سودانايل:
2025-03-16@08:50:48 GMT

البرهان والآلية الوطنية وخفايا الأجندة

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

ألتقي وفد الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي برئاسة عائشة موسى العضو السابق في مجلس السيادة مع رئيس مجلس السيادة البرهان، بهدف التباحث حول تشكيل حكومة طواريء، و بعد تشكيل الحكومة يقع عيها عبء ترتيب أجتماع للقوى المدنية. لكن قبل الدخول في قضايا الحوار الذي دار بين وفد الآلية و البرهان يجب معرفة الإسماء التي قدمت للإلتقاء بالبرهان.

متكوب على الخطاب أن الذين سوف يقابلون البرهان الشيخ الطيب زين العابدين و الدكتور إبراهيم الأمين ثم بقية أسماء الوفد الذي حضر، و قدم طلب الاجتماع مع البرهان بواسطة مالك عقار، و المشكل في بداية الاجتماع سأل البرهان أين الشيخ الطيب و إبراهيم الأمين الأمر الذي يؤكد هناك خفايا و اسرار لم يفصح عنها. السؤال هل عائشة كانت جزء من هذه الآلية عند تكوينها و الدكتور منتصر الطيب و الدكتور الشفيع خضر الذين على قيادة الآلية الآن؟ و كيف تكونت الآلية تاريخا و من كان وراءها؟ و لماذا لم يحضر الدكتور منتصر الطيب و الدكتور الشفيع خضر الاجتماع؟ و ما هو دور كل واحد في العملية السياسية؟أن الإجابة على هذه الأسئلة مهم جدا لتبين سيرها السياسي و كيف تتخفى القوى السياسية وراء لافتات لكي تصارع الأخريات.
التكوين: عندما ظهر الخلاف بعد تشكيل حكومة حمدوك الأولى و انقسمت القوى السياسية، و خرج الحزب الشيوعي من تحالف قحت و جمد حزب الأمة نشاطه في التحالف، كون الشيخ أحمد الطيب زين العابدين تحالف يضم قيادات سياسية و مجموعات من لجان المقاومة سماه " المجلس التشريعي الثوري" الهدف منه إعادة لمسيرة قوى الثورة، و عندما اشتد الصراع بين القوى السياسية بعد انقلاب 25 أكتوبر كون الشيخ أحمد الطيب زين العابدين " الآلية الوطنية للتحول الديمقراطي" و كان مقرر هذه الآلية عادل المفتي و انضم إليها الدكتور منتصر الطيب و أحمد عثمان و غيرهم. و معروف أن الشيخ أحمد أحد الرموز الاتحادية في منطقة بحري " شمبات" و عادل المفتى من حزب الأمة، و بعد الحرب بدأ البعض يشتغل بأسم الآلية و لكن تم إضافة " دعم" و أصبح الإسم " الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي" و يستغل فيها اسم احمد الطيب زين العابدين بهدف أن يكون منفذا للقوى الاجتماعية خاصة " الطرق الصوفية و الإدارات الآهلية" لإتساع قاعدتها الاجتماعية. و احتفظ بعضوية عادل المفتي ليكون رمزا لحزب الأمة. رغم أن عادل المفتي كان يعمل في السعودية مديرا لشركة " ميداير أيرلاينز" المملكة إلي عبد الرحيم حمدي, و عندما فشلت الشركة تم تعينه مديرا لشركة " ناس بورت" للمناولة الأرضية. و بعد نجاح الثورة رشح ليكون وزيرا في حكومة حمدوك، و تم تعينه رئيس لجنة الطيران بلجنة تفكيك النظام البائد.
النشاط السياسي: تم إضافة عائشة موسى للآلية و هي التي كانت جزء من " تحالف الجذرية" للجموعة بهدف أيضا استغلال وظيفتها السابقة " عضو في مجلس السيادة" حيث طلب الآلية من الجهات الإدارية في بورتسودان أن تقيم ورشة في أركويت بشرق السودان كانت ممولة من دعم خارجي، و لكن صدرت الموافقة باسم ترك. رفضت الآلية التصديق و أقامت ورشتها عبر خدمة " ZOOM" و بدأت اللجنة تعمل بأسم " الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي" حتى لا يحتج الشيخ احمد الطيب زين العابدين باعتبار أن الأسم مغاير، لكن يعمل بالأسم الأول عندما تعجز الآلية على أختراق بعض المنافذ. لذلك استغلت أسم أحمد الطيب زين العابدين و الدكتور إبراهيم الأمين عندما طلبوا اللقاء مع البرهان، لذلك سألهم البرهان قبل أن يبدأ الاجتماع عن " زين العابدين و الأمين" لأنهم يمثلان رمزية سياسية لحزبين كبيرين، أن أهداف الآلية قد تغيرت بحكم الأعضاء الجدد الذين يحملون أجندة جديدة.
