صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-19@02:19:28 GMT

المراوحة في منتصف الطريق

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

المراوحة في منتصف الطريق

خالد فضل

سبع وستون سنة انقضت من عمر الاستقلال عن الحكم الاستعماري الثنائي (انجليزي /مصري) ، بعد ثلاثة أشهر من الآن ندخل في العام الثامن والستين وما تزال قضية السودان المركزية هي (مسألة البقاء). نعم قد يكون صادما بالنسبة لكثيرين أن نواجه الحقيقة بكل تبعاتها وما تنطوي عليه من مرارة فاقعة تلوب في الأفواه،  السودان لم ينتقل رغم عمره المديد وهو يحتفل سنويا بذكرى الإستقلال المجيد ؛ من خانة البقاء ليضع رجلا على خانة النماء.

العالم تغيّر كثيرا خلال سبعة عقود تقريبا، دول وشعوب كانت في منتصف الخمسينات من القرن الماضي في رحم الغيب  ونحن في عامنا ال68 نومئ إليها بأنها ذات دور فعال في قضايانا المحلية تساعدنا بالمال والخبرات والإغاثات  ونتهمها بمد هذا المتمرد وذاك الخائن وبينهما العميل بالسلاح والدولار . لا نهتم أبدا بخيبتنا الوطنية  ولا نتهم أنفسنا بالعيب والتقصير واللا مبالاة وقصر النظر والفساد والاستهتار وعدم الجدية، بل قصارى جهد معظمنا أن يجد مشجبا يعلق عليه عثراته الذاتية  وتلك آفة الآفات .
ما تزال قضيتنا المركزية هي قضية بقاء على قيد الحياة، فمنذ بداية الثمانينات من القرن المنصرم أي لنحو 43سنة من عمر الاستقلال الوطني لم تنقطع عمليات الإغاثة الدولية لمجموعات كبيرة من شعبنا  في الجنوب السابق وفي دارفور وجبال النوبة وشرق السودان وكردفان ووسط السودان حتى الخرطوم والشمالية. قائمة السودانيين /ات المشمولين بالإغاثات الضرورية للبقاء على قيد الحياة من غذاء ودواء وإيواء وكساء تكاد تغطي ما لا يقل عن 80%من أبناء وبنات شعبنا، وهذا يؤكد ما افترضته في هذا المقال من أن قضيتنا الملحة هي مسألة البقاء  أما النماء فتلك سكة يبدو أن بلوغ أول عتباتها لن يتيسر لنا قريبا ما دمنا في هذه المراوحة المدوخة فعلا في منتصف الطريق . فما هي العلّة التي جعلت بلدنا في ذيل قائمة البلدان من حولنا، ولا أقول بلدان العالم الفسيح؟.
العلّة هي في القيادة، نعم القيادة الملهمة المفكرة المسؤولة الجادة  وهي القيادة الشرعية المنتخبة من الشعب والمسؤولة أمامه والتي يمكنه محاسبتها ومراقبتها وتغيّرها متى فشلت أو حادت عن الطريق وهذه القيادة لا تأتي إلاّ في ظل نظام سياسي معروف اسمه (الديمقراطية). فالشعوب لا تلد ديمقراطية إلا إذا حملت الأمهات وأنجبن أطفالا وتدرج الأطفال منذ المهد وإلى اللحد في ظل نظام ديمقراطي. الديمقراطية هي عمليات وليست مناسبات انتخابية يهرع الناس في وقت معلوم ليصوتوا للقطية أو الخنزير. مع الأسف، ست وخمسون سنة من عمر الاستقلال شغل خلالها مقعد القيادة السادة الجنرالات في الجيش الرحمة لمن مات منهم ( الفريق إبراهيم عبود (6سنوات)، العقيد جعفر محمد نميري(16سنة)، العميد عمر حسن البشير(30سنة)  الفريق عبدالفتاح البرهان 4سنوات قابلة للزيادة، الفريق سوار الدهب حكم انتقاليا لمدة عام واحد ليصبح المجموع سبع وخمسون سنة، وما تزال قضية السودانيين المستمرة هي مسألة البقاء،فهل من فشل أفدح من هذا بالنسبة للسادة العساكر؟.
بهذه النتيجة الواضحة وبأطنان الخيبات الوطنية المروعة والتي يدفع ثمنها باستمرار جماعات وأفراد من المواطنين/ات في مختلف جهات البلاد ولأتفه الأسباب يفقدون حياتهم وأحبائهم؛ فالهم هو البقاء وليس النماء بالنسبة لهولاء الضحايا، كل ذلك يقع والسيد الجنرال الحاكم معتليا صهوة كرسي الحكم آمرا بالمزيد من الشرور وناهيا عن كل خير، وتعجبك جحافل الجندرمة من العسكر ومن الإنتهازيين، أولئك الذين يسبحون بحمد كل جبّار عنيد نظير امتياز مادي في الغالب ( تشييد عمارة أو تأسيس شركة تجارية أو بنك يقي الذرية الوارثة شرور الفقر كما قال أحدهم ذات يوم  ) أها العمارات تسكنها (الكدايس) اليوم في أرقى أحياء الخرطوم  والشركات طارت شبابيكها وأثاثاتها لتفترش التراب فيما يعرف بأسواق (دقلو) المنتشرة في أماكن كثيرة في الخرطوم وغيرها. الحرب اليوم لم تندلع من الغيب ولم تك قضاء وقدر بل هي حرب تأكيد موجع على التلكؤ والمماحكة في بناء وطن لا يتسيده العسكريون، مع احترامنا لأشخاصهم بيد أن تجاوزهم وخرقهم القاتل لأساسيات مهنتهم وتشبثهم بما لم يتأهلوا له أساسا جعل وطننا مهينا بين الأوطان وشعبنا ذليلا وسط الشعوب  يتضور الملايين جوعا رغم الماء والسماء والسهل والسفح  يصطف الملايين خلف كاونترات اللجوء ويجوس مثلهم الأصقاع بحثا عن خيمة تأويه. الحرب لم تبدأ يوم 15 أبريل 2023 لكنها كانت قاصمة الظهر لأنها ضربت المركز الذي تسيّده العسكر وأذنابهم لستة عقود دون انتخاب أو رغبة في التنحي أو بناء وطن.

يجب أن تقف الحرب اليوم ولو بنزع سلاح القاتلين بوساطة قوات أممية تحت الفصل السابع من الميثاق، خروج العسكر من الحكم نهائيا غير مأسوف عليهم، البداية من منصة التأسيس لوطن اسمه بلاد السودان يضم كل قاطنيه دون تمييز بلون أو عرق أو دين أو ثقافة وطن يسوده دستور علماني عديل كدة بلا مماحكات, فالدولة للناس كلهم والدين والمعتقد الروحي لمن يشاء. فإذا لم يتحقق ذلك للسودانيين سيظلون في المستنقع يبحثون عن أسباب البقاء فيما الشعوب تمطو الجو إلى الفضاء.

الوسومالسودان خالد فضل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان خالد فضل

إقرأ أيضاً:

نشرة منتصف اليوم.. الأهلي يهدد بعدم خوض السوبر وإخلاء سبيل فتوح وتحديد موعد مباراة مصر وموريتانيا

الكورة حياة.. ولإن كلنا عندنا شغف بكرة القدم وأخبارها وأحداثها يضع "الفجر الرياضي" بين أيديكم كل الأخبار والأحداث والتحليلات والحكايات لما تفعله عناصر اللعبة من مسؤولين ومدربين ولاعبين وحكام داخل المستطيل الأخضر وخارجه.

ونقدم لكم هنا "نشرة منتصف اليوم" جولة إخبارية لكل ما فاتك من أخبار المساء وأبرز الأحداث الصباحية في السطور التالية:

الأهلي يهدد بعدم المشاركة في السوبر المصري لهذا السبب

هدد مجلس إدارة النادي الأهلي، بعدم المشاركة في مباراة السوبر المصري التي ستُجرى في الإمارات الشهر المقبل، بسبب تأخير صدور قرارات لجنة الانضباط ضد بيراميدز.

التفاصيل من هنـــا

ريال مدريد يمدد عقد نجمه حتى 2027

نجح ريال مدريد الإسباني في تمديد تعاقده مع الظهير الدولي الفرنسي فيرلاند ميندي، حتي يونيو 2027.

وكشف الصحفي الإيطالي فابريزيو رومانو، أن الفريق الإسباني نجح في تمديد التعاقد مع الفرنسي ميندي، بعد الاتفاق علي كافة الأمور المالية والتعاقدية.

التفاصيل من هنــــا

إخلاء سبيل أحمد فتوح مقابل 50 ألف جنيه وتحديد موعد الجلسة المقبلة

أصدرت محكمة جنايات مطروح، الدائرة الثانية، برئاسة المستشار أمجد السيد عوض، قرارًا في جلسة اليوم بشأن اللاعب أحمد فتوح، الظهير الأيسر للزمالك.

التفاصيل من هنــــا

منتخب مصر يُحدد موعد مواجهة موريتانيا في تصفيات أمم إفريقيا

أعلن الجهاز الفني للمنتخب المصري لكرة القدم، بقيادة حسام حسن، عن موعد مباراة الفريق في الجولة الثالثة من التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأفريقية 2025 بالمغرب، حيث سيواجه منتخب موريتانيا في 11 أكتوبر المقبل.

التفاصيل من هنــــا

فليك يحدد بديل أولمو في مباراة برشلونة وموناكو

حدد الألماني هانسي فليك مدرب برشلونة، بديل المهاجم داني أولمو الذي سيغيب عن لقاء موناكو الفرنسي القادم في بطولة دوري أبطال أوروبا.

يستعد فريق برشلونة، لمواجهة مضيفه موناكو في فرنسا، ضمن مواجهات الجولة الأولى من دوري أبطال أوروبا، يوم الخميس المقبل.

التفاصيل من هنـــــا

مقالات مشابهة

  • برج الميزان.. حظك اليوم الخميس 19 سبتمبر 2024: مكاسب مالية في الطريق
  • انخفاض أسعار الذهب في منتصف تعاملات اليوم.. "خبراء" يوضحون أسعاره عالميًا وعلاقته بسعر الفائدة.. والوقت المناسب للاستثمار والشراء
  • برج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 18 سبتمبر 2024: فرصة سفر في الطريق إليك
  • الفجيرة في عهد حمد الشرقي.. 50 عاماً من النماء والازدهار
  • سعر الجنيه الإسترليني اليوم الثلاثاء 17-9-2024 منتصف اليوم 
  • سعر الدولار مقابل الجنيه المصري في منتصف تعاملات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر
  • عيار 21 بكام؟.. سعر الذهب في منتصف تعاملات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024
  • أمطار رعدية وبرد بداية من منتصف نهار اليوم على هذه الولايات
  • الفلاحي: تضارب روايات الاحتلال يؤكد أن البقاء برفح ذريعة لإفشال صفقة الأسرى
  • نشرة منتصف اليوم.. الأهلي يهدد بعدم خوض السوبر وإخلاء سبيل فتوح وتحديد موعد مباراة مصر وموريتانيا