هل بُعث «بن فرناس» من جديد؟!
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
ذكر التاريخ شخصية من الشخصيات الأبرز التي ساهمت في تنفيذ فكرة الطيران وحلم التحليق في السماء والوصول إلى اختراع الطائرة الموجودة حاليًا وهذه الشخصية تُدعى أبو القاسم عباس بن فرناس المخترع الأندلسي المعروف الذي عاصر الدولة الأموية، وعلى الرغم من أن هناك قصصًا تُشير لآخرين حاولوا فعل الشيء نفسه، إلا أنه يُعد الصورة المتعارف عليها لذلك الحلم الذي راود البشرية، ورغم أنه صنع لنفسه جناحين مُقلدًا الطيور وطار بالفعل لمدة من الزمن بالقرب من قصر الرصافة في قرطبة، إلا أنه سقط وأُصيب ببعض الجروح تعافى منها بعد فترة، إذ أخفق في عملية الهبوط بسلام؛ رغم نجاح تجربة الطيران لمسافة جيدة، ولكن كانت كل تجاربه ومحاولاته على أسسِِ علمية غير أن «ابن فرناس» جمع منذ وقت مُبكر في حياته لعلوم كثيرة ومعارف متعددة الاهتمامات منها: الكيمياء والرياضيات والفلك والشعر والموسيقى والطب والصيدلة، فكان بمثابة موسوعة علمية بين علماء جيله في الأندلس.
ولكن من غير المنطق أن نرى في وقتنا الحاضر قنوات ومواقع تنشر عددًا من فيديوهات للقاء أشخاص يدعون أنهم ابتكروا تصاميم وزوائد وتقنيات جديدة تمكنهم من الطيران، فليس كل شيء يُزود بـ«أجنحة ومراوح» قادر على التحليق في السماء، للأسف انتشرت هذه الظاهرة في بعض الأماكن ولكن هؤلاء أقدموا على فعل مثل تلك الأمور دون دراسة أو معرفة ودراية منهم..
جميعنا نتفق أنه من الجيد إصرار الإنسان في المحاولة ليطور من نفسه ويُبدع في عمله ولكن يجب أن يكون دارسًا لتلك الخطوة أو أن يكون في مجال تخصصه أو على الأقل لديه توقع عقلاني للخطوة التي سيقدم عليها..
عباس ابن فرناس هو نموذج لمخترعِِ عظيم حاول مرارًا وتكرارًا الطيران وصنع آلته للانطلاق في أوّل رحلة طيرانٍ مَبنيّة على أُسسِِ علمية في تاريخ البشرية، فصنع أجنحة من الريش في عام 875 ميلادية، ثم غطى هذه الأجنحة بالحرير، ثمّ حلق في أوّل محاولة طيران ناجحةٍ أمام جَمعٍ من الناس فكانت خطوات علمية مدروسة ومحاولات للتعلم من الأخطاء السابقة للتجارب التي أجراها بنفسه وبجرأة متناهية النظير، ولكن ما نراه اليوم من أشخاص يدعون أنهم قادرين على ابتكار وتصنيع أو تحويل موتوسيكل أو سيارة لتكون قادرة على الطيران فهو ضربٌ من الخيال والعبث لأنه ليس قائمًا على دراسة علمية على الإطلاق لأن هؤلاء غير دراسين لتلك الأمور ولا متخصصين فيها..
أصبح حلم الطيران يجول في خاطر كل إنسان دون أن يعي أن الأمور لابد أن تُبنى على نظريات ودراسة علمية، ولكن في الحقيقة معظم من يقدمون على تلك الأفكار وما يُسمونه بمحاكاة للطائرة فيكون الهدف منها لدى معظم هؤلاء إن لم يكن جميعهم هو «الشو الإعلامي» للوصول للتريند حتى وإن كان هذا الشيء غير قابل للطيران وإنما هو عبارة عن محاولات يائسة وشكل فقط لا أكثر ولا أقل..
يظهر علينا من وقت لآخر أشخاص يدعون أنهم صمموا أشياء جديدة أو قامو بإلحاق بعض الزوائد لتحويلها لشيء آخر، فمنهم من يدّعي أنه صمم نموذجًا لموتوسيكل مزود بـ أجنحة ومراوح تُساعده على الطيران، ومنهم من يدّعي أنه اخترع موتوسيكل مزود بمروحة تمكنه من الانطلاق بسرعة الصاروخ.. وآخر يدّعي بأنه حوّل سيارة قادرة على التحليق في السماء.. وآخر حوّل سيارة لتكون برمائية.. وبعضهم من اتجه لمحاولة تصنيع سيارة تعمل بالماء أو عصير القصب أو الهواء المضغوط، جميعها ادعاءات ومحاولات ما أنزل الله بها من سلطان..
علينا جميعًا أن نعي أن مصر زاخرة بشبابها القادرين على الابتكار والاختراع ولكن بدراسة علمية واعية فهناك نماذج مصرية كثيرة منهم من أسهم في اختراع أشياء جديدة وبعضهم قاموا بمحاكاة اختراعات كانت في السابق ولكنهم كانوا على دراية بما قدموه وكانوا دارسين ومتخصصين لتلك المجالات حتى توصلوا إلى تلك النتائج المبهرة التي استفادت منها البشرية جمعاء..
معظمنا لدينا طاقات وشغف لتقديم المزيد وتطوير الذات بالعمل والجهد والتفكير بكل ما هو جديد ولكن علينا أن نوجه تلك الطاقات إلى العمل بما هو مُجدِِ ومفيد لخدمة الوطن وليس عمل الغرض منه تحقيق «الشو» للوصول للتريند فقط دون فائده منه، فمصر تتقدم بعقول وسواعد أبنائها ونحن قادرين على المُضي قُدمًا لتحقيق الكثير والكثير من الإنجازات؛ فنتمنى أن يكون هناك مبادرة من رجال الأعمال للتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث والباحثين لتطبيق الأبحاث المصرية في الصناعة والمساعدة في خلق جيل قادر على الابتكار والاستفادة منه طاقاته لخدمة البلاد.. أما رسالتي الأخرى لكل مصري عليه العمل على تطوير الذات والتفكير والابتكار كلٌ في عمله وتخصصه ومجاله ليعود بالفائدة للإسهام في نهضة مصر وازدهارها في جميع المجالات وهذا ما تفعله معظم الدول المتقدمة ونحن لسنا أقل منهم بل بلادنا مصر هي مهد الحضارات وموطن العلماء ومعقل الشرفاء..
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: سيارة تطير
إقرأ أيضاً:
اكتشاف قمتين أعلى من إيفرست.. ولكن تحت الأرض
كشف علماء من جامعة أوتريخت الهولندية أن هناك قمم ضخمة أطول من إيفرست، مدفونة على عمق نحو 2000 كيلومتر تحت أقدامنا على كوكب الأرض.
ويقدر الباحثون أن عمر الجبال يبلغ نصف مليار عام على الأقل، ولكن من الممكن أن يعود تاريخها إلى تشكل الكوكب قبل 4 مليارات عام، بحسب ما أوردته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة الدكتورة أروين ديوس: "لا أحد يعرف ما هي هذه القمم، وما إذا كانت موجودة هناك منذ ملايين السنين، أو ربما حتى مليارات السنين".
والقمتان المكتشفتان يزيد ارتفاعهما على قمة جبل إيفرست، التي يبلغ ارتفاعها 8800 متر، بأكثر من 100 مرة.
والقمتان الصخريتان، التي يبلغ حجمها حجم القارات، هما أكبر بكثير من أي شيء آخر موجود على كوكبنا.
وتوجد حول القمتين "مقبرة" من الصفائح التكتونية الغارقة، التي تم دفعها إلى أسفل من السطح في عملية تسمى "الاندساس".
وفي الدراسة الجديدة، وجد الباحثون أن القمتين أكثر سخونة بكثير من طبقات قشرة الأرض المحيطة بها، وأقدم منها بملايين السنين.
ويعرف العلماء منذ عقود أن هناك هياكل ضخمة مخفية في أعماق وشاح الأرض، بفضل الطريقة التي تنتشر بها الموجات الزلزالية الناتجة عن الزلازل، عبر الجزء الداخلي من الكوكب.
وعندما يحدث زلزال قوي، فإنه يؤدي إلى إرسال موجات تتدفق من أحد جانبي الكوكب إلى الجانب الآخر.
ولكن عندما تمر هذه الموجات عبر شيء كثيف أو ساخن، فإنها تتباطأ، أو تضعف، أو تنعكس كلياً.
ومن خلال الاستماع بعناية إلى "الذبذبات" التي تصل إلى الجانب الآخر من الكوكب، تمكن العلماء من بناء صورة لما يكمن تحتها.