حراك السويداء.. إحياء للثورة؟ أم زوبعة في فنجان؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
يقول المفكر السياسي السوري ماهر شرف الدين إن أهالي الجنوب السوري أعادوا للثورة على نظام بشار الأسد كما بدأوها عام 2011، فيما يقول محمود الأفندي، الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية (مؤيدة للنظام)، إنه ما يحدث في مدينة السويداء ليس إلا زوبعة في فنجان يسعى محركوها للانفصال على سوريا وليس للإطاحة بنظامها السياسي.
فبعد سنوات الصمت التي تلت استعادة الأسد وقواته السيطرة على غالبية الأراضي السورية بدعم إيراني روسي، باغته أهالي السويداء (الدروز) عندما خرجوا قبل شهر ونصف ليحطموا تمثال الأسد الأب ورموز نظام البعث ويدوسوها بأحذيتهم، ويعيدون المطالبة برحيل الأسد الابن.
ولم يقف الأمر عند حد إحياء الحراك الثوري وحسب، لكنه اتخذ مسارا سياسيا ملفتا عندما تحول الزعيم الروحي للموحدين الدروز بسوريا الشيخ حكمت الهجري اتصالات هاتفية من مسؤولين أميركيين، من بينهم السيناتور فرينش هيل النائب عن الحزب الجمهوري وممثل مجلس النواب بالأمم المتحدة
كما تلقى الهجري اتصالا هاتفيا من كل من النائب الجمهوري جو ويلسون، والنائب الديمقراطي برندن بويل الذي يعد مع هيل عرّابي قانون "الكبتاغون" الذي أصدره الرئيس بايدن في وقت سابق ويختص بـ"إتجار حكومة الأسد بالمخدرات".
ومع تزايد الزخم السياسي والشعبي في السويداء، والذي قالت المؤسسة البحثية الأميركية "المجلس الأطلسي" إنه سيتواصل حتى تغيير النظام السوري، ذهب ماهر شرف الدين لوصف هذه التظاهرات بأنها موجة ثانية من أمواج الثورة السورية التي لن تتوقف إلا برحيل الأسد.
خلال مشاركته في حلقة (3/10/2023) من برنامج "الاتجاه المعاكس"، قال شرف الدين إن أهم ما فعله حراك الأقلية الدرزية في السويداء أنه أسقط ورقة حماية الأقليات التي تستر النظام خلفها لسنوات، وهو ما وضع الأسد في حالة ارتباك لأنه لا يمكنه الحديث عن إسلام سياسي أو عن إخوان مسلمين في هذه المنطقة.
وفي حين يهون مؤيدو النظام السوري كثيرا من هذا الحراك الجديد ويصمونه بالعمالة وبالنزعة الانفصالية الطائفية، فإن شرف الدين يجزم بأن ما فعله أهل السويداء أثبت للجميع في الداخل والخارج بأن الشعب السوري لن يستكين قبل تحقيق مطالبه التي تتمور حول إسقاط "الطغمة الحاكمة"، وفق تعبيره.
زوبعة في فنجانعلى الجهة الأخرى، يرى الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية محمود الأفندي بأن ما شهدته السويداء حراك انفصالي وليس ثوريا ولا يعدو كونه "زوبعة في فنجان"، حسب وصفه.
إلى جانب ذلك، فإن الأفندي يقول إن ما جرى لم يكن حراكا بالمعنى الحقيقي لأنه استمر يومين تحت شعارات انفصالية درزية ثم ما لبث أن تراجع بعدما لم يجد له صدى في الداخل أو في الخارج.
ومن وجهة الأفندي، فإن ساحة الكرامة التي كانت مركز الاحتجاجات، لا تتسع لأكثر من ألفي شخصي وهو عدد لا يمثل السوريين ولا حتى أهل السويداء أنفسهم، كما يقول.
وكما تلقفت أدوات النظام السوري الإعلامية الاتصالات الغربية بالهجري كدليل على أن مؤامرة خارجية تحاك ضد سوريا عبر السويداء، فقد ذهب الأفندي أيضا للحديث عن مؤامرة يديرها بعض المتعاونين مع إسرائيل من دروز المدينة.
ليس هذا وحسب، فقد وصل الأمر إلى حد منع رفع أي علم آخر في التظاهرات غير علم الدروز، إضافة لشعارات 2011 المطالبة بإسقاط النظام، وهي شعارات لم تعد مقبولة دوليا ولا إقليميا في ظل التغيرات السياسية الأخيرة، كما يقول الأفندي.
والأهم من كل هذا -من وجهة نظر الأفندي- أن حراك السويداء "ولد ميتا"؛ لأنه لو كان ثورة لما سافر بشار الأسد إلى الصين ولما تخلت عنه دمشق وغيرها من مدن سوريا "التي رفضت الانسياق وراء دعوات الانفصال والطائفية".
لكن شرف الدين رد على هذه المزاعم بأن المتظاهرين في ساحة الكرامة كانوا آلافا إضافة إلى تظاهرات القرى والبلدات والأخرى، وقال إن خروج جزء من الشعب يمثل الشعب وأنه ليس مطلوبا من الجميع الخروج في الشوارع لكي يعترف النظام بأنه مرفوض.
وفيما يتعلق بالحديث عن منحى الحراك الانفصالي، قال شرف الدين إن النظام دأب على إطلاق هذه التوصيفات على كل مطالب برحيله، فهو يصف المسلمين السنّة بأنهم إرهابيين ويصف الدروز بأنهم انفصاليين، وهكذا.
وعن عدم انخراط مدن أخرى في الحراك، قال شرف الدين إن بعض دول الإقليم التي تحاول مساعدة الأسد تواصلت وما تزال تتواصل مع شيوخ وزعماء قبائل في العديد من المناطق لإثنائهم عن المشاركة في الحراك وإقناعهم بأن ما يجري مؤامرة خارجية ومقدمة لانفصال الدروز.
غير أن السويداء – يضيف شرف الدين- التي كانت منطلقا لإعادة تحرير سوريا في عشرينيات القرن الماضي ستكون أيضا منطلقا لإعادة توحيدها الآن، وكما كان الجنوب (مدينة درعا) منطلقا للثورة قبل 12 عاما، فإنه هو من سينهيها من السويداء، لأن كل ثورات سوريا تاريخيا بدأت من جبل العرب (الجنوب) وانتهت فيه، وهو ما سيحدث مع الأسد، حسب تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: زوبعة فی فنجان
إقرأ أيضاً:
أين ثروة الأسد وعائلته وهل يمكن للشعب السوري استرجاعها؟
#سواليف
بعد هروب الرئيس #بشار_الأسد، طرحت جملة من الأسئلة لعل أبرزها كيفية استعادة #الأموال والممتلكات غير الشرعية للدكتاتور السوري السابق، لكن قبل ذلك، وجب تحديد قيمة #الثروة التي جمعها آل الأسد طيلة أكثر من 50 عاما من حكم سوريا.
يوجد جزء من ثروة بشار الأسد في #روسيا. إلا أن آل الأسد أخفوا جزءا من أملاكهم في #ملاذات_ضريبة.
منذ هروب الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا في 8 كانون الأول ديسمبر، تكثفت الجهود لتحديد مكان #اختفاء_الثروة الكبيرة لآل الأسد، وفق تحقيق لصحيفة وول ستريت جورنال نشر الأحد 15 كانون الأول ديسمبر.
مقالات ذات صلة التزاما بمذكرات الجنائية الدولية.. بولندا: سنعتقل نتنياهو إذا دخل أراضينا 2024/12/21“ستكون هناك جهود عالمية للعثور على الثروة التي تمتلكها عائلة الأسد، وأعضاء النظام الذي كان أمامهم متسع من الوقت لإخفاء الممتلكات” وفق تصريح أندرو تابلر المتخصص في العقوبات ضد النظام السوري في معهد واشنطن.
أطنان من الأوراق النقدية
البحث عن ثروة آل الأسد، انطلق على الأقل عبر تحقيقات لوسائل إعلام. وقال موقع ذي بايبر البريطاني إن الأسد وأقاربه يملكون 55 مليون جنيه إسترليني (66 مليون يورو) في حساب ببنك إتش إس بي سي في لندن. فيما طلب سياسيون بريطانيون من بينهم النائب المحافظ لاين دونكان من الحكومة التحرك “حتى يتم استخدام هذه الأموال التي جمعتها عائلة بطريقة غير مشروعة لإعادة إعمار” سوريا.
من جهتها، كشفت صحيفة فاينانشل تايمز أن بشار الأسد نجح في الالتفاف على العقوبات الدولية لنقل نحو 250 مليون دولار إلى حسابات بنكية في روسيا بين عامي 2018 و2019. وللتهرب من المراقبة الدولية، نقل الاسد في تلك الفترة نحو طنين من الأوراق النقدية من فئة 100 و500 دولار إلى موسكو، وفق وثيقة اطلعت عليها الصحيفة البريطانية.
وليس ذلك سوى غيض من فيض ثروة بشار الأسد التي هربها إلى خارج سوريا. فيما يعد تحديد دقيق لأملاك الدكتاتور السابق مهمة شبه مستحيلة.
”يجب أولا التفريق بين ما كان بشار يمتلكه عندما كان يحكم سوريا وثروة آل الأسد مجتمعة” وفق سكوت لوكاس المتخصص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة بيرمنغهام البريطانية. وبالفعل، تشير بعض التقديرات إلى ثورة ضخمة لآل الأسد تتراوح بين 12 و16 مليار دولار. إلا أن “هذه التقديرات لا تأخذ في الحسبان كل الممتلكات على غرار أطنان من السبائك الذهبية التي لم يتمكن بشار على الأسد من نقلها إلى خارج البلاد عند هروبه” يقول سكوت لوكاس.
ثروة بملياري دولار.. على الأقل
هذه هو الرقم الذي حددته الحكومة الأمريكية في 2022 لثورة الأسد، على الرغم من إقرار واشنطن نفسها أن هذه الأرقام قد لا تكون دقيقة.
نجح آل الأسد في ملء خزائنهم خصوصا من خلال “السيطرة على قطاعات اقتصادية بالكامل مثل الاتصالات والمقاولات والبنوك والتجارة منذ استحواذ حافظ الأسد على السلطة في 1970” وفق لاين وبليس المحامي البريطاني في مكاتب “لايتيمر بارنتنرز” التي كانت أول طرف قانوني حاول تقدير ثروة الأسد في سنة 2012.
وبالنسبة إلى ويليس، فإن العقوبات التي أرخت بثقلها على سوريا لم تؤثر بالضرورة في دوائر السلطة العليا. “بل أنها ساهمت في إثراء المسؤولين لأن كل المعاملات التجارية التي لحقتها العقوبات أصبحت تمر بالضرورة عبر قنوات تسيطر عليها العائلة الحاكمة”.
نفس الشيء لاحظته السلطات الأمريكية التي كشفت عن المال الذي كدسته أسماء الأسد زوجة بشار. ووجهت لها اتهامات بأنها حولت وجهة ملايين الدولارات المخصصة للدعم الإنساني التي ضختها المنظمات الدولية على مدى سنوات لأعمال خيرية في سوريا، تسيطر أسماء الأسد على جزء منها.
مليارات الكبتاغون
استغل بشار الأسد أيضا ثمار تجارة المخدرات وأساسا أقراص الكبتاغون التي كانت تحت إشراف شقيقه ماهر الأسد. وكسب النظام السوري من تجارة الكبتاغون مليارات الدولارات ما جعل النظام السوري أشبه “بدولة مخدرات”.
بالنسبة للسلطات الأمريكية، ما هي إلا بضع أمثلة لكيفية اغتناء الأسد ومحيطه، والذي زاد من ثروته على حساب الاقتصاد المنهك من اندلاع الحرب الأهلية في 2011.
“تقديرات السلطات الأمريكية عليها تحفظات. والسبب في ذلك أنه من الصعب حصر أملاك الدائرة الأولى لبشار الأسد والعائلة الموسعة مثل أبناء العم الذين استفادوا من النظام السابق الذي قام بكل ما في وسعه لعدم معرفة من وماذا يملك” وفق قراءة لاين ويليس.
“التعقيد يعود إلى طريقة توزيع هذه الأملاك. في الحالة الفرنسية التي اشتغلنا عليها، تعلق الأمر بممتلكات لشركات قابضة في ملاذات ضريبية مختلفة من الصعب جدا تحديدا مالكيها بسبب عدم وجود تنسيق قضائي مع البلدان التي تقع فيها هكذا ملاذات” يلخص منسوس شانيز المسؤول عن النزاعات والشكاوى في منظمة “شيربا” غير الحكومية التي حققت انتصارا قضائيا في أيلول سبتمبر 2022 على رفعت الأسد، عم بشار، في قضية أملاك غير مشروعة.
أما في روسيا، تملك عائلة الأسد 18 شقة فخمة في أكبر ناطحات السحاب في القارة الأوروبية، ولكن ذلك ليس إلا الجزء الظاهر من الجبل الجليدي. إذ توجد شبهات بأن بشار الأسد يملك عدة حسابات بنكية في البلد الذي لجأ إليه. وهي “أصول من المرجح أنه يستحيل استرجاعها لمساعدة سوريا في إعادة الإعمار” وفق سكوت لوكاس. باعتبار أن فلاديمير بوتين يقدم الحماية لصديقه الحاكم السابق في سوريا.
كما أن بشار الأسد لم يضع “بيض ثروته” في سلة واحدة. وقام بتوزيع ممتلكاته على عدة وجهات “انطلاقا من روسيا التي تواجه عقوبات دولية، إذ أنه يملك أصولا في دبي ودول خليجية أخرى إضافة إلى بلدان في أوروبا وآسيا”. وفق المحامي لاين ويليس. توجد أيضا شبهات بامتلاك بشار حسابات بنكية في هونغ كونغ كما يملك رفعت الأسد بناية في قلب لندن تصل قيمتها إلى أكثر من 31 مليون يورو.
استرجاع مستحيل لهذه الأصول؟
“ستكون مهمة حصر ممتلكات آل الأسد معقدة جدا، إضافة إلى صعوبة فتح ملفات قضائية وتنظيم التنسيق الدولي، ومن ثم إيجاد وسيلة مثلى لكي يستفيد الشعب السوري منها. ليس الأمر بالمستحيل، لكنه سيتطلب وقتا طويلا فيما تحتاج سوريا للمال بشكل عاجل” يقول سكوت لوكاس.
المثال الفرنسي يؤكد في كل الأحوال بأن أصول آل الأسد ليست في مأمن. حيث حكم على رفعت الأسد بإعادة ما قيمته 90 مليون يورو من الأملاك غير المشروعة في سابقة “ستشكل اختبارا أول لمعرفة كيف سيتم إرجاع هذه الأصول إلى سوريا” يقول منسوس شانيز. وهي مهمة شاقة وطويلة للمنظمات غير الحكومية ومنها “شيربا” التي ساهمت في سنة 2021 في إقرار قانون يسهل استرجاع الأموال غير المشروعة. إلا أن هذه العملية طويلة جدا وقد تستمر لعدة أعوام.
“هل سينعم بشار الأسد بحياة هادئة في موسكو؟ ليس الأمر بهذه السهولة وفق سكوت لوكاس الذي يخلص إلى القول: “الأمر مرتبط بموقف فلاديمير بوتين، هل سيسمح لبشار بالتواصل مع محاميه والوصول إلى حساباته، ستحصل عائلة الأسد على سكن وغذاء جيد، إلا أنها لن تحصل في المطلق على كل ما تريده”.