لفظت سينما رينسانس المعروفة بالسينما الشتوي آخر أبوابها في مدينة أسيوط، وتنهي هذه الخطوة حقبة طويلة من تاريخ السينما في أسيوط ويعتبر هذا الهدم ضربة جديدة لثقافة الفن السابع في المحافظة، إذ تتغلب الآن الأبراج السكنية والمراكز التجارية الضخمة والمولات الحديثة على المناظر الطبيعية السينمائية  ولا عزاء للثقافة.

لا يمكن لأحد أن ينكر الدور الكبير الذي لعبته سلسلة دور العرض السينمائي "رينسانس" في تطوير المشهد الثقافي والترفيهي في أسيوط

وقد تم إنشاء السينما في عصر النهضة وكانت من الوجهات الأكثر شعبية في المدينة. لذا، يعتبر إغلاقها نقطة تحول في السياق الثقافي للمدينة.

تمثل السينما مساحة للحوار الثقافي والترفيه، إذ كانت تعرض مجموعة متنوعة من الأفلام العالمية والمحلية. قامت بتسليط الضوء على أفلام المُخرجين الواعدين والأفلام الكلاسيكية، وشجعت المشاهدين على التعرف على ثقافات وعوالم جديدة. وكانت توفر فرصة للترفيه والهروب من ضغوط الحياة اليومية.

يعكس هدم سينما رينسانس عدم الرغبة في دعم المجال الثقافي والترفيهي في أسيوط. بدلاً من دعم الثقافة والفنون، يتم الآن التركيز على تطوير العقارات والتجارة. إن هذا التغيير في التوجه يؤثر سلبًا على تنمية الشباب الثقافية، وقد يؤدي إلى فقدان الهوية الثقافية للمدينة.

سينما رينسانس اسيوط قبل هدم مبانيها

علينا أن ندرك أهمية الثقافة والفن في تطور المجتمع وتعزيز التنوير والوعي. يجب على السلطات المحلية والجهات المعنية أن تتخذ إجراءات للحفاظ على مساحات السينما وتشجيع المبادرات الثقافية. يجب أن يكون هناك تعاون بين الحكومة والمجتمع المحلي لدعم الفن والثقافة وضمان استمرارهما كجزء من الهوية الثقافية للمدينة.

على الرغم من هدم سينما رينسانس، يجب على الأفراد المهتمين بالفن والثقافة البحث عن فرص للتعبير عن ذوقهم الفني ودعم العروض الثقافية المتنوعة في المدينة. من خلال حضور المهرجانات الفنية المحلية ودور العرض السينمائي المستقلة، يمكننا استعادة جزء من الحيوية الثقافية والتنوير في أسيوط.

سينما رينسانس اسيوط قبل هدم مبانيها

في البداية، يقول محمد محيي إن تجارة بناء الأبراج، بدلاً من قاعات العرض، بدأت في السبعينيات، رداً على تبني السادات لسياسة الانفتاح الاقتصادي، و"سينما أدولف" كجمهور في مصر وكان المسمى أسيوط الملحق الصيفي لسينما أسيوط الشتوي، الضحية الأولى.

وأضاف محيي في بداية التسعينيات توقفت دور سينما قصور الثقافة عن العمل، بما في ذلك سينما قصر ثقافة أسيوط، بعد اندثار الثقافة الجماهيرية وأدارتها هذه دور السينما، ومن خلال دخلها، قدمت العديد من البرامج الثقافية والفنية تم إنفاقها في كثير الأماكن، والعديد من احتياجاتها في مجال الأثاث والصيانة وغيرها، في وقت تشتد فيه موجة الإرهاب التي يمارسها الجناح المسلح لجماعة الإخوان المسلمين.

وتابع محيي منذ عدة سنوات، توقفت سينما خشبة الصيفي التي تأسست في الأربعينيات من القرن الماضي، وأقيم مكانها مبنى إسمنتي ضخم، تم الإعلان عنه كمشروع لمركز تسوق وكما توقفت سينما أبوتيج قبل سنوات وكذلك سينما قرشي بديروط وسينما القوصية وسينما رينيسانس توقفت دور العرض في اسيوط وانتهت الصورة الناطقة 

وفي ذات السياق أوضح الكاتب والشاعر الدكتور ثروت عكاشة، أن هدم دور السينما يشكل هدماً للدور الثقافي المهم الذي تلعبه السينما في المجتمع ككل، والذي من خلاله يتم إيصال العديد من جوانب الوعي للمواطنين وإيصال العديد من الرسائل المباشرة. في شكل الواقع الذي يعيشه المواطن. 

