تشاتام هاوس: التطبيع السعودي الإسرائيلي ثمنه باهظ للجميع والأفضل عدم التعجل بإبرامه
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
دعت سنام فاكيل مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى عدم التعجل في إبرام اتفاق تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل.
وذكرت فاكيل في تحليل نشرته بموقع المعهد على الإنترنت، أن صفقة التطبيع التاريخية بين السعودية وإسرائيل من شأنها أن تثبت قدرة بايدن على تحقيق "انتصارات" للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومواجهة أي ادعاءات محتملة لحملة خصمه المحتمل دونالد ترامب حول فشل الإدارة الحالية في إحراز تقدم ومواجهة نفوذ الصين في الشرق الأوسط.
وعقبت المحللة أنه في المقابل فإن التطبيع الإسرائيلي السعودية سيأتي بثمن باهظ على جميع أطرافه، ليس فقط لبايدن وإدارته، ولكن أيضًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأضافت أن الاتفاق سيكون أكثر تعقيدا بكثير من اتفاقات أبراهام (الإمارات والبحرين)، وسوف يتطلب تنازلات محلية جادة من جميع القادة كجزء من مفاوضات رباعية، وستشمل هذه التنازلات القضايا الأكثر حساسية في المنطقة، بما في ذلك السيادة الفلسطينية والانتشار النووي.
ولفتت إلى أن الآثار المترتبة على الصفقة المنهارة أو التي لم يتم التوصل إليها بشكل كامل يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة، لذلك، يجب على بايدن أن يتعامل بحذر، وأن يبني إجماعًا حقيقيًا بين الحزبين للتوصل إلى اتفاق في كل من الولايات المتحدة والشرق الأوسط.
مطالب سعودية
ووفق فاكيل فإن السعودية جعلت التطبيع مشروطا بأربعة مطالب رئيسية، إذ من بين أولوياتها القصوى الحصول على ضمانة أمنية رسمية من واشنطن ودعم الولايات المتحدة لبرنامج الطاقة النووية السلمية.
ورأت المحللة أنه ليس من السهل تحقيق أي المطلبين، فكلاهما من شأنه أن يزيد من إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية الأمريكية.
وأضافت أن الرياض بدورها تعلم أنها لن تصل إلى ضمانة أمنية تضاهي المادة الخامسة فى معاهدة حلف شمال الأطلسي.
ولذا فهى تسعى بدلاً من ذلك إلى شيء أقرب إلى الاتفاقيات الأمريكية مع كوريا الجنوبية واليابان - بما في ذلك الالتزامات بالدفاع المتبادل في حالة تعرض أي من الطرفين لهجوم، وترى المملكة أن هذا مهم بالنسبة للتحديات الأمنية طويلة المدى مع إيران.
لكن على الرغم من ذلك، ترى فاكيل أنه لن يكون من السهل على بايدن تلبية طلب السعودية بابرام اتفاقية من هذا النوع، إذ تحتاج إلى 67 صوتا في مجلس الشيوخ، فيما لا يزال الديمقراطيون ينتقدون انتهاكات حقوق الإنسان السعودية.
كما من المحتمل أن يرى آخرون أن الاتفاق يعيد الولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط بدلاً من التركيز على التحديات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وإضافة لذلك، سيكون البرنامج النووي المدني السعودي أيضًا أمرًا صعبًا بالنسبة لبايدن محليًا، خاصة عندما أعلن ولي العهد مؤخرًا في مقابلة مع قناة فوكس نيوز أنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، "فسيتعين علينا (السعودية) الحصول على واحد".
وعلى الجانب الأخر، سوف تشعر إسرائيل، التي عارضت الانتشار النووي في المنطقة منذ فترة طويلة، بالقلق من أن تحذو حذوها دول مثل مصر أو تركيا في مثل هذا السيناريو.
ستحتاج المملكة أيضًا إلى طمأنة الولايات المتحدة بأن تعاونها التجاري والعسكري المتزايد مع الصين لن يؤثرالمصالح والتكنولوجيا الأمريكية.
وفي تحول بعيدًا عن مبادرة السلام العربية لعام 2002، جعلت الرياض أيضًا تطبيعها مع إسرائيل مشروطة بإحياء الأخيرة مفاوضاتها المتوقفة مع القيادة الفلسطينية.
ولفتت المحللة إلى أن الرأي العام المحلي في السعودية مهم ويجب أن يؤخد في الاعتبار فيما يخص أي اتفاق محتمل للتطبيع بين الرياض وتل أبيب، إذ أظهر استطلاع الشباب العربي لعام 2023 دعمًا بنسبة 2% فقط للتطبيع.
وقالت فاكيل إنه نظرًا لمكانة السعودية الإقليمية وقيادة ولي العهد المستقبلية، يجب أن يُنظر إلى المملكة على أنها تحصل على ما هو أكثر للفلسطينيين من تعليق الضم أراضي الأراضي الفلسطينية الذي تم تحقيقه في اتفاقيات إبراهيم، ومن الخطأ التقليل من أهمية هذا العنصر من الصفقة.
مأزق صعب في إسرائيل
ورأت المحللة إن اتفاقية التطبيع تضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين نتنياهو في مأزق صعب يصعب حله، إذ يتوجب عليه أن يزن بين تكاليف وفوائد الاتفاق مع السعودية الذي يمكن أن يقود إلى المزيد من صفقات التطبيع من دول أخرى ذات أغلبية مسلمة خارج الشرق الأوسط.
اقرأ أيضاً
مودرن دبلوماسي: السعودية مصممة على اتفاقية دفاع مع أمريكا حتى لو فشل التطبيع
وأشارت فاكيل أن التكاليف الاتفاق واضحة إذ أن حكومة نتنياهو اليمنية تعادي فكرة المفاوضات مع القيادة الفلسطينية، وتسعى بدلاً من ذلك إلى ضم المزيد من الضفة الغربية، مما يجعل هذا الجانب من الصفقة هو الأصعب بالنسبة له للتنفيذ.
كما يقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس أيضًا بدعم مفاوضات التطبيع، على أمل أن تدفع في إحياء قيادته من خلال زيادة السيطرة على أراضي الضفة الغربية التي تديرها إسرائيل حاليًا، ووقف المزيد من التوسع الاستيطاني الإسرائيلي إلى جانب الحصول على خطة دعم اقتصادي تمولها السعودية.
ومع ذلك، فإن إرث نتنياهو الشخصي باعتباره رئيس الوزراء الأطول خدمة في إسرائيل سوف يتعزز بشكل كبير من خلال التطبيع مع السعودية، وسط مزاعم الفساد والوضع السياسي الهش.
وتشهد إسرائيل انقساما عميقا بشأن الإصلاح القضائي، مع استمرار الاحتجاجات ضد خطط نتنياهو لإصلاح النظام القانوني في البلاد منذ تسعة أشهر.
يجب على رئيس الوزراء إما إقناع ائتلافه الذي يتشكل من يمينيين متطرفين بدعم هذه صفقة التطبيع التي تمثل اختراق كبير أو في المقابل تفكيك ائتلافه والدخول في اتفاق مع حكومة أكثر وسطية مع الشريك السابق ورئيس الوزراء بيني جانتس.
ووفق فاكيل فإن أي من الخيارين لا يعتبر واضحا أو مضمونا، والأهم من ذلك، أنه من غير المرجح أن يتعاون جانتس مع نتنياهو دون الحصول على تسوية بشأن الإصلاح القضائي، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تفكيك الحماية القانونية التي يحتاجها رئيس الوزراء لإبقاء نفسه بعيدا عن الخضوع لتحقيقات بالفساد.
نهج تدريجي
وقال فاكيل إنه في ظل وجود العديد من القرارات والمبادلات الباهظة الثمن المطروحة على الطاولة، يظل الحديث عن التطبيع أسهل من الفعل.
وأضافت ولأن هذا الاتفاق سوف يخلف عواقب أوسع نطاقاً على السيادة الفلسطينية، والانتشار النووي، والتوترات الجيوسياسية إلى جانب الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط، فمن المؤكد أن الأمر يتطلب نهجاً أكثر تدرجاً.
وتابعت أنه مع وجود الكثير من الأمور على المحك، فبدلاً من التسرع في التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الأمريكية، يجب على بايدن العمل على بناء إجماع داخلي بين الحزبين في الولايات المتحدة ودعم من القاعدة إلى القمة عبر دول متعددة في المنطقة.
وأشارت المحللة إلى أنه بلا شك أن المرشحين الجمهوريين، وخاصة ترامب، سيدعمون المزيد من اتفاقيات التطبيع مثل هذه ــ ولكن ليس من الواضح ما إذا كانوا سيوفرون الرقابة والتدقيق اللازمين لإدارة المناقشات المعقدة الجارية.
وبالتالي فإن هذه المرحلة الحالية من عملية التفاوض تتطلب الاستثمار في أساس قوي وتطوير ضمانات صارمة لإدارة وحماية مصالح الولايات المتحدة في المجال النووي وفيما يتعلق بالصين في المقام الأول لضمان ديمومة الاتفاق.
وخلصت المحللة إلى أنه بغض النظر عمن سيدخل البيت الأبيض في عام 2025، فإن خلق إجماع حقيقي على التطبيع سيكون بمثابة إرث رائع للمنطقة وعلاقاتها مع الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
استطلاع: معظم الإسرائيليين يؤيدن التطبيع مع السعودية ويعارضون منحها السلاح النووي
المصدر | سنام فاكيل/تشاتام هاوس - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: التطبيع السعودي الإسرائيلي الانتخابات الأمريكية الولایات المتحدة الشرق الأوسط رئیس الوزراء الحصول على المزید من إلى أن من ذلک
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: 30% من اللاجئين السوريين بالشرق الأوسط يريدون العودة لبلادهم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال فيليبو جراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن نحو 30% من ملايين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في دول الشرق الأوسط يريدون العودة إلى ديارهم العام المقبل، بعد سقوط نظام بشار الأسد، صعودًا من صفر بالمئة تقريبًا العام الماضي.
وذكرت قناة «القاهرة الإخبارية» أن هذا التحول يستند إلى تقييم أجرته الأمم المتحدة في يناير الجاري، بعد أسابيع من إسقاط نظام الأسد، ما أنهى حربًا أهلية استمرت 13 عامًا خلّفت واحدة من أكبر أزمات اللاجئين في العصر الحديث، بحسب وكالة "رويترز".
وقال "جراندي"، في تصريحات صحفية بدمشق بعد اجتماعات مع الإدارة الجديدة في سوريا "تحرك المؤشر أخيرًا بعد سنوات من التراجع".
وأضاف أن عدد السوريين الراغبين في العودة اقترب من 30% في غضون أسابيع قليلة.
وأوضح أن نحو 200 ألف لاجئ سوري عادوا بالفعل منذ سقوط الأسد، إضافة إلى نحو 300 ألف فروا إلى سوريا من لبنان خلال الحرب بين حزب الله وإسرائيل في سبتمبر وأكتوبر الماضيين، ويعتقد أن معظمهم ظلوا في البلاد.