دعت سنام فاكيل مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى عدم التعجل في إبرام اتفاق تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل.

وذكرت فاكيل في تحليل نشرته بموقع المعهد على الإنترنت، أن صفقة التطبيع التاريخية بين السعودية وإسرائيل من شأنها أن تثبت قدرة بايدن على تحقيق "انتصارات" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومواجهة أي ادعاءات محتملة لحملة خصمه المحتمل دونالد ترامب حول فشل الإدارة الحالية في إحراز تقدم ومواجهة نفوذ الصين في الشرق الأوسط.

وعقبت المحللة أنه في المقابل فإن التطبيع الإسرائيلي السعودية سيأتي بثمن باهظ على جميع أطرافه، ليس فقط لبايدن وإدارته، ولكن أيضًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وأضافت أن الاتفاق سيكون أكثر تعقيدا بكثير من اتفاقات أبراهام (الإمارات والبحرين)، وسوف يتطلب تنازلات محلية جادة من جميع القادة كجزء من مفاوضات رباعية، وستشمل هذه التنازلات القضايا الأكثر حساسية في المنطقة، بما في ذلك السيادة الفلسطينية والانتشار النووي.

ولفتت إلى أن الآثار المترتبة على الصفقة المنهارة أو التي لم يتم التوصل إليها بشكل كامل يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة، لذلك، يجب على بايدن أن يتعامل بحذر، وأن يبني إجماعًا حقيقيًا بين الحزبين للتوصل إلى اتفاق في كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.

مطالب سعودية

ووفق فاكيل فإن السعودية جعلت التطبيع مشروطا بأربعة مطالب رئيسية، إذ من بين أولوياتها القصوى الحصول على ضمانة أمنية رسمية من واشنطن ودعم الولايات المتحدة لبرنامج الطاقة النووية السلمية.

ورأت المحللة أنه ليس من السهل تحقيق أي المطلبين، فكلاهما من شأنه أن يزيد من إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية الأمريكية.

وأضافت أن الرياض بدورها تعلم أنها لن تصل إلى ضمانة أمنية تضاهي المادة الخامسة فى معاهدة حلف شمال الأطلسي.

ولذا فهى تسعى بدلاً من ذلك إلى شيء أقرب إلى الاتفاقيات الأمريكية مع كوريا الجنوبية واليابان - بما في ذلك الالتزامات بالدفاع المتبادل في حالة تعرض أي من الطرفين لهجوم، وترى المملكة أن هذا مهم بالنسبة للتحديات الأمنية طويلة المدى مع إيران.

لكن على الرغم من ذلك، ترى فاكيل أنه لن يكون من السهل على بايدن تلبية طلب السعودية بابرام اتفاقية من هذا النوع، إذ تحتاج إلى 67 صوتا في مجلس الشيوخ، فيما لا يزال الديمقراطيون ينتقدون انتهاكات حقوق الإنسان السعودية.

كما من المحتمل أن يرى آخرون أن الاتفاق يعيد الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط بدلاً من التركيز على التحديات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وإضافة لذلك، سيكون البرنامج النووي المدني السعودي أيضًا أمرًا صعبًا بالنسبة لبايدن محليًا، خاصة عندما أعلن ولي العهد مؤخرًا في مقابلة مع قناة فوكس نيوز أنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، "فسيتعين علينا (السعودية) الحصول على واحد".

وعلى الجانب الأخر، سوف تشعر إسرائيل، التي عارضت الانتشار النووي في المنطقة منذ فترة طويلة، بالقلق من أن تحذو حذوها دول مثل مصر أو تركيا في مثل هذا السيناريو.

ستحتاج المملكة أيضًا إلى طمأنة الولايات المتحدة بأن تعاونها التجاري والعسكري المتزايد مع الصين لن يؤثرالمصالح والتكنولوجيا الأمريكية.

وفي تحول بعيدًا عن مبادرة السلام العربية لعام 2002، جعلت الرياض أيضًا تطبيعها مع إسرائيل مشروطة بإحياء الأخيرة مفاوضاتها المتوقفة مع القيادة الفلسطينية.

ولفتت المحللة إلى أن الرأي العام المحلي في السعودية مهم ويجب أن يؤخد في الاعتبار فيما يخص أي اتفاق محتمل للتطبيع بين الرياض وتل أبيب، إذ أظهر استطلاع الشباب العربي لعام 2023 دعمًا بنسبة 2% فقط للتطبيع.

وقالت فاكيل إنه نظرًا لمكانة السعودية الإقليمية وقيادة ولي العهد المستقبلية، يجب أن يُنظر إلى المملكة على أنها تحصل على ما هو أكثر للفلسطينيين من تعليق الضم أراضي الأراضي الفلسطينية الذي تم تحقيقه في اتفاقيات إبراهيم، ومن الخطأ التقليل من أهمية هذا العنصر من الصفقة.

مأزق صعب في إسرائيل 

ورأت المحللة إن اتفاقية التطبيع تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو في مأزق صعب يصعب حله، إذ يتوجب عليه أن يزن بين تكاليف وفوائد الاتفاق مع السعودية الذي يمكن أن يقود إلى المزيد من صفقات التطبيع من دول أخرى ذات أغلبية مسلمة خارج الشرق الأوسط.

اقرأ أيضاً

مودرن دبلوماسي: السعودية مصممة على اتفاقية دفاع مع أمريكا حتى لو فشل التطبيع

وأشارت فاكيل أن التكاليف الاتفاق واضحة إذ أن حكومة نتنياهو اليمنية تعادي فكرة المفاوضات مع القيادة الفلسطينية، وتسعى بدلاً من ذلك إلى ضم المزيد من الضفة الغربية، مما يجعل هذا الجانب من الصفقة هو الأصعب بالنسبة له للتنفيذ.

كما يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس أيضًا بدعم مفاوضات التطبيع، على أمل أن تدفع في إحياء قيادته من خلال زيادة السيطرة على أراضي الضفة الغربية التي تديرها إسرائيل حاليًا، ووقف المزيد من التوسع الاستيطاني الإسرائيلي إلى جانب الحصول على خطة دعم اقتصادي تمولها السعودية.

ومع ذلك، فإن إرث نتنياهو الشخصي باعتباره رئيس الوزراء الأطول خدمة في إسرائيل سوف يتعزز بشكل كبير من خلال التطبيع مع السعودية، وسط مزاعم الفساد والوضع السياسي الهش.

وتشهد إسرائيل انقساما عميقا بشأن الإصلاح القضائي، مع استمرار الاحتجاجات ضد خطط نتنياهو لإصلاح النظام القانوني في البلاد منذ تسعة أشهر.

يجب على رئيس الوزراء إما إقناع ائتلافه الذي يتشكل من يمينيين متطرفين بدعم هذه صفقة التطبيع التي تمثل اختراق كبير أو في المقابل تفكيك ائتلافه والدخول في اتفاق مع حكومة أكثر وسطية مع الشريك السابق ورئيس الوزراء بيني جانتس.

ووفق فاكيل فإن أي من الخيارين لا يعتبر واضحا أو مضمونا، والأهم من ذلك، أنه من غير المرجح أن يتعاون جانتس مع نتنياهو دون الحصول على تسوية بشأن الإصلاح القضائي، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تفكيك الحماية القانونية التي يحتاجها رئيس الوزراء لإبقاء نفسه بعيدا عن الخضوع لتحقيقات بالفساد.

نهج تدريجي

وقال فاكيل إنه في ظل وجود العديد من القرارات والمبادلات الباهظة الثمن المطروحة على الطاولة، يظل الحديث عن التطبيع أسهل من الفعل.

وأضافت ولأن هذا الاتفاق سوف يخلف عواقب أوسع نطاقاً على السيادة الفلسطينية، والانتشار النووي، والتوترات الجيوسياسية إلى جانب الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، فمن المؤكد أن الأمر يتطلب نهجاً أكثر تدرجاً.

وتابعت أنه مع وجود الكثير من الأمور على المحك، فبدلاً من التسرع في التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الأمريكية، يجب على بايدن العمل على بناء إجماع داخلي بين الحزبين في الولايات المتحدة ودعم من القاعدة إلى القمة عبر دول متعددة في المنطقة.

وأشارت المحللة إلى أنه بلا شك أن المرشحين الجمهوريين، وخاصة ترامب، سيدعمون المزيد من اتفاقيات التطبيع مثل هذه ــ ولكن ليس من الواضح ما إذا كانوا سيوفرون الرقابة والتدقيق اللازمين لإدارة المناقشات المعقدة الجارية.

وبالتالي فإن هذه المرحلة الحالية من عملية التفاوض تتطلب الاستثمار في أساس قوي وتطوير ضمانات صارمة لإدارة وحماية مصالح الولايات المتحدة في المجال النووي وفيما يتعلق بالصين في المقام الأول لضمان ديمومة الاتفاق.