التكتيك و المراوقة: أن الآلية أختلفت مع قوى الحرية المركزي التي تنادي بحكومة انتقالية، و عضوية الآلية تعتقد إذا التقت في الأهداف مع (قحت المركزي) ربما تجد معارضة من قبل الشارع، و هي لا تريد ان تخسر الشارع، و لا تريد أيضا أن تخسر الجيش، و بالتالي طالبت البرهان أن تكون هناك حكومة طوريء. و عندما سئلت عائشة من قبل قناة " الجزيرة مباشر" هل الآلية سوف تفتح حوارا معا الإسلاميين قالت أنهم لا يتعاملون مع الذين كانوا يشاركون في النظام السابق. رغم أن (أحد أفراد الوفد كان جزءا من النظام السابق و له علاقة وطيدة مع رموز هذا النظام " عادل المفتي" ) الآلية الوطنية للتغيير الديمقراطي لا تختلف من حيث المبدأ كثيرا مع قحت لكنها كانت تعتقد توسيع قاعدة المشاركة لأكبر قاعدة اجتماعية مؤمنة بعملية التحول الديمقراطية هؤلاء يجب عليه الجلوس و الحوار للوصول لتوافق وطني، و كانت تراهن على القوى الجديدة " لجان المقاومة" باعتبارهم قوى جديدة صاحبة القدح المعلا في الثورة و يجب أن يكون الرهان عليها في أي عمل سياسي مستقبلا و ليس الركون للنخب القديمة.
تقسيم العمل: ذهبت عائشة موسى على رأس وفد أجتمع مع البرهان يحسه على تشكيل حكومة طواريء و توجيه سؤال له كيف تقف الحرب؟ معنى ذلك أن الآلية لا تحمل تصورا محددا لوقف الحرب لكنها تريد أن تكون مرجعية لاختيار أعضاء حكومة الطواريء، و ذهب منتصر الطيب إلي أديس أبابا للإلتقاء مع قيادة الجبهة الثورية و بعض قيادات قحت المركزي المتواجدين في أديس أبابا لمباركة المقترح الذي سوف يبعد الجيش عن المسرح السياسي، لكي تتنازل قيادة "قحت المركزي" عن قيادة العمل السياسي الذي يطالب بعملية التحول الديمقراطي إلي الآلية، و التي استطاعت أن تتواصل مع السلطة الحاكمة و إلتقاء رئيس مجلس السيادة و قطاع عريض من الشارع. و في نفس الوقت سوف يقوم الدكتور الشفيع خضر بإقناع المصريين أن يدعموا الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي، و محاولة إقناع المصريين تعني أن يتخلوا عن " قحت الديمقراطي" و بما أن الآلية وقعت في يد الجذرية كيف يستطيع الشفيع إقناع المصريين أن يخرج الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل من المعادلة السياسية. الهدف من إقناع المصريين أن يكون هناك منبرا جديدا مدعوم من قبل دول الجوار الذي تقوده مصر لهذا التحول.
أجتماع الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي مع رئيس مجلس السيادة و القائد العام للجيش، هو بمثابة دعاية للآلية و الجذرية" للتواصل مع الخارج و تقنعهم بإنها قادرة على أن تتخطى الحواجز خلافا للقوى السياسية الأخرى، و هي التي يجب الثقة فيها لطرح الحلول. فهل تنجح الآلية أم هذه أخر محطة لها؟ و هل دكتور الشفيع قادر على إقناع المصريين لدعمها؟ الأيام حبلى. نسأل الله حسن الخاتمة.

zainsalih@hotmail.com
///////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مجلس السیادة

إقرأ أيضاً:

التحول الديموغرافي وتوجيه مجتمعات المستقبل

في الحديثِ عن المستقبل تبرز بعض العوامل والإشارات التي تأخذ حيزًا أكبر من غيرها في نقاشات المستقبل؛ وذلك كونها تتصل بعالم (الأشياء)، وتكون ملموسة ومشاهدة بشكل مباشر في حياة الأفراد (متخصصين وعامة)، وبالتالي فإن تقديرهم لأولويتها في تحريك المستقبل وتغيير واقع الحياة الإنسانية والمجتمعات يكون أكبر. ومن ذلك التقنيات الحديثة وأهمها ما تولده اليوم فتوحات الذكاء الاصطناعي من تطبيقات وبرمجيات تتقدم بالزمن، وتغير خارطة تموضع الذكاء، وتعيد فتح جدلية تفوق ذكاء الآلة في مقابل ذكاء البشر. غير أن بعض العوامل والإشارات الأخرى المرتبطة بالمستقبل - رغم رصدها - وتكرار الحديث عنها فإنها لا تأخذ ذات الحيز من (الهاجس البشري) في ضرورة العمل والقدرة على تدبير مسارات التكيف أو التعامل معها، وقد يرد ذلك لكونها غير ملموسة أو محسوسة بشكل مباشر، ولا تؤثر على المعيش المدرك اليومي، وقد ترتبط في الذهنية العامة بمستقبل يمكن السيطرة عليه وتفاديه أو سهولة التكيف معه، ومنها المتغير الديموغرافي؛ والذي تكمن حساسيته ليس فقط في المؤشرات (الكمية) المتصلة بتوقعاته وسيناريوهاته، وإنما في القراءات الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن يولدها ذلك (الكم)، بحسب طبيعة كل مجتمع وتركيبته وسبل تدبير نظامه السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي.

ثمة مؤشرات لا يمكن إغفالها في الحديث عن متغير الديموغرافيا ومستقبله، فالنمو العالمي لأعداد السكان بنحو 18% بين عامي 2025 حتى 2050 يحمل في طياته أوجهًا متباينة لطبيعة هذا النمو، وتوزيعه، والحصص الاقتصادية لمكاسبه، والأعباء الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على نقصه في أقطار واقتصادات بعينها. واقتراب معدلات الخصوبة العالمية من (مستويات الإحلال) حسب توقعات عام 2050 لتكون عند (2.1) ولادة لكل أمرة يفتح أسئلة حول الدوافع والمسببات الصحية والاجتماعية لوضع الخصوبة العالمي، ففي السياق الاجتماعي هل تبدو ثمة أفكار وإيديولوجيا جديدة ناشئة تحرك المجتمعات نحو حسر موجات الزواج، أو حين الزواج حسر معدلات الإنجاب (طواعية). انشغلت النظرية الاجتماعية خلال العقود الفائتة بتبرير ذلك بسبب تركيبة الأسر الجديدة (النواة)، وممارسات الفاعلين الأسريين، من خروج المرأة بشكل موسع للانخراط في العمل والاقتصاد، إلى تزايد المسؤوليات الاقتصادية للمربين، إلى دخول مفاهيم جديدة في معادلة التربية، وهو ما استدعى الأسر الجديدة إلى تبني عقيدة (الإنجاب المحدد) في مقابل (التربية المكتملة)، ولكن لا يزال السؤال قائمًا: هل هذه المبررات الاجتماعية تصلح وحدها لتفسير حالة الخصوبة العالمية اليوم؟ أم أن هناك متغيرات تتعلق بقناعات الأفراد أنفسهم قد تغيرت حتى في ظل انخراطهم في تكوين أسر جديدة. ومن المؤشرات البارزة في سياق المتغير الديموغرافي تحصل القارة الإفريقية على نصيب الأسد من حصة النمو السكاني العالمي، في مقابل انحسار تلك النسب في أوروبا وبعض بلدان أمريكا الشمالية، وتطرح هذه المؤشرات أسئلة حول سؤال الطلب على القوى العاملة، وخاصة في الاقتصادات المتقدمة التي ستعاني من الانحسار في معدلات السكان في سن العمل، وهل سيغير ذلك خارطة الهجرة العالمية، لتكون هجرة قائمة على الطلب أكثر من كونها هجرة قائمة على الحاجة مثلما هو الوضع العالمي الراهن. كيف ستنشأ كذلك أنماط جديدة للعمل عن بعد، والعمل في قارات مختلفة من قارة واحدة لشخص واحد، وكيف سيعالج انتماء الإنسان الاقتصادي ومساهمته الاقتصادية ضمن منظومات الناتج المحلي القومي وإنتاجية العمالة في ظل خدمته في أكثر من قُطر وقارة. وفي المقابل كيف تستفيد إفريقيا (اقتصاديًا) من حالة الانفجار السكاني في بعض دولها، خصوصًا مع توسع نطاق القوى العاملة، وهل ستركز المؤسسات الرائدة في التعليم والتدريب جهودها في الدول الإفريقية لخلق جيل من المهارات والمعارف قادر على تحقيق الانتقال الاقتصادي.

