متى يفضح الله العبد في الدنيا؟.. في 3 حالات يكشف سترك فاحذرها
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
لاشك أن استعاذة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من الفضيحة تبين شدتها وصعوبتها على العبد، لذا ينبغي معرفة متى يفضح الله العبد في الدنيا ؟، لعلنا نفيق من غفلتنا قبل وقوع المحظور ، حتى لا تباغتنا الفضيحة فجأة فنكن من الهالكين ، فمن شأن معرفة متى يفضح الله العبد في الدنيا ؟، أن تنبهنا فلا نغتر بطول ستر الله تعالى لنا.
ورد في مسألة متى يفضح الله العبد في الدنيا ؟، أن هذا يحدث حينما يتمادى العبد في معصية الله تعالى، فإنه يفضحه من حيث لا يدري؛ خاصة وأن الغفلة تأخذ الإنسان في بعض الأوقات إلى ما هو أبعد من المعصية، حيث تتطور المعصية إلى رياء، وتفاخر بها، بعدما شعر العبد أن الله لم يهتك سره، وأحس بالأمن من أن ينال العقاب، وتناسى أن الله عز وجل يمهل ولا يهمل، فوقتها تأتيه الفضيحة ويهتك الله عز وجل ستره، من حيث لم يحتسب.
وقال عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: "من عمِلَ عملًا ألبسه الله رداءه إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرٌّ، سيظهر هذا العمل رغم أنفه على فلتات لسانه وكلامه، ومصداق ذلك قول الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [البقرة: 72]، وقال الإمام ابن القيم: للعبد ستران: ستر بينه وبين ربه، وآخر بينه وبين الخلق، فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله، هتك الله ستره بين الخلق، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سمِعَ سمِعَ الله به، ومن يُرائي يُرائي الله به))؛ [متفق عليه].
وجاء أن من أخطر الأشياء على المؤمن الإصرار على المعصية ظنا منه أنه في أمان من عقاب الله، بعدما أصبحت المعصية وكأنها سهلة في سلوك كثير من المسلمين، حيث لا يكترث أغلبنا من المعصية والقيام بها أمام الناس، مثل النميمة أو الكذب أو الجري وراء النساء، والمسير خلف غواية الشيطان.
وقد ينطلق بعض الناس في معاصيهم وذنوبهم من بعض المبررات التي يرى من خلالها أنها من قبل اللمم الذي يغفره الله وأن الله غفور رحيم، متناسيا أيضا أن الله شديد العقاب لمن تجرأ على حرماته وانتهكها وتعدى حدوده، ويقول الله تعالى: {اعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (98) سورة المائدة، ومن أسباب الإصرار على المعصية رفقاء السوء، فكلما أراد الإقلاع عن معصيته أثنوه ومنعوه عن فعل الخير وإرادة التوبة، بل ربما هددوه بفضحه وهتك ستره وإظهار الأعمال التي كان يقوم بها معهم، فكم تردد ضعيف العزم عن التوبة بسبب أصدقاء السوء.
ويقول الله تعالى: {يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا*لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} (28-29) سورة الفرقان، كما أن المصر على المعصية معرَّض للخسران والهلاك، لأنه أمن من مكر الله تعالى، فإنه من خاف الله تعالى ترك الذنوب، ومن أمن مكر الله تهاون بالمعاصي، ولهذا يقول الله: {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (99) سورة الأعراف، ويقول الفضيل بن عياض: "المؤمن يستر وينصح، والفاجر يهتك ويُعيِّر".
أنواع الفضيحةالأول: من كان مستورًا لا يعرف بشيء من المعاصي، فإذا وقعت منه هفوة، أو زلة، فإنه لا يجوز كشفها، ولا هتكها، ولا التحدُّث بها؛ لأن ذلك غيبةٌ محرمةٌ، وهذا هو الذي وردت فيه النصوص، وفي ذلك قد قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19]، والمراد: إشاعة الفاحشة على المؤمن المستتر فيما وقع منه، أو اتُّهِم به وهو بريء منه، كما في قصة الإفك.
والثاني: من كان مشتهرًا بالمعاصي، معلنًا بها لا يبالي بما ارتكب منها، ولا بما قيل له، فهذا هو الفاجر المعلن، وليس له غيبة، كما نصَّ على ذلك الحسن البصري وغيره، ومثل هذا لا بأس بالبحث عن أمره؛ لتقام عليه الحدود، ومثل هذا لا يشفع له إذا أخذ، ولو لم يبلغ السلطان؛ بل يترك حتى يُقام عليه الحد، لينكف شرُّه، ويرتدع به أمثاله.