وخلصت المحللة إلى أنه بغض النظر عمن سيدخل البيت الأبيض في عام 2025، فإن خلق إجماع حقيقي على التطبيع سيكون بمثابة إرث رائع للمنطقة وعلاقاتها مع الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً

استطلاع: معظم الإسرائيليين يؤيدن التطبيع مع السعودية ويعارضون منحها السلاح النووي

المصدر | سنام فاكيل/تشاتام هاوس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: التطبيع السعودي الإسرائيلي الانتخابات الأمريكية الولایات المتحدة الشرق الأوسط رئیس الوزراء الحصول على المزید من إلى أن من ذلک

إقرأ أيضاً:

«مات أثناء إنقاذ ابنه من الغرق».. معلومات عن الطبيب السعودي عبدالله العنزي

ما إن رأى ابنه يسقط أمام عينيه في مياه الشلال حتى قفز فورًا لإنقاذه، وفي غمضة عين تحولت رحلة إجازة الصيف للأسرة المكونة من 4 أفراد، من استمتاع بمناظر الطبيعة إلى مأساة بعد وفاة الطبيب السعودي عبدالله معيوف العنزي، إذ تستمر السلطات السويسرية حتى الآن في البحث عن جثة الطفل عبد العزيز ابن الطبيب الراحل، وفي السطور التالية، نستعرض أبرز المعلومات عن«العنزي» بحسب صحيفة«lovin» السعودية والمواقع المحلية السعودية على «إكس».

من هو الطبيب عبدالله العنزي؟

لم تدرك العائلة أن رحلة الاستمتاع بمناظر شلال جنوب جبال الألب السويسرية، سوف تتحول لحادث مؤسف قلب حياة أربعة أفراد رأسًا على عقب، بعد غرق الطبيب السعودي عبدالله العنزي في الشلال في أثناء محاولته لإنقاذ طفله، بينما أصيبت الزوجة بحالة من الانهيار بعد أنّ شاهدت الحادث وهي تحمل بين يديها صغيرتها البالغة من العمر 6 أشهر، ولا يزال مصير ابنها مجهولا حتى الآن بينما جرى انتشال جثمان زوجها.

وبعد الضجة وحالة الحزن التي سيطرد على وراد مواقع التواصل الاجتماعي السعودية لوفاة الطبيب السعودي عبد الله العنزي، تستعرض «الوطن» فيما يلي، أبرز المعلومات عنه:

الدكتور عبدالله العنزي باحث طبي معروف في المملكة السعودية. كان «العنزي» رئيس وحدة الأبحاث في كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية عمل أستاذًا في العلاج التنفسي. رحلته لسويسرا كانت مع زوجته وابنته وطفله عبد العزيز الذي غرق في الشلال.  توفي في أثناء محاولته إنقاذ ابنه البالغ من العمر عامين بعد انزلاقه في شلال جنوب جبال الألب السويسرية أطلقت السلطات السويسرية عملية بحث واسعة النطاق، وانتشلت جثة الدكتور العنزي، فيما يستمر البحث عن ابنه. اللحظات الأخيرة للطبيب عبد الله العنزي:

وخلال حديثها للصحف السويسرية، روت فاطمة العنزي زوجة الدكتور السعودي عبد الله العنزي تفاصيل الحادث، إذ قالت إن زوجها أصر على زيارة الشلالات القريبة، وعلى الرغم من خوفها من مخاطر هذه الأماكن، حرصت على أنّ تكون المنطقة آمنة لأطفال قبل انطلاقهم، وفي أثناء استمتاعهم بالمناظر الطبيعية والتقاط الصور، انزلق الابن الصغير في الماء وعلى الفور، قفز الأب خلفه في محاولة يائسة لإنقاذه إلا أنه فارق الحياة.

وبحسب تصريحات عامر العنزي شقيق الدكتور العنزي لـ«العربية»، قال إنه في الساعات الماضية، عثرت السلطات السويسرية على جثمان شقيقه في سواحل البحيرة، ونقلتها إلى السعودية، إلا أنّ جثة الصغير ما زالت مختفية، وأنّ آخر تواصل للراحل كان مع العائلة، وحرص على محادثة والدتهما عبر «الفيس تايم» مؤكدًا عودته قريبًا.

مقالات مشابهة

  • هل يعود العرب الى لبنان بعد الحل؟
  • ماذا قال وزير خارجية السعودية عن الدولة الفلسطينية واليمن؟
  • «مات أثناء إنقاذ ابنه من الغرق».. معلومات عن الطبيب السعودي عبدالله العنزي
  • مذكرات وزير بريطاني سابق تسلط الضوء على حجم النفوذ الإسرائيلي في بريطانيا
  • باحث: الولايات المتحدة ستدعم إسرائيل حال دخولها في جبهة صراع جديدة (فيديو)
  • مؤشرات إسرائيلية متزايدة على الرغبة بحكم عسكري في غزة رغم ثمنه
  • ولي العهد السعودي يجتمع مع سيناتور أمريكي ويستعرض العلاقات بين البلدين
  • اجتماع في جدة بين محمد بن سلمان وسيناتور أمريكي.. ووزير خارجية السعودية يتلقى اتصالا من بلينكن
  • الولايات المتحدة تجري مباحثات مع فرنسا لاستعادة الهدوء في الشرق الأوسط
  • طالما استمرت حرب غزة.. هكذا قلّل مستشرق إسرائيلي من فرص التطبيع مع السعودية