المكتبات الخاصة إرث قطري متواصل لنشر المعرفة في مختلف العلوم
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
أكد عدد من أصحاب المكتبات الخاصة في دولة قطر حرصهم على مواصلة وتأكيد جهود الدولة في نشر المعارف والعلوم، من خلال إتاحة مكتباتهم الخاصة للباحثين والقراء في إسهام حضاري متواصل.
وأوضحوا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية "قنا" أن الاهتمام بالكتب والمكتبات قديم في قطر، حيث يستشعر أصحاب المكتبات الخاصة رسالتهم في إتاحة المعارف والعلوم للجميع.
من جهته قال السيد علي بن عبدالله الفياض باحث في التراث القطري وصاحب مكتبة خاصة في منطقة الرويس شمال قطر، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية "قنا" بدأ الاهتمام بالكتب والمكتبات منذ نشأة قطر الحديثة بداية من مدينة الحويلة التي كانت تعتبر بمثابة عاصمة دولة قطر، والتي ذكرت في وثيقة عثمانية منذ منتصف القرن السادس عشر، وتاريخ هذه الوثيقة المودعة في متحف قطر الوطني هو: 1555م، مشيرا إلى أن بعد مدينة الحويلة ازدهرت مدينة الزبارة في مختلف المجالات ومنها العلم والثقافة، حيث قدمت جماعات من التجار والعلماء والوجهاء من البصرة إلى الزبارة، بسبب الطاعون عام 1772م، وأسباب سياسية في هذه الفترة لتزدهر الزبارة بالعلم والثقافة والأدب واستقر بها كثير من العلماء وكانت لهم مكتبات خاصة كبيرة أو صغيرة.
وبين الفياض أن عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني "رحمه الله " الذي بدأ فيه تأسيس دولة قطر الحديثة، كان الشيخ بالإضافة إلى كونه حاكما ورجل سياسة، كان عالما أديبا وشاعرا لبيبا أريبا، فكان " رحمه الله" يأتي بالعلماء من نجد لنشر العلم وتعليم الناس الخير والدعوة إلى الله، كما كان يقوم بطباعة الكتب في الهند وتوزيعها على طلبة العلم في قطر ونجد والخليج العربي، يذكر أنه في سنة من السنوات اشترى شحنة سفينة كتبا دينية ووزعها كلها على طلبة العلم وهي مطبوعة في دلهي بالهند، كما كانت عند الشيخ جاسم كتب خاصة به موقوفة، وهي موجودة ومودعة الآن في مكتبة قطر الوطنية، ولذلك فالمكتبات الخاصة في قطر عديدة ويتواصل دورها الثقافي، من أبرزها مكتبة الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني حاكم قطر الأسبق"رحمه الله "، ومكتبة الشيخ القاضي محمد بن عبدالله الجابر، ومكتبة فضيلة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود، ومكتبة فضيلة الشيخ عبدالله بن إبراهيم الأنصاري "رحمهم الله". والأخيرة من أشهر المكتبات في قطر، وغيرها الكثير مما تغطي مختلف مناطق الدولة.
وحول مكتبته الخاصة والتي تحمل اسمه، قال الفياض كانت البداية في تجميع الكتب في منزلي، ثم نقلتها إلى مجلس الوالد القديم، ثم نقلتها إلى مقرها الحالي في فيلا مخصصة بشكل كامل للمكتبة، لتكون متاحة للقراء والباحثين، مشيرا إلى أن المكتبة تحتوي على ستة أقسام هي: الكتب المتعلقة بتاريخ قطر، والمجلات والدوريات القطرية، والكتب المتعلقة بتاريخ الخليج العربي، والأدب العربي واللغة، والتاريخ العربي والإسلامي، والجغرافيا، الكتب الدينية والكتب القديمة النادرة، ثم الموسوعات والمعارف العامة والعلوم، وقسم خاص بالدوريات والمجلات العربية والخليجية.
ولفت إلى أن المكتبة تضم كذلك ألبومات صور الشخصيات القطرية والوثائق المصورة، بالإضافة إلى أرشيف صحفي يحوي قصاصات من الجرائد والمجلات القطرية التي بها مواضيع مهمة عن دولة قطر.
وأضاف الفياض أن المكتبة بها قسم خاص للمواد السمعية والبصرية، تضم تسجيلات لبعض الرواة في قطر، وأفلاما وثائقية وعلمية وثقافية وتسجيلات تراثية ودينية وفنية، ووصل عدد الكتب والمجلات حتى الآن إلى أربعين ألف كتاب، مؤكدا أن المكتبة مفتوحة للباحثين والقراء وتقدم خدماتها مجانيا مثل المكتبات العامة في الدولة، ولكن مع التركيز على نوعية الكتب التي تهتم بالتاريخ القطري والخليجي غالبا، كما نسمح للباحثين بتصوير الكتب التي يريدونها لإنجاز مهامهم.
