تعرف على تفسير الآية: وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
الحجاب هو الستر كما ذكر المفسرون، والآية ولا شك نازلة في أمهات المؤمنين بخصوصهن، لكن اختلف في موضعين هما المتعلقان بالسؤال، وهما ماهية الحجاب المفروض على أمهات المؤمنين، والثاني هل ذلك خاص بهن؟ أم شامل لنساء الأمة؟
فأما الأول: فذهب الأكثر إلى أن الحجاب المفروض عليهن هو ستر الأبدان أن يراها أحد، وذهب عياض إلى أن الواجب عليهن ستر شخوصهن، بحيث لا يكلمن إلا من وراء ستر، أو جدار، ولا ترى شخوصهن الكريمة -رضي الله عنهن-.
قال ابن حجر في الفتح: قَالَ عِيَاض: فَرْض الْحِجَاب مِمَّا اِخْتَصَصْنَ بِهِ، فَهُوَ فُرِضَ عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ، فَلَا يَجُوز لَهُنَّ كَشْف ذَلِكَ فِي شَهَادَة وَلَا غَيْرهَا، وَلَا إِظْهَار شُخُوصهنَّ، وَإِنْ كُنَّ مُسْتَتِرَات، إِلَّا مَا دَعَتْ إِلَيْهِ ضَرُورَة مِنْ بِرَاز، ثُمَّ اِسْتَدَلَّ بِمَا فِي الْمُوَطَّأ: أَنَّ حَفْصَة لَمَّا تُوُفِّيَ عُمَر سَتَرَهَا النِّسَاء عَنْ أَنْ يُرَى شَخْصهَا ؛ وَأَنَّ زَيْنَب بِنْت جَحْش جَعَلَتْ لَهَا الْقُبَّة فَوْقَ نَعْشهَا لِيَسْتُر شَخْصهَا ـ اِنْتَهَى، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ دَلِيل عَلَى مَا اِدَّعَاهُ مِنْ فَرْض ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ، وَقَدْ كُنَّ بَعْدَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْجُجْنَ وَيَطُفْنَ، وَكَانَ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدَهُمْ يَسْمَعُونَ مِنْهُنَّ الْحَدِيث، وَهُنَّ مُسْتَتِرَات الْأَبَدَانِ، لَا الْأَشْخَاص، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجّ قَوْل اِبْن جُرَيْجٍ لِعَطَاءٍ لَمَّا ذَكَرَ لَهُ طَوَاف عَائِشَة: أَقَبْلَ الْحِجَاب، أَوْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: قَدْ أَدْرَكْت ذَلِكَ بَعْدَ الْحِجَاب. انتهى.
ثم على قول الأكثر وهو أن الواجب عليهن ستر جميع أبدانهن، فلا يرى شيء منهن، فهل تشركهن نساء الأمة في ذلك؟ أما المشروعية: فلا شك فيها، وأن التأسي بهن مشروع لجميع نساء المسلمين.
قال ابن عاشور: وَبِهَذِهِ الْآيَةِ مَعَ الْآيَة الَّتِي تقدمتها مِنْ قَوْلِهِ: يَا نسَاء النبيء لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ {الْأَحْزَاب: 32} تَحَقَّقَ مَعْنَى الْحِجَابِ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُرَكَّبِ مِنْ مُلَازَمَتِهِنَّ بُيُوتَهُنَّ، وَعَدَمِ ظُهُورِ شَيْءٍ مِنْ ذَوَاتِهِنَّ، حَتَّى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، وَهُوَ حِجَابٌ خَاصٌّ بِهِنَّ، لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِنَّ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقْتَدُونَ بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَرَعًا، وَهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ الْعَادَاتِ، وَلَمَّا أَنْشَدَ النُّمَيْرِيُّ عِنْدَ الْحَجَّاجِ قَوْلَهُ: يُخَمِّرْنَ أَطْرَافَ الْبَنَانِ مِنَ التُّقَى... وَيَخْرُجْنَ جُنْحَ اللَّيْلِ مُعْتَجِرَاتٍ، قَالَ الْحَجَّاجُ: وَهَكَذَا الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ. انتهى.
