هل تنجح واشنطن بإنجاز التطبيع بين السعودية وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
هل ما كان مستحيلا بالأمس القريب أصبح متاحا الآن؟ مساعي التطبيع بين السعودية وإسرائيل لم تكن واردة من الأساس قبل أعوام، صارت حقيقية الآن، وعلنية. والبيت الأبيض يتحدث عن التوصل إلى "إطار أساسي" لما يمكن تحقيقه ضمن صفقة التسوية بين إسرائيل والسعودية. فمتى يتم التوقيع على الاتفاق؟وماذا يعرقله؟
برنامج "عاصمة القرار" من الحرة بحث امكانيات وتفاصيل وظروف وآفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل برعاية أميركية، مع ضيوفه:
بول بيلار، مساعد مدير"وكالة الاستخبارات المركزية" الأميركية سابقا، وأستاذ في "جامعة جورج تاون" في واشنطن، وحسين إبش، كبير باحثين في "معهد دول الخليج العربية" في واشنطن.
يقول وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، إن التطبيع بين السعودية وإسرائيل "سيكون حدثا تحوليا إذا تمكنا من الوصول إليه. والتطبيع سينقل المنطقة إلى آفاق أكثر استقرارا وتكاملا، بعد ما شهدت عقودا من الاضطرابات".
وأضاف أن "تحقيق تقارب بين السعودية، الدولة المحورية في العالم الإسلامي، وإسرائيل، سيكون له أصداء تتجاوز منطقة الشرق الأوسط. لكن تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل، فهناك قضايا صعبة حقا مطروحة على الطاولة. لكننا نعمل عليها".
وتابع قوله: "السعوديون والإسرائيليون مهتمون كذلك، لكن لا يزال يتعين علينا التعامل مع الكثير من القضايا، ولا نعرف ما إذا كان بإمكاننا الوصول إلى التطبيع ومتى".
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية يلتقي سفير المملكة العربية السعودية لدى فلسطين نايف بن بندر السديرييقول السِناتور الديمقراطي، بن كاردن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي: "إذا ما تحقق الاتفاق، ستحدث تغيرات حقيقية في الشرق الأوسط، وسيكون مهما لسياستنا الخارجية وأمننا القومي؛ وأنا متحمس جدا لذلك".
النائب الجمهوري، مايك تورنر، يرى أن الاتفاق "سيكون إنجازا لا يصدق وتوسيعا لاتفاقات إبراهيم. وسيمثل اعتراف السعودية بإسرائيل نهاية أكثر من نصف عقد من عرقلة الاعتراف بإسرائيل. لا شك أن الكونغرس سيدعم هذه الخطوة لكن ذلك يعتمد على معرفة تفاصيل الصفقة".
يلاحظ، بول بيلار، إن إدارة الرئيس، جو بايدن، "لم تشرح سبب وضع أولوية كبيرة الآن على مسألة التطبيع بين دولتين لا حرب بينهما. إنها بلا شك مسألة سياسية حزبية داخلية بين بايدن وترامب، من دون أن نهمل ارتباطها بالتنافس الأميركي الصيني".
ويرى حسين إبش، أن "للولايات المتحدة مصلحة استراتيجية أساسية في شبه الجزيرة العربية، وفي الممرات المائية المحيطة بها. والاتفاق سيقوّي الدور الأميركي فيها في إطار مواجهة الصين وروسيا".
نعم، هناك قضايا صعبة حقا: الضمانات الأمنية الأميركية للسعودية، وبناء برنامج نووي مدني للسعودية. وحلّ الدولتين المتعثر.
حل الدولتين في مفاوضات التطبيعيقول المتحدث باسم الخارجية الأميركية ، ماثيو ميلر، إن"أحد الأمور التي سمعناها خلال تواصلنا مع السعوديين، وأبلغناه نيابة عنهم إلى الإسرائيليين، هو أنه يجب أن يتضمن أي اتفاق نهائي عنصرا مهما مرتبطا بالملف الفلسطيني. لقد أوضحت حكومة المملكة العربية السعودية ذلك علنا وأوضحته لنا سرا. ومن المؤكد أن هذه قضية مطروحة على الطاولة".
المشرعون الأميركيون يؤيدون التطبيع، مع حذر مشترك بين الحزبين تجاه حجم ومدى الضمانات الأمنية الأميركية للسعودية. يرافقه حذر ديمقراطي عنوانه فلسطيني، وحماس جمهوري لتطبيع ثنائي بين الدولتين، من دون التوقف كثيرا عند المسألة الفلسطينية.
السعودية تعقد مباحثات مع الإسرائيليين والفلسطينيينيقول السناتور الديمقراطي، كريس كونز، إن الاتفاق بين السعودية وإسرائيل "لا يزال في مراحله التفاوضية الأولى. لكن هناك بضع نقاط أساسية أهمها: يجب أن تكون هناك بعض التدابير المهمة لصالح الفلسطينيين، بحيث يتم الاستثمار في مستقبلهم، ويكون حل الدولتين احتمالا قابلا للاستمرار في المستقبل.
ويعتقد الكاتب الأميركي فريد زكريا أن "عقدة الاتفاق تكمن في إسرائيل، حيث يدير نتنياهو أكثر تحالف متطرف في تاريخ إسرائيل. لكن توافقا أميركيا سعوديا صلبا، قد يدفع نتنياهو إلى اتخاذ خطوات صعبة لإبقاء الطريق مفتوحا أمام حل الدولتين.
ويمكن للأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ أن يوضحوا لنتنياهو أن تحركا حقيقيا نحو حل الدولتين هو الثمن المطلوب لمصادقة مجلس الشيوخ على الاتفاق".
ويشدد، شالوم ليبنر، في فورين بوليسي على أن "طريق ناتناياهو نحو الرياض مسدود". والسبب برأيه هو أن "ما يقوم به أعضاء التحالف الذي يقوده نتنياهو يقوض جهود التقارب مع السعودية. رغم أن التطبيع يساهم في السلام والاندماج في المنطقة، ويفتح أبوابا اقتصادية ودبلوماسية كانت مغلقة في السابق في وجه إسرائيل".
ويشير ليبنر إلى أن "بعض الأطراف المتحالفة مع نتانياهو ترى أن الملف الفلسطيني يجب أن يكون معزولا عن التفاوض مع الرياض، بينما ترى السعودية أن نتانياهو ليس له هامش حرية كاف لتقديم ولو الحد الأدنى من التنازلات لصالح الفلسطينيين، لأنه يخشى من خسارة حلفائه".
ويتوقع الكاتب الأميركي أن "تستمر العلاقات الإسرائيلية السعودية في التحسن، ولكن قد يتأخر الوصول إلى اتفاق بين البلدين، وقد لا يحدث ذلك خلال ولاية نتانياهو".
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلتقي بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في لقاء سابقويعتقد، بول بيلار، أن التطبيع بين السعودية وإسرائيل "من دون احراز سلام حقيقي بين إسرائيل والفلسطينيين يضرب حل الدولتين دون أن يقدم بديلا عنه". ويرى، حسين إبش، إن " إسرائيل لن تقدم تنازلات للفلسطينيين، خاصة مع حكومة نتنياهو".
ويقول أيوب قرا، الوزير الإسرائيلي السابق، إن "الاتفاق سيكون بين دولتي إسرائيل والسعودية، وإن الموضوع الفلسطيني لن يستطيع عرقلة التقارب الإسرائيلي السعودي".
ويرى الكاتب السعودي، عبد الله العساف، أنه "لا يمكن السير باتفاق من دون حل الدولتين. فالسعودية متمسكة بالمبادرة العربية كثمن مُعلن، وحد أدنى. فالفلسطيني يحق له العيش بكرامة في دولته". ويضيف الباحث السعودي، أن "المفاوضات ماراتونية وصعبة، وهناك طلبات معقدة بين الأطراف الثلاثة، الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل".
يعتقد بعض الخبراء الأميركيين أن الأمور لن تسير كما يخطط بايدن، إن لم يتجاوب كل من نتانياهو ومحمد بن سلمان أيضا مع ما تريده واشنطن لتحقيق التطبيع. وفي هذا الاطار يعتقد كينيث روث، أن "نتانياهو لا يخفي خططه للدولة الواحدة، فقد عرض خريطة لإسرائيل أمام الأمم المتحدة تشمل جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فهل سيقوم ولي العهد السعودي بتطبيع هذا الفصل العنصري من خلال الاكتفاء بتنازلات رمزية من إسرائيل كما فعل الإماراتيون؟" حسب تعبير، كينيث روس، المدير التنفيذي السابق لمنظمة "هيومن رايتس ووتش".
ضمانات أمنية أميركية للسعودية... وبرنامج نووي مدني؟ينقل، فريد زكريا، عن مسؤولين أميركيين أن "الولايات المتحدة والسعودية أقتربتا من الاتفاق على بناء منشآت تخصيب نووية في السعودية بإدارة أميركية. وهو ما لم تقدمه أميركا لأي دولة من قبل. وإن واشنطن منفتحة على تقديم ضمانات أمنية أميركية مهمة للسعودية، لكنها لن تكون مماثلة للفصل الخامس من معاهدة الناتو. وبالمقابل ستمنع السعودية قيام أي منشآت عسكرية صينية على أراضيها وتواصل استخدام الدولار الأميركي في تعاملاتها النفطية".
ويشير الباحث الأميركي، غرانت روملي، أن "معالم اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية بوساطة أميركية بدأت تتبلور علنا، حيث تسعى الرياض إلى الحصول على دعم الولايات المتحدة لبرنامجها النووي المدني، وتوسيع نطاق تجارتها . إضافة إلى مجموعة من الالتزامات والتحديثات الدفاعية الأميركية، والضمانات الأمنية والمزيد من المعدات العسكرية الأكثر تطوراً".
ويضيف روملي، أنه يمكن "لإدارة أميركية متحمسة وكونغرس داعم، أن يسهما إلى حد كبير في جهود تحديث قطاع الدفاع في السعودية".
ويتحدث الكاتب عن "خيار تصنيف السعودية كحليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو. حيث يمكن لهذه الخطوة أن ترفع مستوى العلاقة الدفاعية بين البلدين في زمن يتسم بالمنافسة بين القوى العظمى، مع ضمان بقاء واشنطن الشريك الأمني المفضل للرياض للسنوات المقبلة".
ويقول السِناتور الديمقراطي بن كاردن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي: "علينا التأكد من أن أي التزامات أميركية تقدم بموجب الاتفاق تكون منسجمة تماما مع أهداف أمننا القومي".
معاهدات الدفاع الرسمية مع السعودية وإسرائيل تأتي في إطار جهود واشنطن للتوصل لاتفاق تطبيع بين البلدينويتساءل الكاتب الأميركي ديفيد أوتاواي: "هل على الولايات المتحدة تقديم ضمانات أمنية للسعودية؟". ويضيف أن "الرياض تحاول اغتنام آخر فرصة للحصول على ضمانة أمنية من واشنطن مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في الوقت الذي توسع فيه السعودية علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع كل من روسيا والصين. وبالتالي، على واشنطن قبل منح السعودية أي ضمانات أمنية، الحصول على إجابات من الرياض على عدد من الأسئلة من بينها: هل ستستمر المملكة في تقديم نفسها كدولة محايدة في الوقت الذي ستصبح مرتبطة باتفاق أمني مع واشنطن؟. وهل ستتراجع عن رفضها لحصول واشنطن على قاعدة عسكرية دائمة فوق أراضيها؟. وما هي طبيعة الرد الأميركي على ما قد تعتبره الرياض هجوما خارجيا؟. وهل يجب أن تتدخل واشنطن في كل مرة يشن فيها الحوثيون هجوما على الرياض".
