تقرير: ما تفاصيل شحنة القمح المجانية التي تبرعت بها بولندا لإغاثة الشعب اليمني؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
(عدن الغد)خاص:
تقرير يتناول ردود الأفعال الرسمية والشعبية تجاه قضية شحنة القمح المجانية التي لم تصل إلى اليمن..
لماذا هددت بولندا بسحب القمح المجاني.. وما دور الحكومة اليمنية في ذلك؟
كيف وصل الأمر بفساد حكومة معين إلى إهمال تبرعات العالم لإنقاذ اليمن من الجوع؟
هل وصل العجز بحكومة معين لدرجة عدم القدرة على نقل شحنة مجانية من القمح؟
تعهدات الحكومة بمعالجة الوضع المعيشي في اليمن.
كيف باتت الحكومة غير آبهة بظروف اليمنيين رغم حاجتهم الماسة للمساعدات؟
(عدن الغد) القسم السياسي:
تأثرت اليمن كغيرها من بلدان العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، التي ألقت بظلالها معيشية واقتصاديا على الأمن الغذائي العالمي، باعتبار الدولتين الأكبر على الإطلاق في تصدير الحبوب، غير أن الوضع في اليمن كان مختلفا عن أي أوضاع في العالم، ذلك أن البلاد تمر بحرب مستعرة دمرت الأخضر واليابس، ورهنت حاضر ومستقبل البلاد للمعونات والمساعدات وما يجود به الأصدقاء والأشقاء من شحنات الإغاثة.
ولم يكن ينقص اليمن سوى هذه الكارثة والحرب بين موسكو وكييف حتى تكتمل المعاناة والمأساة، وهذا ما دفع العالم بكل دوله إلى إدخال اليمن واعتمادها ضمن قائمة البلدان المستحقة لاتفاقيات الحبوب العالمية، والتي اعتمدتها الدول المصدرة للحبوب، وفي هذا الإطار نالت اليمن حصتها من القمح الذي يمثل قوتا رئيسيا لملايين اليمنيين.
كان الأمر يسير بشكل طبيعي حتى بادرت بولندا هي الأخرى باعتماد شحنة قمح مجانية لليمن قوامها 40 ألف طن، وبقيمة 14 مليون دولار، كتبرع من وارسو إلى اليمن باعتبار بلادنا من البلدان الفقيرة والمتضررة من انقطاع الحبوب التي كانت تصدرها أوكرانيا إلى الدول النامية ومنها اليمن، وشكل الأمل بارقة أمل إضافية لليمنيين المكتوين بالحرب في الداخل والحرب في شرق أوروبا، خاصة بعد أن عجزت كبريات المنظمات الأممية وبرنامج الغذاء العالمي على الإيفاء بكافة التزاماتهم الإنسانية تجاه اليمن.
غير أن بارقة الأمل هذه، والمقدمة من الحكومة البولندية، يبدو أنها لم تعجب الحكومة المحلية، التي لم تستطع بالتكفل بتكاليف نقل الشحنة المجانية من بولندا إلى ميناء عدن وتفريغها ثم توزيعها على الفقراء والبسطاء والمكتوبين بنار الحرب، خاصة أن هذه التكلفة لن تتجاوز 2 مليون دولار فقط، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالعائد الإنساني والمعيشي المجزي المتمثل بسد جوع وعوز اليمنيين.
هذا العجز الحكومي عن التكفل بنقل الشحنة المجانية إلى اليمن، كشف الكثير من عورات الحكومة، وفضح حديثها المفلس عن أي تدخل في مجال معالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وأظهرتها في موقف الكاذب، حين تحدثت عند توليها المسئولية عن أن مهمتها الأولى والرئيسية ستكون معيشية واقتصادية في المقام الأول، غير أنها أثبتت فشلها في هذه الأولوية التي وضعتها لنفسها، وكان فشلا بامتياز.
كما كشف تضارب العمل الحكومي وعدم وجود تنسيق حقيقي بين مسئوليها ووزرائها الذين باتوا يطالبون الحكومة بتحركات كان من الواجب تنفيذها بأنفسهم، تماما كما فعل وزير الصناعة والتجارة اليمني حين حذر الحكومة من قيام الجانب البولندي بسحب المنحة المجانية من القمح، بعد العجز عن نقلها إلى اليمن، ما يؤكد أن هؤلاء الوزراء والحكومة برمتها غير قادرة على عمل شيء.
