تقرير: روسيا تفقد السيطرة على جوارها القريب
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
رأى مدير مركز روسيا وأوراسيا في مؤسسة كارنيغي ألكسندر غابويف أن فرار عشرات آلاف الأشخاص من ديارهم في ناغورني قرة باغ، وهو جزء من أذربيجان تسكنه أغلبية من الأرمن، يشكل مثلاً قوياً للواقع المحزن، ومفاده أن "القوة تصنع الحق" في جنوب القوقاز.
منذ بداية غزو أوكرانيا، أصبحت روسيا أكثر اعتماداً على أذربيجان وتركيا
وكتب في صحيفة "فايننشال تايمز" أن أذربيجان سيطرت الشهر الماضي بالقوة على الجيب الإثني الأرميني الذي أعلن استقلاله لأول مرة سنة 1991.
لكن هذا النزوح المأسوي يكشف أيضاً حقيقة أخرى: بنتيجة غزوها لأوكرانيا، لم تعد روسيا قادرة على حماية مصالح حتى أقرب شركائها. منذ أن انتصرت أرمينيا في الحرب ضد أذربيجان سنة 1994 حين سيطرت على ناغورني قرة باغ وبعض المناطق الأذرية المحيطة به، كان الكرملين هو الضامن لعدم تحول هذا الصراع المجمد إلى حرب كبيرة أخرى. روسيا هي حليف أرمينيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها موسكو، وتحتفظ بوجود عسكري في البلاد. من وسيط ضامن إلى خاسر
في الوقت نفسه، تتمتع موسكو بعلاقات اقتصادية وأمنية قوية مع أذربيجان توفر نفوذاً كبيراً. أخيراً، عملت روسيا بشكل وثيق مع فرنسا والولايات المتحدة من خلال إطار مينسك الذي فوضته الأمم المتحدة، والذي سعى إلى حل الصراع من خلال المحادثات. بالرغم من فشلها في التوصل إلى حل تفاوضي، كانت مينسك ضمانة لعدم حل قضية ناغورني قرة باغ بالقوة.
"As a result of its brutal invasion of Ukraine, Russia can no longer protect the interests of even its closest partners," @AlexGabuev writes https://t.co/Wf1I8fqzm4
— max seddon (@maxseddon) October 3, 2023
أضاف الكاتب أنه عندما استولت أذربيجان على الأراضي الأذرية التي كانت تحت سيطرة أرمينيا وثلث ناغورني قرة باغ في حرب استمرت 44 يوماً سنة 2020، تمكن الكرملين من تحويل الوضع لصالح روسيا. أدى التدخل الدبلوماسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى جعل موسكو القوة الوسيطة الرائدة في المنطقة، حيث وضع قوات روسية لحفظ السلام على الأرض من أجل حماية الأرمن في ناغورنو قرة باخ ومراقبة وقف إطلاق النار.
ولكن في أقل من ثلاثة أعوام، تمكن الرئيس الأذري إلهام علييف من إعادة كتابة هذا الترتيب تحت تهديد السلاح بدون رد من موسكو. إن عدوان بوتين في أوكرانيا هو الذي سمح له بالقيام بذلك.
أولاً، ليس لدى الجيش الروسي قوة احتياطية لخوض حرب إقليمية أخرى مع خصم متطور تدعمه تركيا، العضو البارز في حلف شمال الأطلسي. ولا يمكن لموسكو أن تدعم أرمينيا إذا قررت الدخول في حرب مع أذربيجان. لقد انكشف الضعف العسكري الروسي في المنطقة فرآه الجميع السنة الماضية عندما شنت أذربيجان هجوماً عسكرياً قصير الأمد على أرمينيا ووقف الكرملين متفرجاً.
