خبراء: توسعة قطر لحقل الشمال يسد فجوة الطاقة العالمية
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
الدوحة- في ظل تزايد موجة التضخم العالمي وتراجع تدفق إمدادت الطاقة، توقع خبراء اقتصاد أن تقوم دولة قطر بدور مؤثر في سد فجوة الطاقة العالمية من خلال توسعها في إنتاج الغاز الطبيعي.
واليوم الثلاثاء، بدأت قطر رسميا المرحلة الأولى من توسعة حقل الشمال للغاز الطبيعي، حيث وضع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حجر الأساس لمشروع التوسعة الذي من شأنه أن يرفع إنتاج قطر من الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن إلى 126 مليون طن سنويا، بحلول عام 2027.
ويتألف مشروع توسعة حقل الشمال من جزأين شرقي وجنوبي، كما يعتبر المشروع هو الأكبر في تاريخ صناعة الغاز الطبيعي المسال في العالم.
ويعد حقل غاز الشمال أكبر حقل غاز بالعالم، حيث يضم 50.97 تريليون متر مكعب من الغاز، وتبلغ مساحة الحقل نحو 9700 كيلومتر مربع، منها 6 آلاف في مياه قطر الإقليمية، واكتشف الحقل عام 1971، وبدأ الإنتاج فيه عام 1989.
ويصل إجمالي العقود الدولية لتطوير حقل الشمال الشرقي إلى 28.75 مليار دولار.
في هذا السياق، قال وزير الدولة لشؤون الطاقة في قطر سعد بن شريدة الكعبي، إن هذه التوسعة الرائدة تهدف إلى رفع الطاقة الإنتاجية السنوية لدولة قطر من الغاز الطبيعي المسال من 77 إلى 126 مليون طن سنويا بحلول عام 2026.
وأضاف الوزير -وهو أيضا العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة "قطر للطاقة"- أن هذا المشروع يمثل قفزة نحو ريادة بلادنا في مجال الطاقة، كما أنه انعكاس لأهدافنا المتمثلة بالاستثمار الأمثل لثرواتنا الطبيعية، والتزامنا بتزويد العالم بمصدر أنظف للطاقة، وعلى مدى عدة عقود.
وأوضح الكعبي أن المشروع يشتمل على 6 خطوط إنتاج عملاقة، تبلغ الطاقة الإنتاجية لكل منها 8 ملايين طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال، 4 منها في مشروع توسعة حقل الشمال الشرقي، و2 في مشروع توسعة حقل الشمال الجنوبي.
#QNA_Video
HH the Amir Lays Foundation Stone of North Field Expansion Project.#QNA pic.twitter.com/uUhnEXEssK
— Qatar News Agency (@QNAEnglish) October 3, 2023
ولفت وزير الطاقة القطري إلى أن هذه التوسعة الكبيرة ستضيف 48 مليون طن سنويا إلى إمدادات الغاز الطبيعي المسال العالمية، مشيرا إلى أن هذه الإضافة تأتي في فترة حاسمة، حيث يحتل الغاز الطبيعي موقعا محوريا في مزيج الطاقة في عالم يعاني من التقلبات الجيوسياسية، ويحتاج بشدة إلى مصادر للطاقة النظيفة تتماشى مع الأهداف البيئية العالمية.
وأوضح أن المشروع سينتج ما يقارب 200 ألف برميل يوميا من غاز البترول المسال (البروبان والبيوتان)، وحوالي 450 ألف برميل يوميا من المكثفات، إلى جانب كميات كبيرة من غاز الهيليوم والكبريت.
تأمين الطاقة فى السوق العالمية
من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال القطري عبدالله الخاطر إلى أن الطاقة هي الأساس فى الاقتصاد العالمي، وقال "أدرك العالم أجمع ذلك وظهر تأثيرها جليا بعد حرب أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة نتيجة تراجع الواردات من الإنتاج، خاصة من الجانب الروسي".
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الخاطر أن التوسع فى الإنتاج من جانب قطر "لاشك سيصب في صالح الاقتصاد القطري أولا، من خلال زيادة العائدات وتأمين التدفقات النقدية، وفي الاقتصاد العالمي الذي يعاني شحا في مصادر الطاقة فى السنوات الأخيرة".
ويعتقد الخاطر أن قطر قادرة على تأمين الطاقة فى السوق العالمية خاصة فى السوق الأوروبية، محذرا من موجات تضخم قد تحدث فى حال نقص إمدادات الطاقة، وبالتالي استمرار ظاهرة التضخم التى يعاني منها العالم أجمع فى الوقت الحالى، بل وتفاقمها.
وأشاد الخاطر بقرار قطر بشأن التوسع في الإنتاج وقال إنه جاء في خضم أزمات متعددة لا يفضل المستثمرون الكبار الدخول في مشروعات كبيرة خلالها.
بدوره، يعتقد الخبير الاقتصادي عبد العزيز الحمادي أن وضع حجر الأساس لتوسعه حقل الشمال، إنجاز كبير يضاف إلى إنجازات دولة قطر خلال السنوات الأخيرة، بدءا من نجاحها في تنظيم كأس العالم 2022، ومن ثم استضافة حدث عالمي آخر هو إكسبو الدوحة 2023 للبستنة.
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح الحمادي أن هذا المشروع العملاق سيسهم في النهوض بالاقتصاد القطري المحلي وتعزيز العائدات المالية المُجزية خلال السنوات القادمة، كما سيؤدي إلى إحداث تأثير إيجابي على الاقتصاد في مختلف القطاعات.
وتتزايد الطلبات على الغاز المسال القطري في الفترة الأخيرة، كما أن هناك مفاوضات متقدمة مع عدة دول أوروبية، منها بريطانيا وفرنسا، لتوريد الغاز القطري.
ولفت الحمادي إلى سعي الشركات العالمية للحصول على عقود لتطوير الحقل، وهو ما يؤكد أهمية الحقل ومدى تأثير الاقتصاد القطري على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل تراجع الواردات من الطاقة فى العالم، مما يجعل الغاز القطري مطلبا عالميا لسد فجوة الطاقة العالمية.
مراحل إنتاج الغاز فى قطر
من جهته، قال أستاذ المالية المشارك بكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة قطر رامي زيتون، إن احتياطيات قطر من الغاز الطبيعي تبلغ أكثر من 15% من الاحتياط العالمي، وهو ما يجعلها تحتل المركز الثالث عالميا بعد روسيا وإيران.
وفي حديثه للجزيرة نت، أشار زيتون إلى أن إنتاج الغاز من حقل الشمال مر بعدة مراحل، محققا نموا بنحو 457% خلال الفترة من 2000 وحتى 2022، معتبرا ذلك بمثابة قفزة نوعية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الغاز الطبیعی المسال من الغاز الطبیعی الطاقة فى ملیون طن طن سنویا إلى أن قطر من
إقرأ أيضاً:
خبراء لـ"الرؤية": القيمة المحلية المضافة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة.. والموازنة بين الإنتاج والجودة سر التنافسية العالمية
الرؤية- سارة العبرية
يؤكد اقتصاديون أن القيمة المحلية المضافة وتعزيز المحتوى المحلي تشكل محاور حيوية للنهوض بالاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل مستدامة، في الوقت الذي تحقق فيه العديد من الشركات والمؤسسات الكبرى تقدما ملموسا في هذا المجال.
ويقول المهندس غسان فضل بيت بن سليم خبير في القيمة المحلية المضافة والمبادرات الاقتصادية، إن القيمة المحلية المضافة ليست مجرد سياسة اقتصادية؛ بل هي استراتيجية لتحقيق استدامة في الاقتصاد الوطني وخلق الفرص الوظيفية، وتعزيز تنافسية الشركات العمانية على الصعيد العالمي، مبينا أن القيمة المحلية المضافة والمحتوى المحلي هما أدوات اقتصادية تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الإنفاق المحلي وتشجيع الإنتاج والاستهلاك المحلي، وهذه المفاهيم تُعد بمثابة "سياسة حمائية ذكية" تهدف إلى دعم الشركات المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا، مما يساهم في خلق فرص اقتصادية جديدة وتوفير وظائف مستدامة.
ويرى ضرورة التوازن بين الإنتاجية والمحتوى المحلي؛ حيث لا يمكن تحقيق القيمة المحلية المضافة على حساب جودة الخدمات أو كفاءة المشاريع، لافتا إلى أن المشاريع يجب أن تُركز على "التحسين" بدلاً من "التضخيم"، مع تعزيز الإنتاجية والتنافسية بالتوازي مع زيادة المحتوى المحلي، وذلك في ظل التطور الذي يشهده قطاع اللوجستيات.
ويتابع قائلا: "التوظيف المستدام يتم من خلال خلق وظائف في المشاريع التي تعتمد على سلاسل القيمة في القطاعات المختلفة، وقطاع الأسماك يملك إمكانات ضخمة لتوطين الصناعات والخدمات المرتبطة به، مثل تصنيع الأسماك وتطوير تقنيات التبريد، مما يخلق فرص عمل مستدامة في عدة مجالات، كما أن القيمة المحلية المضافة تسهم في تقليل الاعتماد على النفط من خلال توسيع سلاسل القيمة في القطاعات غير النفطية مثل التعدين والصناعات التحويلية، ويمكن تحويل المعادن المستخرجة في عُمان إلى منتجات مصنعة محليًا، مما يعزز الاقتصاد ويوفر وظائف جديدة".
ويلفت المهندس غسان إلى أن الحكومة العمانية تولي أهمية كبيرة لتعزيز المحتوى المحلي عبر سياسات تحفز الشركات على زيادة مساهمتها في الاقتصاد الوطني، كما أن إطلاق برامج وطنية للتثقيف والتدريب، بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، سيساهم في رفع الوعي وتعزيز القيمة المحلية المضافة في السوق العماني.
