عدن الغد:
2024-07-02@10:33:21 GMT

التعليم في عدن بين التعافي والسقوط(تقرير)

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

التعليم في عدن بين التعافي والسقوط(تقرير)

تقرير/ علي خالد:

بعد انسحاب البريطانيين من عدن في 30 نوفمبر 1967، أصبحت عدن جزءاً من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي)، وشهدت تطورات كبيرة في مجال التعليم، حيث تم إنشاء مؤسسات تعليمية جديدة وتوسيع المناهج وتحسين البنية التحتية وتدريب المعلمين وزيادة مشاركة الفتيات في التعليم.

تم تطبيق نظام التعليم الأساسي الموحد لمدة 12 سنة، يليه التعليم الثانوي لمدة ثلاث سنوات، وتم توفير التعليم المجاني لجميع المراحل، و أطلقت حركات ثقافية وفكرية نشطة في عدن، مثل اتحاد الكتاب والأدباء الجنوبيين، واتحاد الفنانين التشكيليين، واتحاد المسرحيين، واتحاد الموسيقيين، واتحاد السينمائيين.

مراحل تاريخية

في عام 1970، تم إطلاق حركة التعليم الجماهيري، وهي حملة شاملة لمحو الأمية وتوفير التعليم الأساسي لجميع المواطنين، وخاصة في المناطق الريفية والنائية. وبحلول عام 1985، بلغت نسبة الأمية في عدن 15% فقط.

جاء عام 1975، وتأسست معه جامعة عدن كأول جامعة في الجنوب، وبدأت بتقديم برامج دراسية في مجالات مثل الهندسة والزراعة والطب والتربية والآداب. وفي عام 1986، تم إضافة كلية الاقتصاد والإدارة.

وفي العام 1990، تحققت الوحدة بين شطري اليمن، وأصبحت عدن جزءاً من جمهورية اليمن الموحدة. وفي هذه المرحلة، واجه التعليم في عدن تحديات جديدة، مثل التكامل مع نظام التعليم في الشمال والتكيف مع التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، و تدهورت أوضاع التعليم في عدن بسبب سوء الإدارة والفساد وانخفاض الموارد المالية.

كما تضرر التعليم في عدن بسبب الصراعات المسلحة التي شهدتها البلاد في أوائل التسعينات، أبرزها حرب العام 94 بين الشمال والجنوب.

في عام 1996، تم إطلاق خطة تطوير التعليم للفترة من 1996 إلى 2000، والتي ركزت على تحسين جودة التعليم وزيادة فرص الوصول إلى التعليم لجميع المستويات. وفي هذا الإطار، تم إنشاء مؤسسات تعليمية جديدة في عدن، مثل كلية الحاسوب والمعلومات (1997) وكلية الصحافة (1998) وكلية طب الأسنان (1999).

وفي العام 2000، أصبحت جامعة عدن جزءاً من نظام التعليم العالي الموحد في الجمهورية، وشهدت توسعاً كبيراً في عدد كلياتها وبرامجها. ففي عام 2001، تأسست كلية طب المختبرات، وفي عام 2002، تأسست كلية العلوم الإدارية والمالية، وفي عام 2003، تأسست كلية العلوم الصحية، وفي عام 2004، تأسست كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية.

في العام 2007، تم إطلاق خطة تطوير التعليم للفترة من 2007 إلى 2015، والتي ركزت على تحقيق أهداف التعليم للجميع والتنمية المستدامة. وفي هذا الإطار، تم تنفيذ مشاريع لتحسين بيئة التعلم وتطوير المناهج وتدريب المعلمين وتشجيع المشاركة المجتمعية في التعليم، لكن سرعان ما تلاشى هذا الحلم.

ففي عام 2015، اندلعت حرب أهلية في اليمن، بعد إنقلاب الحوثيين على الدولة، أثرت فيها هذه الحرب سلباً على التعليم في عدن وبقية المحافظات.

فقد تضررت أو دُمّرت مئات المدارس بسبب القصف والاشتباكات، وانقطعت رواتب المعلمين، وانخفضت مستويات التحصيل الدراسي، وزادت مخاطر التسرب المدرسي والزواج المبكر والانضمام إلى الجماعات المسلحة.

و في عام 2018، تم إطلاق خطة استجابة للتعليم في حالات الطوارئ، بالشراكة مع منظمات دولية مثل اليونسكو واليونيسف والاتحاد الأوروبي. وهدفت هذه الخطة إلى تقديم دعم عاجل لإعادة فتح المدارس وإصلاحها وتجهيزها، وتوفير مواد تعليمية للطلاب والمعلمين، وإجراء اختبارات لقياس مستوى التحصيل الدراسي، وإطلاق حملات لزيادة الوعي بأهمية التعليم.