ويستر الله سبحانه وتعالى على عباده في ذنوبهم ومعاصيهم، ويتجاوز عن سيائتهم، ويتعامل الله معنا بالحلم، وهي الصفة التي وصف بها نفسه وجعلها من أسمائه الحسنى، ويمهل الإنسان حتى أخر رمق له في أن يرجع إلى الله ويتوب عن الذنوب، حتى إذا ما أصر هذا الإنسان على معصيته وقع في عقاب الله، وحلم الله عَظيم، يَتَجلَى فِي صَبْره سُبْحانَه عَلَى خَلقه، وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَّةِ وَصْفُ اللهِ عز وجل بِالصَّبْرِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ أَحَدٌ - أَوْ لَيْسَ شَيءٌ - أَصْبَرَ عَلَى أَذَىً سَمِعَهُ مِنَ اللهِ، إِنَّهُم لَيَدْعُونَ لَهُ وَلَدًا وَإِنَّهُ لِيُعَافِيهِم وَيَرْزُقُهُم"[15].
وأخْبر الله تَعَالَى عَنْ تَأَخِيره لِعقَاب مَن أَذْنَب من عبادِهِ في الدُنْيا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُؤَاخِذُهُم بِذُنُوبِهِم أَولا بِأَوَل، لَما بَقي علَى ظَهْر الأَرْضِ أَحَد، وقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [النحل: 61].
متى يفضح الله العاصيروي عن صفوان بن محرز المازني قال : (بينما أنا أمشي مع بن عمر رضي الله عنهما آخذ بيده إذ عرض رجل فقال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النجوى فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول نعم أي رب حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هلك قال سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ).
ويفتضح أمر العاصي في الدنيا أيضا حال الإصرار على المعصية، فالمتجاوزون للحدود المصرون على الإثم لا يبعد أن يفضحهم الله ولا يستر عيوبهم لما قام في قلوبهم من الاستهانة بمراقبته سبحانه ، وجرأتهم على عصيانه بلا خوف من عظمة الرب سبحانه، بخلاف المؤمن يزل الزلة ويذنب الذنب لغفلة أو شهوة عابرة ثم يظل يوبخ نفسه ويلومها ويتوب ويستغفر فيغفر الله له ويستر الله عليه وهكذا كلما أذنب استغفر وكلما غفل تذكر فهذا الذي يسبل الله ستره عليه.
ولا ينبغي للمؤمن أن يغتر بعدم فضيحته ويستمريء الوقوع في الذنب ، ويستسهل المعاودة المرة بعد المرة فها هنا لا يكون ذلك ستر الله عليه نعمة منه سبحانه بل يكون استدراجاً وعقوبة له فليحذر المؤمن ولا يأمن مكر الله جل جلاله.
من الذين يعاملهم الله بالستر1- العاصي الذي لا يجاهر
2- من ستر مسلماً
3- المستغفر طالب المغفرة فإنه في طلبه للمغفرة طالب للستر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم على المعصیة الله تعالى ستر الله أن الله الله ت ن الله
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: ذكر الله عبادة يطمئن ويصلح بها القلب
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الذِّكرُ هو عبادةُ القلبِ التي يَصلحُ بها ويطمئنُّ بها، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، فإذا اطمأنَّ القلبُ صلحَ، وصلحَ بصلاحِه سائرُ الجسد، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ».
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن الذِّكرُ عِمادُ القلبِ، والقلبُ عِمادُ الجسد، فقلبُ المؤمنِ يَحيا بذِكرِ اللهِ تعالى، وبحياةِ القلبِ يَحيا سائرُ البدن، فقد ورد عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وسلم : «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ، وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ».
ويتضح ذلك المعنى عندما نعلمُ أنَّ الصلاةَ التي هي عِمادُ الدينِ ورُكنُه الرَّكينُ إنما شُرعت لأجلِ ذِكرِ اللهِ تعالى، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾. بل عندما يُشرِعُ المسلمُ في صلاته، بقوله (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ يُباهِي الله به ملائكته ويقول لهم: "ذكرني عبدي".
فالذِّكرُ هو الإطارُ العامُّ، والبيئةُ الطيِّبةُ التي لا بُدَّ منها حتى تَترعرعَ فيها بقيةُ العبادات، ومن ذلك نلحظ أن الإحرام بالصلاة يبدأ بالتكبير ، وختامها بالتسليم، وكِلاهُما ذِكرٌ لاسمٍ من أسماء الله تعالى ، قال تعالى : ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾.
فعلاقةُ الذِّكرِ ببقيةِ العباداتِ كعلاقةِ الشجرِ بالأرض؛ فلا يُمكنُ أن تُزرعَ شجرةٌ دون أن تمتلكَ أرضًا تُزرَعُ فيها.
فالأمرُ بالذِّكرِ هو أمرُ المُحبِّ لمَن يُحبُّ، وإنَّما يَمتثلُ له من صدقَ في الحبِّ، يقول تعالى ﴿فاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾، ويقول تعالى في حديث قدسي فيما يرويه صلى الله عليه وآله وسلم : «وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ».
وإذا أحبَّ المرءُ منَّا حبيبًا، طلب منه أن يَذكُرَه – وللهِ المثلُ الأعلى – فالذِّكرُ أمارةُ الحبِّ، فما من مُحبٍّ وهو لاهٍ عن محبوبِه.