فاطمة الزهراء.. سيدة نساء أهل الجنة
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
الحديث عن أهل البيت النبوي ممتع وشائق، فنساؤه هن صفوة الصفوة وفي سيرة كل واحدة منهن ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين من عظيم الصفات وحميد المكرمات، فالحديث يحمل بين طياته نفحات هؤلاء الكريمات اللائى عطرن التاريخ بطيب سيرتهن البضعة النبوية والجهة المصطفوية أم أبيها بنت سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، إنها "فاطمة الزهراء" جوهرة فريدة اختصت بمكارم حسان لم ترق إليها إمراة قط، ولدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي، انقطع نسل رسول الله إلا منها؛ فأولاده الذكور ماتوا وهم صغارًا، وحينما ولدت رقية "عبد الله بن عثمان" توفي صغيرًا، وزينب ولدت "علي" الذي مات صبيًّا، وولدت "أمامة بنت أبي العاص"، أما أم كلثوم فلم تلد.
فاطمة أم أبيها أصغر بنات رسول الله من زوجته خديجة بنت خُويلد إذ كانت زينب الأولى، ثم الثانية رقية، ثم الثالثة أم كلثوم، ثم الرابعة فاطمة الزهراء وكانت أحبُهن إليه، وأكثرهن اهتمامًا به، ورعاية له، وأشبه الناس به سمتًا وهديًا ودَلّاً برسول الله، كما أخبرتنا بذلك عائشة رضي الله عنها في حديثها "ما رأَيْتُ أحدًا كان أشبهَ سمتًا وهَدْيًا ودَلًّا، والهدى والدال، برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من فاطمةَ كرَّمَ اللهُ وجَهْهَا؛ كانت إذا دخَلَتْ عليه قام إليها، فأخَذَ بيدِها وقبَّلَها وأَجْلَسَها في مجلسِه، وكان إذا دخَلَ عليها قامت إليه، فأَخَذَتْ بيدِه فقَبَّلَتْه وأَجَلَسَتْه في مجلسِها" فمن شدة عطفها وحنانها لقبها المصطفي وناداها بـ "أمِّ أبيها" فقد كان يحبها حبًا جمًا فيكره ما تكرهُه ويحب ما تحبه ابنته وكان "صلى الله عليه وسلم" إذا رجع من سفر أو غزو، فيدخل المدينة ويصلي ركعتين بالمسجد، ثم يذهب إلى بيت ابنته فاطمة مباشرة، مما دل على شدة حبه ومودته لها، وإكرامه إياها، وقد روى الإمام البخاري في صحيحه أن النبي قال "فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فمَن أغْضَبَها أغْضَبَنِي".
زواجها من علي بن أبي طالب تزوجت في السنة الثانية من الهجرة من الصحابي الجليل علي بن أبي طالب بعد غزوة بدر ، وكان عمرها حين ذاك خمسة عشر سنة ونصف، وزوجها إحدى وعشرين سنة ونصف تقريبًا، كان صداقها درعه الحطمية التي قُدرت حينها بأربعة دراهم كما ورد في الأحاديث، ولم يتزوج عليٌّ عليها حتى ماتت، وأنجبت منه أربعة أولاد وهم: الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم. الزهراء أم الحسنين لقبت بالعديد من الألقاب منها القرشية الهاشمية نسبة إلي نسبها وأم الحسنين لأنها أم الحسن والحسين، والزهراء لأن هناك أقوال بأنها كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة زهرية، وهناك من يقول أن النبي محمد هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة، والبتول لانقطاعها عن نساء زمانها دينا وفضلاً ورغبة في الآخرة، المرضية لأن الله سيرضيها بمنحها حق الشفاعة، المحدثة لأن الملائكة كانت تحدثها، الحانية لأنها كانت تحن حنان الأم على أبيها النبي وزوجها وأولادها، والأيتام والمساكين، الصديقة لأنها لم تكذب قط فقد عُرف عنها صدق اللهجة وشدَّة الحياء، كما إنها كانت خير نساء العالَمين كما ورد في حديث أنس بن مالك أن النبي قال "حُسْبُكَ من نساءِ العالمينَ مَرْيَمُ ابنةُ عِمْرانَ وخديجةُ بنتُ خُوَيْلِدٍ وفاطمةُ بنتُ مُحَمَّدٍ وآسِيَةُ امرأةُ فِرْعَوْنَ"، وسيدة نساء أهل الجنة ففي حديث حذيفة بن اليمان أنّ النبيّ "صلّى الله عليه وسلّم" قال "إنَّ هذا مَلَكٌ لم ينزِلْ الأرضَ قطُّ قبلَ اللَّيلةِ، استأذَنَ ربَّه أن يُسلِّمَ عليَّ ويُبشِّرَني بأنَّ فاطمةَ سيِّدَةُ نساءِ أهلِ الجنَّةِ، وأنَّ الحسنَ والحُسَينَ سَيِّدا شبابِ أهلِ الجنَّةِ". بُشرت بوفاتها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم دخلت "فاطمة الزهراء" عليه فأكرمها، ورحب بها، وأجلسها إلى جانبه في أخر لحظاته، أسرَّ لها حديثاً فبكت، ثمّ أسرَّ لها مرةً أخرى فضحكت؛ حيث أنّه أخبرها في الأولى أنه ميت، وفي الثانية أنّها أول أهله لحاقاً به، وذلك كما روى الإمام البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إنّها قالت: (أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَرْحَبًا بابْنَتي ثُمَّ أجْلَسَهَا عن يَمِينِهِ، أوْ عن شِمَالِهِ، ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ، فَقُلتُ لَهَا: لِمَ تَبْكِينَ؟ ثُمَّ أسَرَّ إلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ، فَقُلتُ: ما رَأَيْتُ كَاليَومِ فَرَحًا أقْرَبَ مِن حُزْنٍ، فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قالَ: فَقالَتْ: ما كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى قُبِضَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلْتُهَا. فَقالَتْ: أسَرَّ إلَيَّ: إنَّ جِبْرِيلَ كانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وإنَّه عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، ولَا أُرَاهُ إلَّا حَضَرَ أجَلِي، وإنَّكِ أوَّلُ أهْلِ بَيْتي لَحَاقًا بي. فَبَكَيْتُ، فَقالَ: أما تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أهْلِ الجَنَّةِ، أوْ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ فَضَحِكْتُ لذلكَ"، وقد روت السيدة فاطمة الزهراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر حديثًا، ظلت السيدة "فاطمة" حزينة تعاني من ألم فقدان أبيها سيد الخلق وتوفت لثلاث ليالٍ خلون من شهر رمضان، وهي ابنة تسع وعشرين سنة أو نحوها، أوصت زوجها أن يدفنها ليلاً، وصلى عليها أبناءها الحسن والحسين زوجها علي بن أبي طالب بعد أن غسّلها هو وأسماء بنت عميس رضي الله عنها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فاطمة الزهراء البيت النبوي صلى الله علیه وسلم ى الله علیه وسل فاطمة الزهراء ا کانت
إقرأ أيضاً:
شهر رمضان.. سنن مهجورة عن النبي تنقص أجر الصيام «لا تفوتك»
سنن مهجورة في رمضان.. شهر رمضان من أفضل الشهور التي فضلها الله تعالى على سائر الشهور الأخرى حيث يحصل فيه المسلم على الأجر والثواب بشكل مضاعف، وخصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها: أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».
ويوجد بعض السنن المهجورة في رمضان، رغم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حث عليها وكان يفعل هذه السنن التي هجرها البعض ويفعلها آخرون، ويستحب للمسلم فعلها، وسنن النبي صلى الله عليه وسلم- في الصيام عديدة في رمضان منها قبل الفطار أو السحور، وعلى المسلم أن يحرص على فعل سنن النبي الكريم، ونسير على خطاه، لتحصيل الفائدة الكاملة من الصيام، وفوز بالجنة والأجر العظيم.