ورغم أن الوزير المعني بالصناعي والتجارة ونقل مثل هذا القوت الضروري وتوفيرها للشعب قدم مقترحا بقيام المؤسسة الاقتصادية اليمنية بنقل الشحنة المجانية من القمح، تجنبا لضياع جهود سفيرة اليمن لدى بولندا الدكتورة ميرفت مجلي، إلا أن الاقتراح هذا لم يلقَ هو الآخر أي آذان مصغية، ما يهدد بضياع فرصة مجانية لإطعام اليمنيين الجائعين، خاصة أن 2 مليون دولار لا تمثل مبلغا كبيرا إذا قورنت بما يتم نهبه والسطو عليه من ملايين يتقاسمها لوبي السلطة.
> ردود أفعال قاسية
ضجت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بهذا الموقف الحكومي تجاه فرصة تنقذ الملايين من الجوع، في ظل أن اليمن تعيش أسوأ أزمة إنسانية يشهدها العالم، فبعض الناشطين ورواد مواقع التواصل اتهموا رئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبدالملك بالتقاعس عن توريد ونقل شحنة القمح المجانية، كونه لن يحصل على أي مكسب مادي منها، لهذا تعامل معها ببرود ولم يجتهد في تحويلها إلى اليمن.
وقالوا إن معين تعمد تجاهل كل المراسلات الحكومية والمطالبات الرسمية المختلفة له لدفع تكاليف نقلها أو تكليف أية جهة للقيام بذلك، بعد أن رفض الجانب البولندي القبول بتمرير فضيحة صفقته المخجلة للإنسانية، القاضية بالتعاقد مع تاجر يمني لإيصال نصف الشحنة مقابل تقاسم قيمة النصف الآخر منها.
الناشطون والمراقبون اتهموا الحكومة ورئيسها بامتلاك عقليات مجردة من الوطنية والإنسانية، ما يجعل ادعاءات معين بأنه جاء ليحل المشاكل المعيشية والاقتصادية، أو أنه يبحث عن أية فرصة ممكنة لتقديم أي مساعدة متاحة لتخفيف معاناة شعبه الأكثر مجاعة بالعالم، غير أن شيئا من ذلك لم يحدث، رغم أن هذه الفرصة هي الأنسب لإثبات ادعاءاته التي أكد أنها مجرد أقوال.
مراقبون آخرون، تحدثوا عن تاريخ الحكومة المليء بالفشل، والذي أدى إلى رفض جميع الجهات التي استعانت بها الحكومة ورئيسها لنقل القمح المجاني إلى اليمن بطريقة مجانية دون أن تكلفتها دولارا واحدا، فكثير من المؤسسات والشركات المحلية والبيوت التجارية العريقة تجنبت التعامل مع الحكومة، ورفضت حتى الإغراءات التي قدمتها للبعض منهم بالتهام نصف قيمة الشحنة البالغ تكلفتها 14 مليون دولار، كما حدث مع مجموعة شركات هائل سعيد أنعم عبر صوامع الغلال، والتاجر حسن جيد.
هذا اليقين بفشل الحكومة، وتهرب الشركات والمؤسسات المحلية من التعامل معها تكرر مع المجتمعين الإقليمي والدولي، الذي وصل هو الآخر إلى قناعة بأن هذه الحكومة لم تعد صالحة، بحسب مراقبين، وذلك من خلال تسرب هذه الفضيحة إلى الإعلام الرسمي للتحالف العربي والمملكة العربية السعودية، التي كانت تعرف بأنها الداعم الرئيسي والأول لرئيس الحكومة اليمنية، ما يوحي بالعديد من المؤشرات التي تتحدث عن قرب إقالة الدكتور معين وإحداث تغييرات في الحكومة.
المراقبون حذروا من ممارسات الحكومة اليمنية وعجزها عن توفير أبسط احتياجات وتكاليف نقل مساعدات الدول والمنظمات التي تجود بدعمها وتسارع بإغاثة الشعب اليمني، خاصة أن مثل هذا التقاعس سيؤدي إلى صرف تلك الدول والمنظمات نظرها عن تقديم مزيد من الدعم لليمن؛ بسبب غياب الثقة؛ عطفا على عدم تفاعل الحكومة الجهة الممثلة لليمنيين مع مساعدات العالم لبلادنا، وهو أمر وارد وقد يضاعف من الأزمة الإنسانية في اليمن.