الواقع أننا يمكن تقسيم دول العالم في سبيل تعاملها مع المتغير الديموغرافي اليوم إلى خمسة نطاقات أساسية: دول عملت على تمكين سياسات الهجرة إليها بشكل مطلق ومباشر عبر الحوافز والتسهيلات وسياسات الجذب والاستقطاب، ودول عملت على تمكين تلك السياسات وفي سياق مواز طورت سياسات للهوية الوطنية ولحماية التركيبة السكانية الأصيلة، ودول تحاول تقييد مسائل الهجرة والإقامة والمحافظة على المكون الأصيل لمجتمعاتها، ودول لا زالت تنتهج سياسات غير متسقة بين الجذب والاستقطاب وبين محاولات تمكين المكون الأصيل لمجتمعاتها، ودول تحاول المراهنة على نظم تنمية الموارد البشرية والحماية الاجتماعية للتعامل مع المتغير الديموغرافية دون النظر إلى السياسات الأخرى التكميلية مثل سياسات الهجرة والإقامة. تكاد الخارطة العالمية تتقسم - حسب حدود رصدنا - بين هذه النطاقات الخمسة. وفي تقديرنا فإن حساسية المتغير الديموغرافي تتطلب سياسات يتم صنعها بحساسية ودقة؛ بحيث توازن في (حالتنا المحلية) بين أربعة عناصر أساسية: حاجيات نمو الاقتصاد وتنويعه وتوسيع هياكله الانتاجية، المحافظة على عناصر الهوية الوطنية بوصفها سمة للتنمية والنمو، تحقيق الاكتفاء الاقتصادي للسكان خاصة فئة السكان في سن العمل، وديمومة البيئة المتكاملة لرعاية الأشخاص ما بعد سن العمل والحفاظ على مستويات أفضل من الصحة العامة لهم. وفي تقديرنا كذلك فإن التعامل مع المتغير الديموغرافي لن يكون محصورًا بمجرد وجود السياسة السكانية بل يكون عبر عملية تنسيق ومواءمة كافة السياسات الاجتماعية والاقتصادية لتكون متفقة على مقصد (سيناريو) ديموغرافي واضح ومحدد، تنطلق منه وتتمحور حوله، فإذا كان مقصد السيناريو تعظيم الاستفادة من السكان في سن العمل باعتبار فرصة النافذة الديموغرافية، سعت قطاعات التعليم والتدريب والتأهيل لتغيير مقارباتها نحو تحقيق هذا المقصد، ووسع الاقتصاد فرصه للعمل والريادة لهذه الفئة، وحسنت مؤسسات الرعاية الشبابية الظروف الكاملة للنمو الأمثل لهذه الفئة بما يخدم تحقيق مقاصد السيناريو الوطني المنشود.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان

مقالات مشابهة

  • التحول الديموغرافي وتوجيه مجتمعات المستقبل
  • الإمام الطيب يحذر من اغترار الإنسان بعطاء الخالق: «الله يحاسب ويراقب»
  • بحضور الأحزاب والكيانات السياسية.. الجيل الديمقراطي ينظم سحوره السنوي
  • «بيت العائلة الإبراهيمية» يكرّم الفائزين بمسابقة مسجد الإمام أحمد الطيب للقرآن الكريم
  • "قصاقيص ورق وعجينة لصق".. أدوات أطفال الأقصر لزينة رمضان وشارع الطيب فى المقدمة
  • حكماء المسلمين: "مسابقة مسجد الإمام أحمد الطيب" تعكس الرسالة السامية لبيت العائلة الإبراهيمية
  • أنشيلوتي: هل البث التلفزيوني والأموال أهم من صحة اللاعبين؟
  • زعيم الأقلية بالحزب الديمقراطي يدعم مشروع قانون الإنفاق الجمهوري
  • ما نقاط التحول المناخية ولِم هي خطيرة؟
  • الحزب الديمقراطي يفوز في الانتخابات البرلمانية بغرينلاند