البلاد – جدة

تعد حياكة السدو عنصرًا مهمًا في الثقافة السعودية؛ إذ نجحت المملكة في تسجيله ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، كملف مشترك مع دولة الكويت الشقيقة، في إشارة لما يحظى به التراث الوطني من اهتمام وعناية بالهوية الثقافية الوطنية، وأهمية إبرازها إقليميًا وعالميًا.

وتأتي حياكة السدو واحدة من الفنون الحرفية التقليدية الإبداعية، التي زاولها سكان الجزيرة العربية منذ القدم؛ لتلبية الاحتياجات الأساسية للمجتمع، وأصبحت أحد أهم أوجه وصور التراث الإنساني في المملكة بتصاميمها المختلفة وزخارفها وألوانها. وتعبيرًا عن هذه الأهمية الحضارية تم استخدام “السدو” في تصميم شعار قمة دول مجموعة العشرين، التي استضافتها المملكة.
وتقوم البدويات بتزيين منازلهن بقطع السدو ذات الألوان الزاهية لتجميل المواقع، ويعد هذا النسيج المطرز أحد أهم أوجه وصور التراث الإنساني في المملكة بتصاميمه المختلفة وزخارفه وألوانه، حيث يعد السدو من أهم تقاليد شبه الجزيرة العربية، وتمثل خطوته الملونة الممتدة على نسق واحد فنًا من فنونهم العتيقة.

ولفتت الحرف اليدوية التقليدية في معرض “صُنع في السعودية”، ضمن فعاليات موسم الرياض في واجهة الرياض خلال وقت سابق، انتباه الزوار وعكست في معظمها الصناعة الحرفيّة للسدو والفخار الطيني اللذين يعدان من أشهر أيقونات الصناعة في التراث السعودي، ويقدم جناح الحرف التقليدية السعودية عروضًا عمليةً حيةً لحائكات السدو، مما يعزز قيمة تلك الصناعات لدى مشاهديها من الزوار.

وحصد ركن “حياكة السدو” ضمن جناح الحرف التقليدية السعودية، إعجاب الكثير من الزوار وتوثيق هواتفهم لطريقة حياكة السدو العملية، التي تقوم بها سيدة سعودية ذات خبرة قديمة في مجال صناعة السدو، ويأتي ذلك الإعجاب ضمن توجّه أنظار العالم إلى السدو؛ كونه ثامن عنصر ثقافيًا نجحت المملكة في تسجيله لدى منظمة اليونسكو للتراث العالمي.


وأضافت التجربة التفاعلية لزوار ركن حياكة السدو من قيمتها كصناعة سعودية قديمة، معززةً على أهم المعلومات حول الخامات المستخدمة من الخيوط في حياكة السدو، والتوضيح العملي للنول التقليدية، وشارك العديد من الأطفال في محاولة تطبيق عملي لحياكة السدو، ما أسهم في إثراء زيارتهم المعرض وتعزيز معرفتهم لتراث الصناعة السعودية.

بينما استوقفت حرفة “حياكة السدو” جمهور الزائرين لجناح المملكة المشارك في المعرض العربي للأسر المنتجة بيت العرب، الذي أقيم سابقًا في القاهرة، حيث وثق الزوار لإحدى السيدات الحرفيات، التي تقوم بصناعة السدو. وتقول بدرية المطيري: إنها تعمل بحرفة “حياكة السدو” منذ سن الخامسة، وورثتها عن والدتها وجدتها، وهي حرفة نسائية بحتة، وثقافة بدو رحل، وأن أول شيء تعلمته هو تنظيف الصوف وغسله بالماء، ووضعه في الهواء؛ كي يجف.

واستعرضت المراحل التي تمر بها “حياكة السدو”، والأدوات والخامات المستخدمة في صناعته وكيفية غزله، مضيفة أن قبل عملية صناعة “السدو” هناك مراحل تبدأ بعملية جز شعر الماعز أو صوف الأغنام أو وبر الإبل، ثم نبش الصوف باليد لتنظيفه من الشوائب العالقة، وغسله ونشره كي يجف، عقب ذلك القيام بعملية غزل الصوف وتحويله إلى خيوط يتم لفها على شكل كرة تسمى بـ”الدجة”، وبعدها تبدأ عملية الحياكة التي يتم فيها توصيل خيوط السدو مع بعضها البعض.


