وكأن العالم كله قد اختزل في غرفة واحدة فأصبح الصوت الواحد يتردد في تلك الغرفة مكررا ذاته من دون أن تتخالط معه أصوات أخرى تعبر عن شخوص غيره من دون أن يترك مجالا لسماع آراء وأصوات قد تكون مناقضة أو معارضة للصوت الواحد في الغرفة الضيقة.
من هنا بدأ علماء الإعلام والاتصال بحوثهم الاجتماعية من الغرفة الصغيرة التي يتردد صداها عبر جدران صماء لا تردد إلا صوت الشخص الواحد، ولا يسمع فيها إلا ما يقوله ذلك الصوت مرددا عدة مرات وإن كان بنغمات مختلفة، من هنا بدأ عراب الإعلام والاتصال بحوثهم الرامية إلى تشخيص حالات الاستقطاب والتضليل بكافة أشكاله وأنواعه وعلى الأخص منها التضليل الإعلامي الذي تمارسه بعض المؤسسات الإعلامية ضد المتلقين من خلال الرسائل الإعلامية التي تقوم بإرسالها إلى جمهورها المستهدف.
غرف الصدى وكما جاء في تعريفها بأنها «البيئة التي يتعرض فيها الإنسان لأفكار ووجهات نظر تعكس وتعزز وجهة نظره» بحيث يهيأ للإنسان بأن الأفكار والمعتقدات التي يؤمن بها ويعتنقها هي الحقيقة المطلقة وكل ما يخالف ذلك هو باطل غير صحيح ويصل الإنسان إلى هذه المرحلة من الاعتقاد من خلال ما يتعرض له من وسائل الاتصال والإعلام التي تكرس رسائلها الإعلامية المختلفة لإقناع ذلك المتلقي بالغرض والهدف الذي تريد تحقيقه.
ساقت بعض بحوث الاتصال قرائن تدلل على وجود تلك الغرف التي ساهمت لاحقا في ترجيح كفة على أخرى مثلما حدث في انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام ٢٠١٦ وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في ٢٠١٧ حيث إن مجموعة من المصوتين وقعوا في فخ تلك الغرف باعتمادهم على مصدر واحد فقط للأخبار وتكوين الرأي في حين حجبت الآراء الأخرى التي لم تستطع اختراق جدران تلك الغرف.
في عصر التخمة الإعلامية والوجبات السريعة التي تقدمها بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي كبر عدد غرف الصدى وتعددت أشكالها وألوانها وبات الوقوع في فخ التضليل الاجتماعي والاقتصادي والإعلامي سهلا بفضل الخدع التي تمارسها وسائل التواصل والمتمثلة في الخوارزميات التي تقوم على مبدأ دراسة أنماط التعرض والتصفح والموضوعات المحببة للشخص لتقوم تلك الخوارزميات بتصميم ما يعجب الشخص وتحجب عنه ما لا يعجبه، وهي بذلك تقوم مقام الغرفة التي تقوم بترديد صدى الشخص الواحد باختيار ما يناسبه وتبعد عنه ما لا يناسبه.
وفي العالم الجديد لم يقتصر تكوين غرف الصدى على المؤسسات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي أو الأحزاب والمنظمات المختلفة وإنما شمل ذلك الأفراد بمختلف توجهاتهم وميولهم فيمكن لمجموعة صغيرة من الأفراد أو الأصدقاء يتشاركون في مجموعة افتراضية ذات اهتمام واحد يجمعهم جميعا يمكن أن يصل تأثيرهم إلى مدى أبعد بفضل ما تتيحه سهولة وسرعة نشر الأخبار والمعلومات حيث تكون تلك. المجموعة الافتراضية التي تجمعهم هي تماما مثل غرفة الصدى التي يتردد فيها أصوات تلك المجموعة فقط من دون أن يكون هنالك أي تدخل لسماع أصوات أخرى معارضة أو مناوئة أو تختلف مع وجهات نظر تلك المجموعة حتى وإن كانت على خطأ أو إن كانت على صواب.
وبقدر ما لغرف الصدى من إيجابيات يمكن عدها في زيادة العلوم والمعارف لدى منتسبي تلك الغرف ومشاركة الاهتمامات وسهولة التواصل والتفاعل بين أعضائها، إلا أنها تتسم أيضا بالخطورة في تكوين ما يسمى بالتحزب أو الاستقطاب أو التضليل داخل تلك الغرف من خلال السرعة الكبيرة في انتشار الأفكار السوداء والشائعات والترويج لها إضافة إلى أن تلك الغرف أفسحت الطريق أمام تشكيل جماعات متطرفة في أفكارها ومعتقداتها وانتشار بعض الأفكار والعادات الغريبة والمستهجنة في المجتمعات لا سيما المحافظة منها وغير ذلك من المساوئ المترتبة على ترك تلك الغرف الصدئة من دون رقيب أو حسيب.
سجناء غرف الصدى الصدئة يكثر عددهم يوما بعد يوم، وفي حال لم تتدخل الحكومات المشرعة للقوانين وشركات التقنية الكبرى ووسائل الإعلام المتزنة والأسرة والعائلة في ردع هذه الظاهرة فإن نتائجها وخيمة سوف تنعكس على كل المجتمعات وسيعود وبال تلك الغرف على الجميع ولن تجني المجتمعات من وراء تلك الغرف سوى أعداد أكبر من النزلاء المرضى عقليا وجسديا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: تلک الغرف من دون
إقرأ أيضاً:
زوج في محكمه الأسرة: مراتى مريضه بداء السرقة
داخل قاعة محكمة الأسرة، وقف شاب ثلاثينى متوترًا أمام محكمه الأسرة بالجيزة، بينما جلست زوجته على الجانب الآخر بعيون مليئة بالدموع.
لم يتخيل الزوج يومًا أنه سيجد نفسه في هذا الموقف، لكنه لم يعد يستطيع التحمل أكثر مشكلته لم تكن خلافات زوجية عادية، بل كانت شيئًا أكبر… زوجته مصابة بمرض السرقة.
قال الزوج كان زواجنا سعيدا في بدايته، لم ألاحظ شيئا غريبا على زوجتى سوى بعض التصرفات الطفولية التي لم أعرها أى إهتمام مثل احتفاظها بأشياء ليست لها، بحجة أنها وجدتها مهملة لكننى بدأت ألاحظ الأمر بوضوح بعد أشهر قليلة من زواجهما، حين تلقت اتصالًا غاضبًا من صديقتها التي اتهمتها بسرقة خاتم ثمين خلال إحدى الزيارات.
تحدثت مع زوجتى فحاولت الدفاع عن نفسها لدرجه أنها دخلت في نوبه من البكاء وبالرغم من شكلها إلا أننى لم اتعاطف معها قلبي كان يحدثنى بأن هناك شئ غامض فقررت التفتيش في أغراضها ليظهر الخاتم بين ممتلكاتها وفور ظهور الخاتم صمتت وتبدل البكاء والانهيار بالاعتذار والأسف مؤكدة أنها نست أنها وضعته في حقيبه يدها.
حدثنى قلبي بعد صدق كلامها خاصه وأن تصرفاتها لم تسقط من ذاكرتى ولشعورى بأنها تحاول مدارة الموقف اوهمتها باننى نسيت تماما ما حدث
صمت الزوج فجأة التقط أنفاسه وقال تكررت الحوادث بشكل مثير للريبة… من سرقة أموال صغيرة من محفظة شقيقها، إلى أخذ مقتنيات من منازل الأقارب والأصدقاء دون إذن.
حاولت مواجهتها، لكنها كانت دائمًا تبرر أفعالها بأعذار غير مقنعة وفي إحدى المرات وقع امامى فيديوهات خاصه بطبيب نفسي شهير يتحدث عن مرض السرقه فقررت اللجوء إلى أحد الأطباء ورويت له ما تقوم به زوجتى فأكد لى أنها مريضه بداء السرقه وتحتاج إلى علاج نفسي سريع حتى لا تقع نفسها تحت طائلة القانون.
أخبرت زوجتى بحقيقه مرضها خاصه وانها لا تحتاج إلى هذة الأشياء التى تقوم بسرقتها لكنها رفضت العلاج ووعدتنى أنها لن تقوم بتلك الأفعال مرة أخرى صدقتها خاصه أننى شعرت بخوفها من فكرة أنها تذهب لطبيب نفسي.
وفي أحد الأيام استيقظنا علي كارثه من العيار الثقيل ووصلت الأمور إلى ذروتها عندما تلقت الشرطة بلاغًا عن سرقة مجوهرات من منزل إحدى صديقاتها. هذه المرة، لم استطع حمايتها كما تم استدعاؤه للتحقيق معها شعرت بالخزى والانهيار، فقد بات اسمى مرتبطا بسمعة سيئة بسبب تصرفات زوجتى .
تم إطلاق سراحها بكفالة، فقررت أخذها إلى طبيب نفسي للعلاج، لكنها رفضت بعناد. وعندما طالبتها بأن تلتزم بجلسات العلاج أو انفجرت في وجهى واتهمتنى بعدم الحب والوفاء.
وجدت نفسي مجبرًا على اللجوء لمحكمة الأسرة، اطالب بالطلاق حفاظًا على سمعتى ومستقبلى.
أنهى الزوج كلامه قائلاً صبرت علي زوجى 15 عاما وفشلت في علاجها أو حتى منعها من السرقه تسببت لى في مشاكل لا تحصى ولا تعد وخوفا علي ابنائى قررت تطليقها للحفاظ سمعتنا الطيبه.