تغير المناخ يهدد شعوب أوروبا.. التعريفة المناخية أحدث أسلحة القارة العجوز لمحاربة معركة الطبيعة "تفاصيل مهمة"
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
بدأت الدول الأوروبية في التعامل بدرجة عالية من القوة في ملف المناخ، وذلك في ظل تعاظم الآثار الكارثية لتغيرات المناخ الذي يشهده العالم في الأعوام السابقة بشكل عام، وخلال 2023 بشكل خاص، لذلك بدأت في أخذ خطوات جديدة بشأن هذا الملف، كان أحدثهم هو فرض ضريبة المناخ، والتي تهدف إلى تقليل استخدام الأجهزة ذات الكثافة العالية من إنتاج ثاني أكسيد الكربون، وتشجيع استخدام الأجهزة الصديقة للبيئة.
وتأتي تلك الخطوات بعد أن وصل عدد ضحايا البشر من آثار المناخ داخل أوروبا إلى أرقام مخيفة، ونكفي أن نشير إلى ما ذكرته ألمانيا، حيث أن عدد ضحايا المناخ وصل لأكثر من 3000 حالة وفاة خلال 2023، وذلك بسبب مباشر وهو الحرارة، وبالطبع هذا بخلاف أعداد الضحايا الناتجة الآثار الغير مباشرة لتغيرات المناخ وتكل قائمة طويلة، وتلك الإحصائيات كانت دافعا لدول الاتحاد في اتخاذ تلك الخطوة الجديدة في حربها ضد تغيرات المناخ.
مرحلة تجريبية بدأت هذا الأسبوع ... تعريفة المناخ؟
وفقا لما نشرته صحيفة فوكس الألمانية، فالمقصود من "تعريفة المناخ" هو التعويض عن عيوب التكلفة التي تتكبدها الشركات المنتجة الأوروبية نتيجة لسعر ثاني أكسيد الكربون ــ من خلال فرض ضريبة مماثلة على السلع القادمة من الهند، أو الصين ، أو الولايات المتحدة، ومن الناحية المثالية، ستؤدي لائحة الاتحاد الأوروبي بعد ذلك إلى قيام الشركات خارج أوروبا بالإنتاج بطريقة أكثر ملاءمة للمناخ حتى تتمكن من المنافسة في السوق الأوروبية المهمة.
ومع ذلك، لا ينبغي دفع أي شيء بعد، فقد بدأت مرحلة الاختبار الأولى فقط يوم الأحد. وبحلول أوائل عام 2026، سيتعين على الشركات الصناعية الأوروبية المتضررة الآن حساب وتوثيق والإبلاغ عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من سلعها المستوردة إلى الاتحاد الأوروبي، وبمجرد توفر المعلومات الكافية، سيتم تطبيق التعريفة رسميًا.
صعوبة في التنفيذ كصعوبة تعلم اللاتينية بسرعة!
وعلى الرغم من أن المقصود من "الجمارك" هو مساعدة الاقتصاد الأوروبي، إلا أن التنظيم يُنظر إليه بعين الشك في أجزاء من الصناعة، وتنتقد دوائر الأعمال بشكل خاص المهلة القصيرة التي منحتها مفوضية الاتحاد الأوروبي للتنفيذ، حيث لم يتم نشر المواصفات الخاصة بمرحلة الاختبار إلا في منتصف أغسطس، ويقول فولفغانغ جروس إنتروب، المدير الإداري لاتحاد الصناعة الكيميائية (VCI)، إن ستة أسابيع للتنفيذ المتوافق مع القانون هي - إذا أردنا التعبير عنها بأدب - أمر رياضي للغاية.
ففي نهاية المطاف، سيتعين على الشركات المستوردة الآن أن تتصفح مئات الصفحات من النصوص القانونية والتحقق من مدى تأثرها، ومن ثم يتعين على الشركات أيضًا شرح المتطلبات الجديدة لشركائها التجاريين في البلدان غير الأوروبية، ويقول جروس إنتروب: "تبدو الشركات وكأنها طلاب يتعين عليهم تدريس اللغة اللاتينية لزملائهم الأجانب الجدد في غضون أسابيع قليلة فقط - على الرغم من أنهم هم أنفسهم قد بدأوا للتو في التعلم"، وتعتمد الصناعة الكيميائية بشكل خاص على الواردات من الدول غير الأوروبية.