Nagorno-Karabakh shows that Russia has lost control of its near-abroad https://t.co/sM9m6XCEBF | opinion
— Financial Times (@FT) October 3, 2023
منذ بداية غزو أوكرانيا، أصبحت روسيا أكثر اعتماداً على أذربيجان وتركيا اللتين تلعبان دوراً حيوياً في المخططات المالية واللوجستية الغامضة التي تساعد الكرملين على الالتفاف حول العقوبات الغربية. وفي الوقت نفسه، لجأ الاتحاد الأوروبي إلى أذربيجان لاستبدال النفط والغاز الذي لم يعد يرغب في استيرادهما من روسيا. تمنح هذه العلاقات باكو الثقة بأنها ستفلت من العقوبات لاستخدامها القوة في ناغورنو قرة باخ.
أخيراً، لم تعد روسيا قادرة على العمل مع الغرب. فبدلاً من التعاون الدبلوماسي غير السهل مع باريس وواشنطن بشأن ناغورنو قرة باخ، أصبحت موسكو الآن في منافسة صريحة على النفوذ في جنوب القوقاز. تولّد هذه المبارزة مساحة لباكو لاستخدام جيشها بدون خوف من رد فعل منسق لثلاثة أعضاء دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
مع ذلك، لن يكون من السهل على أرمينيا أن تجد طريقاً للمضي قدماً وفق غابويف. فأمامها خيارات قليلة: العلاقات مع تركيا مسمومة بالتاريخ، وإيران لا تملك الوسائل اللازمة لتقديم مساعدة ذات معنى، وموارد الغرب مشتتة بالنظر إلى الالتزامات في أوكرانيا وأماكن أخرى في جميع أنحاء العالم.
حسب الكاتب، ثمة أمر واحد واضح: وهو أن الدور الذي تلعبه روسيا كموفر للأمن في الجوار القريب قد تضاءل بشدة نتيجة لحربها الكارثية ضد أوكرانيا. ستظل الآثار المزعزعة للاستقرار محسوسة في جميع أنحاء مساحة اليابسة الأوراسية الشاسعة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الحرب الأوكرانية ناغورنی قرة باغ
إقرأ أيضاً:
الكرملين: تحقيق السلام لم يكن هدف قمة لندن بشأن أوكرانيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الكرملين اليوم الاثنين إن التعهدات التي قطعها الزعماء الأوروبيون في قمة لندن بشأن أوكرانيا مطلع الأسبوع بزيادة التمويل لكييف لن تساعد في التوصل إلى حل سلمي للصراع.
والتقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وزعماء غربيين آخرين أمس الأحد، حيث اتفقوا على وضع خطة سلام لأوكرانيا لتقديمها إلى الولايات المتحدة بعد يومين من صدام زيلينسكي مع الرئيس دونالد ترامب في اجتماع استثنائي في البيت الأبيض.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن تعهدات التمويل من الزعماء الأوروبيين، ومنها صفقة صواريخ دفاع جوي بقيمة ملياري دولار من بريطانيا، ستتسبب في استمرار الحرب.
وأضاف للصحفيين "من الواضح أن هذا لا يتعلق بخطة سلام"، لكنه سيسمح "باستمرار الأعمال القتالية".
وقال بيسكوف "أي مبادرات بناءة (من أجل السلام) ستكون مطلوبة الآن. من المهم للغاية أن يجبر شخص ما زيلينسكي نفسه على تغيير موقفه. إنه لا يريد السلام. يجب على شخص ما أن يجعل زيلينسكي يريد السلام".
وقال ستارمر، الذي رحب بزيلينسكي الذي بدا عليه التأثر في لندن بعناق دافئ يوم السبت، إن بريطانيا وأوكرانيا وفرنسا وبعض الدول الأخرى ستشكل "تحالفا من الراغبين" وتضع خطة سلام لعرضها على ترامب.
وأوضح بيسكوف أن الزعماء الأوروبيين سيحتاجون إلى "بذل الكثير من الجهد" مع واشنطن لإزالة "المخلفات غير المرغوبة" لاجتماع زيلينسكي مع ترامب.
وقال الرئيس الأوكراني للصحفيين أمس الأحد إنه يعتقد أن بوسعه إنقاذ علاقته مع ترامب، لكن المحادثات يجب أن تتم خلف أبواب مغلقة.