من جهته قال المهندس فيصل الأنصاري المدير التنفيذي لمجمع الشيخ عبدالله الأنصاري للقرآن وعلومه، والذي يضم دار التقويم القطري ومركز الدراسات الإسلامية والمكتبة العامة، في تصريح مماثل لـ"قنا": إن المكتبة العامة وهي تحمل اسم الشيخ عبد الله الأنصاري هي وليدة الطريقة التي نشأ بها، واتصاله بالعلم الشرعي وبالكتاب، فظل في حياته يقتني الكتب وحتى عام 1975 عندما يسر الله سبحانه وتعالى له بنى منزلا كبيرا نسبيا في ذلك الوقت، فاختار أن يبني في المنزل مكتبة ملحقة بالمجلس وذلك بهدف توفير الكتب لجميع المهتمين والمطلعين بالعلم الشرعي، وظلت في مكانها بمنطقة النصر حتى وفاة الشيخ في عام 1989، حيث اختار أبناء الشيخ أن يطوروا المكتبة، فانتقلوا من القاعة المخصصة لها في المجلس إلى قاعة أكبر منها، ولكن داخل حدود المجلس نفسه، حتى تمكنوا من توفير الأرض المقامة عليها، حاليا المكتبة في منطقة الدفنة، وفي عام 2011 حيث انتقلت المكتبة رسميا.
وأوضح المهندس الأنصاري أن المكتبة تحوي حوالي 25 ألف كتاب، في العلوم الشرعية والثقافة الإسلامية، وبعض العلوم المتصلة مثل التراجم وكتب اللغة والأدب العربي، كما تحوي كثيرا من نوادر الكتب والتي لا توجد سوى في مكتبة الشيخ الأنصاري. وتحفل بترجمات عديدة لمعاني القرآن الكريم بلغات مختلفة وقراءات مختلفة.
وتعد المكتبة أو مجمع الشيخ عبدالله الأنصاري معلما من معالم الدولة وصرحا كبيرا وثمرة جهد، وجني عمر حافل بحب الكتاب وولع بنشره.
وأضاف، أن الشيخ عبدالله الأنصاري "رحمه الله" اهتم بالمخطوطات وجمع الكثير منها وهناك من المخطوطات ما يرجع عمرها إلى 280 سنة، وهي محفوظة بكامل محتوياتها، ومن أبرز هذه المخطوطات مصاحف نادرة، وكتب مخطوطة مثل كتاب "المنتقى في الأحكام الشرعية من كلام خير البرية صلى الله عليه وسلم" لابن تيمية وتم نسخه عام 1865م، إلى جانب كتب طبعت في الهند ترجع لأكثر من 150 سنة، فضلا عن كتب أصلية للشيخ الأنصاري بخط يده، لافتا إلى أن اشتغال الشيخ الأنصاري بالعلم والكتابة أسفر كتابة وتحقيق 249 كتابا وأشرف على طباعتها.
وأكد المدير التنفيذي لمجمع الشيخ عبدالله الأنصاري للقرآن وعلومه، اهتمام مكتبة الشيخ الأنصاري بتحديث مقتنياتها من العناوين الجديدة ومواكبة الإصدارات ذات القيمة، إلى جانب تطوير الخدمات التي تقدمها المكتبة من خلال مواكبة التكنولوجيا وتمكين الباحثين من الوصول لمحتوى المكتبة من الكتب والمخطوطات، وإصدارات التقويم القطري الأولى التي يزيد عمرها عن سبعين عاما اليوم، عبر الموقع الإلكتروني حيث تمت رقمنة الكتب والمخطوطات بما يسهل استفادة القارئ من المكتبة حتى عن بعد، كما تتفاعل المكتبة مع القراء عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتعرف بخدماتها التي تقدمها مجانا إلى جانب خدمة إعارة الكتب وبعض خدمات الطباعة والتغليف المجاني، لافتا إلى أن الباحثين في العلوم الشرعية والعربية تعد خدمة البحث لهم في الفهرس من أهم الخدمات التي تقدمها المكتبة لكونها توصل المستفيد لما هو موجود بالأرفف، حيث تم تصميم برنامج خاص لمساعدة المستفيدين من سرعة الوصول لمصادر المعلومات بالمكتبة.
وتعمل المكتبة على تشجيع وتنمية القراءة والاطلاع بتبني جميع البرامج والمبادرات واللقاءات التي تشجع ذلك بالتعاون مع المراكز الثقافية والاجتماعية بدولة قطر وعقد شراكات ذكية لزيادة فرص الوصول لأفراد المجتمع.
وأشار الأنصاري إلى حرص المكتبة على التنسيق والتعاون مع المؤسسات الثقافية مثل وزارة الثقافة ومكتبة قطر الوطنية والمؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" وكذلك مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الثقافي، مؤكدا أن إدارة المكتبة تعتبر مقتنياتها إرثا وطنيا، يجب أن يتاح للجميع في قطر.