علامة مهمة
ومع ذلك، يأتي الثناء من الخبراء والناشطين البيئيين، وبحسب الصحيفة الألمانية يقول كريستوف بالس، المدير السياسي لمنظمة جيرمانواتش البيئية: "لقد حقق الاتحاد الأوروبي انقلابا مع إدخال تعديل حدود ثاني أكسيد الكربون"، حيث يرسل الاتحاد الأوروبي إشارة مهمة مفادها أنه جاد في تحويل الصناعة إلى حياد مناخي.
وتعد "تعريفة المناخ" جزءًا من حزمة الاتحاد الأوروبي الشاملة "مناسبة لـ 55 عامًا". ومن خلال هذا البرنامج، يريد الاتحاد الأوروبي خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 55% بحلول عام 2030 مقارنة بعام 1990، وينبغي تحقيق الحياد المناخي الكامل بحلول عام 2050، ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن هناك حاجة إلى بذل جهود أكبر لتحقيق الأهداف المناخية، وخاصة في الدول الصناعية مثل ألمانيا.
أكثر من 3000 حالة وفاة بسبب الحرارة في ألمانيا هذا العام
وقد أصبح تغير المناخ يشكل تهديدا صحيا على العالم بشكل مباشر، وقد نشرت الصحيفة الألمانية، أنه توفي حوالي 3100 شخص في ألمانيا هذا العام بسبب الحرارة. وهناك فئة عمرية واحدة على وجه الخصوص معرضة للخطر، ووفقا لتقديرات معهد روبرت كوخ (RKI)، فقد توفي حوالي 3100 شخص بسبب الحرارة هذا العام، ويظهر هذا من أحدث تقرير أسبوعي للمعهد عن الوفيات الناجمة عن الحرارة (البيانات حتى 17 سبتمبر 2023)، ويختلف العدد بشكل كبير من سنة إلى أخرى، اعتمادا على شدة فترة الحرارة.
وفي الأسبوع المقبل، سينشر المعهد التقرير الأسبوعي الأخير لعام 2023، الذي يتناول الوفيات المرتبطة بالحرارة، حسبما قالت متحدثة باسم RKI لصحيفة "Rheinische Post" يوم السبت، ومن المحتمل أن يكون هناك ميزانية عمومية موجزة لصيف عام 2023 في الخريف.
هدف لوترباخ: أقل من 4000 حالة وفاة
وبحسب التقرير الأسبوعي، فإن النسبة الأكبر من الوفيات الناجمة عن الحرارة تحدث في الفئات العمرية البالغة 75 عاما فما فوق، وبشكل عام، بالأرقام المطلقة، يموت عدد أكبر من النساء مقارنة بالرجال بسبب الحرارة، ومع ذلك، يمكن أن يعزى ذلك إلى ارتفاع نسبة النساء في الفئات العمرية الأكبر سنا.
ووفقًا لمعهد RKI، بلغ العدد التقديري للوفيات المرتبطة بالحرارة في ألمانيا أكثر من 6000 شخص في أعوام 2018 و2019 و2015، وفي الأعوام 2014 و2016 و2017 و2021، كان هناك ما بين حوالي 1000 وحوالي 1700 حالة وفاة بسبب الحرارة، فيما أعلن وزير الصحة الفيدرالي كارل لوترباخ (SPD) عن "خطة الحرارة" في الصيف - وأعرب عن هدف إبقاء عدد الوفيات الناجمة عن الحرارة أقل من 4000 حالة هذا العام.
فيما يشير RKI إلى أنه في معظم الحالات يؤدي الجمع بين الحرارة والأمراض الموجودة إلى الوفاة، لذلك، لا يتم ذكر الحرارة عادة في شهادة الوفاة باعتبارها السبب الكامن وراء الوفاة، وبدلا من ذلك، يقدر معهد روبرت كوخ مدى الوفيات المرتبطة بالحرارة باستخدام الأساليب الإحصائية التي تتضمن درجة حرارة الهواء وبيانات الوفاة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ثانی أکسید الکربون الاتحاد الأوروبی بسبب الحرارة حالة وفاة هذا العام ومع ذلک
إقرأ أيضاً:
الكبسة والمنسف والمسخن أطباق شعبية تصارع تغير المناخ
تُعتبر المأكولات الشعبية جزءًا رئيسياً من هوية الشعوب وثقافتها، ولا يقتصر الأمر على كونها أسلوبا في الطهي، لكنها تعكس تاريخا طويلا من التفاعل بين الإنسان وبيئته ومجتمعه. إلا أن التسارع في التغيرات المناخية والتي مست أنماط الغذاء العالمي أصبحت تؤثر على استمرارية واستدامة الأطباق الشعبية.
وقد كشفت دراسات عدة مدى تأثير التغير المناخي على الغذاء التقليدي في منطقتنا العربية، وهذه التغيرات الملحوظة باتت تمس مكونات أطباق شعبية عربية من بينها طبق المنسف الأردني والمندي الخليجي، والمجدرة الشامية والكسكس الذي يشتهر به شمال أفريقيا، إلى جانب الحمص بالطحينة المشهورة في بلاد الشام والكبسة السعودية والمسخن الفلسطيني والدولمة العراقية.
الأرز مكون رئيسي في أطباق شعبية عربية (الجزيرة) المائدة العربية في خطرتشير الدراسات إلى أن أكثر من 84% من الأراضي الزراعية في الدول العربية قد تصبح شديدة التأثر بنقص المياه نتيجة التغير المناخي، مما يؤدي إلى تقليل الإنتاجية الزراعية، خاصة في المحاصيل الأساسية مثل القمح ، وهذا الوضع يتفاقم بسبب الاعتماد الكبير على الزراعة المطرية، والتي تتأثر مباشرة بتغير أنماط الهطول ونقص الموارد المائية.
وإلى جانب ذلك، تؤكد دراسة من مؤسسة كارنيجي أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تواجه تأثيرات ملحوظة للتغير المناخي، مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي المحلي.
إعلانويتسبب ذلك في انخفاض مستوى إنتاج الأرز الذي يعد مكونا رئيسيا في أطباق شعبية عربية مثل المنسف الأردني والأطباق الخليجية التي تعتمد بشكل رئيسي عليه في عدة أكلات مثل الكبسة والمندي والبرياني.
في حين يتسبب نقص المياه والتقلبات المناخية في قلة إنتاج الحبوب في المغرب وشرق آسيا، بما في ذلك القمح والشعير، وهما من المكونات الأساسية لطبق الكسكس، مما يهدد استدامة هذا الطبق التقليدي.
وكشفت دراسة للمركز الدولي لبحوث السياسات الغذائية أن البقوليات، مثل العدس، قد تواجه زيادة في معدلات الإصابة بالآفات والأمراض نتيجة التغير المناخي، مما يقلل من إنتاجيتها، ويعد العدس مكونا أساسيا في طبق المجدرة المعروف في الشرق الأوسط، وطبق الكشري المصري.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، وفق الخبير المختص بالأمن الغذائي عمران الخصاونة الذي يقول إن تأثيرات التغير المناخي ستطول الخضراوات إذ تشكل موجات الجفاف والحرارة الشديدة عاملا أساسيا في تقليل المحاصيل مثل الطماطم والبصل التي تُعتبر أساساً للكثير من الأطباق.
ويضيف الخصاونة -في حديثه للجزيرة نت- أن الإنتاج العالمي فقد حوالي 14% من الطماطم خلال السنوات الأخيرة بسبب تغير الطقس، في حين بات العالم يلمس قلة إنتاجية مواسم الزيتون والذي يعتبر زيته أساسيا في الأطباق العربية.
ويؤثر ارتفاع درجات الحرارة على جودة الزيت الناتج، مما يقلل من النكهة والقيمة الغذائية لزيت الزيتون. ووفقاً لدراسة في حوض المتوسط، يمكن أن ينخفض إنتاج الزيتون بنسبة 25% بحلول عام 2050، وفق الخصاونة.
طبق المسخن (غيتي) تأثير التغير المناخي على المواشييتسبب التغير المناخي في تغيرات جذرية في الأنظمة البيئية والاقتصادية على حد سواء. وتؤثر هذه الظاهرة بشكل مباشر وغير مباشر على قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية التي تُعتبر مصدرًا رئيسيًا للأمن الغذائي والاقتصادي لملايين البشر حول العالم.
إعلانوكشفت دراسة منشورة بمجلة "غلوبال فود سيكيوريتي" عن العلاقة الوثيقة بين التغير المناخي والثروة الحيوانية، موضحة الآثار السلبية التي يسببها تغير المناخ على هذا القطاع الهام، إذ يتسبب ارتفاع درجات الحرارة في زيادة الضغط الحراري على الحيوانات، مما يؤثر على صحتها وإنتاجيتها، مثل انخفاض إنتاج الحليب واللحوم.
ويؤثر الإجهاد الحراري أيضًا على القدرة التناسلية للحيوانات، مما ينعكس سلبًا على أعداد القطعان، كما يسبب التغير المناخي تغيرات في توافر المياه ومصادر الأعلاف، مما يؤدي إلى تراجع جودة وكميات الغذاء المتاحة للحيوانات ويساهم في التصحر وتدهور الأراضي الزراعية التي تعتمد عليها الثروة الحيوانية، وفق الدراسة.
ومع ذلك، تواجه المواشي تحديات كبيرة بسبب التغير المناخي، مما قد يؤثر على استمرارية تحضير الأطباق الشعبية التقليدية. لذا، فإن دعم استدامة تربية المواشي يُعد ضرورة للحفاظ على التراث الغذائي العربي والهوية الثقافية المرتبطة به.
وتقول مديرة أوراق للتنمية البيئية زينة حمدان إن التغير المناخي -كانخفاض هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة- يؤدي إلى تقليص الغطاء النباتي الذي تعتمد عليه المواشي في الغذاء، مما يزيد تكلفة تغذيتها، ويمكن أن تؤدي إلى انتشار أمراض جديدة قد تؤثر على صحة المواشي، مما يضعف إنتاجها من اللحوم والألبان
ويتسبب ذلك -وفق حمدان- في تفاقم خطر اندثار بعض الأطباق الشعبية باعتبار المواشي عنصرًا أساسيًا في الأكلات الشعبية العربية، إذ تمثل مصدرًا رئيسيًا للبروتينات من خلال اللحوم الحمراء مثل لحم الضأن والبقر، إذ تدخل في تحضير أطباق تقليدية شهيرة كالكبسة والمنسف والمشاوي والمسخن، كما تُستخدم الأعضاء الداخلية مثل الكبدة والطحال في أطباق أخرى تحمل طابعًا تراثيًا مميزًا.
وإلى جانب ذلك، تُعد منتجات الألبان المستخرجة من المواشي، مثل اللبن والجبن والسمن البلدي، مكونات أساسية في العديد من الأطباق والحلويات التقليدية، مما يعكس اعتماد المطبخ العربي على تنوع منتجات المواشي في إعداد وجبات متكاملة ومغذية.
إعلانوبحسب حمدان، تبرز أهمية المواشي متجاوزة الجانب الغذائي لتصبح جزءًا من التراث الثقافي والاجتماعي، حيث تُعتبر رمزًا للكرم والاحتفاء بالضيوف، خاصة في المناسبات الكبيرة كالأعياد والولائم. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في الاستدامة الغذائية من خلال الاستفادة الكاملة من كل أجزاء الحيوان.
ويتفق الخبيراء -الذين قابلتهم الجزيرة نت- على أن الأطباق الشعبية لن تندثر بالطبع لكنها ستواجه تغيرا في الجودة، وارتفاعا كبيرا في التكاليف بسبب نقص الموارد وزيادة تكلفة الإنتاج. وقد تجعل المنسف، الذي كان طبقًا شعبيًا ميسور التكلفة، باهظ الثمن وصعب التوافر للأسر الأردنية، وينطق ذلك على بقية الأطباق الشعبية في العالم العربي.