وتطرقت المطيري إلى المنتجات التي يتم صناعتها من السدو ومنها “بيت الشعر” والقواطع، مؤكدة أنه تم تطوير هذه الحرفة من خلال إدخالها في تصنيع جوارب الهواتف المحمولة والأساور، والحقائب، بحيث يمكن للأشخاص اقتناؤها بسهولة؛ كي تصبح في متناول الجميع.
وشددت على أن الموروثات التراثية والثقافية تحظى باهتمام كبير من حكومة المملكة؛ للحفاظ عليها من الاندثار واستدامتها واستمراها وإبرازها محليًا وعالميًا، ومن هذه الموروثات حرفة السدو التي تعد موروثًا شعبيًا ثقافيًا، تم تسجيله ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة “اليونسكو”.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: تراث المملكة

إقرأ أيضاً:

موسم الشتاء في الإمارات موروث تاريخي متجدد

تزخر فصول السنة في دولة الإمارات، بموروثات وعادات خاصة بكل فصل حسب تأثيره وأثره في المجتمع، ومنها فصل الشتاء الذي يحفل بذكريات وموروثات اجتماعية خاصة، لاسيما أنه يتزامن مع موسم المطر.
وقال الباحث محمد خميس النقبي، إن فصل الشتاء بالنسبة للإماراتيين، يرتبط بالكثير من الأقوال الموروثة والأمثال الشعبية التي تتوارثها الأجيال وترصد تقلبات الطقس خلال نحو خمسة أشهر متواصلة، فيما لا تزال بعض الموروثات والتقاليد الشتوية صامدة حتى اليوم، نظراً لارتباطها بالزراعة، ومنسوب المياه.
وأضاف، أنه مع قدوم فصل الشتاء كل عام، يستذكر كبار السن من المواطنين روايات وأحداثاً جرت في الماضي، مثل السنوات الغزيرة المطر وجريان الأودية وفيضانها، والسنوات التي يقل فيها المطر ويجف الزرع ويتراجع المحصول.
وأوضح النقبي، أن الأجداد لم يعرفوا حالة الطقس من خلال النشرات المنتشرة حالياً عبر شاشات التلفزيون والأجهزة الذكية، بل توصلوا إليها بفطرتهم وتجاربهم المتوارثة وتراكم الخبرات، حتى أتقنوا كيفية التعامل معها والاستفادة منها والابتعاد عن خطرها.
وذكر أن بعض الجهات والمؤسسات تبنت نظام «الدرور» القديم كأساس لتطبيقات حديثة رقمية تهتم بحالة الطقس منتشرة على الهواتف الذكية وفي متناول يد الجميع.
وبيّن أن «حساب الدرور»، هو حساب فلكي قديم وكان الوسيلة الوحيدة المتوفرة أمام أهل الإمارات في ذلك الوقت لمعرفة أحوال الطقس ووقت دخول الفصول ومواسم الرياح والمطر عن طريق تتبع مواقع النجوم، لافتاً إلى أنه يختلف باختلاف المناطق داخل الدولة.
وأضاف أنه من «الدرور» ومروراً ب «المربعانية»، يضبط الإماراتيون توقيتهم الشتوي بناء على تلك المواسم والأيام التي ارتبطت منذ القدم بدلالات مناخية واجتماعية، لتضفي طابعاً خاصاً وأجواء عائلية حميمية.
من جانبه، قال المواطن محمد بن سعيد القايدي (80 عاماً)، إن موسم «المربعانية» يعدّ من أهم مواسم فصل الشتاء في الإمارات، ومنذ القدم يترقبه الأهالي باعتباره ذروة البرد القارس، وجاءت تسميته كونه يستمر 40 يوماً، مشيراً إلى أن هذا موسم يتداخل مع حساب «الدرور»، الذي كان يعتمد عليه الأهالي في التعرف إلى ظروف وأحوال الطقس في زمن لم يكن فيه هيئة أرصاد جوية ولا تطبيقات رقمية متوفرة في يد كل إنسان.
وأوضح أن حساب «الدرور»، يقوم على أساس تقسيم أيام السنة بشكل عشري إلى 36 قسماً، كل قسم به 10 أيام تعرف «بالدّر»، ويبدأ هذا الحساب بطلوع نجم سهيل عند منتصف شهر أغسطس/آب من كل عام، ويعرف كل دّر بالمجموعة العشرية التي ينتمي إليها، ويقال العشر والعشرون والثلاثون، وهكذا إلى المئة، ثم يعاد إطلاق العشر والعشرين والثلاثين وهكذا. (وام)

مقالات مشابهة

  • موسم الشتاء في الإمارات موروث تاريخي متجدد
  • جدة التاريخية تحتفي بيوم التأسيس وتحتضن فعاليات ثقافية وتراثية متنوعة
  • الملك يرسل برقية الى ولي عهد المملكة العربية السعودية
  • منذ فجر التأسيس.. دور ملهم لأئمة الدولة السعودية في بناء هوية المملكة
  • ذكرى يوم تأسيس المملكة العربية السعودية
  • برج خليفة يستضيف مسابقة لإنتاج فيديو إبداعي احتفالاً باليوم الوطني المجري
  • “حياكة السدو”.. فن تقليدي يجسد تراث الأجداد ويعزز الهوية الثقافية بمنطقة الباحة
  • المملكة تحتفي غدًا بذكرى تأسيس الدولة السعودية
  • الرئيس السيسي يغادر مدريد متجها الي المملكة العربية السعودية
  • الرئيس السيسي يغادر مدريد إلي المملكة العربية السعودية