وقال الشاعر نادر جرجس “ما يحدث في سينمات أسيوط هو خطة مدروسة لحرمان الجمهور من مشاهدة الفن السابع في أسيوط، وهذه المحاولات بدأت بسينما ادولف ثم سينما الخشبة وأخيرا سينما رينيسانس” ستستمر الابراج المتوحشة في التهام كل جمال وفن بلادنا، ولن تنجح حرب الأسلحة في الحرب ضد الإرهاب، السينما هي الحياة، وهدم دور السينما في بلادنا يدمر الحياة.

وأوضح الشاعر عصام همام أن السينما لها دور تثقيفي وتنويري وترفيهي لجميع فئات المجتمع. من جانبه، أشار الراوي شعبان المنفلوطي، إلى أن السينما بوابة مهمة للتنمية في صعيد مصر، وأن التعدي على دور السينما يعتبر تعديًا على حرية الإنسان وكرامته وحقه في الفن.

وقال احمد محمد إننا في أيام الدراسة الجامعية كنا نذهب إلى سينما خشبة الصيفية لمشاهدة الأفلام القديمة التي أعيد عرضها في السينما الشتوية، وكنا نذهب إلى هناك في أيام الأجازات والمناسبات الخاصة، وكانت تمثل مصدرا للفخ الثقافة ومع هدم سينما الخشبة فقدنا شيئاً جميلاً كنا نفتخر به وحلت محله صورة القبح الذي تمثله الكتل الخرسانية

قال مسؤول كبير بهيئة قصور الثقافة، إنه تم البدء في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتجهيز إحدى قاعات قصر ثقافة أسيوط لتكون بمثابة صالة سينما بديلة لسينما النهضة التي تم بيعها، ومحاولة لافتتاحها. سد فراغ كبير في الجانب الثقافي والترفيهي للمحافظة.

وأشار المصدر إلى أن أسيوط، أكبر محافظات الصعيد، لا ينبغي أن تفتقر إلى دور السينما، ودورنا كمسؤولين عن القطاع الثقافي بالمحافظة هو التعاون مع مسؤولي السلطة التنفيذية لإيجاد البديل.

وأضاف أن قصر ثقافة أسيوط ينظم نشاطا ثقافيا لعرض الأفلام السينمائية، من خلال نادي السينما المقام بالقصر، وتجهيز بعض المواقع الثقافية بأجهزة عرض سينمائية، وتعيين مدير سينمائي بجميع المواقع الثقافية وتدريبهم على استخدام أجهزة العرض السينمائي بالإضافة إلى عرض خطة عرض الفيلم ومتحدثين لشرح الفيلم وعرض درجة الاستفادة منه.

في النهاية، يجب أن نعمل جميعًا للحفاظ على التنوع الثقافي والفني في أسيوط، وضمان وجود مساحات للتعبير الثقافي والترفيه. لا يمكننا السماح بتلاشي العرض السينمائي التقليدي وثقافتنا المحلية، فهما جزء لا يتجزأ من هويتنا ومستقبلنا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أسيوط فرع ثقافة أسيوط فرع ثقافة ثقافة أسيوط قصر ثقافة بيت ثقافة إقليم وسط الصعيد الثقافى ثقافتنا في إجازتنا محافظة أسيوط محافظ أسيوط اللواء عصام سعد العرض السینمائی دور السینما السینما فی فی أسیوط

إقرأ أيضاً:

ضربة جديدة على اقتصاد لبنان: خسائر الحرب بمئات ملايين الدولارات

18 عاماً مرّت على حرب 2006. حينها، أدّت الحرب إلى خسائر اقتصادية قدّرت بحوالي 7 مليارات دولار، وشلّت البلاد على الرغم من أن المؤسسات كانت أكثر انتظاماً ممّا هي عليه اليوم، ومصرف لبنان كان في أوج "عمله"، والأهمّ، كان هناك رئيس للجمهورية. أمّا في حرب اليوم التي تعدّ الأقوى في التاريخ المحليّ الحديث، يجد لبنان نفسه مكشوفاً ليس فقط اقتصادياً، بل مؤسساتياً وسياسياً، وهو الذي لم يتسنّ له بعد أن يتعافى ولو قليلاً من النكبة الإقتصادية التي ألمّت به منذ 2019. فكيف أثّرت وتؤثر حرب اليوم على المدى الإقتصادي؟      لا يختلف اثنان على أن الحرب المستعرة حالياً ليس فقط على الخطوط الجنوبية، إنما في البقاع وفي بيروت أيضاً، أصابت اقتصاد لبنان في صميمه. فشركات الطيران أوقفت رحلاتها نحو مطار بيروت، فضربت معها الموسم السياحي والخدماتي الذي يزدهر صيفاً، وتستمر خطورة هذه الحرب مع حركة النزوح غير المسبوقة من الجنوب وبيروت وكافة المناطق التي طالها العدوان الإسرائيلي. أما التقديرات الدقيقة للخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحرب الحالية، فلا يمكن تحديدها بعد بسبب استمرار النزاع، لكن التقارير الأولية تشير إلى خسائر في البنية التحتية وتراجع الأنشطة الاقتصادية في المناطق المتضررة، لا سيما في الجنوب، بحسب البروفسور بيار الخوري. وفي حديث لـ"لبنان 24"، أوضح الخوري أن الخسائر قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وقد تم تقدير خسائر البنية التحتية في حرب تموز من العام  2006 بـ 3.6 مليار دولار، لذا من المرجح ان تكون الأرقام أعلى في النزاع الحالي اعتمادًا على حجم الدمار واستمراريته. وعن التأثيرات المباشرة للحرب على الاقتصاد اللبناني، قال الخوري إن أبرزها ينعكس على البنية التحتية، حيث تدمير الطرق، الجسور، وشبكات الكهرباء والمياه. وهذه الآثار أيضاً تشهده الزراعة والصناعة، إذ توقف الإنتاج الزراعي في الجنوب، وتعطل عمل بعض المصانع والشركات نتيجة الأضرار المباشرة ونقص الإمدادات. كما أشار الخوري إلى أنه في ميدان التجارة، فالحديث يدور عن تراجع كبير في التجارة المحلية والدولية، مع زيادة تكاليف الاستيراد بسبب الدمار في المرافئ. أما من حيث التأثيرات غير المباشرة، فعدد الخوري أوّلها نزوح الآلاف من العائلات نحو المناطق الأكثر أمانًا، مما يزيد الضغط على الخدمات العامة ويزيد من الفقر. كما أشار إلى انخفاض حاد في حركة السياحة بسبب عدم الاستقرار الأمني، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على التحويلات المالية من الخارج لدعم الأسر المتضررة. ومن هنا، تحدّث عن انخفاض الثقة بالاقتصاد، أي تراجع الثقة بالأسواق المالية والمصارف، مما يفاقم أزمة الثقة التي يعاني منها لبنان منذ بداية الأزمة المالية. وفي السياق، قارن الخوري بين تأثير الحروب السابقة والحالية على الاقتصاد اللبناني، قائلاً إن الحروب السابقة، مثل حرب 2006، أدت إلى تدمير واسع للبنية التحتية وتأثيرات اقتصادية مماثلة، لكن السياق الاقتصادي الحالي مختلف بشكل جذري. ففي عام 2006، كان الاقتصاد اللبناني لا يزال في وضع أفضل نسبيًا وكان يمكنه التعافي جزئيًا بفضل المساعدات الدولية. أما الآن، فيعاني لبنان بالفعل من أزمة مالية حادة، مما يزيد من تعقيد الوضع ويجعل الأضرار الاقتصادية أكثر تأثيرًا واستدامة.   وأشار على سبيل المثال، إلى أنه خلال حرب 2006، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% تقريبًا، في حين أن الاقتصاد الحالي يشهد بالفعل انكماشًا حادًا يتجاوز 25%. كما اعتبر الخوري أن إعادة الإعمار بعد الحرب الحالية ستكون مكلفة للغاية، خاصة مع انهيار البنية التحتية والمؤسسات العامة. فتكاليف إعادة الإعمار في حرب 2006 بلغت حوالي 7.6 مليار دولار، ومن المرجح أن تكون أعلى الآن نظرًا للضرر المتزايد وانهيار العملة. ولفت إلى جانب ذلك، إلى أن قدرة لبنان على استدامة عملية إعادة الإعمار ضعيفة للغاية بدون دعم خارجي كبير. ستؤثر هذه التكاليف على المديونية العامة، التي تتجاوز 150% من الناتج المحلي الإجمالي بالفعل، مما يجعل الاقتصاد غير مستدام في غياب إصلاحات هيكلية. وشدد الخوري على وجوب إنشاء سياسات اقتصادية للتعافي، كالإصلاح المالي حيث يجب على لبنان تنفيذ إصلاحات مالية صارمة لخفض العجز في الميزانية وإعادة هيكلة الدين العام. ومن هذه السياسات أيضاً، إصلاح القطاع المصرفي بهدف إعادة الثقة في النظام المالي أساسية لبدء عملية التعافي، فضلاً أن أهمية تحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة والزراعة والصناعات المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد. وعن دور المجتمع الدولي في هذا المجال، رأى الخوري أن لبنان بحاجة إلى دعم دولي من خلال مساعدات مالية مباشرة وبرامج تنموية، مثلما حدث بعد حرب 2006، حيث لعب المجتمع الدولي دورًا حاسمًا في إعادة الإعمار، لكن هذه المرة ستكون الشروط أصعب، خاصة مع تدهور الأوضاع المالية والفساد.  كما تطرّق إلى تعميم مصرف لبنان الأخير الذي سمح للمستفيدين من تعاميم السحب الشهري الاستفادة من 3  اضعاف القيمة الشهرية لمرة واحدة وقد يتم تمديدها)، ولكنه أشار إلى أن التحدي يكمن في كيفية استدامة هذه الآلية. وهنا قال الخوري: "هناك احتمال لزيادة التضخم بسبب زيادة القدرة والحاجة للانفاق في ظل تراجع الانتاج والطلب الاحتياطي على السكن والسلع، مما قد يؤدي في النهاية إلى تدهور محتمل في سعر صرف الليرة خاصة اذا اضطر مصرف لبنان لدعم عمليات الاغاثة".   وشدد على أن النزوح الجماعي الناتج عن الحرب يضيف عبئًا كبيرًا على الاقتصاد اللبناني. فبحسب التقديرات، يكلف النزوح اللبناني الناتج عن الأزمات السابقة ما بين 10 إلى 15 مليار دولار، تشمل تكاليف الإسكان، الغذاء، الخدمات الصحية، والتعليم، والآن يتزايد الضغط بشكل كبير على الخدمات العامة والبنى التحتية في مناطق النزوح، ما يزيد من معدل الفقر، يفاقم البطالة، ويزيد الطلب على الخدمات التي تعاني أصلاً من ضغوط.
 