في العام 2020، تأثر التعليم في عدن نتيجة انتشار جائحة كورونا (كوفيد-19)، التي أجبرت المدارس على الإغلاق لفترات طويلة. فقد اضطر أكثر من 2,5 مليون طالب في عدن إلى التوقف عن التعلم بشكل مباشر.

و بسبب هذه الظروف، تم اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان استمرارية التعليم عن بُعد، من خلال استخدام وسائل مثل الإذاعة والإنترنت والهاتف المحمول. كما تم تطبيق بروتوكولات لضمان سلامة الطلاب والمعلمين عند إعادة فتح المدارس.

عام 2021، شهدت عدن تحسناً نسبياً في الأوضاع التعليمية، بعد تشكيل حكومة جديدة مناصفة بين الجنوب والشمال، وإعادة فتح المؤسسات التعليمية بالتزامن مع تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، وهو ما بعث بصيص أمل في تحسن مستوى التعليم، والعمل على تطويره.

و في العام 2022، شهد التعليم في عدن تطورات إيجابية، بفضل دعم المجتمع الدولي والشركاء الإقليميين، وزيادة الموارد المخصصة للقطاع التعليمي، وتحسين البنية التحتية للمؤسسات التعليمية، وتطوير المناهج والأساليب التدريسية، وتحفيز المعلمين والأكاديميين، ورفع مستوى التحصيل للطلاب، ولكنه اصطدم بفعل الواقع الاقتصادي الهش الذي تعاني منه البلاد وما فاقمه من ازمة ايقاف تصدير النفط؛ بسبب ضرب مليشيا الحوثي للمنشآت النفطية و موانئ التصدير وتعطيلها مما سبب ازمه خانقه في الموارد الحكومية والتي تعتمد فيها الدوله بنسبة 80‎%‎ من ايرادتها على النفط، وهو ما انعكس سلباً على حياة المواطنين بكل فئاتهم ابرزهم المعلمين.

أرقام وإحصائيات

– بلغ عدد السكان في سن الدراسة (6-18 سنة) في مدينة عدن هو 1,026,000 نسمة، منهم 512,000 ذكور و514,000 إناث، بحسب تعداد السكان لعام 2012.

– فيما يبلغ عدد المدارس في مدينة عدن حوالي 1,021 مدرسة، منها 741 مدرسة حكومية و280 مدرسة خاصة، بحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم لعام 2019.

– ويبلغ عدد المعلمين في مدينة عدن حوالي 25 ألف معلم ومعلمة، منهم 15 ألف معلم، و 10 ألف معلمة، بحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم لعام 2019.

– عدد الطلاب في مدينة عدن هو 450,000 طالب وطالبة، منهم 230,000 طالب و220,000 طالبة، بحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم لعام 2019.

– معدل الالتحاق بالتعليم الأساسي (1-9) في مدينة عدن هو 85%، منها 88% للذكور و82% للإناث، بحسب تقرير اليونيسف عن التعليم في اليمن لعام 2020.

– معدل الانتقال من التعليم الأساسي إلى التعليم الثانوي (10-12) في مدينة عدن هو 65%، منها 68% للذكور و62% للإناث، بحسب تقرير اليونيسف عن التعليم في اليمن لعام 2020.

وبلغت نسبة الأمية بين السكان فوق سن 10 سنوات في مدينة عدن هي 25%، منها 15% للذكور و35% للإناث، بحسب تقرير المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية للجهاز المركزي للإحصاء لعام 2018.

أسباب تدهور التعليم في عدن

ويرجع ذلك لعدة عوامل أبرزها..

1_انعدام البيئة المناسبة للتعليم في عدن بفعل الظروف والأزمات المعيشية التي تعصف بالمواطنين، وتدفق النازحين بكميات ضخمة نحو العاصمة عدن مما يشكل عبئ كبير على البنية التحتية للتعليم

2_قِدم المنهج الدراسي وعدم تطويره وتحديثه بما يتناسب مع التقدم الحاصل في العالم والاعتماد على مناهج قد عفى عليها الزمن

3_شحة الكتاب المدرسي في المدارس الحكومية في عدن، فقد أوضحت د. نوال جواد مديرة مكتب التربية والتعليم في عدن أن “النقص في الكتاب المدرسي معضلة حقيقية ماثلة أمامنا ونتمنى تجاوزها بأسرع وقت ممكن”، لافتة إلى أن وزير التربية والتعليم الأستاذ طارق العكبري أكد لدى تدشينه العام الدراسي الجديد أنه يسعى بكل السبل لتوفير الكتاب المدرسي والتغلب على هذه المشكلة.

