75 مليار دولار منذ بدء الحرب.. هل يتعثّر الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
واشنطن- منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، وجّهت إدارة الرئيس جو بايدن، وبدعم من الكونغرس، قرابة 75 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا، واشتملت على الدعم الإنساني والاقتصادي والعسكري.
ونالت المساعدات العسكرية نصيب الأسد، بما وفرته من أنظمة الأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية التي يحتاجها الجيش الأوكراني.
وبعد 19 شهرا من استمرار القتال، تُظهر استطلاعات الرأي المختلفة أن عددا كبيرا من الأميركيين يشكّكون بشكل متزايد في جدوى استمرار تقديم مساعدات إضافية لكييف.
وساهمت البداية المبكرة لموسم الانتخابات وتكرار طرح عدد من المرشحين الجمهوريين، وعلى رأسهم الرئيس السابق دونالد ترامب وحاكم ولاية فلوريدا رون ديسنتيس والمرشح الشاب فيفيك راماسوامي، في تعزيز التوجه لإعادة النظر في تقديم مزيد من المساعدات.
من هنا، لم يُفاجأ خبراء كثر من إصرار أنصار ترامب في مجلس النواب -رغم تمسك الأغلبية الجمهورية بتقديم المساعدات- على سحب أي مخصصات لأوكرانيا من التشريع المؤقت لتمويل الحكومة الفدرالية والذي تم التوصل إليه قبل ساعتين من موعد بدء الإغلاق الحكومي.
نواة المعارضة
ويمثل التيار اليميني بالحزب الجمهوري نواة هذه المعارضة رغم عدم تخطي عدد أعضائه حاجز الـ20 بين أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 435، ويتمتع فيه الجمهوريون بأغلبية 222 عضوا مقابل 212 للديمقراطيين.
وكان الرئيس بايدن حادا في تصريحاته عقب التوقيع على مشروع التمويل المؤقت حين قال "لا يمكننا تحت أي ظرف من الظروف السماح بوقف الدعم الأميركي لأوكرانيا. أتوقع تماما أن يحافظ رئيس مجلس النواب على التزامه تجاه شعب أوكرانيا وأن يضمن مرور الدعم اللازم لمساعدتها في هذه اللحظة الحرجة".
وأكد توقعه أن تكون هناك محاولة أخرى لتمرير المساعدات الأوكرانية قريبا، مما يفتح الباب أمام سيناريو تمرير المساعدات الأوكرانية عبر مجلس النواب بمفرده في تشريع خاص بها، أو كجزء من مشروع تكميلي أكبر. وشدد بايدن على أن بلاده ستدعم كييف "طالما استغرق الأمر".
بدوره، اعتبر ماثيو والين، الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي -وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية- أن هناك فقط "أقلية صاخبة تشكك في قيمة تلك المساعدات، بحجة أن الولايات المتحدة لديها أولويات إنفاق أكثر أهمية في الداخل".
وقال للجزيرة نت "من الصواب السعي إلى المساءلة عن أي برنامج تمويل، سواء كان أجنبيا أو محليا، لكن أرى أن المساعدات الإنسانية والعسكرية الأميركية لأوكرانيا كانت من أكثر المساعدات التي أرسلت إلى منطقة قتال منذ عقود فعالية".
مواجهه جمهورية
ومع ازدياد حدة الجمهوريين المحافظين في معارضتهم للمساعدات الأوكرانية، أصبحت القضية أكثر استقطابا. مما يعني أن هناك كتلة مهمة من ناخبي الحزب الجمهوري الذين يُحتمل أن يهتموا كثيرا بهذه القضية، مما يجعل من الصعب تأمين دعم الحزبين بصورة مؤكدة.
ويؤمن التيار المتشدد بالحزب الجمهوري أنه حقق أول نجاح كبير لهم، عندما لم يدرج رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي طلبا بقيمة 6 مليارات دولار للحصول على مساعدات لأوكرانيا في مشروع قانون التمويل المؤقت لتجنب الإغلاق الحكومي.
وخفف المسؤول السابق بوزارة الخارجية والخبير في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن سيستانوفيتش، من انتصار التيار المتشدد الجمهوري، وقال "لا أحد يشك في وجود أغلبية كبيرة في كلا الحزبين بالكونغرس تؤيد استمرار أو حتى زيادة المساعدات لأوكرانيا، ورؤساء اللجان الرئيسية مؤيدون أقوياء بشكل خاص، والبيت الأبيض كذلك لا يتردد في التأكيد على تقديم الدعم".
وأضاف سيستانوفيتش للجزيرة نت، أن السبب الوحيد للتساؤل عن انقطاع الدعم "هو بالضبط ما رأيناه الأسبوع الماضي حيث الانقسامات الداخلية في الحزب الجمهوري، أو القواعد الإجرائية التي تعقّد كيفية إنفاق الأموال، ستصبح بطريقة ما عقبات".
وأكد أن "القيادة الجمهورية سيئة حقا في إدارة راديكالييها، وقواعد مجلس النواب غامضة ومعقدة، وكلتا الحقيقتان تجعل الأزمة أكثر احتمالا مما ينبغي".
وللتغلب على معارضة المتشددين بمجلس النواب، يضغط بعض مؤيدي أوكرانيا في الكونغرس من كلا الحزبين على الإدارة الأميركية لتقديم طلب جديد للحصول على دعم لمدة عام كامل، معتبرين أنه سيكون من الأسهل طلب قدر واحد أكبر من المال بدلا من الاستمرار في مطالبة أعضاء الكونغرس بالتصويت بقوة مع احتدام موسم الانتخابات.
استمرار الدعم
وقال مسؤولو البنتاغون إن 5.2 مليار دولار متبقية لديهم لتوفير الأسلحة وغيرها من المساعدات الأمنية لأوكرانيا، حتى بعد رفض الكونغرس إدراج المزيد من التمويل للحرب في مشروع قانون بنهاية الأسبوع الماضي لإبقاء الحكومة مفتوحة. ويضمن هذا المبلغ تقريبا قيمة الأسلحة التي من المقرر أن ترسلها واشنطن لأوكرانيا لبضعة أشهر أخرى فقط.
ويرجح سيستانوفيتش استمرار المساعدات، ويقول إن "هناك بعض أسباب للثقة، إذ يعرف كبار المسؤولين في كل من الكونغرس وإدارة بايدن أن المخاطر هنا عالية جدا، وأن قلة من السياسيين سيرغبون في أن يكونوا مسؤولين عما يمكن اعتباره هزيمة كبيرة للسياسة الخارجية الأميركية"، مؤكدا أن "هذا هو السبب في أن الدعم المستمر -حتى مع دراما كثيرة دقيقة بدقيقة- هو النتيجة الأكثر احتمالا".
وأوضح والين للجزيرة نت، أن "الأميركيين لديهم فترة انتباه قصيرة جدا عندما يتعلق الأمر بالصراعات الخارجية، وكان من المتوقع أن يتضاءل الاهتمام بمرور الوقت".
وأضاف "إذا انخفضت المساعدات، سواء بسبب التصورات حول ضخامة حجمها أو المخاوف بشأن مخزونات الولايات المتحدة نفسها من الذخيرة والأسلحة، فإن ذلك سيعرّض أوكرانيا لمزيد من المخاطر. كما تحتاج أوروبا إلى القيام بأكثر بكثير مما تفعله حاليا لأنها لا تستطيع الاعتماد على أميركا لتحمل تكاليف دفاعها إلى الأبد".
ولا يبدو أن هناك تهديدا لتدفق المساعدات على المدى القصير، بل هناك تهديد على المدى الطويل، خاصة مع غياب اليقين السياسي في واشنطن بخصوص انتخابات عام 2024 التي لا يعرف أحد نتيجتها وبالتالي تأثيرها على استمرار دعم الولايات المتحدة العسكري لأوكرانيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
قائد قوات الدعم السريع: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري
دبي- الشرق/ قال قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو "حميدتي"، السبت، إن قواته لن تخرج من العاصمة الخرطوم أو من القصر الجمهوري الذي تسيطر عليه منذ اندلاع الحرب مع الجيش في 15 أبريل 2023، في وقت أعلنت القوات المسلحة تطويقها للقصر وتقدمها نحو بسط السيطرة على كامل وسط الخرطوم.
وأضاف حميدتي في خطاب مسجل بثته "الدعم السريع" على قناتها بتليجرام: "الوضع الآن مختلف جداً الحرب الآن داخل الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري ومنطقة المقرن".
وتوعد الجيش السوداني بأن يكون 17 رمضان الجاري الذي قال إنه "يصادف ذكرى معركة بدر الكبرى وذكرى تأسيس قوات الدعم السريع" يوم "حسرة" على الجيش، مشيراً إلى أن قواته ستنتصر في نهاية المطاف.
وتأتي تصريحات حميدتي وسط احتدام المعارك بين قواته والقوات المسلحة السودانية في محيط القصر الجمهوري مع إعلان الجيش عن تقدمه في وسط العاصمة الخرطوم.
وفي 25 يناير الماضي أعلن الجيش إكمال المرحلة الثانية من العمليات الحربية في الخرطوم بربط قواته القادمة من أم درمان وشمال بحري بجنوده الموجودين في مقر سلاح الإشارة أقصى جنوب مدينة بحري وهي خطوة أنهت رسمياً حصار القيادة العامة للجيش بوسط الخرطوم، كما بسط الجيش سيطرته على كامل محليتي بحري وشرق النيل.
"الدستور الجديد"
وأعلن حميدتي عن ترحيبه بما اسماه "الدستور الجديد"، في إشارة إلى الإعلان الذي وقعته قوات الدعم السريع وحلفائها خلال الأيام الماضية في العاصمة الكينية نيروبي.
وفي 5 مارس وقعت قوات الدعم السريع، وجماعات متحالفة معها دستوراً انتقالياً، ما يمهد لإنشاء حكومة موازية، وينذر بتقسيم البلاد، على أن يحل محل الدستور الذي تم توقيعه بعد أن أطاح الجيش وقوات الدعم السريع بالرئيس السابق عمر البشير خلال انتفاضة عام 2019.
ومن بين الموقعين على الوثيقة الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، وهي حركة نافذة ذات توجه علماني تسيطر على مناطق شاسعة من ولاية جنوب كردفان السودانية، وتنشط تحت مظلتها جماعات أخرى أصغر حجماً.
وتوجه حميدتي خلال خطابه، السبت، بالشكر لكينيا على استضافتها للحدث، مشيراً إلى أنها دولة ديمقراطية نموذجية ظلت "أبوابها مفتوحة لكل المهمشين"، مشيراً إلى أن التاريخ سيسجل مواقف نيروبي تجاه السودانيين.
واعتبر أن ما اسماه بـ"الدستور الجديد" عالج قضايا كانت تصنف ضمن المسكوت عنه منذ استقلال السودان، مشيراً إلى أنهم في قوات الدعم السريع كانوا "مخدوعين" حول مفهوم "العلمانية" لكنهم الآن أصبحوا حلفاء للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو ذات التوجه العلماني، معلناً عن ترحيبه بالتحالف مع الحلو.
وزعم حميدتي أن الدعم السريع يتمتع الآن بـ"أكبر تحالف سياسي وعسكري"، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستكون مختلفة تماماً بالنسبة لقواته، متوعداً الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش بـ"السحق" والهزيمة في إقليم دارفور غربي البلاد.
وقال إن قواته ترصد عن كثب تحركات الحركات المسلحة نحو إقليم دارفور وإنها في انتظارها لإلحاق الهزيمة بها، وأضاف قائلاً: "نحن سننتصر بالتأكيد ونعد الشعب السوداني أن تكون هذه آخر الحروب".
واستنكرت وزارة الخارجية السودانية في بيان سابق، موقف الحكومة الكينية، و"تبنيها الحكومة الموازية التي تنوي مليشيا الإبادة الجماعية وتابعيها إعلانها في بعض الجيوب التي تبقت لها"، على حد تعبيرها.
وشدد البيان، على أن الحكومة السودانية ستمضي في اتخاذ الخطوات الكفيلة بالرد على هذا "السلوك العدائي غير المسؤول"، ووصفته بأنه "سابقة خطيرة، وخروج كامل على ميثاق الأمم المتحدة، والأمر التأسيسي للاتحاد الإفريقي، وتهديد بالغ للأمن والسلم الإقليميين".
البرهان: عازمون على تحرير البلاد
والخميس الماضي، قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن الجيش عازم على تحرير البلاد من "المرتزقة والعملاء والقضاء على الدعم السريع".
وجاءت تصريحات البرهان خلال كلمة مقتضبة بمدينة أم درمان غربي الخرطوم، خلال تأدية واجب العزاء في اللواء الركن بحر أحمد بحر، الذي لقى مصرعه في حادثة تحطم طائرة عسكرية في أم درمان في 25 فبراير الماضي، وفق بيان للجيش السوداني.
وأكد البرهان أن "القوات المسلحة السودانية ستظل سداً منيعاً ضد كل من تسول له نفسه المساس بأمن واستقرار السودان" .
وأضاف: "نجدد العزم على تحرير البلاد من المرتزقة والعملاء والقضاء على مليشيا الدعم السريع الإرهابية".