عندما تتأزم الأمور حول الذات،وتشعر بالاختناق وتبحث عن الحل،وتريد الفرار.. هنا لا بد أن يكون هناك مكان.. أى مكان.. مكان تأوى إليه.. مكان تستشعر فيه بالأمان والطمأنينة..لا بد من المكان.. مكان يحتويك ويشعرك بذاتك التى تتهاوى أو التى أوشكت على النهاية والانهيار.. لا بد من المكان.. لا بد من الفرار إلى مكان.
فى رواية دوستوفسكى (الجريمة والعقاب) الجزء الأول: يقول: لا بد لكل إنسان من أن يجد ولو مكانًا يذهب إليه، لأن الإنسان تمر به لحظات لا مناص له فيها من الذهاب إلى مكان ما، إلى أى مكان!).
إن المكان المطلوب هو القادر أن يخرجك من الفقدان، من الضياع من التبعثر وسط الخضم القاتل.. المكان الذى تذهب إليه هو القادر أن يسمعك ويشعر بك ويقوم بعملية (الطبطبة).. فتتماسك وتلم أزرك من أجل أن تقاوم كل ما هو آسن ورديء ومقزز..لا بد لنا من مكان.. والويل كل الويل إذا قضيت العمر فى حالة من التبعثر والتشتت..ولم تخلق لك مكانا أو لم توجد مكانًا فى اللحظة الحرجة والآسنة يمكن أن تذهب إليه.. عليك أن تخلق لك مكانا.. حتى ولو كان وسط الأموات..المهم أن يوجد لك مكان قادر أن يحميك من الانهيار والهدم. إنها دعوة لإيجاد المكان.. أى مكان.. المهم أن تجد فيه ذاتك وتشعر بالطمأنينة والاحتواء.
وعندما نتأمل عالم دوستويفسكى نجد من يحرص للذهاب إلى الحانة أو الخمارة.. من أجل أن يتناول ما يجعله يتخلص من همومه.. لكن الأهم هو أن يجد هناك من يتمكن معهم أن يبوح بكل ما فى داخله.. فى عالم الخمارة تجد أصنافًا من البشر وبأشكال متنوعة، لكن التأمل الدقيق ستجد هذا الأمر هو انه يلجأ إلى مكان.. إنه المكان القادر أن يخرج فيه كل ما بداخله.. أن يجد بين السكارى من يتواشج معه..ويتآلف معه.. ويشاركه.. هذا لا يعنى أن الخمارة هى المكان الذى يجب أن يذهب الناس إليه.. لكن إنه تعبير عن أهمية أن يوجد لك مكان.. من الممكن أن يكون المكان الجلوس أمام البحر..مع صوت الموج وتياراته..هنا يشعر الفرد بأنه المكان القادر أن يحتويه ويجعله يخرج كل ما بداخله.. من الممكن أن يكون الوجود وسط الحدائق..يتحدث مع الأشجار والنباتات.. إنه المكان.. من الممكن أن يكون المكان هو مكان للعبادة أيا تكون تلك العبادة.. إنه المكان القادر أن يجعلك تسترد ذاتك. أو يكون الحبيب أو الأليف أو الصديق الوفى. إنه مكان تذهب إليه حتى لا تختنق.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال
أكاديمية الفنون
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بالاختناق الجريمة والعقاب الفقدان إنه المکان لا بد من أن یکون مکان ا
إقرأ أيضاً:
الكاتب محمد جلال عبد القوى: هل لابد من تدخل الرئيس حتى ننهض بالدراما ونطورها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعرب الكاتب الكبير محمد جلال عبد القوي عن سعادته بمشاركته خلال مؤتمر مستقبل الدراما فى مصر الذى يشارك فيه كبار الفنانين والكتاب والمخرجين، مشيرا إلى أنه لولا الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي ألقى حجرًا في المياه الراكدة ما تمت هذه الجلسة وهذا اللقاء، متعجبًا هل لابد من تدخل الرئيس وإصدار توجيهاته من أجل النهوض وتطور الدراما حتى نتحرك هكذا؟
جاء ذلك خلال مؤتمر مستقبل الدراما فى مصر الذى عقد، أمس الثلاثاء، بماسبيرو تحت رعاية الكاتب أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام.
وقدم الكاتب محمد جلال عبد القوى الشكر لكل رواد الدراما الكبار الراحلين منهم والأحياء على الإرث الفني الضخم الذي تركوه لكنه في الوقت نفسه قدم لهما الاعتذار على عدم القدرة على مواصلة المسيرة، كما قدم الاعتذار للأسر المصرية عما تقدمه في الآونة الأخيرة في الدراما حيث قال دخلنا على أهلنا والبيوت المصرية بشكل غير لائق لدرجة استفزت رئيس الجمهورية.
تجدر الإشارة إلى أن منصة الجلسة الأولى من مؤتمر مستقبل الدراما فى مصر ضمت عددًا من رموز الفن والإبداع وهم: المخرج محمد فاضل، والفنان محمد صبحي والفنان محمود حميدة والسيناريست مدحت العدل والكاتب الكبير محمد جلال عبد القوي والكاتبة الصحفية ورئيس لجنة الدراما بالشركة المتحدة علا الشافعي والفنانين أشرف عبد الباقي وهاني رمزي والروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد.