"جنرالات" العدالة والتنمية.. لماذا ينسحبون؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
نشر الدكتور أحمد الريسوني يوم الجمعة 08.09.2023 مقالا بعنوان “جنرالات الحزب… لماذا انسحبوا؟” متحدثا عن القيادات السابقة لحزب العدالة والتنمية التي لم تنسحب فقط من العمل السياسي بل حتى من العمل الفكري والدعوي، هذه القيادات التي كانت بالأمس القريب تتصدر الواجهات السياسية، وتحظى بمواقع المسؤولية والصدارة كوزراء أو برلمانيين أو رؤساء مجالس منتخبة، والتي كانت تبرر صمتها وهي في تلك المناصب بواجب التحفظ أو بالخوف من عرقلة برامجها ومشاريعها، وكان الأستاذ الربسوني وغيره ينتظر من هؤلاء أن يحافظو على مواقع الصدارة في متابعة الشأن السياسي والتفاعل معه بعد خروجهم من مواقع المسؤولية، أو على الأقل الإسهام في مراكمة التجربة في القطاعات التي كانوا يتحملون فيها المسؤولية والكشف عن العراقيل التي واجهتهم فيها.
لو كان يعي هؤلاء أن تجربتهم السياسية ليست تجربة أشخاص بل تجربة مؤسسة حزبية اسمها العدالة والتنمية لجال هاؤلاء المغرب طولا وعرضا، شمالا وجنوبا، متحدثين عن تجربتهم السابقة في التدبير مع عموم أعضاء الحزب والمواطنين، وذلك لتحقيق التراكم المطلوب والاستفادة من الأخطاء والتجارب السابقة، أو على الأقل لاقتسموا جزءا من يومياتهم في مقالات وتحليلات في أفق كتابة مذكرات مفيدة للأجيال القادمة. إلا أنه للأسف عكس ذلك وقع فكل ذهب لحال سبيله حاملا معه مساره وأخباره، كما لو أنه استطاع خوض تلك التجربة بسبب مهاراته وإمكانياته الذاتية، وليس لأنه كان يركب سفينة اسمها العدالة والتنمية أوصلتها نضالات أعضاء الحزب وتعاطف المواطنين لمواقع المسؤولية. هذا مع العلم أنه بعد خروجهم من مواقع المسؤولية طفت على السطح أزمات كثيرة كأزمة الماء والتضخم والطاقة وغلاء الأسعار وفشل مشاريع التنمية في العالم القروي وكان الأجدر أن تكون لهم مساهمة مهمة في إغناء النقاش وتنوير الرأي العام حول هذه القضايا والملفات التي كانوا يدبرونها ،إلا أنهم آثروا صمت أهل القبور، وبصمتهم ذلك تركو الحكومة الحالية تتجرأ عليهم أكثر فأكثر وتتهم الحكومات السابقة بأنها المسؤولة عن أزمات اليوم دون أي رد من هؤلاء الذين كانوا يوما ما يتبوؤون مواقع الصدارة في المجالس.
إن هذا الصمت هو دليل على الانسحاب كما لاحظ ذلك عن حق د.الريسوني، ودليل ذلك هو ما جرى هلى إثر البيان الأخير للأمانة العامة.
قبل أيام قليلة صدر بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، يناقش الدروس المستفادة من الزلزال الاخير الذي ضرب المغرب، وكان ما كان من ردود الفعل..
لكن المثير في هذه الردود هو ردة فعل بعض هؤلاء الجنرالات الذين تبين لنا أنهم لم ينسحبو من المشهد، بل كانو يتحينون الفرصة للتخلص من عبئ الانتماء لحزب سياسي لم تعد رياح السياسة البئيسة في البلد تخدمه، هؤلاء النماذج الذين يتحملون المسؤولية الكبرى في ما آل إليه الحزب، لم تكن لهم الشجاعة للقيام بنقد ذاتي والاعتراف بالأخطاء التي ارتكبوها سواء في التدبير الحزبي أو في مواقع المسؤولية، واليوم يقفزون من فوق السفينة، فقط لأن بلاغ الامانة العامة لم يكن محل رضا جهات معينة.