4_الإهمال المتعمد للمدارس وعدم الاهتمام بالطلاب وتشجيعهم على الدراسه من قبل بعض أولياء الأمور

5_إهمال الكادر التربوي وعدم الاهتمام بالمعلمين وتأهيلهم وتطوير قدراتهم

6_إنتشار المدارس الخاصة و الانتقال إليها رغم غلاء الأسعار فيها، حيث أوضحت د. جواد في سياق حديثها لقناة الغد المشرق أن “تحديد رسوم التعليم الأهلي والخاص من مهام وزارة التربية والتعليم، بحسب التقييم الذي يتم رفعه من قبلنا للوزارة حول تلك المدارس”.. مضيفة بالقول “أنه يتم تصنيف المدارس الخاصة إلى ثلاث فئات (A) و(B) و(C)، وعلى ضوء ذلك يتم تحديد الرسوم من قبل المعنيين في وزارة التربية”.

نسبة المنقطعين عن التعليم في عدن

إن نسبة الطلاب المنقطعين عن التعليم في مدينة عدن تختلف بحسب المصادر والسنوات، وكذلك الأوضاع في البلاد .

فوفقا لتقرير اليونيسف عن التعليم في اليمن لعام 2020، فإن معدل الالتحاق بالتعليم الأساسي (1-9) في مدينة عدن هو 85%، مما يعني أن 15% من الأطفال في سن الدراسة لا يذهبون إلى المدرسة.

وفي تقرير آخر عن التعليم الفني، فإن عدد الطلاب المنقطعين عن الدراسة في مدينة عدن بلغ 755 طالبًا/ـة في عام 2019، وهو ما يمثل 8% من إجمالي المنقطعين على مستوى البلاد.

ووفقا لمصادر أخرى، فإن نسبة الأمية بين السكان فوق سن 10 سنوات في مدينة عدن هي 25%، مما يشير إلى أن هؤلاء لم يكملوا تعليمهم الأساسي أو لم يحصلوا عليه أصلاً.

أسباب الانقطاع عن التعليم

يرجع سبب الانقطاع عن التعليم في عدن لعدة عوامل أبرزها..

– الأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة في المدينة، التي تسببت في تدمير أو تضرر أو استخدام المدارس لأغراض غير تعليمية، وتعريض حياة الطلاب والمعلمين للخطر.

– انقطاع الرواتب للمعلمين والأكاديميين أو عدم انتظام صرفها منذ عام 2016، مما أثر على جودة التدريس والتحفيز، ودفع بعضهم إلى البحث عن أعمال أخرى.

– تأثير جائحة كورونا على التعليم، حيث تم إغلاق المدارس والجامعات لفترات طويلة، وتعليق الدراسة عن بعد بسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت.

– نقص الموارد المالية والبشرية والمادية المخصصة للقطاع التعليمي، مما أدى إلى تدهور البنية التحتية والمناهج والأساليب التدريسية.

– زيادة معدلات تسرب الأطفال من المدارس، خاصة الفتيات، بسبب الزواج المبكر والعنف الأسري، أو الحاجة إلى العمل لإعالة الأسر.

-غلا المعيشة وارتفاع الأسعار و عدم مقدرة بعض الأسر على دفع تكاليف التعليم وأدواته التي أصبحت باهظة الثمن.

– خلفية الوالدين العلمية والثقافية والاجتماعية، التي قد تؤثر على قيمة التعليم في نظرهم، وتفضيلهم لتعلم المهارات الأخرى المفيدة لزيادة دخلهم.

أخيراً

وفي ظل إعلان نقابة المعلمين الإضراب الشامل منذ بداية العام الدراسي بسبب تدهور أوضاعهم المعيشية واعتراضهم على قرار نقل مرتباتهم من البريد إلى البنوك، و الذي زاد الأمور أكثر تعقيداً وبات يشكل هاجساً مقلقاً للمجتمع.

فإن كل هذه الأرقام والإحصائيات التي ذكرناها تنذر بكارثة تهدد مستقبل أبنائنا والأجيال القادمة مالم يتم عمل حلول عاجلة تفضي إلى معالجة جذرية لمشكلة التعليم من الأساس في عدن، وتوجد صيغة مشتركة تنتشل وضع التعليم مما هو عليه، فلا مستقبل لوطن يسيطر الجهل والتخلّف على أبنائه.



