الجزيرة:
2025-03-04@06:15:39 GMT

حراك السويداء.. إحياء للثورة؟ أم زوبعة في فنجان؟

تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT

حراك السويداء.. إحياء للثورة؟ أم زوبعة في فنجان؟

يقول المفكر السياسي السوري ماهر شرف الدين إن أهالي الجنوب السوري أعادوا للثورة على نظام بشار الأسد كما بدأوها عام 2011، فيما يقول محمود الأفندي، الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية (مؤيدة للنظام)، إنه ما يحدث في مدينة السويداء ليس إلا زوبعة في فنجان يسعى محركوها للانفصال على سوريا وليس للإطاحة بنظامها السياسي.

فبعد سنوات الصمت التي تلت استعادة الأسد وقواته السيطرة على غالبية الأراضي السورية بدعم إيراني روسي، باغته أهالي السويداء (الدروز) عندما خرجوا قبل شهر ونصف ليحطموا تمثال الأسد الأب ورموز نظام البعث ويدوسوها بأحذيتهم، ويعيدون المطالبة برحيل الأسد الابن.

ولم يقف الأمر عند حد إحياء الحراك الثوري وحسب، لكنه اتخذ مسارا سياسيا ملفتا عندما تحول الزعيم الروحي للموحدين الدروز بسوريا الشيخ حكمت الهجري اتصالات هاتفية من مسؤولين أميركيين، من بينهم السيناتور فرينش هيل النائب عن الحزب الجمهوري وممثل مجلس النواب بالأمم المتحدة

كما تلقى الهجري اتصالا هاتفيا من كل من النائب الجمهوري جو ويلسون، والنائب الديمقراطي برندن بويل الذي يعد مع هيل عرّابي قانون "الكبتاغون" الذي أصدره الرئيس بايدن في وقت سابق ويختص بـ"إتجار حكومة الأسد بالمخدرات".

ومع تزايد الزخم السياسي والشعبي في السويداء، والذي قالت المؤسسة البحثية الأميركية "المجلس الأطلسي" إنه سيتواصل حتى تغيير النظام السوري، ذهب ماهر شرف الدين لوصف هذه التظاهرات بأنها موجة ثانية من أمواج الثورة السورية التي لن تتوقف إلا برحيل الأسد.

خلال مشاركته في حلقة (3/10/2023) من برنامج "الاتجاه المعاكس"، قال شرف الدين إن أهم ما فعله حراك الأقلية الدرزية في السويداء أنه أسقط ورقة حماية الأقليات التي تستر النظام خلفها لسنوات، وهو ما وضع الأسد في حالة ارتباك لأنه لا يمكنه الحديث عن إسلام سياسي أو عن إخوان مسلمين في هذه المنطقة.

وفي حين يهون مؤيدو النظام السوري كثيرا من هذا الحراك الجديد ويصمونه بالعمالة وبالنزعة الانفصالية الطائفية، فإن شرف الدين يجزم بأن ما فعله أهل السويداء أثبت للجميع في الداخل والخارج بأن الشعب السوري لن يستكين قبل تحقيق مطالبه التي تتمور حول إسقاط "الطغمة الحاكمة"، وفق تعبيره.

زوبعة في فنجان

على الجهة الأخرى، يرى الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية محمود الأفندي بأن ما شهدته السويداء حراك انفصالي وليس ثوريا ولا يعدو كونه "زوبعة في فنجان"، حسب وصفه.

إلى جانب ذلك، فإن الأفندي يقول إن ما جرى لم يكن حراكا بالمعنى الحقيقي لأنه استمر يومين تحت شعارات انفصالية درزية ثم ما لبث أن تراجع بعدما لم يجد له صدى في الداخل أو في الخارج.

ومن وجهة الأفندي، فإن ساحة الكرامة التي كانت مركز الاحتجاجات، لا تتسع لأكثر من ألفي شخصي وهو عدد لا يمثل السوريين ولا حتى أهل السويداء أنفسهم، كما يقول.

وكما تلقفت أدوات النظام السوري الإعلامية الاتصالات الغربية بالهجري كدليل على أن مؤامرة خارجية تحاك ضد سوريا عبر السويداء، فقد ذهب الأفندي أيضا للحديث عن مؤامرة يديرها بعض المتعاونين مع إسرائيل من دروز المدينة.

ليس هذا وحسب، فقد وصل الأمر إلى حد منع رفع أي علم آخر في التظاهرات غير علم الدروز، إضافة لشعارات 2011 المطالبة بإسقاط النظام، وهي شعارات لم تعد مقبولة دوليا ولا إقليميا في ظل التغيرات السياسية الأخيرة، كما يقول الأفندي.

والأهم من كل هذا -من وجهة نظر الأفندي- أن حراك السويداء "ولد ميتا"؛ لأنه لو كان ثورة لما سافر بشار الأسد إلى الصين ولما تخلت عنه دمشق وغيرها من مدن سوريا "التي رفضت الانسياق وراء دعوات الانفصال والطائفية".

لكن شرف الدين رد على هذه المزاعم بأن المتظاهرين في ساحة الكرامة كانوا آلافا إضافة إلى تظاهرات القرى والبلدات والأخرى، وقال إن خروج جزء من الشعب يمثل الشعب وأنه ليس مطلوبا من الجميع الخروج في الشوارع لكي يعترف النظام بأنه مرفوض.

وفيما يتعلق بالحديث عن منحى الحراك الانفصالي، قال شرف الدين إن النظام دأب على إطلاق هذه التوصيفات على كل مطالب برحيله، فهو يصف المسلمين السنّة بأنهم إرهابيين ويصف الدروز بأنهم انفصاليين، وهكذا.

وعن عدم انخراط مدن أخرى في الحراك، قال شرف الدين إن بعض دول الإقليم التي تحاول مساعدة الأسد تواصلت وما تزال تتواصل مع شيوخ وزعماء قبائل في العديد من المناطق لإثنائهم عن المشاركة في الحراك وإقناعهم بأن ما يجري مؤامرة خارجية ومقدمة لانفصال الدروز.

غير أن السويداء – يضيف شرف الدين- التي كانت منطلقا لإعادة تحرير سوريا في عشرينيات القرن الماضي ستكون أيضا منطلقا لإعادة توحيدها الآن، وكما كان الجنوب (مدينة درعا) منطلقا للثورة قبل 12 عاما، فإنه هو من سينهيها من السويداء، لأن كل ثورات سوريا تاريخيا بدأت من جبل العرب (الجنوب) وانتهت فيه، وهو ما سيحدث مع الأسد، حسب تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: زوبعة فی فنجان

إقرأ أيضاً:

بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟

بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟

إبراهيم برسي

في عالم تُمارَس فيه الهيمنة ليس فقط عبر العنف المباشر، بل من خلال تشكيل الوعي ذاته، يصبح السؤال الأساسي: كيف تُنتج الأنظمة القمعية الطاعة، ليس فقط كحالة مفروضة بالقوة، بل كشيء يُستبطن في النفوس؟

إن الطاغية لا يُولد، بل يُصنع، كما أن الجماهير لا تُقمع، بل تُروّض.

في فضاء الهيمنة، لا تُفرض السيطرة بالحديد والنار فحسب، بل عبر منظومة سرديات تتسلل إلى الوعي، تعيد تشكيل الإدراك، وتحكم تصور الذات في علاقتها بالسلطة. ليست المسألة، إذن، مجرد قمع مباشر، بل هندسة للخضوع، حيث لا يكتفي النظام بفرض الطاعة، بل يعمل على جعلها جزءًا من بنية التفكير، بحيث يبدو التمرد عبثًا، والخضوع ضرورة.

وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي لا يحتاج إلى سياط الجلاد كي يركع، بل يركع طوعًا، ويدافع عن قيوده باعتبارها أمانًا، ويرى في الطغيان قدرًا لا مفر منه.

هذه الصناعة لا تتم من فراغ، بل عبر منظومة متكاملة من الأدوات التي تعمل على قولبة الإنسان منذ طفولته. ومن بين هذه الأدوات يأتي الدين، حين يتحول من تجربة روحية إلى أداة ضبط تُعيد إنتاج الطاعة، وتقدمها كفضيلة مطلقة.

فالمواطن المُطيع ليس مجرد شخص يخضع لسلطة الأمر الواقع، بل هو كائن تم تشكيله بحيث لا يرى في نفسه سوى انعكاس لما يُملى عليه، عاجز عن التخيّل خارج حدود السرديات المفروضة عليه.

وليست هذه الحالة طبيعية، بل يتم إنتاجها عبر خطاب ديني يُقدّم الطاعة كمبدأ مطلق، حيث يُعاد تفسير النصوص الدينية لتُنتج إنسانًا خاضعًا، يرى في أي محاولة للخروج عن النظام القائم تمردًا على “الإرادة الإلهية”.

وهكذا، لا يعود الدين وسيلة للتحرر الروحي، بل يتحول إلى قيد يُكبّل الفرد، حيث يتم غرس فكرة أن “كل سلطة هي من عند الله”، وأن مواجهة الظلم قد تعني الوقوع في الفتنة، وكأن العبودية أكثر أمانًا من الحرية!

وليس هذا بالأمر الجديد؛ فقد دعمت الكنيسة الكاثوليكية طغيان الملوك بوصفهم “ظل الله على الأرض”، كما استُخدمت فتاوى الطاعة في بعض البلدان الإسلامية لترسيخ مقولة أن الحاكم لا يُسأل عما يفعل، مما جعل التمرد يبدو كفرًا، والخضوع ضربًا من التقوى.

وهكذا، يصبح الظلم مشيئة إلهية، ويُعاد تأويل الاستبداد كاختبار للصبر، لا كحالة يجب تفكيكها. وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الفرد الذي يرى في الطغيان مشيئة إلهية، وفي الفقر امتحانًا، وفي الجوع نعمة، وفي الحرية خطرًا على الاستقرار!

لكن الأمر لا يتوقف عند التوظيف الديني فقط، بل يمتد ليشمل بُعدًا نفسيًا أكثر تعقيدًا، حيث يصبح الطغيان ذاته مصدرًا للراحة.

يذكر إريك فروم، في كتابه الخوف من الحرية، أن كثيرين يهربون من الحرية، لا لأنهم يحبون الطغيان، بل لأن الحرية نفسها مخيفة؛ إنها مسؤولية، عبء ثقيل يتطلب قدرة على اتخاذ القرار ومواجهة العواقب.

وهكذا، يُصبح الفرد الذي يخضع باسم الدين ليس مجرد ضحية، بل شريكًا في استدامة النظام الذي يقهره. حينها، لا يحتاج النظام القمعي إلى استخدام العنف المفرط، فالجمهور نفسه يصبح حارسًا للقمع، يراقب نفسه بنفسه، ويفرض على الآخرين ذات القيود التي كُبّل بها.

وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي يخاف من الحرية أكثر مما يخاف من سجّانه!

وبينما تعمل الأنظمة القمعية على تكييف الدين ليناسب أهدافها، فإن الرأسمالية تُكمل هذا الدور من زاوية أخرى، حيث لا تُشكّل فقط نظامًا اقتصاديًا، بل تتحول إلى ماكينة ضخمة لإنتاج الوعي المشوّه، وخلق إنسان يرى نفسه في حدود ما يستهلكه.

مارك فيشر، في كتابه الواقعية الرأسمالية، يشير إلى أن أحد أخطر أشكال الهيمنة هو جعل أي بديل غير قابل للتخيّل؛ حيث يُقدَّم النظام القائم وكأنه “الطبيعة الثانية”، وكأن أي محاولة للخروج منه ليست فقط مستحيلة، بل غير منطقية.

في هذه الحالة، يتحول الإنسان إلى مستهلك سلبي، لا يرى في نفسه سوى رقم في معادلة العرض والطلب، فاقدًا للقدرة على التفكير في ذاته كفاعل سياسي، وكشخص يمكن أن يُعيد تشكيل الواقع.