أما الباحث عبدالعزيز البوهاشم السيد صاحب مكتبة تحمل اسمه في سوق واقف، فقال في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ إن مكتبته بدأت مع اهتمام الأسرة التي اهتمت بالثقافة والكتب بشكل عام، فكان والده "رحمه الله" يمتلك مكتبة، في المنزل مما عزز لدى أفراد الأسرة الحرص على القراءة والاطلاع، وبدأ الاهتمام بتكوين المكتبة بشكل موسع لتضم الكثير من الكتب، ومع الرغبة في الاقتناء والشغف بالكتاب كان الاهتمام بجمع الكثير من الكتب التي اهتمت بالتاريخ والتراث القطري، بحكم التخصص في دراسة التاريخ، إلى جانب كتب المستشرقين، والرحالة الذين زاروا قطر ومنطقة الخليج العربي وكتبوا عنها ومن أبرزهم الرحالة الإنجليزي تشارلز بلغريف الذي زار قطر في عام 1863، حيث تم توثيق هذه الحقبة من خلال الكثير من المؤرخين.
وأوضح، أن مكتبته تضم أكثر من 4 آلاف كتاب، وأهمها المطبوعات الأصلية من دواوين مؤسس قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني "طيب الله ثراه"، وطبعات أصلية نادرة للشعراء القدامى بقطر مثل الفيحاني والطبطبائي وغيرهما، إلى جانب كتب في العمارة القطرية، والموروث الشعبي القطري والخليجي، منوها كذلك بوجود قسم خاص بالتراث البحري القطري.
وأضاف البوهاشم السيد أنه كان شغوفا كذلك بجمع الدوريات والمجلات القطرية والعربية القديمة من مختلف العواصم العربية، وخاصة القاهرة وبيروت، حيث إن هذه الدوريات والمعارف والعلوم تحتوي على صور نادرة أحيانا ما يجعل القارئ اليوم يتذكر معها قصصا قديمة لبلاده وحياة السابقين، فضلا عن جمع أكثر من 1400 أفيش للأفلام العربية القديمة التي أنتجت في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، بما يوثق للفيلم العربي، خاصة تلك الأفلام التي تمثل علامات بارزة بجانب الروايات العربية وكتب الأدب كذلك، منوها بأن هذه المقتنيات ساهمت في مشاركته في عدد من المعارض في قطر وخارجها، حيث تم عرض الكتب القديمة، فتقبلها الجمهور بشغف، ومن ثم بدأ التفكير في تخصيص مكان في سوق واقف للمكتبة لتكون قريبة من رواد السوق التراثي، ما يلائم الكتب بالمكتبة.
واختتم صاحب مكتبة عبدالعزيز البوهاشم السيد تصريحه لـ"قنا" بأن مكتبته أصبح لها رواد من الباحثين وطلاب المدارس الذين يبحثون عن بعض المعلومات والمعرفة الموجودة في هذه الكتب، ولذلك يتم تمكين الدارسين من إنجاز أعمالهم بالمكتبة، معربا عن أمله في اتساع مكان المكتبة لخدمة أعداد أكبر من الباحثين والدارسين.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر رحمه الله الکثیر من دولة قطر إلى جانب إلى أن فی قطر
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري يوضح أنواع القلوب التي ذُكرت في القرآن الكريم «فيديو»
قدم الدكتور سيد نجم، أحد علماء الأزهر الشريف، مجموعة من النصائح الهامة والتوجيهات المستمدة من تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم، التي تساعد في جعل القلب نظيفًا وقويًا ومتصلاً بالله.
وتحدث سيد نجم خلال لقائه مع أحمد دياب ونهاد سمير، مقدما برنامج «صباح البلد»، المذاع على قناة «صدى البلد»، اليوم الجمعة، عن أنواع القلوب التي ذُكرت في القرآن الكريم، مشيرًا إلى أن الله سبحانه وتعالى ذكر في سورة البقرة «في قلوبهم مرض»، وفي سورة الأحزاب «الذي في قلبه مرض»، وهي قلوب مليئة بالحقد والغل والشهوات.
وأوضح «نجم»، أن القرآن يذكر أيضًا بالقلوب القاسية، مثلما في قوله تعالى: «ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة»، كما أن هذه القلوب لا تنتفع بالقرآن أو المواعظ، بل تظل قاسية حتى في تعاملها مع الله ومع الآخرين.
كما تحدث نجم عن القلب السليم، الذي ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى عن سيدنا إبراهيم: «وإن من شيعته لإبراهيم»، وهو القلب الذي خالي من الحقد والحسد والبغضاء.
وأكد نجم أن القلب السليم هو أساس العمل الصالح، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله»، لافتا إلى أن النية في القلب هي ما تحدد قيمة الأعمال التي يقوم بها المسلم، سواء كانت صومًا أو صلاة أو صدقة.
اقرأ أيضاً«أمين الفتوى»: لا حرج على المرأة الحائض في قراءة القرآن من خلال الهاتف «فيديو»
حكم قراءة القرآن بدون وضوء «الإفتاء توضح»
تفسير رؤية «قراءة القرآن» بالمنام لابن سيرين