البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور قلم العلم والفكر والصمود الوطني
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
من الواضح تمام الوضوح أن دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور، رئيس حكومة تصريف الأعمال، يتمتع بقدرات علمية وفكرية وثقافية واسعة النطاق، ويتحلى بروح المبادئ والقيم والمثل الأصلية، ويتبوأ مكانة وطنية وعربية ودولية عملاقة، ويستأثر بحب واحترام وتقدير السواد الأعظم في بلادنا اليمن، وهذا ما يتجلى واضحاً من خلال القيام باستشراف آفاق إصداراته الإبداعية الخلاقة، المتمثلة بـ (الأعمال الفكرية الموثقة) والتي تحتوي على [30] مجلداً كبيراً وتنطوي على جميع [الكتب والدراسات والمقالات والخطابات والمقابلات والمرثيات…الخ] الصادرة طوال [35] عاماً أي من عام 1988م حتى اليوم [2023م].
ويأتي في مقدمة محتويات [الأعمال الفكرية الموثقة] وكنوزها الغالية كتاب [الإدارة الاستراتيجية] [ إدارة جديدة في عالم متغير] الصادر عن دار المسيرة عمان – الأردن عام 2004م وكتاب [الإدارة العامة المقارنة] وكتاب [مبادئ الإدارة العامة] الصادران عن نفس الدار عام 2009م وكذا كتاب [اليمن في مواجهة عاصفة الحزم] المكون من مجلدين كبيرين، وقد تم إصدارهما باللغتين العربية والانجليزية، عبر مطابع الشؤون العامة للقوات المسلحة بصنعاء، عامي 2017م، 2018م.
ومن الأهمية بمكان القول، إن عملية القيام بترتيب وتنظيم وإخراج [الأعمال الفكرية الموثقة] وإصدارها بحلتها الإبداعية والزاهية، جرت في ظروف بالغة الشدة والصعوبة، وتمت بجهود ذاتية ومحدودة، ومن المقرر القيام بطبعها ونشرها عبر الوسائل [الورقية والالكترونية] في المستقبل القريب، حتى تكون في متناول الجميع في داخل بلادنا اليمن، وخارجها إن شاء الله عز وجل.
أما بالنسبة للحديث حول جهود دولة البروفسيور عبدالعزيز صالح بن حبتور، وأدواره الوطنية والتاريخية المجيدة ذات العلاقة بقضية توليه رئاسة حكومة الانقاذ الوطني، طوال سبعة أعوام متواصلة، أي منذ يوم 2 أكتوبر 2016م وحتى الوقت الراهن [2023م]، فيمكن القول إن تلك الجهود والأدوار الخالدة، جرت في أصعب مرحلة من مراحل التاريخ اليمني المعاصر والحديث، مرحلة تعرضت فيه بلادنا منذ يوم 26 مارس 2015م وحتى اليوم، لأشد أنواع الحروب والدمار والحصار الخانق، من جانب دول التحالف [السعودي – الإماراتي – الامريكي – الغربي – الصهيوني] المعادي.
ولكن على الرغم من حدوث ذلك كله فقد تمكنت حكومة الانقاذ الوطني برئاسة دولة البروفيسور عبدالعزيز صالح بن حبتور، من تجاوز تلك التحديات والمخاطر الجسام، واستطاعت أن تعمل بجد وصدق وإخلاص، في مجال القيام بتحقيق الأهداف الاستراتيجية التالية:-
• الحفاظ على مؤسسات الدولة وهيئاتها وأجهزتها المختلفة، وتأمين حمايتها من التصدع والانهيار، في ظل تصاعد الحرب الشاملة تجاه بلادنا، من قبل القوى الإقليمية والدولية المعادية لها.
• بناء القوات المسلحة والأمن وقوات اللجان الشعبية، وتجهيزها بطرق وطنية صحيحة وقوية، والقيام بتزويدها بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية الراقية والمتقدمة، ويأتي في مقدمتها الصواريخ البالستية، والصواريخ المجنحة، والطائرات المسيرة، وغيرها من الأسلحة والمعدات الأخرى.
• تحقيق الصمود التاريخي المجيد، في مواجهة القوى [الداخلية والخارجية] الغاشمة، وإجهاض أهدافها ومشروعاتها الإجرامية الباغية، وتحطيم صلفها وعنجهيتها البغيضة، وإفشالها بصورة تامة وكاملة.
• ترسيخ دعائم الوحدة اليمنية الشاملة، ونشر الأمن والأمان والسلام في شتى أنحاء المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس السياسي الأعلى، وحكومة الانقاذ الوطني.
• تحقيق قدر كبير من برامج النهضة [السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية والثقافية والعلمية…الخ] في بلادنا، وبحسب الموارد والإمكانات الوطنية المتاحة.
• شرح القضية اليمنية، على النطاق العالمي الواسع، وتعريف المجتمع الدولي، بحقيقة جرائم الحروب الوحشية، وجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الانسانية، والتي طالت الشعب اليمني، وأحالت حياته إلى جحيم لا يطاق تحمله، وبددت مقومات وجوده وعزته وكرامته.
• تطوير آفاق العلاقات اليمنية المشتركة، مع عدد من الدول العربية والاسلامية والأجنبية، ومع العديد من الوكالات والمنظمات الإقليمية والدولية، ولما فيه خدمة المصالح والأهداف الوطنية العليا.
وختاماً يمكن القول، إن دولة البروفسيور عبدالعزيز صالح بن حبتور، يمثل – بحق وحقيقة – علماً شامخاً من أعلام العلم والفكر والمعرفة الواسعة، وحصناً حصيناً من عمالقة الصمود في مواجهة القوى الإقليمية والدولية المعادية لبلادنا اليمن، ورمزاً تاريخياً من رموز البناء والوحدة والنهضة الوطنية الشاملة، ومنبراً مشرقاً من منابر الحق والعدل والسلام.
* مفكر إسلامي وكاتب في الشؤون الإسلامية والدولية
Sultan.it3@gmail.com
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
غزة هاشم.. تاريخ من المقاومة والصمود
لقد قامت إسرائيل على أيادي منظمات سرية وعصابات إرهابية مسلحة مثل "إرغون" وعصابة المقاتلون من أجل إسرائيل (شتيرن) ومنظمة "الهاغانا" والتي كانت نواة تكوين الجيش الإسرائيلي فيما بعد قيام دولة إسرائيل بوصفها دولة يهودية عام 1948، كما أصبح بعض قادة تلك العصابات الإرهابية قادة ورؤساء وزراء الكيان الصهيوني.
وقد اتخذت الحركة الصهيونية من أجل قيام دولتها المزعومة على أرض فلسطين الوسائل الإرهابية العنيفة التي قامت بها هذه العصابات من أجل إخلاء أرض فلسطين من سكانها، عبر سلسلة طويلة من المذابح وترويع وتهجير وتشريد وقتل الفلسطينيين وهدم بيوتهم وقراهم، تحت شعار "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
وغزة هاشم هي بوابة آسيا العربية على أفريقيا العربية، وكانت تعرف بأنها من أبهى وأحسن المدن المجاورة لبيت المقدس، والمتربعة في أحضان البحر المتوسط، تغزل في محاسنها الشعراء، وعانقها المجد، وطمع فيها الغزاة والفاتحون، فعانت الويلات، وما زالت تعاني على يد الاحتلال الصهيوني.
وغزة مدينة موغلة في القِدم، بل من أقدم المدن في التاريخ، فقد عُرفت عند العبرانيين "عزة"، وعند الكنعانيين "هزاتي"، وعند الفراعنة "غزاتو"، وعند الآشوريين واليونانيين "عزاتي" و" فازا"، والصليبيون أسموها "غادرز"، والأتراك لم يغيّروا اسمها العربي "غزة"، والإنجليز عرفوها بـ"جازا".
وقد اشتهرت عند العرب بـ"غزة هاشم" لأن ترابها الطيب قد ضم رفات جد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، هاشم بن عبد مناف. وفيها عاش الفاروق عمر بن الخطاب فترة من الزمن، كما زارها والد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبيل وفاته حيث كان يخرج للتجارة، ويقال بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد جاء إليها قبيل بعثته. ويروى أن مصعب بن ثابت قد روى قوله: "طوبى لمن سكن إحدى العروسين عسقلان وغزة". وقد أدخلها عمرو بن العاص في الإسلام عام 634م، كما أنها مسقط رأس الإمام الشافعي، وقد اشتاق إليها يوما وهو في أرض الحجاز فأنشدها:
وإنـي لمشتـاق إلـى أرض غـزة وإن خانني بعد التفرق كتماني
سقى الله أرضا لو ظفرت بتربها كحلت به من شدة الشوق أجفاني
واعتبر أصحاب التجارة غزة مفتاح الثروة والغنى، واعتبرها العسكريون وقادة الجيوش المخفر الأمامي لمصر وأفريقيا وباب آسيا. ولهذا اهتم بها ملوك وحكام مصر منذ الفراعنة، وقد ذكر المؤرخون أن 17 فرعونا مروا بغزة أو فتحوها لأهميتها. وغضب بنو إسرائيل على غزة واعتبروها شوكة في حلق مملكتهم، ولذلك حملوا عليها حملة شعواء، وصبوا عليها جام غضبهم، وتمنوا لها الخراب والدمار. وتعرف غزة في أحقاد التوراة السوداء بأنها بيت الفلسطينيين المكين الذي تحطمت على صخرتها الغزوة اليهودية الأولى قبل آلاف السنين.
وقد صمدت غزة أمام الاحتلال الصليبي ثم الإنجليزي وقد قال اللورد اللنبي عندما زار غزة عام 1923: "لقد كانت غزة من فجر التاريخ حتى يومنا هذا بوابة الفاتحين".
كما أظهرت غزة قوة وبسالة وشجاعة أمام الاحتلال الصهيوني منذ نكبة 1948. فقد بقيت غزة تحمل اسم فلسطين، وسائر التراب الفلسطيني يُسمى إسرائيل، وفيها انعقد أول مجلس وطني فلسطيني برئاسة الحاج أمين الحسيني.
وقد استقبل أهل غزة إخوانهم المهاجرين بالترحاب وأنزلوهم أكرم منزل، وأفسحت كل عائلة في دارها مكانا لعائلة أخرى من المهاجرين من مدن فلسطين المحتلة.
وفي عام 1956 دخلت القوات الاسرائيلية غزة واحتلتها 125 يوما؛ قامت خلالها بعدة مجازر رهيبة وعمليات انتقام قتل فيها عدد كبير من أهل غزة، ورغم ذلك ظهرت صلابة وقوة شبابها وأهلها ومقاومتهم الشرسة حتى تم انسحاب قوات الاحتلال في تشرين الثاني/ نوفمبر 1956.
وبعد نكسة 1967 دخل جنود الاحتلال غزة متنكرين في ملابس عربية وقاموا بمجازر راح ضحيتها خمسة آلاف فلسطيني، ونسفت إسرائيل البيوت وقتلت ما فيها، وهدمت سوق رفح، ومخيمات اللاجئين في رفح وجباليا والنصيرات، ونهبت مخزونها من الغذاء.
ولقد دفعت غزة ثمنا غاليا لم تدفعه مدينة فلسطينية غيرها، ومع ذلك بقيت لسنوات المدينة الوحيدة التي تقاوم الاحتلال بكل قوة ووسيلة، حتى أن القوات الصهيونية لم تكن تسمح للمدنيين اليهود بدخول القطاع أسوة بالمناطق المحتلة الأخرى، وكانت قد رفعت يافطة حديدية ضخمة على باب خان يونس مكتوب عليها: "هذه مدينة القتلة، مدينة السفلة".
ثم تشكلت المجموعات المسلحة، وانخرطت في العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال، وافتتح أول معسكر في قطاع غزة عام 1964 تحت اسم جيش التحرير وقد انخرط فيه الشباب الذين تدربوا على حمل السلاح والحرب الفدائية، ولم تتوقف العمليات العسكرية الفلسطينية رغم القمع الصهيوني المتواصل بكل عنف، مما جعل اسحق رابين يقول: "أتمنى أن أستيقظ ذات يوم من النوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر".
وجاء شارون فقتل الآلاف وأمر الجرافات بهدم أكثر من 20 ألف غرفة تسكنها حوالي 9 آلاف عائلة، وشق طرقا عريضة بين جباليا ورفح والشاطئ لصنع أحياء صغيرة يسهل الوصول والسيطرة عليها، وأمر بإزالة كل المباني حول هذه المخيمات في منطقة عرفها بـ"المحيط الأمني" ووضع ساكني هذه المخيمات تحت الرقابة الدائمة حتى اضطر أخيرا أن ينسحب منها بشكل أحادي عام 2005.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2008 بدأت إسرائيل حربها على غزة، جوا وبرا وبحرا استمرت 23 يوما، أطلقت عليها "عملية الرصاص المصبوب" وردت عليها المقاومة بـ750 صاروخا وصلت أسدود وبئر سبع، وأطلقت عليها "معركة الفرقان"، استشهد فيها 1400 فلسطيني.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 شنت إسرائيل حربا على القطاع أطلقت عليها "عامود السحاب" وردت المقاومة بعملية "حجارة السجيل" وأطلقت 1500 صاروخا تجاوز مدى بعضها 80 كم، واستمرت 8 أيام واستشهد فيها 130 فلسطينيا، غير الهدم والدمار.
وفي تموز/ يوليو 2014 شنت إسرائيل 60 ألف غارة جوية في حرب "الجرف الصامد" واستمرت 51 يوما، وردت المقاومة بعملية "العصف المأكول" واستشهد فيها 2322 فلسطيني، و11 ألف جريح.
وفي 2021 شنت إسرائيل حرب "حارس الأسوار" قصفت فيها أبراجا سكنية، وقتلت 250 فلسطينيا، وأطلقت المقاومة 4 آلاف صاروخ وصل مداها إلى 250 كم، وقتل فيها 12 إسرائيليا.
وفي آب/ أغسطس 2022 شنت إسرائيل حرب "الفجر الصادق" وردت حركة الجهاد الاسلامي بعملية" وحدة الساحات".
وفي 7 تشرين الأول/ أكتوبر شنت المقاومة في غزة عملية برية وجوية وبحرية داخل الكيان الصهيوني، فأسرت المئات، وقتلت 1200 إسرائيلي وأصابت 3 آلاف. وفي اليوم التالي شنت إسرائيل حربا جنونية أسمتها "السيوف الحديدية" ما زالت مستمرة حتى الآن، استشهد فيها نحو 50 ألف فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء، ودُمر القطاع بالكامل، بما فيه المستشفيات ومدارس الإيواء، وقُتل الأطباء والصحفيون ورجال الدفاع المدني، وما زالت مجازر الاحتلال الرهيبة مستمرة بشكل يومي لا تكف عن القتل ونسف المنازل وتجويع من بقي من سكان القطاع عبر منع دخول كافة أنواع المساعدات الغذائية والعلاجية والدوائية والوقود والمياه وغيرها.
وما زالت دماء غزة تنزف، وما زالت المقاومة صامدة وقوية تذيق جيش الاحتلال الويلات والخسائر، وما زال شعب غزة صامدا وقويا وعصيا على الكسر. وما زالت إسرائيل رغم قوتها وتجبرها ومجازرها لم تحقق النصر ولم تحقق أهداف الحرب التي أعلنتها، ولن تنتصر ولن تحقق أهدافها مهما تجبرت وتكبرت وقتلت وهجرت وجوعت ونسفت المنازل وهدمت.