وبالتالي، فإن ما تقوم به الحكومة يؤثر على مستقبل اليمن ووضعه الإنساني والمعيشي، بسبب فقدان الثقة بالحكومة من قبل المنظمات الدولية والدول المانحة، وما هو أشد وطأة فقدان الثقة بالحكومة من قبل الكيانات الاقتصادية والبيوت التجارية المحلية التي لم تستجب لمطالب الحكومة بنقل الشحنة المجانية، حتى رغم الإغراءات غير القانونية التي منحتها الحكومة لهم، والمتمثلة بإعطائهم نصف قيمة شحنة القمح.
وفقدان الثقة هذا له تبعات خطيرة على مستقبل اليمن وشعبها، الذي يحتاج لمساعدات وإغاثة بسبب تأثيرات وتداعيات الحرب الدائرة منذ تسع سنوات متواصلة، وهو ما لا تدركه الحكومة الحالية، والتي باتت تصنف بأنها أسوأ حكومة مرت في تاريخ اليمن على الإطلاق.
> حكومة يجب ألا تستمر
تبرعات بولندا وغيرها من الدول والمنظمات المانحة، لإغاثة الشعب اليمني قد لا تتكرر في المستقبل، في ظل وجود مثل هذه الحكومة التي لا تأبه لاحتياجات رعاياها، ولا تهتم بسد رمق جوعهم الذي بات يمثل أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وكما هددت بولندا بسحب القمح المجاني، بسبب موقف الحكومة اليمنية وعدم تفاعلها، فإن الأمر مرشح للتكرار مع أي منظمة أو دولة مانحة أخرى، وهو أمر وارد إذا استمرت ممارسات الحكومة على حالها.
وهي ممارسات تنم على حجم توغل الفساد في منظومة الحكومة اليمنية حتى وصل إلى درجة عدم الاهتمام بوضع اليمنيين المعيشي، وإهمال تبرعات العالم الذي سارع إلى إنقاذ بلادنا من الجوع، غير أن العجز الحكومي لم يكن في حسبان العالم كله، خاصة أن تكلفة نقل شحنة القمح المجانية ليست بالمكلف إطلاقا، وكان يجب عليها أن توفر هذه التكلفة مهما بلغ حجمها، كأحد المسئوليات الملقاة على عاتقها.
وإلا ما دور أي حكومة في العالم إذا لم تستطع توفير مثل هذه الأولويات البديهية من مهامها، وفي حالة عجزها فمن الواجب أن يتم الاستغناء عن هذه الحكومة وإقالتها، فاستمرارها على هذه الهيئة والطريقة لا ينبغي أن يتواصل، فكما تسببت بهذه الفضيحة، يمكن لها أن تتكرر مستقبلا بحوادث أسوأ بكثير من هذه، والضحية الأولى في النهاية هم البسطاء من أبناء هذا الشعب المسكين.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة ملیون دولار إلى الیمن مجانیة من من القمح خاصة أن غیر أن
إقرأ أيضاً:
تقرير: ترامب يطلق العنان للفوضى في العالم متعمدا
أصبح العرب غاضبين، والدنماركيون في حالة هياج، وكولومبيا تراجعت، والمكسيك وكندا تستعدان لحرب رسوم جمركية مع الولايات المتحدة. أما بكين فأطلقت حربها التجارية مع واشنطن، ردا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم بنسبة 10% على المنتجات الصينية، وحتى البريطانيين الذين طالما كانوا فخورين بـ "علاقاتهم الخاصة" مع الولايات المتحدة، لجأوا إلى تقاليدهم في الدبلوماسية الهادئة.
وأصبح المشهد العالمي يبدو وكأن الرئيس دونالد ترامب ألقى كيسًا من الزجاج المكسور تحت أقدام زعماء دول العالم الذين غالبًا ما تضافرت جهودهم على مدى ثمانية عقود في إطار النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.
ويبدو أنه بات على الجميع الرد على ترامب يوميا، حتى أن رئيس وزراء أستراليا أنطوني ألبانزي قال عندما سُئل في الأسبوع الماضي عن رأيه في إعلان ترامب أن الولايات المتحدة ستستولي على قطاع غزة المدمر وتحوله إلى ريفييرا الشرق الأوسط، "لن أقدم، بصفتي رئيس وزراء أستراليا، تعليقًا يوميًا على تصريحات الرئيس الأميركي".
النهج المتسلط
وسواء اعترف قادة العالم بذلك علنا أم لا، فإنهم ينظرون إلى نهج ترامب المتسلط تجاه بعض مؤسسات الحكومة الأميركية ويتساءلون عن دور الولايات المتحدة في النظام الدولي بعد الحرب الباردة: ماذا عن الأدوار الأميركية في حلف الناتو والأمم المتحدة، والبنك الدولي وغيرها من ركائز النظام الدولي؟
وفيما يتصل بحلف الناتو الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، لطالما شكك ترامب في قيمته وهدد بعدم الدفاع عن الدول الأعضاء في الحلف التي تفشل في زيادة إنفاقها العسكري إلى المستوى الذي يطالب به.
وفي أول يوم له في المكتب البيضاوي، قرر ترامب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية للمرة الثانية، وهو التصرف الذي من شأنه أن يترك الوكالة التابعة للأمم المتحدة بدون أكبر ممول لها. واحتشد قادة منظمة الصحة العالمية للرد على قرار ترامب وطالبوا دول العالم بالضغط على واشنطن لإلغاء قرار ترامب. وقال مبعوث ألماني قلقاً: "السقف يحترق".
وكتب هيثر هرلبورت خبير الشؤون الدولية والسياسية في المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" البريطاني في تحليل له إن " إن تصرفات ترامب تنبئ بتحول دائم في المشهد السياسي ــ وليست مجرد حركة مفتاح يعود إلى وضعه الطبيعي بعد 4 سنوات."
وبعيدا عن الدوائر القيادية، فإن أي شخص يعتمد على المساعدات الأميركية للحصول على الغذاء أو الدواء سيواجه مخاطر كبيرة بعد قرار ترامب إلغاء هيئة المعونة الأميركية، وإنهاء مهمتها التي استمرت 6 عقود للمحافظة على استقرار الدول الفقيرة من خلال تقديم المساعدات الغذائية لمواطنيها.
في الوقت نفسه تقول أريانا قصي مصطفى من تجمع "شبكة نساء كوسوفو" الذي يضم 140 منظومة غير حكومية "رغم ذلك نحن صامدون، وسنحاول بذل أقصى جهد" لمواصلة تقديم المساعدات للمحتاجين.
الفوضى.. وإغراق المنطقة
وبعد إعادة انتخابه لرئاسة الولايات المتحدة وبمساعدة "صديقه الرئاسي" الملياردير إيلون ماسك، أطلق ترامب العنان لفوضى عارمة من خلال تشتيت انتباه العالم.
فالأوامر والتصريحات الرئاسية تصدر بوتيرة سريعة للغاية بما يكفي لتفتيت أي معارضة. والآن لا يوجد من يمكنه متابعة كل هذه الأوامر والتصريحات، سواء كان شخصا أو حكومة، وبالتالي يحدث ما يسميه حلفاء ترامب "إغراق المنطقة".
هل هناك مشكلة في ذلك؟ يرد ترامب بكلمة واحدة هي: "فافو"، كاختصار لعبارة "اخلق الفوضى ثم رتبها" باستثناء أن الكلمة الأولى فيها ليست "فوضى".
وقد نشر الرئيس الاختصار على وسائل التواصل الاجتماعي، مصحوبا بصورة له وهو يرتدي قبعة فيدورا وقميصا مخططا.
كولومبيا.. نموذجا
وتتم الإشارة إلى كولومبيا باعتبارها نموذجا على ما يمكن أن يحدث لأي دولة عندما تقول لا لترامب. لقد قاوم رئيسها لفترة وجيزة استقبال طائرات قادمة من الولايات المتحدة لإعادة مهاجرين غير شرعيين، لكن الرئيس الأميركي هدد بفرض رسوم بنسبة 50% على صادرات كولومبيا، فاضطر رئيسها إلى التراجع والموافقة على طلب ترامب.
لقد أسعد أسلوب الإجبار أنصار ترامب، الذين خرجوا لصالحه خلال انتخابات 2024 متأثرين بشدة بقلقهم بشأن الاقتصاد وأوضاعهم المالية. ويقول ترامب إنه يحاول توفير أموال دافعي الضرائب وإنفاقها على أمور تتماشى مع المصالح الأميركية.
ففي حديثه عن غرينلاند وقطاع غزة على سبيل المثال. يقول الرئيس صاحب شعار "أميركا أولاً" إن الولايات المتحدة ستسولى عليهما.