ويؤكد أن رواد الأعمال لديهم فرصة كبيرة للاستفادة من القيمة المحلية المضافة من خلال الابتكار في مجالات التكنولوجيا والصناعات المحلية، مضيفا أن المشاريع الناشئة في القطاعات مثل اللوجستيات والأغذية والزراعة يمكن أن تسهم في تعزيز سلاسل التوريد المحلية.
ويوضح كهلان بن عبدالله المحروقي خبير في مجال القيمة المحلية أن المحتوى المحلي يعد ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة في سلطنة عمان؛ حيث يسهم في تعزيز الهوية الاقتصادية، وجذب الاستثمارات العالمية، وتحقيق الاستدامة، مبينا أن المحتوى المحلي يدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويعزز الاكتفاء الذاتي، ويقلل المخاطر الناجمة عن الاعتماد على الخارج، كما يساهم في خفض البطالة وتحفيز الابتكار والإنتاجية.
ويشير إلى أن العديد من دول العالم تبنّت برامج المحتوى المحلي وحققت نجاحات كبيرة، مثل قطاع النفط في عمان والسعودية والنرويج، وصناعة السيارات في المغرب، والأدوية في الأردن، والصناعات الثقيلة في ألمانيا، مضيفا أن سلطنة عُمان تمتلك العديد من المقومات لتعظيم المحتوى المحلي، من بينها الموقع الاستراتيجي، ورؤية عمان 2040، وتوافر البنية الأساسية، وبرامج دعم الصناعات المحلية.
ويبين أن الشركات الكبرى مطالَبة بوضع رؤى واضحة للمحتوى المحلي، تشمل توظيف العمانيين، وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإعطاء الأولوية للمنتجات المحلية، إذ إن المحتوى المحلي لا يقتصر على الصناعات التقليدية؛ بل يشمل نقل التكنولوجيا وإنشاء مراكز الأبحاث والتطوير لتعزيز تنافسية المنتجات العمانية.
وعن التحديات، يقول المحروقي: "هناك تحديات يجب التعامل معها، مثل نشر الوعي المجتمعي، وتحقيق التوازن بين الإنتاج المحلي والعالمي، وتعزيز تنافسية المحتوى المحلي، ونجاح هذه البرامج مسؤولية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع، إلى جانب دور المؤسسات التعليمية والإعلامية في نشر الوعي وترسيخ ثقافة المحتوى المحلي بين الأفراد".
واختتم حديثه مؤكدا أن المحتوى المحلي والتنوع الاقتصادي وجهان لعملة واحدة؛ إذ يسهم في توطين الصناعات، واستقطاب الاستثمارات، وزيادة الصادرات، مشيرًا إلى أن سلطنة عمان شهدت منذ السبعينيات العديد من المبادرات الوطنية التي تصب في هذا الاتجاه، داعيًا إلى تعزيز التكامل بين جميع الفئات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وحققت بعض الشركات في سلطنة عُمان نجاحًا ملحوظًا في تعزيز القيمة المحلية المضافة، ما ساعد في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل مستدامة، منها شركة تنمية نفط عُمان، ففي عام 2023 بلغت القيمة المحلية المضافة التي احتفظت بها الشركة في سلطنة عمان 2.5 مليار دولار أمريكي؛ أي ما يعادل 40% من إجمالي الإنفاق على سلسلة التوريد بالشركة، ومن هذا المبلغ، أُنفِق 900 مليون دولار على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، و422 مليون دولار على الصناعات الوطنية، استفادت منها 30 شركة ومصنعًا في البلاد، كما تم توفير 1,830 فرصة عمل في الشركات المتعاقدة في مجالات مختلفة، وتنفيذ 28 برنامجًا تدريبيًا ضمن برنامج "كفاءة" لتطوير مهارات 1,000 مهندس.
وفي أوكيو وحتى نهاية الربع الثالث من عام 2023، بلغ إنفاق المجموعة على السلع والخدمات نحو 974.07 مليون دولار أمريكي، منها 753.11 مليون دولار أُنفِقت على السلع والخدمات في العقود والمشتريات الخاصة بالشركات والمؤسسات المحلية، مما أدى إلى الاحتفاظ بمبلغ قدره 314.17 مليون دولار كقيمة محلية مضافة. كما أُنفِق 172.53 مليون دولار على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، منها 56.99 مليون دولار للمؤسسات الحاملة لبطاقة ريادة.
وفيما يخص جهاز الاستثمار العماني، ففي عام 2023، بلغ إجمالي الإنفاق على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 202 مليون ريال عماني، مقارنة بـ187 مليون ريال في عام 2022، بنسبة زيادة 4.5%. كما ارتفع إجمالي مبالغ العقود وأوامر الإسناد لحاملي بطاقة ريادة الأعمال إلى 106.7 مليون ريال، مقارنة بـ 67 مليون ريال في 2022.