غدا الخميس (الواحدة بعد الظهر بتوقيت السويد)، موعد إعلان جائزة نوبل للآداب. موعد سنوي ينتظره عديدون ممّن يهتمون بالكلمة، أكانوا من الكتّاب أم من القراء أم أيضا من دور النشر. لا يمكن إنكار ــ شئنا أم أبينا ــ ما لهذا الحدث الأدبي، الذي قد يكون الأول على مستوى العالم، من تأثير على جميع العاملين في هذا المجال.
لنعد إلى التاريخ قليلا. في عام 1901، وُلدت جائزة نوبل للآداب، ومنذ السنة الأولى، حملت بصمة الجدل. إذ في تلك السنة كافأت اللجنة الملكية «إنسانية» الشاعر الفرنسي سولي برودوم (1831-1907) بينما كان الجميع ينتظرون، حتى داخل السويد نفسها، فوز الكاتب الروسي ليون تولستوي (1828-1910). من هنا، وحسب المؤرخين، فإن رسائل الاحتجاج «أمطرت» مكاتب الأكاديميين، المعترضة على هذا الاختيار. بمعنى آخر، نجد أن السمة الذاتية (غير الموضوعية) في هذا التمرين، تعرضت دائما للنقد، ما جعل الأعضاء الثمانية عشر يجدون أنفسهم في مشقة دائمة، للتوصل لمن ينبغي منحه هذه الجائزة، التي تحولت، كما أسلفنا، إلى أهمّ جائزة أدبية في العالم (بالرغم من جميع الأقاويل) كما أنها الأغلى ماديا (أكثر من مليون دولار أمريكي) فالأعضاء الثمانية عشر، هم من الكتّاب، ولكل واحد منهم نظرته الخاصة وقراءته الخاصة للأدب.
زد على ذلك كله، أننا نجد أيضا، أن منح جائزة نوبل لكتّاب أو لشعراء، كانت أعمالهم لا تزال (قبل الجائزة) أعمالا «حميمية»، لا تتمتع بشهرة جماهيرية، مثل البولندية فيتسوافا شيمبورسكا (1996، على الرغم من تفرد صوتها الشعري المدهش) قد أسهمت في زيادة الاحتجاج على الفكرة التي تقول: إن هناك هوة واسعة بين الجمهور العريض و«النخبة الأدبية». ومع ذلك ثمة مرات قليلة اتفق الجميع فيها على اسم واحد، كما حدث في عام 1982، حين منحت الجائزة إلى غابرييل غارسيا ماركيز (الكاتب الكولومبي)، الذي كان يحظى بشهرة كبيرة فوق هذا الكوكب بأسره، كما ماريو بارغاس يوسا (عام 2010 الذي لا يقل شهرة وجودة إنتاج أدبي عن زميله الأمريكي اللاتيني) ــ وبالطبع هناك غيرهما ــ أضف إلى ذلك، أن الأكاديميين اتهموا عدة مرات بأنهم يحاولون تمرير صداقاتهم الشخصية، أو مصالح دور النشر التي تصدر كتبهم. كذلك لا بدّ أن نضع في الخانة عينها، جائزة عام 1974، التي ذهبت مناصفة إلى كاتبين سويديين، وهما هاري مارتينسون وإيفيند جونسون. جائزة، أحاطتها الشبهات ممّا أفقدها، وللأبد، (أكنّا مخطئين في ذلك أم لم نكن) سمعتها التي كانت تحملها منذ عام 1786، أي وفقا لنمط الأكاديمية الفرنسية: «الدفاع عن الموهبة والذوق الجميل». وعلى مدى نصف قرن تقريبا (أي منذ 1974) لم تهدأ الانتقادات، حتى أن الأمين العام الأسبق لارس غيللنستين، حمّل مسؤولية انتحار مارتينسون، عام 1978، إلى النقد الأدبي السويدي.
في عام 2000 مثلا، صحيح أن الجائزة التي مُنحت إلى الكاتب الفرنسي / الصيني غاو زينيانغ، لم تجعل الحبر يسيل كما مع «قضية مارتينسون»، إلا أن الأمر لم يخلُ من المناوشات والسخرية المبررة وخاصة حين نعرف أن مترجم أعمال غاو إلى السويدية، هو غوران مالمكفيست، الذي كان أحد الأعضاء الثمانية عشر.