والمفتى به عندنا -وهو قول جماعات من أهل العلم- أنه واجب على المرأة ستر جميع بدنها، وأن ذلك الأمر وإن كان نازلا في أمهات المؤمنين، فليس هو خاصًّا بهن، بل غيرهن من نساء الأمة مثلهن في ذلك، كما حرره العلامة الشنقيطي في أضواء البيان في كلامه على هذه الآية، وبَيَّنَ -رحمه الله- أن العلة التي أمر لأجلها أمهات المؤمنين بالحجاب وهي كونه أطهر لقلوبهم وقلوبهن تعم جميع الناس ولا تختص بهن.
قال عليه الرحمة: فَإِنَّ تَعْلِيلَهُ تَعَالَى لِهَذَا الْحُكْمِ الَّذِي هُوَ إِيجَابُ الْحِجَابِ بِكَوْنِهِ أَطْهَرَ لِقُلُوبِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِنَ الرِّيبَةِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى إِرَادَةِ تَعْمِيمِ الْحُكْمِ، إِذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ إِنَّ غَيْرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا حَاجَةَ إِلَى أَطْهَرِيَّةِ قُلُوبِهِنَّ، وَقُلُوبِ الرِّجَالِ مِنَ الرِّيبَةِ مِنْهُنَّ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعِلَّةَ قَدْ تُعَمِّمُ مَعْلُولَهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ: وَقَدْ تُخَصِّصُ وَقَدْ تُعَمِّمُ ... لِأَصْلِهَا لَكِنَّهَا لَا تَخْرِمُ ... وَبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ أَنَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ الدَّلِيلَ الْوَاضِحَ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ الْحِجَابِ حُكْمٌ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ، لَا خَاصٌّ بِأَزْوَاجِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ كَانَ أَصْلُ اللَّفْظِ خَاصًّا بِهِنَّ، لِأَنَّ عُمُومَ عِلَّتِهِ دَلِيلٌ عَلَى عُمُومِ الْحُكْمِ فِيهِ
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ال ح ج اب
إقرأ أيضاً:
ملفات الابتزاز الإلكترونى.. كيف يقع الضحايا ومن يقف وراء هذه العصابات؟
في عصر التكنولوجيا والانفتاح الرقمي، أصبح الابتزاز الإلكتروني واحدًا من أخطر الجرائم الإلكترونية، حيث يقع ضحاياه في فخ محكم يُحكمه مجرمون محترفون يجيدون استغلال الثغرات النفسية والتقنية.
فكيف يقع الضحايا في هذا الفخ؟ ومن يقف وراء هذه العصابات؟
1. كيف يتم الابتزاز الإلكتروني؟
يُعرَّف الابتزاز الإلكتروني بأنه تهديد شخص أو جهة بنشر معلومات حساسة أو صور أو فيديوهات خاصة مقابل المال أو تنفيذ مطالب معينة. وتتنوع أساليب المبتزين، ولكن أكثرها شيوعًا:
* الاختراق وسرقة البيانات: يتمكن المجرمون من اختراق الأجهزة أو الحسابات وسرقة الصور والملفات الحساسة، ثم يهددون الضحية بنشرها.
* الهندسة الاجتماعية: يستدرج المبتزون الضحايا عبر محادثات ودية على مواقع التواصل، ثم يحصلون على معلومات قد تُستخدم ضدهم.
* التسجيلات المفبركة: بعض العصابات تستخدم برامج الذكاء الاصطناعي لإنشاء تسجيلات وصور مزيفة لضحاياهم ثم تهديدهم بها.
* الفخاخ الرومانسية: يتم استدراج الضحايا إلى محادثات خاصة، حيث يُطلب منهم إرسال صور أو مقاطع فيديو، ليتم استخدامها لاحقًا في الابتزاز.
