تظل حرب أكتوبر جرحًا غائرًا فى لحم إسرائيل القومى، ونقطة انكسار للمجتمع الإسرائيلى فى مجالات عديدة، لقد قوض النصر الذى حققه الجيش المصرى على إسرائيل، الثقة بالنفس لدى نخبة الأمن الإسرائيلية، وهدم افتراضات أمنية قامت عليها الإستراتيجية الاسرائيلية لفترة طويلة، وتغيرت بعض العناصر الرئيسية فى نظرية الأمن القومى التى تبلورت فى العقد الأول من قيام دولة إسرائيل.
كشفت الحرب أن القوات الإسرائيلية ليست مكونة - كما كانوا يحسبون - من رجال لا يقهرون، إن الثقة الإسرائيلية بعد عام 1967 قد بلغت حد الغطرسة الكريهة التى لا تميل إلى الحلول الوسط، وأن هذه الغطرسة قد تبخرت فى حرب اكتوبر، وأن ذلك يتضح من التصريحات التى أدلى بها المسئولون الإسرائيليون بمن فيهم موشى ديان نفسه.
وأطاحت الحرب بنظرية الحدود الآمنة كما يفهمها حكام تل أبيب، فقد أثبتت أن أمن إسرائيل لا يمكن أن يكفل بالدبابات والصواريخ، وإنما بتسوية سلمية عادلة توافق عليها الدول العربية.
فى هذه الحرب فر الجنود الإسرائيليون من خط بارليف وهم يلتقطون انفاسهم وقد علت القذارة ابدانهم وشحبت وجوههم، فرت فلولهم من الجحيم الذى فتحه عليهم الهجوم المصرى الكاسح، فقد كان الكفاح الذى يقوده الجيش المصرى ضد إسرائيل كفاحا عادلا دفاعا عن حقوقهم، وخاض حربا تحريرية، بعكس الحرب من أجل الاستمرار فى احتلال أرض الغير التى قامت بها إسرائيل فى عام 1967 ضد مصر والتى تعتبر عدوانا سافرًا.
لقد ورد فى كتاب «إسرائيل انتهاء الخرافة» أن فى السادس من اكتوبر سقطت إسرائيل من أعلى برج السكينة والاطمئنان الذى كانت قد شيدته لنفسها، وكانت الصدمة على مستوى الأوهام التى سبقتها قوية ومثيرة وكأن الإسرائيليين قد أفاقوا من حلم طويل جميل لكى يروا قائمة طويلة من الأمور المسلم بها والمبادئ والأوهام والحقائق غير المتنازع عليها التى آمنوا بها لسنوات عديدة، وقد اهتزت بل وتحطمت فى بعض الأحيان أمام حقيقة جديدة غير متوقفة وغير مفهومة بالنسبة لغالبية الاسرائيليين، ومن وجهة نظر الرجل الإسرائيلى العادى، يمكن أن تحمل حرب اكتوبر أكثر من اسم مثل حرب الافاقة من نشوى الخمر، أو انهيار الاساطير، أو نهاية الأوهام، أو موت الأبقار المقدسة.
ومن أهم نتائج حرب اكتوبر انها وضعت حدًا لأسطورة إسرائيل فى مواجهة العرب، وكلفت هذه الحرب إسرائيل ثمنًا ماليًا باهظًا، وأحدثت تغيرًا جذريًا فى الوضع الاقتصادى للدولة الاسرائيلية، واثبتت الحرب للعالم أجمع قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور، يستند إلى شجاعة القرار ودقة الاعداد والتخطيط، وبسالة الأداء والتنفيذ، كما نجح انتصار مصر فى الحرب فى تحريك قضايا المنطقة والاتجاه بها نحو الحل السلمى رغم البداية العسكرية لها.
كما كانت تجربة التضامن السياسى العربى من أهم نتائج الحرب على المستوى السياسى كتجربة رائدة، كما مثل نصر اكتوبر نقطة تحول حاسمة فى تاريخ العلاقات الدولية، بل مثل أعظم درس تاريخى على امتداد القرن الماضى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حرب اكتوبر مجالات عديدة الإستراتيجية الاسرائيلية
إقرأ أيضاً:
«شمس الدين» يطوف المحافظات لزراعة «الكتان».. و«النتيجة مبهرة»
قطع أحمد شمس الدين مسافة تمتد لأكثر من 70 كيلو، حاملاً بيديه بذور الكتان التي انتوى أن ينقلها من محافظته «الغربية»، التى تعد الأشهر في زراعته، إلى محافظة الدقهلية، ليرى ثمار تجربته الجديدة بالمحصول الذى يصفه بـ«الاستراتيجي» لدخوله في عدد كبير من الصناعات المهمة من ضمنها أجزاء من السيارات والعملات الورقية.
رحلة إقناع نحو زراعة جديدة في الأراضي بالدقهليةشرع «شمس الدين» بالتجول داخل حقول الدقهلية لإقناع أهلها بتأجير بعض أراضيهم لاستخدامها في زراعة الكتان، وهو محصول جديد على المحافظة: «نجحت فى الحصول على ما يقارب الـ120 فداناً داخل مركز السنبلاوين بقرية ميت غريطة، وبدأت فى زراعتها منذ أشهر بسيطة، وبدأت الأرض في الاستجابة للمحصول الجديد وأخرجت بشائر النتاج الخاص بالمحصول».
زراعة الكتان في المحافظات...إنتاج وفير
ويحكى «شمس الدين» أنه اعتاد أن يتجول فى مختلف المحافظات من أجل زيادة رقعة الأراضى المزروعة من الكتان، الذى يعتبر محصولاً استراتيجياً مهماً فى محافظة الغربية، إذ يدخل فى صناعة أفضل أنواع الخيوط والأقمشة، مؤكداً أن العصا الخاصة بمحصول الكتان تدخل فى صناعة الأخشاب، وهو الخشب الحبيبى، الذى يعتبر من أفضل أنواع الأخشاب، لذا مع كل هذه الميزات والصناعات كان لا بد من زيادة المحصول والبحث عن أكبر عدد ممكن من الأراضي التى تستجيب لزراعة الكتان.
وساهم نجيب المحمدى، نقيب الفلاحين فى الدقهلية، بمساحات كبيرة من أرضه؛ من أجل مساندة نجاح الفكرة الجديدة على أراضي الدقهلية، ليخرج أكبر قدر ممكن من المحصول، ويقول إن الكتان من المحاصيل المهمة التى تدخل فى صناعة الأوراق والعملات المعدنية، لذا كان هناك تحدٍّ كبير أن تتم زراعته فى أرض أخرى خارج الغربية: «البشاير جاءت بالخير والنتيجة مبهرة حتى الوقت الحالى».
ويستعد «شمس الدين» من أجل حصاد الكتان بالدقهلية بداية من شهر مارس القادم حتى منتصف شهر أبريل.