بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، الوزير رياض منصور، اليوم الأربعاء، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (البرازيل)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن الوضع الحرج لآلاف المدنيين الفلسطينيين، كما ودعا المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، لاتخاذ إجراءات جماعية جادة للمساءلة عن كل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.

وأشار منصور في رسائله، الى الأطفال الأسرى المحتجزين في السجون الإسرائيلية، والمعتقلين الإداريين المحتجزين دون تهمة أو محاكمة، منوهاً الى تعرضهم لجميع أشكال الإيذاء الجسدي والنفسي، ويعيشون ظروفا مؤسفة، والى قيام الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بتكثيف سوء معاملتهم والإجراءات العقابية التي تفرضها ضدهم، والتي ترقى إلى حد إرهاب الدولة.

كما أشار منصور أيضا إلى إضراب الأسرى الفلسطينيين المتكرر عن الطعام كشكل من أشكال الاحتجاج السلمي على اعتقالهم وسوء معاملتهم من قبل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، منوها إلى المعتقل كايد الفسفوس (34 عاما) والذي ما زال مضرباً عن الطعام منذ أكثر من شهرين متواصلين، احتجاجاً على اعتقاله الإداري، من دون تهمة منذ 2 مايو، وجراء تدهور صحته، وتضامنا معه، فقد بدأ أكثر من 1200 معتقل إداري فلسطيني، من بينهم 20 طفلا وأربع نساء، اضرابا عن الطعام احتجاجا على سياسات إسرائيل غير القانونية واللاإنسانية.

ودعا منصور إلى توفير الحماية الدولية للأطفال الفلسطينيين والشعب الفلسطيني ككل، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي والقرارات ذات الصلة المتعلقة بحماية المدنيين في الصراعات المسلحة، مشدداً على أن مسألة الحماية أصبحت أكثر إلحاحا جراء تكثيف هجمات قوات الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين واعتداءاتهم اليومية على المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم.

وحمّل منصور إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير كايد، وطالب مرة أخرى بالإفراج عن جميع السجناء الفلسطينيين والمعتقلين الإداريين ووضع حد للاعتقال اليومي للمدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك تسعة أطفال فلسطينيين (ما بين 8 و 13 عاما) والذين تم اعتقالهم أمس في الخليل.

كما تطرق منصور إلى استشهاد الطفل محمد جبريل رمانة (17 عاما)، في 29 سبتمبر، بالقرب من مستوطنة بالبيرة، والى قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي امس بإطلاق النار على الفتى وسيم محمد نصار ( 15 عاما)، بالقرب من مدينة الخليل، وإصابته ومن ثم قامت باعتقاله.

وفي هذا السياق، شدد منصور على حقيقة أن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، تنتهك حقوق الطفل بشكل متواصل ومنهجي في فلسطين المحتلة، الأمر الذي يتطلب محاسبتها، وعدم اعفائها من القائمة الدولية لمنتهكي حقوق الطفل.

ونوّه منصور أيضا إلى مواصلة المستوطنين اليهود المتطرفين تعريض أمن وقدسية المسجد الأقصى والحرم الشريف للخطر من خلال غاراتهم المتكررة، بما في ذلك أداء بعضهم الشعائر في مكان مخصص للعبادة الإسلامية فقط، الى جانب اعتداءاتهم على المصلين الفلسطينيين وأعمال العنف والاستفزاز والتحريض المستمرة، بما في ذلك التهديدات المتكررة بتقديم التضحيات الحيوانية، التي تعمل على تدنيس هذا الموقع المقدس.

في الختام، أكد منصور على ضرورة قيام المجتمع الدولي بالمطالبة بوضع حد لجميع الانتهاكات والاستفزازات والتحريض من قبل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والمطالبة أيضا بالاحترام الكامل للقانون الدولي والوضع التاريخي والقانوني الراهن في الأماكن المقدسة في القدس .

المصدر : وكالة سوا-وفا

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

كلمات دلالية: بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

مدى شجاعة القضاء الدولي في حالة إسرائيل 

د. عبد الله الأشعل **
حين نتحدث عن القضاء الدولي يكون نموذج القضاء الداخلي حاضرًا في أذهاننا؛ فالقضاء الوطني للمدعي والمجتمع والمواطن، وتلتزم الحكومة في أي بلد ديمقراطي بتقريب القضاء للمواطن، كما إن أحكام القضاء واجبة الاحترام والتنفيذ وتتكفل السلطة التنفيذية بإنفاذ أحكام القضاء.
غير أننا لاحظنا ظاهرة جديدة في الدول المتخلفة وهي أن الفساد في أجهزة إنفاذ القانون يُعطِّل تنفيذ أحكام القضاء، خاصة في الشق الجنائي. لكن الدولة في كل الأحوال تستطيع أن تُرضي كل الأطراف بتنفيذ الأحكام؛ لأن عدم التنفيذ يعني ضياع مرفق القضاء بالكامل، فلا يجوز الإنفاق على الدعاوى وإشغال المحامين والقضاء، ومع ذلك تتم بالتضحية بكل الأطراف.
ويجب التمييز بين محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، ومثول إسرائيل أمام كليهما، فأي المحكمتين أجدى لإشعار إسرائيل بأنها تُساءَل؟
يمكن شرح الموضوع في الملاحظات الآتية:
أولًا: محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي للرئيس ففي الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية تسعى لإنشاء رابطة مع الأمم المتحدة، ولكن لم يتبلور شيء.
ثانيًا: المحكمة الأولى تختص بالفصل فى المنازعات القانونية التي تنشأ بين الدول وحدها، بينما الجنائية الدولية تختص بالفصل في 4 مجموعات من الجرائم وتحاكم مرتكبيها بصفة شخصية، فهي تختص بالأفراد أي المتهم بشخصه، وإنما المحكمة الأولى المتهم فيها بصفته وليس بشخصه.
ثالثًا: محكمة العدل الدولية بعد أن تصدر الحكم، لا يمكن استئنافه، وتنتهي صلة المحكمة بالحكم فور صدوره، عدا طلبات إيضاح الحكم إذا كان مُلتبِسًا أو طُلب تفسير الحكم.
رابعًا: تحريك الدعوى في المحكمة الأولى يتم من خلال الدولة المدعية ويتخذ المسجل فى المحكمة إجراءات رفع الدعوى. أمام الجنائية الدولية فيتم تحريك الدعوى فيها بوسائل 3؛ أولها: مجلس الأمن عن طريق قرار الإحالة إلى المحكمة ويصدر القرار وفقا لأحكام الفصل السابع. وقد أصر الوفد الأمريكي في مؤتمر روما فى يوليو 1998 على إدراج مجلس الأمن فى المادة 13 كأول وسيلة والأمم المتحدة كما ذكرنا. والغريب أن الإحالة إلى المحكمة من جانب مجلس الأمن تعلو على حرية المحكمة في تحديد اختصاصها؛ وهي قاعدة راسخة في القضاء الدولي وهي سلطة للقضاء في تحديد اختصاصه وفق الوثيقة المُنشِئة له.
أما الوسيلة الثانية لتحريك الدعوى هي الدولة العضو، والوسيلة الثالثة هي المدعي العام للمحكمة، وفي هذه الوسيلة يمكن تقديم تقارير إلى المدعي العام، فإذا اقتنع بها بدأ التحقيق الأوّلي بناءً على عرضه للدائرة التمهيدية الأُولى التى يُمكن أن تصدر قرار القبض على المتهم، مثلما حدث مع نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت في إسرائيل. ومن الواضح أن المحكمة الجنائية الدولية فيها مستوى استئناف، وقد قدَّم المُدَّعي العام الإسرائيلي استئنافيْن على قرار القبض على رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
خامسًا: في المحكمة الأولى يتمتع الموظفون الرسميون الأساسيون (بمعنى رئيس الدولة ورئيس الوزراء ووزير الخارجية) بالحصانة المطلقة؛ لأن القضية ضد الدولة ورئيس الدولة مسؤول ومتهم بصفته وليس بشخصه، ولذلك يستحيل أن تُوَجِّه محكمة العدل الدولية إلى رئيس وزراء إسرائيل ووزير الدفاع أمرًا بالقبض عليهما؛ لأنهما يتمتعان بالحصانة المطلقة (الحصانة الدبلوماسية وحصانة الدولة).
أما في المحكمة الجنائية الدولية، فإن المادة 27 من "ميثاق روما" تنص على أن الجريمة شخصية والعقوبة شخصية أيضًا، ولذلك وجهت المحكمة أمرًا بالقبض على نتنياهو ووزير الدفاع السابق بعد أن اتهمتهما المحكمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقد أكدت المحكمة الأولى مبدأ الحصانة فى عدة أحكام وهذا أمر منطقي.
وهناك فارق بين القضاء الدولي والقضاء الأجنبي، وقد رأينا في القضاء الدولي المدني مبدأ الحصانة المُطلقة؛ حيث يتمتع المسؤولون أنفسهم بالحصانة المطلقة أمام القضاء الأجنبي، فلا تجوز مُحاكمة الدولة أمام القضاء الأجنبي؛ لأن ذلك من نتائج تمتع الدولة بالسيادة والمساواة في السيادة بين الدول صغيرها وكبيرها. أما في القضاء الجنائي؛ فالعقوبة شخصية، وهي تتشابه مع الشريعة الإسلامية في كون العقوبة شخصية، مصداقًا لقوله تعالى "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" (فاطر: 18)، وقوله تعالى "وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ" (الإسراء: 13)، وهذا المبدأ يتَّسمُ بالعدل في المسائل الجنائية في العالم كله؛ سواءً في القضاء الدولي الجنائي أو القضاء الجنائي الداخلي داخل الدول، وهناك مجموعة من المبادئ التى تضمن عدالة المحاكمة في المسائل الحمائية، أهمها مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلّا بنصٍ، وأيضًا في أحكام الإعدام باعتبارها بترًا للمتهم الجاني من المجتمع ومن الحياة، ويلزم إجماع أعضاء المحكمة الجنائية في الجنايات، أما في الجنح، فإن الوضع مختلف .
أما جدوى مثول إسرائيل أما القضاء الدولي بنوعيه، بصرف النظر عن أن القضاء الدولي في بيئة دولية لا يتضمن آليات إلزامية سوى النصوص، فإن قيمة الأحكام القضائية الدولية معنوية في الاساس، لكن يبدو أن الدول أعضاء المحكمة الجنائية الدولية مُلزمون في "ميثاق روما " بتسليم المتهم الصادر بحقه أمر القبض، قد تطور، والدليل على ذلك أنه عندما صدر أمر القبض من الجنائية الدولية على نتنياهو ووزير دفاعه السابق، أعلنت عدة دول أعضاء ومنها أعضاء في الاتحاد الأوروبي، عزمها القبض عليهما فور وصول أيٍِ منهما إلى أراضي الدولة لأي سبب. 
وتطبيقًا لذلك، فإن نتنياهو اعتذر عن تلبية دعوى لزيارة هولندا، مخافة القبض عليه خلال الزيارة. ونلاحظ أن القبض يتم؛ سواءً كانت زيارة شخصية أو كانت زيارة دولة رسمية، وقد أصدر القاضي البريطاني قرارًا بالقبض على تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل سابقًا، خلال زيارتها لبريطانيا، لكن الحكومة البريطانية ساعدت الضيفة على الهرب من الأبواب الخلفية، وهذا يمثل مخالفةً من الحكومة لأحكام القضاء البريطاني. وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية، قال وينستون تشرشل رئيس الوزراء آنذاك، إن "لندن سُوِّيَت بالأرض، ولكنَّ الأمل كبير في سلامة بريطانيا ما دام القضاء البريطاني مُستقلًا".
ونلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية تُسهِّل لإسرائيل الإفلات من العقاب، ومع ذلك تحرص إسرائيل على الرد بحجج تافهة على المحكمة الجنائية الدولية. وفي الأسبوع الثاني من ديسمبر 2024، قدم المدعي الاسرائيلي طعنًا على قرار الجنائية الدولية بالقبض على رئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق، وهذا الطعن عبارة عن استئنافين، وقد سبق أشرنا إلى أن من الفوارق بين الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، أن الأولى بها استئناف للأحكام التمهيدية، ومعنى ذلك أن إسرائيل شديدة الاهتمام بما صدر عن المحكمة، رغم أنها ليست طرفًا في "ميثاق روما". وفى شهر نوفمبر 2024، أصدر مجلس النواب الأمريكي قانونًا بمعاقبة المدعي العام وأعضاء المحكمة الجنائية الدولية، إن هم أقدموا على إصدار أمر الاعتقال، لكن المحكمة تحدَّت الولايات المتحدة. 
بقي أن نرى ماذا سيفعل الرئيس المنتخب دونالد ترامب عندما يتولى السلطة رسميًا في 20 يناير المقبل، وهو الذي تعهَّد بحماية إسرائيل وإقامة "إسرائيل الكبرى"!
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • رئيس الجمهورية يبعث رسالة تعزية إلى وزير الثقافة
  • حصاد مهرجان القاهرة الدولي للأفلام القصيرة.. رسائل النبوي وتامر حبيب وحضور فلسطيني
  • منصور بن محمد يشهد مؤتمر دبي الرياضي الدولي ويكرّم الفائزين بجوائز "دبي غلوب سوكر"
  • لا نهدد أمنكم.. رسائل محافظ دمشق الجديد إلى إسرائيل
  • علماء المسلمين: الصمت الدولي على حرب الإبادة ضد الفلسطينيين لم يعد مقبولا
  • علماء المسلمين: الصمت الدولي على حرب الإباة ضد الفلسطينيين لم يعد مقبولا
  • نقابة الصحفيين الفلسطينيين تدين استهداف إسرائيل مخيم النصيرات
  • أجمل رسائل وعبارات التهنئة بمناسبة رأس السنة الميلادية الجديدة
  • مدى شجاعة القضاء الدولي في حالة إسرائيل 
  • انعكاسات أزمة تقييد القضاء في إسرائيل على الفلسطينيين