وفيما استبعد استخدام الجيش الأميركي لتهجير سكان غزة البالغ عددهم حوالي مليوني شخص من أرضهم إلى مكان خر، لكنه متمسك بخطته لتهجير الفلسطينيين وتحويل القطاع إلى منتجع سياحي فاخر.
ولا يتوقف ترامب كثيرا عن حقيقة أن أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها بدءا من الشرق الأوسط المتقلب وحتى الصين ناهيك عن بريطانيا يعارضون خطته لغزة.
وقد أعلنت المملكة العربية السعودية "رفضها المطلق" للخطة. كما أن هذه الخطة يمكن أن تنسف وقف إطلاق النار الهش بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. كما أنها تمثل انتهاكا للقانون الدولي أيضا.
في الوقت نفسه فإن مشاهد تدفق النازحين الفلسطينيين العائدين إلى بيوتهم المدمرة في شمال القطاع بعد وقف إطلاق النار تؤكد أنهم لا يريدون مغادرة أرضهم.
وعندما ننتقل من رغبة ترامب في امتلاك غزة إلى عزمه الاستيلاء على جزيرة غرينلاند الدنماركية سنجد رئيسة وزراء الدنمارك ميت فريدريكسن تقول للصحفيين "لسنا حلفاء سيئين" ردا على تصريح لنائب الرئيس الأميركي جيه.دي فانس الذي قال فيه إن الدنمارك وهي عضو في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي "ليست حليفا جيدا"، مكررا كلام رئيسه عن أن الاستيلاء على غرينلاند "ممكن".
أوروبا القلقة
والحقيقة أن مشاعر القلق من سياسات ترامب وقرارته تسيطر على أغلب قادة أوروبا أيضا. وقد ظهر هذا واضحا خلال القمة الأوروبية الأخيرة في بروكسل والتي كان يفترض أن تبحث زيادة الإنفاق الدفاعي والتصدي للتهديد الروسي، فتحولت إلى الكلام عن ترامب وتهديداته.
وقال دونالد تاسك رئيس وزراء بولندا "علينا عمل أي شيء لتجنب هذه الحرب التجارية الغبية وغير الضرورية تماما"، مضيفا أن تهديدات ترامب بفرض رسوم على منتجات دول الاتحاد الأوروبي "اختبار جاد" للوحدة الأوروبية "وهذه هي المرة الأولى التي نواجه فيها مشكلة من هذا النوع بين الحلفاء. وقال القادة الأوروبيون إنهم سينتظرون حتى يكشف ترامب عن مقترحاته بالتفصيل.
في الوقت نفسه أشعلت تصريحات ترامب معركة في جزيرة غرينلاند للمطالبة بالاستقلال الكامل عن الدنمارك وأصبح الاستقلال قضية رئيسية قبل الانتخابات المقررة في مارس.
وقال بعض قادتها إن أكبر جزيرة في العالم، والتي يسكنها 57 ألف شخص، لا تريد أن تكون جزءًا من الولايات المتحدة أو الدنمارك.
وقال نايا إتش ناثانيلسن، وزير الأعمال والتجارة في غرينلاند، لوكالة أسوشيتد برس: "لقد تسبب الخطاب المؤسف (للرئيس ترامب) في الكثير من القلق والانزعاج ليس فقط في غرينلاند ولكن في بقية دول التحالف الغربي".
ورغم ذلك فالموقف في أوروبا من ترامب غير موحد. فقادة اليمين المتطرف الأوروبي أشادوا بأجندة ترامب خلال تجمع بالعاصمة الإسبانية مدريد تحت شعار "جعل أوروبا عظيمة مرة أخرى". شارك في هذا التجمع رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان ونائب رئيسة وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني وزعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي مارين لوبان وغيرهم.
وقلل بعض القادة المشاركين في التجمع من أهمية تهديد ترامب بزيادة الرسوم على صادرات الاتحاد الأوروبي وقالوا إن الضرائب والتشريعات في الاتحاد الأوروبي أخطر على رخاء المنطقة من رسوم ترامب. لكن كل المتحدثين تطرقوا إلى قضية الهجرة غير الشرعية، التي تشكل قضية مؤلمة ومثيرة للانقسام في أوروبا كما هو الحال في الولايات المتحدة.
وقالت لوبان إن تجمع "وطنيون من أجل أوروبا" الممثل لأحزاب وقوى اليمين المتطرف الأوروبي هو الأفضل في التعامل مع ترامب، مضيفة "نحن الوحيدون الذين يمكنهم الحديث مع إدارة ترامب الجديدة".