ومن السنن المهجورة في رمضان والتي يستحب للصائم فعلها ما يلي:
أولًا: السحور: لما ورد عن أنس رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تَسَحَّروا فإن في السُّحُور بركة». رواه البخاري ومسلم، ولكن بعض الناس يتكاسل عن السحور.
ثانيًا: من السنن المهجورة تأخير السحور: لحديث زيد بن ثابت رضي اللّه عنه قال: «تَسَحَّرْنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان قَدْرُ ما بينهما؟ قال خمسين آية». رواه البخاري ومسلم، ولحديث أبي ذر رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا تزال أمتي بخير ما أَخَّروا السحور وعجَّلوا الفطر». رواه أحمد، ولكن نجد كثيرًا من المسلمين يتسحرون في أول الليل قبل النوم، والسنة أن يؤخر إلى قبل الفجر بحوالي 20 أو 15 دقيقة.
ثالثًا: سنن مهجورة في رمضان تعجيل الفطور: لحديث سهل بن سعد رضي اللّه عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» متفق عليه، فالبعض ينتظر بعد انتهاء المؤذن ليفطر والسنة أن يفطر بعد أن يقول الله أكبر.
رابعًا: من السنن المهجورة الفطر على رُطَباتٍ، فإنْ لم يجد فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى المَاءٍ، لحديث أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رُطَبَات فإن لم تكن رُطَبَاتٌ فَتُمَيْرات، فإن لم تكن تميرات حَسا حَسَوات مِنْ ماءِ"- حَسَا: أي شَرِبَ- رواه أبو داود والحاكم وصححه، والترمذي وحسنه، ولا شك أن وراء هذه السنة النبوية المطهرة إرشاد طبي وفوائد صحية، وحكما نظيمة، فقد اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأطعمة دون سواها لفوائدها الصحية الجمة، وليس فقط لتوافرها في بيئته الصحراوية.
خامسًا: من السنن المهجورة الدعاء عند الفطر، وفي أثناء الصيام. لحديث ابن عمر-رضي الله عنهما- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: «ذهب الظمأ وابتلَّت العروق وثبت الأجر إن شاء الله». أخرجه أبوداود والحاكم والبيهقي، فهذا الدعاء النبوي قليل ما نجد البعض يردده، وهو من السنن التي حرص عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
سادسًا: من السنن المهجورة كتم الغيظ، فعلى الصائم إن سابَّه أحد أو جَهِل عليه أن يقول: «إني صائم إني صائم"، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: «.. .فإذا كان يوم صوم أحَدكم فلا يَرْفُث يومئذ ولا يَصْخَب، فإنْ سَابَّه أَحَدٌ أَوْ قَاتَله فَلْيَقُلْ إنِّي صَائِمٌ.. » رواه البخاري ومسلم، ولكن للأسف نجد البعض يرددون الألفاظ غير اللائقة ولا يقدرون قيمة الشهر المبارك.
سابعًا: ومن السنن المهجورة في رمضان أنه يستحب السواك، لحديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: «رأيتُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مالا أُحْصِي يَتَسَوَّكُ وهوَ صائِمٌ». رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
ثامنًا: من السنن المهجورة في رمضان الجود ومُدارسة القرآن: وهما مستحبان في كل وقت ولكن في رمضان أكثر، وروى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن فَلَرَسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة".
تاسعًا: من السنن المهجورة الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان، وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي-صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر الأواخر أحْيى الليل وأيْقظ أهله وشَدَّ المِئْزَرَ".
عاشرًا: من السنن المهجورة لدى البعض في رمضان تفطير الصائمين، لحديث زيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا يَنْقُصُ من أجر الصائم شيئًا". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن ماجه، وأحمد وصححه ابن حِبّان.
اقرأ أيضاًفي ثاني أيام شهر رمضان.. مباحث التموين تضبط أكتر من 20 طن دقيق مدعم
مواعيد الإمساك اليوم في مصر.. إمساكية شهر رمضان 2025
مركز تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ينظم احتفالية بمناسبة حلول شهر رمضان