من هنا، وفي كثير من الأحيان، كانت اللجنة الملكية تبدو في «مأزق» في اختيار اسم الفائز، وما الدليل على ذلك إلا حين كانت يُؤجل إعلان الجائزة إلى الخميس الثاني من شهر أكتوبر (فاللوائح تنص على أن تعلن في أول نهار خميس من هذا الشهر). هذا المأزق، وهذه الفضائح، (إن جازت التسمية) وسمت العقود الأخيرة من «عصر نوبل»، ما جعل العديد من الأكاديميين يستقيلون، حتى أن عددهم أصبح 15 عضوا، إذ استقال ثلاثة منهم عام 1989، وذلك إثر رفض غالبية الأعضاء التنديد بالفتوى التي طالت سلمان رشدي. وحسب القانون الداخلي، فإن الأعضاء لا يبدلون إلا بعد مماتهم. وما حدث قبل سنوات قليلة خير دليل على ذلك، حين حُلّت اللجنة بأسرها، ولم تمنح الجائزة في عام 2018، نظرا للخلافات بين الأعضاء واتهامات الرشاوى، قبل أن يصار إلى تشكيل لجنة جديدة، لتحتجب الجائزة في هذا العام، وتُمنح في العام التالي (2019) لكلّ من النمساوي بيتر هندكة، والبولندية أولغا توكارتشوك... (ليس عن طريق المناصفة، بل إن الكاتبة البولندية فازت بها عن عام 2018).
ثمة مرشحون كثر للفوز بجائزة هذا العام وفق وكالات الإعلام ومكاتب الترشيحات. ولكنها بالطبع، ترشيحات خاصة، لا علاقة للأكاديمية السويدية بها. من هذه الأسماء سلمان رشدي نغوجي واثيونغو، بيير ميشون، روبرت كوفر، هاروكي موراكامي، آن كارسون، هيلين سيكسوس، جامايكا كينكيد، جون فوس، ليودميلا أوليتسكايا، مارجريت أتوود، ماريز كوندي، ميرسيا كارتارسكو، بيتر ناداس، كورماك مكارثي، ومن الأسماء العربية الكاتب الصومالي نور الدين فارح، والمستغرب أن اسم أدونيس لم يُذكر مثلما جرت العادة في السنين الأخيرة... وغيرهم كثر.
للوهلة الأولى تبدو هذه الترشيحات غربية بعض الشيء، إذ ينبغي بالطبع إقصاء أسماء الفرنسيين، فمن الصعب أن يحصل عليها كاتبان فرنسيان في عامين متتاليين (آني إرنو العام الماضي)، إلا إذا رغبت اللجنة الملكية السويدية في إثارة الدهشة والتعجب والجدال. حظ الشعراء يبدو متعثرا فمنذ توماس ترانسترومر (2011) لم نجد شاعرا يخلفه، فبوب ديلان، بالنتيجة هو مغن وإن كان يكتب كلمات أغانيه. والسؤال: هل تكمل السويد «جنونها» (بعد أحداث حرق المصحف الشريف) وتمنحها لسلمان رشدي؟ ما سوف يثير بالطبع حنق كثيرين. أو أنها ترغب في إثارة حنق الروس وبوتين لتعطيها للكاتبة الروسية ليودميلا أوليتسكايا التي تعيش متنقلة بين موسكو و«إسرائيل». قبل سنوات، وبعد حرب شبه جزيرة القرم (2014) منحت الجائزة للكاتبة الروسية البيضاء المعروفة بعدائها للنظام الروسي، سفيلتانا أليكسييفتش (2015) وقد أثار ذلك موجات من الاستنكار الشديد، لذا ما المانع من موجات جديدة، بعد دخول السويد إلى حلف الناتو؟
في أي حال، كل ما تقدم، ليس سوى تحليلات وتكهنات. ويبقى السؤال: لمن ستذهب الجائزة هذه السنة، التي ستعلن غدًا؟ علينا الانتظار، فكالعادة، قد لا يكون أي شخص من هؤلاء الذين وردت أسماؤهم، بل شخص قد لا يبدو مألوفا بالنسبة إلينا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جائزة نوبل فی عام
إقرأ أيضاً:
جائزة «قمة المليار متابع» تتلقى طلبات ترشح من 10 آلاف صانع محتوى خلال 10 أيام
دبي-وام
أعلنت «قمة المليار متابع» تلقي جائزتها التي تعد أكبر وأغلى جائزة عالمية لصنّاع المحتوى الهادف بقيمة مليون دولار طلبات ترشح من أكثر من 10 آلاف صانع محتوى من 190 دولة خلال 10 أيام.
تهدف الجائزة - التي تُمنح لصانع محتوى ذي تأثير علمي وثقافي وإنساني ومجتمعي - إلى تشجيع صناّع المحتوى الذين يتركون بصمة إيجابية، ويغيرون المجتمعات نحو الأفضل، ويصنعون أجيالاً تبني مستقبلاً أعظم، ويؤثرون في صناعة العقول، ويقربون الشعوب من بعضها، ويرسخون قيم التراحم والتعاطف بين البشر.
وتواصل «قمة المليار متابع»، أول قمة متخصصة في صناعة المحتوى والأكبر من نوعها على مستوى العالم تلقي طلبات الترشح للجائزة حتى 30 نوفمبر الجاري، يقدم خلالها المتسابقون تفاصيل المشروع وتاريخه والأفكار التي يتضمنها.
ودعت القمة صنّاع المحتوى الهادف إلى التقدم للجائزة عبر الموقع الإلكتروني للقمة (www.1billionsummit.com) وأتاحت للجمهور ترشيح صّناع محتوى يقدمون محتوى يفيد المجتمعات وينشر الإيجابية والقيم المجتمعية، على أن يتم الإعلان عن الفائز خلال الحفل الختامي للقمة التي تنظمها أكاديمية الإعلام الجديد في دبي خلال الفترة من 11 إلى 13 يناير المقبل تحت شعار «المحتوى الهادف».
وأكدت عالية الحمادي، الرئيس التنفيذي لأكاديمية الإعلام الجديد، أن الإقبال الكبير على المشاركة في جائزة قمة المليار متابع، يعكس أهمية الجائزة ودورها في تحفيز صنّاع المحتوى على تقديم أعمال هادفة تسهم في تطوير المجتمعات وتعزيز القيم الإيجابية عالمياً، ويؤكد قوة الرسالة التي تحملها القمة في دعم الابتكار في المحتوى الرقمي وبناء مجتمع عالمي من المبدعين والمؤثرين.
وقالت: نؤمن بأن صناعة المحتوى قوة مؤثرة في عالم اليوم، ونسعى من خلال الجائزة إلى دعم المواهب من مختلف أنحاء العالم للمساهمة في إحداث تأثير إيجابي في صناعة المحتوى الرقمي، وتحقيق نقلة نوعية في مسيرة تطوير هذا القطاع الواعد والارتقاء به إلى آفاق أرحب.. ونتطلع إلى استقطاب الجائزة المزيد من المبدعين الذين يمتلكون القدرة على صناعة مستقبل أفضل للمجتمعات من خلال أفكارهم ومحتواهم المؤثر.
وأوضحت قمة المليار متابع شروط التقدم للجائزة التي تتمثل في أن يكون المحتوى الذي يقدمه المتقدم هادفاً وذا تأثير إيجابي في المجتمع، وتأثير علمي وثقافي وإنساني ومجتمعي وذا تأثير في صناعة العقول وتقريب الشعوب من بعضها في الاستدامة وترسيخ قيم التراحم والتعاطف مع البشر.
ويشترط أن يكون المحتوى مبتكراً وأصلياً وغير منقول عن مصادر أخرى، وأن يكون متخصصاً في موضوع محدد، وأن يكون ملتزماً ويتوافق مع معايير وسياسات منصات التواصل الاجتماعي، ويلتزم بأخلاقيات وضوابط المجتمعات ومعايير الجودة والتصميم، وأن يحقق تفاعلاً ومشاركات لدى شريحة كبيرة من المتابعين.
وتبدأ التصفيات بين المتقدمين للجائزة اعتباراً من 1 إلى 15 ديسمبر المقبل وتعكف لجنة تحكيم خاصة على دراسة المشاريع المتقدمة لاختيار 10 منها ستكون مؤهلة للحصول على الجائزة، ثم يتم فتح المجال أمام الجمهور للتصويت عبر الإنترنت لاختيار أفضل المشاريع اعتباراً من 16 ديسمبر، ومن ثم يتم غلق باب التصويت في 31 ديسمبر.
وبعد الانتهاء من التصويت تقوم لجنة التحكيم بفرز الأصوات في جلسات مغلقة يومي 11 و12 يناير 2025، لاختيار الفائز بجائزة قمة المليار متابع، والذي سيتم الإعلان عنه في الحفل الختامي للقمة يوم 13 يناير 2025.
يذكر أن قمة المليار متابع تسعى إلى مخاطبة أكثر من مليار شخص حول العالم، من خلال استضافة نخبة من أهم وأكبر المؤثرين وصنّاع المحتوى أفراداً ومؤسسات على جميع منصات التواصل الاجتماعي لمناقشة كيفية إسهام الإعلام الجديد كقطاع إبداعي في دعم اقتصادات الدول وخطط الوصول لأهداف التنمية الشاملة والمستدامة.
واعتمدت القمة ثلاثة مسارات جديدة لنسختها الثالثة، تشمل مسارات التكنولوجيا والاقتصاد والمحتوى، والمصممة خصيصاً لضمان استفادة صنّاع المحتوى الهواة والمحترفين من برنامج القمة الثري.
وتلبي المسارات الثلاثة حاجات جمهور قمة المليار متابع الذي يتسم بالتنوع، وتسهم في توفير تجربة أكثر ثراء وعمقاً لكل مشارك عبر تسليط الضوء على قطاعات محددة.
وتمكن المسارات الجمهور من استثمار وقته وجهده في اكتساب خبرات ومعارف بصورة مباشرة، ومن مكان واحد وتساعد على تسهيل التواصل والتفاعل بين الأشخاص ذوي الاهتمامات المشتركة، فضلاً عن تنظيم جدول الأعمال، وتسهيل التنقل بين الجلسات والورش المتعلقة بكل مسار.