لكل رئيس مصري جمهوره: فبينما كان جمال عبد الناصر يخاطب جماهير محتشدة في القاهرة أو سواها من المدن الكبرى ويتفاعل معها في كل مناسبة هامة، خاطب عبد الفتّاح السيسي جمعاً من أزلام الدولة ومحاسيب القطاع الخاص في مسرح قائم في "العاصمة الإدارية الجديدة" النائية عن أي تركّز شعبي، وذلك كي يعلن ترشّحه إلى رئاسة الجمهورية لولاية ثالثة.
جاء إعلان السيسي ترشّحه في ختام مؤتمر عُقد تحت تسمية "حكاية وطن، بين الرؤية والإنجاز" ودام ثلاثة أيام، من السبت الماضي حتى الإثنين. وكان المؤتمر مناسبة عسيرة على الهضم لعرض إنجازات عهد السيسي، وذلك بخطابات كان بعضها بالغ الطول (إلى حد يثير الشفقة على الحاضرين) ألقاها أعضاء الحكومة المصرية بدءاً برئيسها مصطفى مدبولي. وقد سبقها وتخلّلها واختتمها السيسي، الذي أراد بذلك أن يوحي بتمكّنه المحكَم من كافة مواضيع الحكم وشؤون البلاد. أما مداخلاته فقد تضمّنت بعض الأفكار العميقة التي عوّدنا عليها، على نحو الدُرر الفكرية التالية بالغة العمق، وهي مقتبسة مما نقلته "الهيئة العامة للاستعلامات" من كلام الرئيس: "البلاد لا تعيش ولا تنمو وتكبر إلا بالعمل والشقاء والتضحية والإخلاص والأمانة وليس بالكلام فقط"، و"إذا كان معدل النمو السكاني في مصر ثابتا ومعدل الوفيات مساويا لمعدل المواليد سيكون معدل الزيادة صفراً" (سبحان الله).
وفي الختام، وبعد تشويق حاد إثر تأكيده مرة أخرى على أنه قاد مصر إلى تحقيق "ملحمة تاريخية" ليس إلّا، ألقى السيسي بالخبر الذي طالما انتظره الشعب بتلهّف، فطمأن الحضور إلى ترشّحه: "كما لبّيت نداء المصريين من قبل، فإنني ألبّي اليوم نداءهم مرة أخرى، وعقدت العزم على ترشيح نفسي لكم، لاستكمال الحلم في مدة رئاسية جديدة". وهو كلام يوحي إلينا أن نقول فيه، تقليداً لقول المتنبّي المأثور: أحلامُ قومٍ عند قومٍ كوابيسُ! بيد أن السيسي، والحق يُقال، قد أوضح المقصود بالحلم، إذ دعا المصريين "بدعوة صادقة، أن يجعلوا هذه الانتخابات بداية حقيقية لحياة سياسية مفعمة بالحيوية تشهد تعددية وتنوعًا واختلافًا" (لاحظوا الاعتراف الضمني بأن مثل تلك الحياة السياسية لم تكن قائمة، أو أنها لم تكن حقيقية!).
وكل من اطّلع على ما جاء في "حكاية" العاصمة الإدارية ـ والتسمية موفقة بإيحائها بالحكايات الخيالية ـ لا بدّ أن يتساءل أمام عظمة الإنجازات، لماذا يحتاج أهل النظام، بعكس دعوة رئيسهم "الصادقة"، إلى الحؤول دون ترشّح منافسين جدّيين للسيسي، كما فعلوا في عام 2018، عندما لم يبقَ في الميدان سوى نصير السيسي موسى مصطفى موسى، الذي لا شك في أنه أدلى بصوته للسيسي هو نفسه لشدّة إعجابه بالرئيس (أنظر على هذه الصفحات "تحية إعجاب لموسى مصطفى موسى"… 31/01/2018). فها أنهم أخذوا يعيدون الكرّة، بادئين بالحؤول دون تسجيل توكيلات الترشيح لدى مقرّات الشهر العقاري…
أفلا تكفي حكاية "الملحمة التاريخية" بإقناع شعب مصر بالتصويت طوعاً للسيسي بنسبة تناهز المئة في المئة؟ أم أن الحكم لا يثق بالشعب، ونحن أمام المنطق الذي لخّصه برتولت بريشت في قصيدة شهيرة، تساءل فيها متهكماً: إذا كان الحكم قد فقد ثقته بالشعب، "أوَليس من الأسهل أن يقوم الحكم بحلّ الشعب وانتخاب شعبٍ آخر؟" فإن منع ترشّح المنافسين الجدّيين وتزوير إرادة الشعب بحيث تُنسب إليه نسبٌ خيالية من تأييد الحكم، إنما هما بمثابة إلغاء لشعب مصر الحقيقي واختراع لشعب آخر.
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصري السيسي انتخابات مصر السيسي انتخابات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة اقتصاد سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
فيلم الهوى سلطان يعيد عرض أغنية شيرين عبد الوهاب وصداقة منة شلبي
نجاح كبير حققه فيلم الهوى سلطان بطولة الفنانة منة شلبي في دور العرض السينمائية منذ عدة أسابيع خاصة مع حالة النوستالجيا التي يعتمد عليها في عرض عدد من الأغاني به.
فيلم الهوى سلطان يعيد عرض أغنية شيرين عبد الوهابفيلم الهوى سلطان استعاد عددا من أغاني النوستالجيا لعدد من الفنانين أضافت حالة من البهجة للجمهور وكان الملفت للانتباه هو الاستعانة بواحدة من هذه الأغاني بصوت الفنانة شيرين عبد الوهاب وهي تغني «هتعمل إيه» وهي الأغنية التي قدمتها عام 2008 ضمن أحداث فيلم آسف على الإزعاج بطولة أحمد حلمي.
لقطة مميزة أثبتت من خلالها الفنانة منة شلبي امتداد صداقتها القريبة من الفنانة شيرين عبد الوهاب وهي تستعين بإحدى أغانيها الشهيرة في فيلمها السينمائي وتفاعلها مع الأغنية عند عرضها داخل العمل.
صداقة منة شلبي وشيرين عبد الوهابصداقة الفنانة منة شلبي وشيرين عبد الوهاب انتقلت من الواقع إلى السوشيال ميديا ولقاءات تليفزيونية فقالت منة عن شيرين من خلال منشور سابق شاركته مع جمهورها: «البنت الحلوة دي النجمة الكبيرة أوي دي أختي وصاحبة عمري وروح قلبي عيد ميلادها النهاردة، كل سنة وأنت أحلى أم لهنا ومريم، وكل سنة وأنت أختي وسندي وصندوقي الأسود، وكل سنة وأنتي بارة بأهلك وحبيبة قلب صحابك وروح قلبي وعقبال مليون سنة وأنت حبيبة قلبي».