2. من يقف وراء عصابات الابتزاز الإلكتروني؟
الابتزاز الإلكتروني ليس دائمًا عملاً فرديًا، بل في كثير من الحالات يكون خلفه شبكات منظمة تمتد عبر دول مختلفة. وأبرز الجهات التي تقف خلف هذه الجرائم:
* عصابات دولية متخصصة: تعمل على استدراج الضحايا عبر حسابات وهمية، وتستخدم مواقع خارج نطاق السلطات المحلية.
* أفراد محترفون في الاختراق: يستخدمون مهاراتهم في الأمن السيبراني لسرقة البيانات واستغلالها.
* أشخاص عاديون بدافع الطمع: بعضهم يبدأ بطريقة غير محترفة لكنه يواصل الابتزاز بمجرد حصوله على شيء ضد الضحية.
3. من هم الضحايا الأكثر عرضة للابتزاز؟
لا يوجد شخص محصن تمامًا ضد الابتزاز الإلكتروني، لكن هناك فئات أكثر عرضة من غيرها، مثل:
* المراهقون والشباب: نظراً لقلة خبرتهم في التعامل مع مخاطر الإنترنت، يسهل استدراجهم.
* المشاهير والشخصيات العامة: حيث يسعى المبتزون لاستغلال شهرتهم للحصول على مبالغ مالية ضخمة.
* الموظفون وأصحاب المناصب الحساسة: قد يتم استهدافهم من قبل منافسين أو عصابات منظمة بهدف التأثير على قراراتهم.
4. كيف انتهى الأمر ببعض الضحايا؟
- رجل الأعمال الذي فقد الملايين بسبب صورة
أحد رجال الأعمال في مصر تعرض لعملية ابتزاز بعد أن تعرف على فتاة عبر الإنترنت، حيث طلبت منه صورة شخصية في محادثة فيديو، لتتفاجأ بعد أيام برسالة تهديد: “إما أن تدفع 500 ألف جنيه أو سيتم نشر صورك”.
ورغم محاولاته التفاوض، انتهى به الأمر بدفع المال خوفًا من الفضيحة.
- الطالبة التي واجهت المبتز بشجاعة
طالبة جامعية تلقت تهديدات من شخص ادّعى أنه يمتلك صورًا لها ويريد مبلغًا ماليًا مقابل عدم نشرها. لكنها لم ترضخ، وسارعت بإبلاغ الشرطة التي نصبت فخًا للمبتز وتم القبض عليه، ليتبين أنه كان يحاول استغلال عشرات الفتيات بالطريقة نفسها.
- الابتزاز الذي كشف عصابة دولية
شاب مصري تلقى رسالة من فتاة تدّعي أنها من أوروبا وتريد التعرف عليه. بعد محادثات قصيرة، أرسلت له فيديو خاص بها وطلبت منه رد الجميل. وبعد يومين، بدأ الابتزاز: “إما أن تدفع 10 آلاف دولار أو سيتم إرسال الفيديو إلى عائلتك”. وعند التحقيق، تبين أن العصابة تدير عمليات ابتزاز في عدة دول.
5. كيف تحمي نفسك من الابتزاز الإلكتروني؟
للوقاية من الابتزاز الإلكتروني، هناك خطوات ضرورية يجب اتباعها:
* لا تشارك معلومات شخصية أو صور حساسة عبر الإنترنت مع أشخاص غير موثوقين.
* استخدم كلمات مرور قوية ولا تُعيد استخدامها في أكثر من موقع.
* فعّل التحقق الثنائي لحساباتك لحمايتها من الاختراق.
* لا ترد على المبتز، واحتفظ بالأدلة وتوجه إلى الجهات المختصة فورًا.
* لا تدفع أي مبالغ مالية، لأن ذلك قد يؤدي إلى مزيد من التهديدات.
6. كيف تتعامل الجهات الأمنية مع الابتزاز الإلكتروني؟
مشاركة