يُختزل وجوده إلى كونه ترسًا في ماكينة الإنتاج والاستهلاك، يقيس نجاحه بعدد الأشياء التي يمتلكها، لا بقدرته على التأثير في مجتمعه. وهكذا، يصبح التسوق شكلًا من أشكال الحرية الزائفة، ويتحول الدين إلى سلعة، والهوية إلى ماركة، والفكر إلى إعلان تجاري.

وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الفرد الذي يرى في التسوق حرية، وفي تراكم الديون طموحًا، وفي نجاحه الفردي تعويضًا عن فشل مجتمعه بأكمله!

ولأن هذه السيطرة لا يمكن أن تُترك للصدفة، فإن النظام يحتاج إلى آليات مؤسسية لترسيخها، وأبرزها التعليم والإعلام.

فمنذ الطفولة، يُقال للطفل: “الكبير لا يُناقش”، وحين يكبر، يتعلم أن “الحاكم لا يُسأل عما يفعل”. وهكذا، يتحول الخضوع إلى قيمة متوارثة، يُنقل من جيل إلى جيل، حتى يصبح جزءًا من النسيج الاجتماعي نفسه.

أما الإعلام، فإنه لا يُعنى بإيصال الحقيقة، بل بإنتاج الحقيقة، أو بالأحرى، إنتاج نسخة واحدة منها، نسخة تخدم القائمين على السلطة.

يصبح الإعلام سلاحًا، لا لقمع المعارضين فحسب، بل لمنع إمكانية تخيّل عالم مختلف. يتحول إلى آلة دعائية تعمل على تطبيع الظلم، وإعادة إنتاجه في صورة قدر لا يُرد، أو “واقع لا يمكن تغييره”.

وهكذا تتم صناعة “الماعز الأليف”، الكائن الذي يستهلك الأخبار كما يستهلك البضائع، يصدق كل ما يُقال له، ويردد الخطاب الرسمي وكأنه وحي!

إن إدراك العطب هو الخطوة الأولى في مقاومته، إذ أن النظام لا يسقط عندما يشتد قمعه، بل عندما يُسائل الناس شرعيته.

وكما قال فرانز فانون: “كل جيل يجب أن يكتشف مهمته، إما أن ينجزها أو يخونها”.

غير أن المقاومة لا تبدأ فقط من التمرد المسلح أو المواجهة المباشرة، بل من تفكيك منظومة الهيمنة في الفكر والسلوك، من مساءلة الخطابات التي تجعل الطاعة تبدو طبيعية، من إعادة تعريف الممكن، من فهم أن ما يبدو ثابتًا ليس إلا توافقًا مؤقتًا بين القوة والخضوع.

إن أخطر ما في الهيمنة ليس فقط أنها تقمع، بل أنها تجعلنا نحب قيودنا، نخاف من فقدانها، نرى في الطاعة خلاصًا من قلق الحرية.

لكن “الماعز الأليف” ليس قدرًا محتومًا، بل خيار يمكن كسره، شرط أن نجرؤ على إعادة اختراع ذواتنا من جديد!

الوسومإبراهيم برسي إريك فروم الأنظمة القمعية الاستبداد الحرية الدين الرأسمالية الماعز الأليف

مقالات مشابهة

  • مقتل عنصرين من الأمن السوري في اللاذقية جراء كمين لـفلول النظام المخلوع
  • بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية «المَاعِز الأليف»؟
  • وثائق مسربة.. هكذا اخترقت مخابرات الأسد المعارضة قبل ردع العدوان
  • بين الدين والرأسمالية: كيف تَصنع الأنظمة القمعية “المَاعِز الأليف”؟
  • الرئيس السوري يكلف لجنة بمهمة صياغة مسودة إعلان دستوري  
  • إسرائيل تحذر النظام السوري من إلحاق الضرر بالدروز
  • في بيان نادر.. إسرائيل تحذر النظام السوري من إيذاء الدروز
  • شاهد | كيف يواجه النظام السوري الجديد كيان الاحتلال؟
  • وصول أول ناقلة ديزل منذ سقوط النظام إلى ميناء بانياس السوري
  • ممثلة سورية تدافع عن الأسد وتتمنى لو استشهد.. ماذا عن شقيقه ماهر؟