السعودية والصفقة السياسية الذكية !
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
يتابع العالم باهتمام كبير احتمالية حصول اتفاقية سلام شامل في المنطقة، وذلك بعد تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأن هذا الأمر من الممكن حصوله، وذلك خلال لقائه الأخير مع قناة «فوكس نيوز» الأمريكية.
ويخطئ كثيراً من يقرأ هذه المسألة من زاوية «التطبيع» فقط، لكن الأهم هو ضرورة قراءتها وتحليلها بوصفها فرصة ذهبية للسعودية بأن تستغل «ورقة اتفاقية السلام» للحصول على أهم وأفضل العوائد وتضخيم الفائدة والمكاسب من ورائها من خلال صفقة تاريخية مع الولايات المتحدة الأمريكية تنجز فيها باقة استثنائية من الأهداف الاستراتيجية على الأصعدة الأمنية والدفاعية والنووية والاقتصادية تُغير تماماً وبشكل جذري وكبير نوعية العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمربكية للأبد، وترسم خطوطاً واضحة الملامح للعلاقة بين البلدين تبعد من خلالها التقلبات العنيفة التي كانت تحدث بينهما بسبب غياب الإطار الصريح الذي يصور تلك العلاقة بوضوح.
كان الكاتب الأمريكي المعروف توماس فريدمان دائماً ما يصف السعودية بأنها «الجائزة الكبرى» في اتفاقيات السلام مع إسرائيل، وقد قام بتبيان هذا الرأي بشكل متكرر ومستمر، خصوصاً في حقب الإدارات الديمقراطية في البيت الأبيض ابتداءً من حقبة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون مروراً بفترة الرئيس باراك أوباما وصولاً إلى العهد الحالي للرئيس جو بايدن، لم يتوقف فيها فريدمان عن الترويج «لأهمية» اتفاقية سلام شامل مع الدول العربية وهي نقطة فطنت إليها القيادة السعودية وقرّرت تعظيم المكاسب الممكنة لبلادها من خلالها، ولعل أبلغ وصف لما تسعى إليه السعودية من خلال نتائج هذه الاتفاقية هو إنجاز «سلام» مع الولايات المتحدة الأمريكية يزيل التشنج والتوتر والريبة والقلق والشك بأي شكل في العلاقة بين البلدين في المجالات كافة.
هناك قناعة عميقة ومترسخة عند القيادة السعودية بأن المملكة قد أثبتت من خلال محطات كثيرة ومواقف كبيرة وتحديات خطيرة أنها شريك قدير ومسؤول، ومن الممكن الاعتماد عليه، وبالتالي آن الأوان أن يحصل لهذه العلاقة نوع مهم من التطوير «upgrade» يتيح للطرفين التركيز على منجزات جديدة ومهمة للبلدين.
السعودية ترى وعن جدارة أن العلاقة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية تستحق أن تأخذ بُعداً أمنياً وعسكرياً غير مسبوق لما تمثله من ثقل اقتصادي هائل كونها المنتج الأهم للنفط في العالم وما لهذا الثقل من أهمية كبرى، وكذلك لكونها عضواً مؤثراً في «مجموعة العشرين»، وهذا يتطلب اتفاقية عسكرية أمنية ترفع مكانة العلاقة بين البلدين إلى مستوى جديد واستراتيجي، وتطلب السعودية أن تصاحب هذا التوجه اتفاقية اقتصادية بين البلدين تُلغى فيها الرسوم والضرائب بأشكالها كافة على المعاملات الخدمية والسلع التجارية، وذلك لأجل تشجيع التبادل التجاري والاستثماري لتقوية العلاقة بشكل عميق ومستدام.
بالإضافة إلى كل ما تم ذكره تسعى السعودية أيضاً إلى موافقة ودعم ومباركة أميركية لبرنامجها النووي السلمي والذي يمثل ركن زاوية في استراتيجية الطاقة المستقبلية لها.
وبالتالي السعودية ومن خلال ورقة «اتفاق سلام شامل» تسعى لإحداث نقلة نوعية لصالحها من خلال تغيير جذري في مفهوم العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية القطب الأقوى في العالم اليوم لتعظيم مكاسبها السياسية والعسكرية والاقتصادية؛ لأنها ترى أن هذا «أوان حصاد» لسياسات دقيقة وضعتها منذ فترة شهدت فيها تطورات لافتة لعلاقتها مع الصين وروسيا، مما أوجد مخاوف لدى الولايات المتحدة الأمريكية من حصول اختراق سياسي خطير على حليف ومنطقة كانت دوماً ما تعدها مضمونة لها، ولكن السعودية تمكنت من أن تجعل هذه التطورات أشبه بوسيلة ضغط خفي على أميركا لتصل إلى محطة العلاقة الحالية.
السياسة بتعريفها العريض هي فن إنجاز الممكن، ومن يتقن السياسة هو من يتمكن من استغلال الظروف بشكل فعّال ومؤثّر، وتسخير الأدوات المتاحة له بشكل مثالي لتعظيم المكاسب؛ لأن مهارة الرامي هي التي تقرر وتحدد عدد العصافير التي من الممكن إصابتها بدقة وبالحجر نفسه.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الذكية السعودية السياسية والصفقة الولایات المتحدة الأمریکیة العلاقة بین بین البلدین من خلال
إقرأ أيضاً:
ائتلاف القوى السياسية يدعو إلى الاستماع لصوت الشعب الليبي
دعا الائتلاف الليبي للقوى السياسية ونقابات وروابط والاتحادات المهنية والاجتماعية، المجتمع الدولي إلى الاستماع إلى صوت الشعب الليبي ومطالبه المشروعة باختيار مبعوث أممي محايد وذو كفاءة عالية، وقادر على إدارة العملية السياسية بعيدا عن الضغوطات الخارجية والمصالح الضيقة التي أجهضت محاولات سابقة لتحقيق السلام في ليبيا.
وقال الائتلاف في بيان تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منه، إنه أمام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وأعضاء مجلس الأمن الدولي امتحان حقيقي لصدق النوايا تجاه الأزمة الليبية، مع بدء العد التنازلي للجلسة المخصصة لليبيا.
وأكدت القوى الوطنية الليبية المتمثلة في هذا الائتلاف، أن المسؤولية التاريخية والأخلاقية تقع على عاتق الأمم المتحدة ومجلس الأمن لدعم جهود الليبيين في تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام السياسي، عبر تبني سياسات شفافة وعادلة تخدم الشعب الليبي وتساهم في استقرار المنطقة.
كما طالب الائتلاف بضرورة إعطاء الأولوية لدعم مؤسسات الدولة، وتوحيد الجهود لحماية السيادة الوطنية، ووقف التدخلات الأجنبية التي زادت من تعقيد المشهد الليبي.
ونوه البيان بأن هذه الجلسة تُمثل فرصة حقيقية للأمم المتحدة ومجلس الأمن لإثبات الالتزام بالمبادئ الإنسانية والشرعية الدولية تجاه ليبيا وشعبها، مشيرا إلى أن أي تقاعس عن تحقيق تقدم ملموس سيعتبر تواطؤا مع استمرار الأزمة وإدامة معاناة الشعب الليبي.
واختتم الائتلاف بيانه بتوجيه رسالة إلى الليبيين كافة بأهمية التكاثف والوقوف صفا واحدا للدفاع عن مصالح الوطن، والعمل بجدية لتقديم رؤية موحدة تضمن مستقبلا أفضل للأجيال القادمة.