقة متناهية.
ولم تكن ثمة وسيلة لإخفاء طوابير العربات والدبابات وقطع المدفعية عن عدسات هذه الأقمار التي لا تكف عن الدوران حول الأرض في مسارات عديدة منتظمة، إلا أنه بالبحث والدراسة المتأنية ثبت أنه بالإمكان خداعها.
فقد كان من المعروف لدى خبراء الاستطلاع الجوي المصري أن هذه الأقمار تحلل الألوان إلى 32 لونًا تتدرج من الأبيض الناصع إلى الأسود القاتم، ثم ترسل مشاهداتها على هيئة أرقام يعبر كل منها عن لون المربع الواضح في الصورة، وفي مراكز الاستقبال الأرضية يعاد استبدال الأرقام بمربعات لها نفس درجة اللون، فتكون الصورة الحقيقة مرة أخرى.
إعداد المستشفيات لاستقبال الجرحىكان من الضروري إخلاء عدد من المستشفيات وإعدادها لاستقبال الجرحى الذين سيتوافدون مع بداية المعركة، وكان ذلك يعد من أهم مبادئ الإعداد للحرب، ولما كان إجراء بمثل هذه الضخامة سيثير بالتأكيد شك مخابرات العدو كان على المخابرات أن تجد حلًا لإخلاء عدد المستشفيات المطلوب بدون إثارة أدنى شك.
وتم إعداد خطة محكمة ضمن خطة الخداع حيث قام الجيش بتسريح ضابط طبيب كبير كان مستدعى للخدمة العسكرية، وأعيد هذا الطبيب إلى الحياة المدنية، وفور تسلمه وظيفته السابقة بوزارة الصحة أرسل للعمل في مستشفى الدمرداش التابع لجامعة عين شمس التي وقع عليها الاختيار لكبر حجمها لتكون في أول قائمة المستشفيات.
وحسب الخطة اكتشف الطبيب بعد وصوله إلى المستشفى أن ميكروب التيتانوس يلوث العنابر الرئيسية للمرضى، ولأن هذا الطبيب كان منزعجًا وقلقًا من هذا الميكروب الذي يهدد حياة المرضى وبعد ضياع يومين من الرسائل المتبادلة بين المستشفى ووزارة الصحة مع بعض الروتين اللازم لحبك الخطة ومناقشات الأطباء والمذكرات أمرت وزارة الصحة بإخلاء المستشفى من المرضى تمامًا وتطهيره.
وتم تكليف الطبيب بالمرور على باقي المستشفيات لاستكشاف درجة تلوثها، وقامت الصحف بنشر التحقيقات الصحفية حول المستشفيات الملوثة ونشر الصور وعمال التطهير يرشون المبيدات الخاصة بالتطهير في عنابر المستشفيات.
وما إن حل أول أيام أكتوبر حتى كان العدد اللازم من المستشفيات قد أخلي نهائيًا، وأصبح على أتم استعداد لاستقبال الجرحى والمصابين كإجراء احتياطي مهم.
حرب أكتوبراختيار توقيت الحربلم تقتصر خطط الخداع على ذلك فحسب، بل شملت أيضا الخدعة الكبرى فى اختيار ساعة الصفر نفسها تحديدا الثانية ظهرا فى العاشر من رمضان والسادس من أكتوبر، وهذا لعدة أسباب أولها أن العدو لن يخطر بباله أن الجيش سيخوض الحرب فى شهر الصوم وفى أكتوبر تحديدا.
وتنشغل إسرائيل بعيد الغفران اليهودي وتستعد لخوض انتخابات تشريعية، وثانيها اختيار الساعة وقت الظهيرة وتعامد الشمس فوق رؤوس العدو بشكل يصعب عليهم الرؤية، وهذا شيء لم يتوقعه العدو، حيث إن العمليات العسكرية تكون مع أول ضوء أو آخر ضوء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حرب اكتوبر سيناء حرب السادس من أكتوبر نصر اكتوبر خطة الخداع الاستراتيجي السادات القوات المسلحة الخداع الإستراتیجی السادس من أکتوبر القوات المصریة الرئیس الراحل الجیش المصری أنور السادات حرب أکتوبر خطة الخداع کان من
إقرأ أيضاً:
WP: عملية السلطة بجنين لها علاقة بالحصول على دور في غزة بعد الحرب
سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الضوء على العملية الأمنية التي تنفذها أجهزة السلطة في جنين، مؤكدة أن لها علاقة بالحصول على دور في قطاع غزة بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة منذ أكثر من 14 شهرا.
وقالت الصحيفة في تقرير أعده الصحفيون ميريام بيرغر وهايدي ليفين وسفيان طه، إن "السلطة الفلسطينية والمسلحين الذين يسيطرون على مخيم جنين يخوضون معركة مفتوحة نادرة"، موضحة أنه "خلال الأسبوعين الماضيين كان المسلحون في جنين يخوضون معركة مفتوحة نادرة مع عدو داخلي".
تسعى لحكم غزة
وذكرت الصحيفة أن السلطة أطلقت أكبر عملية مسلحة لها منذ ثلاثة عقود، لإحباط المقاومة المتنامية في الضفة الغربية، مشددة على أنها "تحاول إثبات قدرتها على إدارة الأمن في المناطق المحدودة من الضفة الغربية التي تسيطر عليها، في حين تسعى إلى حكم قطاع غزة بعد الحرب".
ولفتت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استبعد عودة السلطة إلى غزة، مضيفة أن "شخصيات رئيسية في ائتلافه اليميني المتطرف دفعت إلى ضم جزء أو كل الأراضي الفلسطينية، لكن في الجولة الأخيرة من مفاوضات وقف إطلاق النار، وافقت إسرائيل على السماح للسلطة بتولي إدارة معبر رفح لفترة قصيرة".
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم أجهزة السلطة أنور رجب، أن "العملية في جنين تهدف إلى استعادة المخيم عبر استهداف الخارجين عن القانون، والذين ينشرون الفوضى والاضطرابات ويضرون بالسلم الأهلي"، على حد قوله.
ونوهت إلى أن أجهزة السلطة قتلت 13 فلسطينيا بينهم ثمانية في جنين، منذ حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة بتاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر لعام 2023.
من جانبه، تحدث صبري صيدم مستشار رئيس السلطة محمود عباس وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح لصحيفة "واشنطن بوست"، قائلا: "لا نريد أن نرى قطرة دم واحدة تُراق. ما نود تحقيقه هو حالة من الهدوء، والجلوس مع الفصائل المختلفة والاتفاق على الطريق إلى الأمام".
بينما قال مسؤول فلسطيني مقرب من عباس، اشترط عدم الكشف عن هويته، إن رئيس السلطة الفلسطينية قرر المضي وعدم التراجع في جنين.
وبحسب الصحيفة، فإنه بعد مرور أسبوعين على الحملة الأمنية، لا يزال المسلحون يتجولون بحرية في مخيم جنين. وتدوي أصوات إطلاق النار ليلا ونهارا. وقد أوقفت وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين الدراسة في المدارس. وأغلقت الشركات أبوابها.
غضب متصاعد
وسمع مراسلو صحيفة "واشنطن بوست" ما بدا وكأنه إطلاق نار قادم من سطح المستشفى. وقال إن الرصاص أصاب مدخل الطوارئ واخترقت نافذة أحد المكاتب، وأن المرضى والموظفين خائفون للغاية من القدوم إلى المستشفى.
ولفتت الصحيفة إلى أن الغضب ارتفع تجاه قوات الأمن في الضفة الغربية، مبينة أن أجهزة السلطة، التي تحاصرها قوات الاحتلال الإسرائيلي، تعمل في مساحة متقلصة باستمرار، وبموجب الاتفاقيات الأمنية، ولا يجوز لها التدخل لوقف عنف المستوطنين الإسرائيليين أو الغارات العسكرية القاتلة.
ويرى العديد من الفلسطينيين أن "هذه الأجهزة هي عبارة عن مقاولين من الباطن لإسرائيل وأداة عباس للفساد وقمع المعارضة الداخلية".
وذكرت "واشنطن بوست" أن أجهزة السلطة هي من بين الخيوط الأخيرة التي تربط اتفاقات أوسلو، التي تم توقيعها في تسعينيات القرن العشرين لإنشاء دولة فلسطينية من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس المحتلة. وفي العقود التي تلت ذلك، وسعت إسرائيل سيطرتها على الضفة الغربية ورسختها، ما أدى إلى تآكل اختصاص السلطة.