صحيح أن الأرقام لا تزال غير واضحة المعالم، إلا أن هذا الأمر لا يلغي الاتجاه العام للأزمة التي يمر بها لبنان، والتي تتطلب تدخلًا كبيرًا على مستوى السياسات الاقتصادية والدعم الدولي للخروج من هذه الحلقة الصعبة. فهذه الحرب الآخذة في الضراوة، وضعت اللبنانيين جميعاً تحت خطّ النار، إن ليس ميدانياً، فاجتماعياً واقتصادياً ونفسياً، والأمور ستأخذ وقتاً طويلاً ريثما تستتبّ. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • أسواق النفط "تحبس أنفاسها" انتظاراً لرد إسرائيلي على إيران
  • «الثقافة» تناقش توظيف فنون الحركة في فرق الرقص الشعبي بمهرجان الإسماعيلية
  • 200 عنوان لقصور الثقافة بمعرض دمنهور السابع للكتاب
  • معرض دمنهور السابع للكتاب .. 200 عنوان وبرنامج فني حافل في مشاركة قصور الثقافة
  • انطلاق المهرجان الثقافي السابع في دهوك (صور)
  • وزارة الثقافة تطلق مشروع توثيق عناصر التراث الثقافي غير المادي في الأحساء
  • ضربة جديدة على اقتصاد لبنان: خسائر الحرب بمئات ملايين الدولارات
  • ضربة موجعة للمليشيات .. عقوبات أمريكية جديدة ضد 7 أفراد وكيانات ضمن شبكة تهريب الأسلحة للحوثيين
  • غدًا.. متحف راتب صديق الثقافى يستقبل أولى جولات أتوبيس الفن الجميل
  • «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن