أكتوبر 4, 2023آخر تحديث: أكتوبر 4, 2023

المستقلة/- قال مسؤولان عراقيان في بغداد، لصحيفة “العربي الجديد” القطرية و تابعته المستقلة، إن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للعراق مرهونة بحل الخلافات حول عدد من الملفات.

وكانت الحكومة العراقية قد أشارت، في 25 يونيو/ حزيران الماضي، إلى زيارة مرتقبة لأردوغان إلى بغداد، لإجراء مباحثات مع المسؤولين العراقيين، وذلك عقب لقاء بين السفير التركي في بغداد علي رضا كوناي، ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، فيما نقلت تقارير محلية عراقية عن مسؤولين أن الزيارة مقررة خلال مطلع يوليو/ تموز الماضي، لكنها لم تتم حتى اليوم.

زيارة أردوغان مرهونة بحل ملفات شائكة
وقال مسؤول عراقي في مكتب رئيس الحكومة، لـ”العربي الجديد”، إن زيارة أردوغان إلى بغداد “مرهونة بملفات شائكة لم يتم التوصل لاتفاق بشأنها”.

غضنفر البطيخ: هدف زيارة فيدان لبغداد كان إعداد ورقة العمل لزيارة أردوغان للعراق

وأضاف أن “زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أغسطس/ آب الماضي، كانت بهدف التمهيد لزيارة أردوغان إلى العراق. وكان هناك برنامج عمل متكامل لهذه الزيارة، يتضمن الانتقال من بغداد للبصرة لوضع حجر الأساس من قبل السوداني وأردوغان لمشروع طريق التنمية الرابط بين البصرة والأراضي التركية”.

وأشار إلى أن “الزيارة ما زالت قائمة في جدول أعمال البلدين، لكنها مرهونة بالاتفاق على ملفات تتعلق بحزب العمال الكردستاني ومطالبة أنقرة العراق باعتباره منظمة إرهابية، واستئناف تصدير النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي، وموضوع المياه”.

وفي السياق ذاته، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، أمس الأول الاثنين، استمرار مباحثات العراق مع الجانب التركي بشأن الملفات الخلافية، لافتاً إلى أن الأيام القادمة تحمل فرصاً كبيرة لتعظيم مستوى الشراكة بين بغداد وأنقرة.

وبيّن الصحاف، في تصريح لقناة محلية عراقية، أن ملف استئناف تصدير النفط من حقول إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، والمياه، والعمليات العسكرية التركية داخل العراق، من بين الملفات الخلافية العالقة بين البلدين.

وقال إن “المباحثات مع الجانب التركي مستمرة في مختلف المجالات، منها ما يخص قطاع المياه، وقطاعات مشتركة أخرى، كذلك أيضاً في ما يتعلق بتصدير النفط العراقي عبر تركيا”، كاشفاً أن “الفرق الفنية المختصّة تعمل بشكل أساسي للتوافق على رؤية مشتركة تنبع من مصالح البلدين الجارين”.

ورأى أن “مبادئ حسن الجوار وطبيعة العلاقات المشتركة بين الجانبين تفرض أن تكون مسارات التفاوض بدرجة عالية من الإيجابية”، مضيفاً: “نعتقد أيضاً أن الأيام القادمة سوف تحمل فرصاً كبيرة لتعظيم مستوى الشراكة بين بغداد وأنقرة”.

وأشار وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، في تصريح صحافي أخيراً، إلى زيارة مرتقبة لوزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار إلى العراق قريباً، موضحاً أن موضوع استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان سيكون واحداً من محاور زيارته، مشيراً إلى أن المحادثات مع تركيا بخصوص الموضوع مستمرة.

من جهته، أكد عضو في البرلمان “عدم الاتفاق على الملفات التفاوضية، المتعلقة بقضية حزب العمال الكردستاني ومحاربته، ومناقشة إمكانية تنازل بغداد عن أجزاء من الأموال التي كسبتها عقب قرار محكمة باريس بشأن ملف تصدير نفط الإقليم (كردستان العراق) عبر ميناء جيهان التركي”.

العراق يرفض التنازل عن أمواله
وبين أن “الجانب العراقي أصر على عدم مناقشة تنازله عن الأموال التي كسبها عقب قرار محكمة باريس، وحصر التفاوض بقضية عودة تصدير النفط وحصة العراق المائية، والملفات التجارية والاستثمارية، وملف استمرار القصف التركي على الأراضي العراقية، وما يشكله من خطورة على أمن واستقرار العراق وتداعياته على أمنه القومي. لهذا كانت هناك خلافات وعدم تنسيق، ما دفع الى تأجيل الزيارة إلى إشعار آخر”.

وكشف عن “وجود اتصالات مستمرة على مستوى وزارتي الخارجية بين البلدين بشأن تلك الملفات، وفي حال عدم تحقيق أي تقدم قد يصار إلى إلغاء الزيارة”.

وفي مارس/ آذار الماضي، أصدرت هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية في باريس حكماً بتغريم تركيا أكثر من مليار ونصف المليار دولار بسبب تصدير النفط من حقول إقليم كردستان العراق بدون موافقة بغداد، وذلك على خلفية شكوى رفعتها حكومة عادل عبد المهدي السابقة ضد أربيل إبان الأزمة بين بغداد وحكومة كردستان.

من جهته، قال غضنفر البطيخ، عضو تحالف “الإطار التنسيقي” الحاكم في العراق، لـ”العربي الجديد”، إن “الهدف من زيارة وزير الخارجية التركي لبغداد كان إعداد ورقة العمل لزيارة أردوغان للعراق”.

ملفات مشتركة كثيرة بين بغداد وأنقرة
وأضاف: “بين بغداد وأنقرة ملفات مشتركة كثيرة، منها الأمني المتعلق بتحركات حزب العمال الكردستاني والعمليات العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية، وكذلك المياه وسعي بغداد للحصول على كامل حصتها العادلة من المياه، خصوصاً لما يعانيه العراق من أزمة جفاف كبيرة وخطيرة”.

وأشار البطيخ إلى أن “هناك ملفاً ثالثاً، هو اقتصادي، خصوصاً حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا، وأصبح هناك إرباك بهذا الملف بسبب توقف تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي، وقرار محكمة باريس المتضمن غرامة مالية على أنقرة. هذا الموضوع هو أبرز أسباب تأجيل زيارة أردوغان”.

إحسان الشمري: التعويضات المالية والمياه يفاقمان التوتر بين البلدين

وأشار إلى أنه “كانت هناك محاولة تركية من أجل أخذ موافقة مبدئية من قبل الحكومة العراقية للتنازل عن المبلغ خلال زيارة أردوغان إلى بغداد، الأمر الذي رفضته حكومة السوداني. كما أن هناك خلافات تتعلق بالأمن والمياه”.
وبين أن “زيارة أردوغان إلى بغداد مهمة للعراق وتركيا، ولهذا نتوقع حدوث الزيارة، لكن بعد حصول اتفاق على ملفات التفاوض بين الطرفين”.

من جهته، قال مصدر دبلوماسي تركي طلب عدم الكشف عن اسمه لكونه غير مخول بالتصريح لـ”العربي الجديد”، إنه “من الطبيعي أن يحصل تأجيل”، لافتاً إلى أن “هناك مساعي لتخفيف الملفات الخلافية وخصوصاً في ما يتعلق بشكل مباشر بتركيا، وخاصة مسألة كركوك والسليمانية”، في إشارة إلى انزعاج تركيا من قرار الحكومة المركزية تسليم إدارة كركوك للحزب الديمقراطي الكردي، ودعم بافل الطالباني لوحدات الحماية الكردية، خاصة بعد حادثة سقوط مروحيتين في مارس/ آذار الماضي كانتا تقلان قيادات من الوحدات إلى السليمانية، فضلاً عن استضافة رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بافل الطالباني لقائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي.

العلاقات بين العراق وتركيا ليست بأفضل حالاتها

في المقابل، قال رئيس مركز “التفكير السياسي” إحسان الشمري، لـ”العربي الجديد”، إن “العلاقات بين تركيا والعراق ليست بأفضل حالاتها، على اعتبار أن العراق غير قادر على حسم الكثير من الملفات داخلياً، ومنها ما يرتبط بحزب العمال الكردستاني، خصوصاً أن بغداد عاجزة بشكل كامل عن المضي بحل هذا الملف كونه جزءاً من التوازنات الداخلية ومدعوماً من جهات تشكل الحكومة الحالية”.

وبين الشمري أن “ملف التعويضات المالية، وما يمثله من مصد أمام عودة استئناف تصدير النفط بين البلدين، خصوصاً أن بغداد حتى الآن غير قادرة على اتخاذ قرار في ما يخص هذا الأمر، الذي سيكون بمثابة تفريط بالحقوق العراقية، إذا أقدم السوداني على هذه الخطوة. كما أن ملف المياه والرؤية التركية حياله، وعجز الحكومات العراقية عن إيجاد مقاربة يمكن من خلالها حل أزمة المياه، يفاقم التوتر بين البلدين”.

وأضاف الشمري أن “هذه الملفات وغيرها ستلقي بظلالها على تأخر زيارة أردوغان إلى بغداد”، لكنه أشار إلى أنه يمكن أن يقوم أردوغان بزيارة العراق لسبب آخر “يرتبط بالممر الأخضر الذي تم الاتفاق عليه من قبل مجموعة العشرين (أخيراً)، والذي قد يحفز تركيا على إيجاد حل وسط لغرض استكمال طريق التنمية”.

وفي مارس الماضي أجرى السوداني زيارة رسمية إلى أنقرة، على رأس وفد وزاري وأمني كبير، بحث خلالها مع المسؤولين الأتراك عدة ملفات، أبرزها الأمن والحدود والمياه والطاقة وتوسيع نطاق التجارة بين البلدين.

وتكمن صعوبة التوصل إلى تفاهمات كاملة بين بغداد وأنقرة بشأن إنهاء وجود مسلحي حزب العمال الكردستاني في العراق بعدة عوامل ميدانية، أبرزها وجوده في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه عناصر الحزب من فصائل مسلحة، توصف بأنها حليفة لإيران، خاصة في مناطق سنجار، غربي نينوى.

وكان وجود عناصر “الكردستاني”، الذي تصنّفه أنقرة “منظمة إرهابية” في الأراضي العراقية، قد تسبب في العديد من الأزمات السياسية بين البلدين، كان آخرها العام الماضي عندما اتهمت بغداد القوات التركية بقصف منتجع سياحي في دهوك، ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين، وهو ما نفته أنقرة وقتها.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: زیارة أردوغان إلى بغداد حزب العمال الکردستانی میناء جیهان الترکی لـ العربی الجدید عبر میناء جیهان إقلیم کردستان بین البلدین تصدیر النفط إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل ينهي حل حزب العمال الوجود التركي في العراق؟

بغداد اليوم- متابعة

هدير الطائرات التركية وأزيزها ما يزال يسمع بين فترة وأخرى فوق بعض نواحي وقرى محافظة دهوك شمال العراق، رغم إعلان رئيس حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، حل الحزب وإنهاء عملياته العسكرية.

ويتحدث نجيب خالد، المواطن الذي يسكن قرية بلافه التابعة إلى ناحية ديرلوك في قضاء العمادية بمحافظة دهوك، ثم يصمت فجأة عند اقتراب الطائرات التي تُسيّرها أنقرة لملاحقة عناصر حزب العمال.

ويعبر عن استيائه من عدم تأثير خطاب أوجلان على الأوضاع الأمنية في منطقته الحدودية، مشيراً إلى أن الصراع المسلح "ما يزال مستمراً".

ويضيف نجيب قائلاً "أرجو أن تستمعوا إلى أصوات الطائرات التي تحلق حالياً فوق قريتنا بينما أتحدث إليكم".

ويقول إن الطائرات التركية "ما زالت تقوم بطلعات شبه يومية بحثاً عن المطلوبين من الحزب.

كما يطالب نجيب باتخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف هذه المعارك، لتمكين الأهالي من العودة إلى قراهم واستئناف أعمالهم الزراعية التي توقفت منذ فترة طويلة.

ويردف "لا أحد يمكنه التنبؤ بمستقبل الأحداث، ونتمنى نحن المتضررين من هذه الحرب أن تتحقق عملية السلام بين تركيا وحزب العمال".

تطورات متسارعة

ويشهد ملف الوجود العسكري التركي في العراق تطورات متسارعة، خاصة بعد إعلان حزب العمال الكردستاني تحوله من العمليات العسكرية إلى النشاط السياسي.

الدعوة التي وجهها زعيم "العمال الكردستاني"، عبد الله أوجلان، لحزبه لم تكن الأولى من نوعها على هذا الصعيد، لكن سطور البيان الخاص بها والتي تليت من مدينة إسطنبول، يوم الخميس، حملت "نفسا استثنائيا".

فقد بدأ الحراك النيابي داخل العراق استعداداته للضغط بغية إخراج القوات التركية من البلاد وإغلاق قواعدها العسكرية، ليس فقط في إقليم كردستان، بل في المناطق الأخرى، بما في ذلك قاعدة زليكان العسكرية الواقعة على أطراف مدينة الموصل.

ورغم ذلك، تسعى أنقرة إلى الإبقاء على قواعدها العسكرية في العراق، مما يعكس تعقيد المشهد ويطرح تساؤلات حول مستقبل هذا الوجود وتداعياته على الجوانب السياسية والأمنية في العراق، وهل سيؤثر حل حزب العمال الكردستاني على دوافع تركيا للبقاء في العراق، أم أن هناك عوامل أخرى تدفعها للاستمرار في وجودها العسكري داخل الأراضي العراقية.

مطالب بـ"إنهاء الاحتلال"

أوضح رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، كريم المحمداوي في تصريح صحفي، أن اللجنة "تمتلك رؤية واضحة" بشأن ضرورة اتخاذ قرار يقضي بخروج القوات التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني من جميع الأراضي العراقية.

وبيّن أن اللجنة "ماضية في هذا الحراك لعقد جلسة للتصويت على هذا القرار في قادم الأيام".

وأضاف المحمداوي أن وجود القوات التركية في العراق "لم يعد مبرراً"، خاصة بعد دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني لوقف العمليات العسكرية والانتقال إلى المسار السياسي.

بناءً على ذلك، فإن لجنة الأمن والدفاع، وفق المتحدث، "تصر على مطالبها بضرورة إنهاء التواجد العسكري التركي، وإخراج عناصر حزب العمال من العراق".

رغم إعلان أوجلان.. لماذا يستمر القتال بين تركيا و"الكردستاني"؟

تجددت الاشتباكات بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني المحظور في سلسلة جبال متين في محافظة دهوك، شمال العراق.

وأكد رئيس اللجنة أن "استمرار التواجد العسكري التركي في العراق يشكل تعدياً على السيادة العراقية، سيما أن هذا الوجود لم يتم بموجب اتفاقيات رسمية مما يجعله بمثابة احتلال للأراضي العراقية"، بحسب تعبيره.

عوامل حاسمة

من جانبه، بيّن المحلل السياسي المقرب من الحكومة التركية، مهند حافظ أوغلو، في تصريح صحفي، أن هناك فارقاً كبيراً بين إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه وقبول دعوة زعيمه عبد الله أوجلان، وما بين تطبيق هذا الأمر ميدانياً، بما في ذلك إلقاء السلاح.

وأكد أن أنقرة لن توقف عملياتها العسكرية طالما لم يتم نزع سلاح الحزب بشكل فعلي، حيث تمكنت القوات التركية قبل عدة أيام، من "تحييد تحركات إرهابية" على حد وصفه، وقتلت نحو 10 من عناصر حزب العمال.

وأضاف أوغلو أن تركيا "لا يمكنها حتى إذا عقد حزب العمال مؤتمره وأعلن عن حل نفسه وإلقاء سلاحه، أن تسحب قواتها من الجغرافية العراقية بشكل عاجل، لسببين رئيسيين الأول، هو رغبة تركيا في إبقاء قواتها في العراق لمراقبة الوضع الميداني بعد أن ينزع الحزب سلاحه، لضمان عدم وجود تحركات إرهابية أو أسلحة متفلتة قد تستخدم في دعم تحركات عناصر الحزب، وهو أمر قد يستغرق شهوراً".

أما السبب الثاني فيتمثل بوجود تفاهمات بين أنقرة وبغداد وإقليم كردستان، بالإضافة إلى دمشق وعمان، لتشكيل قوة إقليمية رباعية لمكافحة الإرهاب، بدءًا من داعش ثم حزب العمال، وصولًا إلى أذرعه.

وبالتالي "لا يمكن سحب القوات العسكرية التركية من العراق وسوريا في الوقت الحالي إلا وفق ترتيبات محددة"، حسب قوله.

ما ان تعبر مدينة العمادية فان الخروج عن الشارع الرئيسي يصبح بمثابة التوجه نحو المجهول، قد تنفجر بك عبوة ناسفة! تم زراعتها على مقربة من الشارع أو تأتيك طائرة مسيرة تقصفك، بهذه الكلمات وصف عبدالله سليم الطريق الى قريتهم، وهو من أهالي قرية (مزي) القريبة من ناحية ديرالوك في قضاء العمادية (470 كلم شمال بغداد).

كما أبدت بغداد استعدادها للتعاون مع أنقرة في هذا الإطار، خاصة أنها تعتبر حزب العمال الكردستاني ليس مجرد منظمة محظورة، بل منظمة إرهابية، وفقًا للتصنيف العراقي، كما جاء ذلك في تصريح لوزير الدفاع العراقي، بحسب حديث أوغلو.

وفي ما يتعلق ببدء أنقرة بتقديم تطمينات للجانب العراقي بشأن سحب جزء من قواتها من العراق مبدئيًا، يرى المحلل السياسي أن هذا الأمر مرتبط بتوقيتات مؤتمر حزب العمال المنتظر لإلقاء السلاح بشكل فعلي.

كما يرتبط أيضًا بتعاون العراق في متابعة الوضع الأمني الميداني لضمان إنهاء أي نشاط مسلح للحزب، وبعد انعقاد المؤتمر، ستكون بغداد وأنقرة أمام عام كامل لتحديد ما إذا كان هناك جدول زمني لسحب القوات التركية وإغلاق قواعدها العسكرية في العراق أم لا.

وفي الوقت نفسه يؤكد أوغلو أن أنقرة ستناقش بشكل مفصل مع بغداد مسألة القواعد العسكرية التركية على الأراضي العراقية، وبعد نزع سلاح حزب العمال ترى تركيا ضرورة وجود قوة ردع لمنع ظهور أي عناصر متخفية أو ذئاب منفردة.

كما سيتم، وفق المتحدث، التنسيق مع الجانب العراقي في هذا الشأن "لضمان عدم وجود ذريعة لاحقًا للعراق بأن تركيا تنتهك سيادتها، حيث أن أنقرة ترفض بشكل قاطع التعدي على سيادة أي دولة".

ويضيف "لن يكون هناك انسحاب للقوات التركية وإغلاق قواعدها العسكرية في العراق ما لم تطمئن أنقرة بشكل كامل إلى أمنها القومي، بعدم وجود أي تهديدات، وضمان إنهاء هذا الملف بشكل نهائي، ويرتبط هذا بما سيحدث في المستقبل، حيث قد تغيّر تركيا في شكل قواعدها ومواقع انتشارها، وربما يكون ذلك بإنشاء قاعدة عسكرية حتى في جبال قنديل".

وأشار أوغلو إلى أن عدد القواعد العسكرية التركية المتكاملة بتشكيلاتها الحالية في العراق لا يتجاوز 20 قاعدة، بحسب قوله.

كما أضاف أن هناك العشرات من نقاط الانتشار لعناصر القوات التركية على الأراضي العراقية، مشيراً إلى أن هذا التواجد "لم يتم بموجب اتفاق رسمي مع الجانب العراقي، بل بناءً على تفاهمات وقبول عراقي لوجود القوات التركية بهدف مكافحة الإرهاب"، حسب قوله.

ولفت المحلل السياسي إلى أن حزب العمال يتألف من تيارين رئيسيين؛ أحدهما غربي والآخر إيراني، حيث "يتمتع التيار الإيراني بهيمنة كبيرة على الحزب، وبناءً على ذلك، فإن تحركات قادة الحزب ستكون وفق الأجندة الإيرانية في العراق".

أول تعليق لبارزاني على دعوة أوجلان لإلقاء السلاح

رحب رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، الخميس، برسالة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان التي دعا خلالها حزبه لنزع السلاح وحل نفسه.

وأضاف أن من غير المحتمل أن تدخل أنقرة في أي مفاوضات مع منظمة إرهابية، حسب وصفه، ولن توافق على أي تسوية لحل القضية الكردية سياسياً إلا بشرط حل الحزب وإلقاء سلاحه بشكل نهائي ، لضمان تحقيق عملية السلام في المنطقة.

اقتلاع "شجرة حديدية"

يقول الخبير الأمني، ماجد القيسي، في تصريح صحفي إن قيادات حزب العمال العسكرية التي تعمل في الميدان لن تتماشى في المرحلة الحالية مع دعوة رئيس الحزب أوجلان وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بنزع السلاح بشكل متكامل، لأنها تعتقد أن هذا النداء جاء نتيجة ضغوط من حكومة أنقرة على أوجلان وهو في المعتقل.

والدليل على ذلك، بحسب القيسي، أن العمليات العسكرية ما تزال قائمة والطيران التركي يواصل طلعاته وملاحقة أهدافه.

ويوضح أن عبد الله أوجلان معتقل منذ عام 1999، ولم يتواصل مع حزبه وقادته منذ سنوات طويلة، ما يعزز فكرة أن مثل تلك القرارات الحاسمة ترجع للقيادات العسكرية.

بالإضافة إلى هذا الحزب يتضمن تيارات عديدة قد لا تتوافق ودعوة أوجلان لإنهاء النشاط المسلح ودخول مفاوضات قد لا تتحقق المكاسب التي حلم بها الحزب.

وأضاف أن حزب العمال بدأ معارضته للحكومة التركية وحمل السلاح ضدها منذ 4 عقود وتحديداً منذ عام 1980.

وترى قيادات حزب العمال أن هذا القتال لن ينتهي دون تحصيل حقوق الكرد في تركيا، و"المؤشرات تؤكد أن الحزب غير مستعد لنزح سلاحه والدخول في مفاوضات وقد يقوم بتجميد عملياته العسكرية لكن مسألة نزع السلاح مستبعدة سيما في ظل وجود مفاوضات"، حسب قول القيسي.

ويؤكد أن ما بين عامي 2013 إلى 2015، كانت هناك عملية سلام بين أنقرة وحزب العمال لكنها انهارت بعد نشوب معارك عنيفة في الجيش التركي وعناصر الحزب في مدينة ديار بكر وشرناق، لأسباب تركية داخية وأسباب أخرى تتعلق بالحزب نفسه.

وبرغم وجود مذكرة تفاهم بين أنقرة وبغداد في عدة مجالات، أبرزها الجانب الأمني، والتي تم توقيعها في أغسطس 2024، إلا أن الخبير الأمني يرى أن وجود القوات التركية داخل الأراضي العراقية يعد خرقًا للسيادة الوطنية، وفقاً لتعبيره.

وتنص بنود هذا التفاهم على إنهاء الوجود العسكري التركي ويكون هناك تعاون أمني لمكافحة الإرهاب، والاحترام المتبادل لسيادة البلدين، والقضاء على التهديدات الأمنية كافة، وإنشاء مركز أمني مشترك على الحدود، وأن تستلم القوات العراقية قاعدة زليكان أطراف الموصل.

لكن لحد الأن لا توجد مسارات لتنفيذ بنود مذكرة التفاهم الأمني من كلا الطرفين، إذ يرجع القيسي هذا الأمر إلى وجود فجوات متعددة بين بغداد وأنقرة أهمها الجانب الأمني وأزمة المياه على حد وصفه.

ويعتقد القيسي أن من أبرز التداعيات الأمنية الناتجة عن وجود القوات التركية داخل العراق واستمرار عملياتها العسكرية هو التأثير المباشر على أمن المواطنين وحياتهم اليومية.

وقد أدى ذلك إلى نزوح سكان مئات القرى في شمال العراق، وبالتحديد في محافظة دهوك، مما أسهم في تدهور أوضاعهم المعيشية وتهديد مصادر رزقهم.

في ما يشير إلى أن عدد القواعد والمواقع العسكرية التركية داخل الأراضي العراقية وفقاً لما نشرته وزارة الدفاع التركية، يصل إلى 37 موقع عسكري في عام 2020، أما الآن فعدد المواقع العسكرية التركية يقدر بنحو 85 موقع وقاعدة عسكرية في العراق.

كما قال القيسي إن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي صرح بوجود نحو 100 قاعدة وموقع عسكري تركي في العراق، حسب قوله.

رجل كردي يسير وسط الأنقاض في مدرسة عقب الهجمات الإيرانية عبر الحدود في بلدة كوي (كويسنجاق)، على بعد 100 كيلومتر شرقي أربيل، عاصمة المنطقة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في شمال العراق في 1 أكتوبر 2022.

في قلب النزاعات.. مثلث تحديات متداخلة يهدد كردستان العراق

لم تكن برين طاهر، الموظفة في محافظة دهوك، إحدى المدن الرئيسية في إقليم كردستان، تتوقع أن تهاجم إسرائيل مواقع عسكرية إيرانية في تلك الليلة.

ويدعو الخبير الأمني إلى ضرورة الإسراع في بدء مفاوضات "عالية المستوى" بين بغداد وأنقرة بهدف إنهاء التواجد العسكري التركي في العراق وتداعياته السلبية، سيما وأن هناك إشارات واعدة لإزالة مبررات تركيا بشأن محاربة حزب العمال، خصوصاً بعد دعوة أوجلان لحل الحزب، بحسبه.

كما يوصي بتشكيل لجان تنسيقية مسؤولة عن تنفيذ المفاوضات، معتقداً أن أنقرة ستستجيب للمطالبات العراقية وتسحب قواتها من العراق لكن بشكل تدريجي وربما يأخذ وقتاً محدداً، لاسيما في ظل وجود رغبة تركية حقيقية لإنهاء هذا الملف نهائياً على حد تعبيره.

ثورة "مسمومة" بين "جدران المساومات"

يرى أستاذ العلاقات الدولية، عصام الفيلي، أن دعوة اوجلان بحل حزب العمال لن تُطبق بالكامل، ولن تتمكن من إقناع قيادات الحزب بالانخراط في مفاوضات سلمية، حسب قوله.

ويعود السبب في ذلك إلى أن أوجلان تعرض لجملة من "المساومات"، بالإضافة إلى أن نشأته بنيت على "أفكار ثورية"، إذ أنه "يؤمن تماماً أن حقوق الأكراد لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الكفاح المسلح".

ويعتقد الفيلي أن القراءة السياسية لنداء أوجلان تدل على أنه أراد أن يخلق معالجة لأزمة مستدامة، لكنه في الوقت ذاته قدم إشارات ضمنية تفيد بأن القرار سيكون بيد قيادات حزب العمال الميدانية.

ويرى أن تركيا لن تخرج من الأراضي العراقية مهما كانت الظروف، حيث ترى أن وجودها هناك جزء من حق تاريخي يتعلق بمطالبتها بولاية الموصل، كما أن أنقرة تعتبر وجودها أيضاً جزءاً من استراتيجيتها لملئ الفراغ أمام منافس قوي لها، وهو الوجود الإيراني في العراق.

فضلاً عن ذلك، ترى تركيا أن تواجدها العسكري في العراق يمثل توازن قوى في المنطقة، وأنقرة تعتبر نفسها إحدى القوى الإقليمية التي يجب أن يكون لها حضور مؤثر، وتعد وجودها بمثابة حماية لاقتصادها، خاصة أن هناك العديد من الشركات الاقتصادية الكبرى التركية التي تعمل في العراق، وكذلك لكي تفتح المجال أمام المزيد من العلاقات في مجال الطاقة والأعمار، على حد قول الفيلي.

ويشير الفيلي إلى أن البرلمان العراقي، حتى وإن صوت على إخراج القوات التركية من العراق، سيشكل ذلك ورقة ضاغطة على أنقرة، لكن من الصعب تنفيذ هذا القرار لأن بغداد لا تمتلك القدرات العسكرية مقارنة بالإمكانيات التركية أو ما يعادلها، وأن الحل الأمثل لهذه القضية لن يكون إلا من خلال تدويلها، وإصدار قرار أممي يطالب بانسحاب القوات التركية من العراق، وفقاً لرأيه.

وعن التواجد العسكري التركي، يقول أستاذ العلاقات الدولية إن أول قاعدة عسكرية تركية تم إنشاؤها داخل العراق كانت عام 1992، حيث استغلت أنقرة غياب السلطة العراقية عن الأراضي الكردية في إقليم كردستان لتثبت معالم وجودها هناك، ومنذ ذلك الحين، بدأت تركيا في تعزيز حضورها العسكري في المنطقة، مما شكل نقطة انطلاق لتواجدها العسكري الطويل الأمد وفقاً لقوله.

بعد عام 2003 وتغير النظام السياسي في العراق، لم يسعى صناع القرار إلى معالجة مسألة التواجد العسكري التركي بجدية، برغم أن هذه القضية تعد من أبرز التحديات في تاريخ العراق السياسي، كما أن هذا التواجد عدّه الفيلي غير رسمي، إذ لم تُوقع أي اتفاقية رسمية بشأنه، بينما تجدد تركيا الاتفاقية الموقعة بعد عام 1991 من جانبها فقط، حسب قوله.

فيما يعتقد، أن دعوة عبدالله أوجلان بإيقاف النشاط المسلح لن تلقى استجابة من جميع أجنحة حزب العمال الكردستاني، خصوصاً من جماعة "البككة"، التي تضم فصائل تخضع للتأثيرات الإيرانية، ومن أبرز تلك الفصائل وأقواها تلك الموجودة في جبال قنديل تحت قيادة جميل باياك، التي لا تزال تستخدمها إيران كأداة ضغط ضد تركيا في مختلف مراحل التهدئة أو التصعيد.

هذا التوجه يعزز من احتمال استمرار العمليات العسكرية لحزب العمال الكردستاني، لفترة طويلة، في ظل تأثر الحزب بالتوجهات الإيرانية التي تسعى لاستغلال هذه الورقة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية في مواجهة تركيا التي لا تؤمن بحقوق الكرد وتحديداً على يد اليمين التركي المتطرف، على حد تعبيره.

المصدر: موقع الحرة

مقالات مشابهة

  • العراق يخشى أزمة كهرباء خانقة إذا مُنع استيراد الطاقة الإيرانية
  • الحكومة العراقية تعزز خططها لتأمين الكهرباء الصيف المقبل
  • الحكومة العراقية تعزز خطط تأمين الكهرباء الصيف المقبل
  • العقوبات الأمريكية على الفصائل العراقية .. هل المواطن في مأمن؟
  • العقوبات الأمريكية على الفصائل العراقية .. المواطن في مأمن- عاجل
  • تقرير: تركيا وإسرائيل تقتربان من التصادم في سوريا
  • هل ينهي حل حزب العمال الوجود التركي في العراق؟
  • التربية تبحث مع الجانب التركي تسهيل عمل الموظفين في مدارس البلدين
  • بغداد: انتهاء الإعفاء الأمريكي يعقد الوضع الطاقوي في العراق
  • الفصائل العراقية.. أسباب المتحولات والأولويات الجديدة - عاجل