من جهته، يعتقد، حسين إبش، أن السعودية "حذرة في علاقتها مع الصين، وأن واشنطن ستوفر للرياض سلسلة من الضمانات الأمنية". أما، بول بيلار فيرى، فيقول إن إدارة بايدن "تخاطر بتقديم ضمانات أمنية للسعودية، وفي تقديم المزيد من الأسلحة، لا سيما أن التطبيع لن يُبعد السعودية عن الصين وروسيا".
التقارب السعودي الإسرائيلي ...ضربة لإيران؟كتب کسری اعرابي، الباحث غير المقيم في "معهد الشرق الأوسط"، أن "خامنئي والحرس الثوري الإيراني يعتقدون أن الاتفاق الإيراني السعودي، الذي توسطت فيه الصين، سيقوض اتفاقيات إبراهيم، ويحد من التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. زيارة وزير إسرائيلي للسعودية هي ضربة كبيرة للجمهورية الإسلامية".
يخشى، بول بيلار، من أن "تعمل إيران كل ما في وسعها لإحباط أي اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، لأن طهران لن تكون سعيدة بذلك" الاتفاق. ويعتقد حسين إبش أن "إيران ستكون غاضبة إن تم الاتفاق، وستستعمل ميليشياتها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ضد السعودية، وكذلك ستستخدم طهران الجماعات الجهادية كالقاعدة وداعش ضد المملكة".
الاتفاق الطموح الذي تعمل على تحقيقه إدارة بايدن بين السعودية وإسرائيل سيغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط. ويشكل انتصارا كبيرا لواشنطن. فهل يتمكن بايدن من تحقيق هذا الإنجاز؟.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التطبیع بین السعودیة وإسرائیل تطبیع بین السعودیة وإسرائیل الولایات المتحدة ضمانات أمنیة الشرق الأوسط حل الدولتین بین إسرائیل مجلس الشیوخ یجب أن من دون
إقرأ أيضاً:
الرئيس الإيراني: مضطرون للتعامل مع واشنطن
نقلت وسائل إعلام رسمية عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله إن طهران لن تتمكن من تجاهل عدوها اللدود الولايات المتحدة.
وقال بزشكيان الذي يُنظر إليه على أنه معتدل نسبيا، بعد أسبوع من فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية "شئنا أم أبينا، سيتعين علينا التعامل مع الولايات المتحدة على الساحتين الإقليمية والدولية لذا من الأفضل أن ندير هذه العلاقة بأنفسنا".
وأضاف "يتعين علينا أن نتعامل مع أصدقائنا بكرم وأن نتعامل مع أعدائنا بالصبر".
وفي عام 2018، تخلى ترامب، الرئيس آنذاك، عن الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية في عام 2015 وأعاد فرض عقوبات قاسية في إطار سياسة "الضغط الأقصى" على إيران.
ولم ترد تقارير تفيد بأن إدارة ترامب تعتزم إجراء محادثات مع طهران بعد توليها السلطة في يناير، لكن ترامب قال أثناء حملته الانتخابية "لا أريد أن ألحق الضرر بإيران لكن لا يمكنهم أن يمتلكوا أسلحة نووية".
وبدأت محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران لإحياء الاتفاق النووي تحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لكنها تعثرت. ولا تزال إيران رسميا جزءا من الاتفاق لكنها قلصت التزاماتها بسبب العقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها عليها.
وفي وقت سابق، قالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني إن الجمهورية الإسلامية ستسعى لتحقيق كل ما يحقق "مصالحها"، وذلك ردا على سؤال عن احتمال إجراء محادثات مباشرة مع إدارة ترامب.
ونبهت إلى أن القرار النهائي للمحادثات يتخذه الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي والمجلس الأعلى للأمن القومي.