 

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: وزارة التربیة والتعلیم التعلیم الأساسی البنیة التحتیة التعلیم فی عدن عن التعلیم فی فی الیمن فی العام وفی عام لعام 2020 فی عام عام 2019

إقرأ أيضاً:

«ائتلاف أولياء أمور مصر» يطالب الحكومة الجديدة المنتظرة بهذه الإجراءات

أشادت داليا الحزاوي مؤسس «ائتلاف أولياء أمور مصر»، وخبيرة الأسرة، بمجهودات الدولة فى مجال التعليم، وأكدت أن التعليم شهد في عهد الرئيس السيسي تطورا كبيرا، نظرا لحرصه على ضرورة بناء شخصية الطالب المصري وتنمية مهاراته وإبداعه.

ودعت الحزاوي، الحكومة الجديدة، أو وزير التربية والتعليم الجديد أو في حالة إبقاء دكتور رضا حجازي في الوزارة إلى عدة مطالب طرحها أولياء الأمور للاستمرار في نهضة التعليم بمصر، وهي

1-ضرورة تناسب المناهج الدراسية مع عدد الأيام الفعلية للعام الدراسي.

2-تحسين الأوضاع المالية للمعلمين وسرعة تفعيل رخصة مزاولة المهنة للمعلمين.

3-حل جذري لمشكلة عجز المعلمين.

4- السعي لإطلاق مشروع قومي لبناء المدارس بالشراكة مع رجال الأعمال للمساهمة في حل مشكلة الكثافة العالية للفصول التي تؤثر بشكل كبير على جودة التعليم.

5- العمل على تقنين وضع السناتر ووضعها تحت إشراف الوزارة مع المحافظة علي سعر الحصة كما هي حتي لا يكون ذلك عبء علي ولي الأمر.

6- سرعة تفعيل مجاميع الدعم المدرسية للشهادات قبل بداية العام الدراسي الجديد لتشجيع الطلاب الالتحاق بها ولأبد من أن تكون مجموعات الدعم بسعر تنافسي عن سعر السنتر وكذلك يرفع العبء عن ولي الأمر.

7-حوكمة المدارس الخاصة وتفعيل وسيلة رقمية سريعة للشكاوى من تجاوزات تلك المدارس وتفعيل نظام التقسيط للمصاريف حتي تستقر الأوضاع الاقتصادية.

8-عمل خطة لتسليم الكتب المدرسية قبل بداية العام الدراسي وكذلك رفع جودة الكتاب الدراسي نظرا لفقر الكتاب المدرسي في عدم وجود تدريبات كافية وطريقة عرض المعلومات غير مرتبة.

9- وضع خطة تسليم تابلت للصف الأول الثانوي قبل بداية العام الدراسي نظرا لاعتماد طالب المرحلة الثانوية علي التابلت في الإطلاع على الكتب المدرسية التي توقف طباعتها ورقيا وكذلك الاطلاع على ما وفرته الوزارة من المنصات.

10-النظر في شكاوى أولياء أمور المراحل المطورة للوقوف على أسباب الشكوى والتى من أهمها صعوبة المناهج وعدم تناسبها مع المرحلة العمرية للطلاب.

11-السيطرة علي الغش في الإمتحانات التي أصبحت ظاهرة مستفحلة في امتحانات الشهادة الإعدادية والثانوية العامة مما يقضي على مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب.

12- عدم اغفال رأي أولياء الأمور عند إعداد المؤتمر الخاص بتطوير الثانوية العامة حيث أن أولياء الأمور شركاء في العملية التعليمية، لذا لابد من دعوة ممثلين عن أولياء الأمور لعرض مطالبهم وسماع مشاكلهم.

مقالات مشابهة

  • «التعليم» تكشف موعد وضوابط تحويل الطلاب بين المدارس والمعاهد الأزهرية
  • «التعليم» تعلن أوراق التحويل بين المدارس في المحافظات.. اعرفها قبل التقديم
  • عضو النواب عن «التنسيقية»: نريد تعليما يواكب احتياجات سوق العمل
  • «ائتلاف أولياء أمور مصر» يطالب الحكومة الجديدة المنتظرة بهذه الإجراءات
  • بدء تحويل الطلاب بمدارس الجيزة.. الخطوات والشروط 2024
  • إغلاق المدارس السودانية في مصر: التحديات والإجراءات القانونية
  • رؤى جديدة في القيادة التعليمية
  • "التعليم": إجازات الخريف والشتاء للمدارس المتميزة فقط/عاجل
  • السعودية تلغي «إجازتي الخريف والشتاء» في بعض المدارس.. فما السبب؟
  • السعودية تلغي إجازتي الخريف والشتاء في المدارس منخفضة الأداء