لا يدري هؤلاء الجنرالات أن جزءا كبيرا من الرأي العام الحزبي والوطني لم يكن مقتنعا بحكومة تشكلت ضدا على روح الإرادة الشعبية واستهلكت جزءا من رصيد ومصداقية الحزب وبددته في قرارات لم تنل رضا قواعد الحزب من قبيل عار التوقيع على الاتفاق الثلاثي من طرف رئيس الحكومة والحزب آنذاك د. العثماني، لم تكن قواعد الحزب مطمئنة لسياسة الصمت على جرائم قمع الصحافة وحرية التعبير، وانطلاق مسلسل الإجهاز على المكتسبات الديمقراطية…) فهزيمة الثامن من شتنبر لم تكن إلا تحصيل حاصل لسنوات طلّق فيها جنرالات الحزب السياسة واعتنقو التدبير الجاف المعزول عن التواصل مع الجماهير.
هؤلاء الذين قادوا الحزب بعد 2017، أداروا انتخابات 8 شتنبر بطريقة كشفت عن حجم الضعف والهشاشة التي تسكن عقولهم، إلى درجة أنهم باتوا مقتنعين أن هزيمة الثامن من شتنبر كانت نتيجة لممارسات غير ديمقراطية شابت الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية التي جرت في يوم واحد، إلا أن المصيبة هي أنهم عجزو عن فضح هذه الممارسات، والطعن في العملية الانتخابية واكتفو بوصف نتائج الانتخابات بأنها غير مفهومة.
ومع ذلك صبرت قواعد الحزب ولم تطالب بالمحاسبة، واكتفت بتغيير القيادة بعدما قدمت القيادة السابقة استقالتها، إلى أن فوجئنا بواحد من هذه الجنرالات الذي لم يسمع له رنين في المرحلة السابقة يدون في صفحته على الفايسبوك استقالته من الحزب، فقط لاختلاف في التقدير مع مضامين بلاغ قيادة الحزب تعليقا على الزلزال!!
متى كانت الاستقالة لمثل هذه الأسباب؟ لقد صبر آلاف المناضلين ولم يقدموا استقالتهم من الحزب بعد أن أوصلته القيادة السابقة إلى ما وصل إليه، ومنهم الوزير السابق اعمارة!!
كان بعض الفضلاء يقترحون مبادرة صلح بين قيادات الحزب لطي صفحة الماضي، لكن الذي يظهر أن بعضهم ينظر لانتمائه الحزبي كعبئ ينبغي التخلص منه عند أقرب فرصة..
إن أي مبادرة لطي جراح الماضي ينبغي ان يسبقها نقد ذاتي حقيقي مشفوع بإرادة حقيقية لاستنتاج ما ينبغي استنتاجه من مراجعات.
اليوم وبفضل لله لا زال في حزب العدالة والتنمية بكل أجياله أناس فضلاء يقرون بالأخطاء المرتكبة ويعتذرون عنها ويعبرون عن استعدادهم في المساهمة في بناء المستقبل على أسس متينة علمية وفكرية بعيدا عن نزعات وحسابات شخصية لا زالت تنخر النفوس حتى بعد مرور أربعة عقود من الزمن.
رسالتنا من هذا المقال هو أن لا خير ينتظر ممن ليست لديهم الشجاعة والقدرة على الاعتراف بأخطائهم، وهم جزء من الأزمة التي تعيق تطور حزب العدالة والتنمية وتمنعه من انطلاقة جديدة ومتجددة.. والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: العدالة والتنمیة
إقرأ أيضاً:
رئيس السلفادور يقترح تبادل سجناء مع فنزويلا
سان سلفادور"أ.ف.ب": عرض رئيس السلفادور نجيب بوكيلة على كراكاس تبادل 252 فنزويليّا مسجونين في بلاده بعد طردهم من الولايات المتحدة، مقابل "سجناء سياسيين" فنزويليين، وسط مواجهة بشأن الهجرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقضاء.
وكتب بوكيلة على تويتر "أود أن أقترح اتفاقا إنسانيا ينص على إعادة 100% من الفنزويليين الـ252 الذين تم طردهم، مقابل إطلاق سراح وتسليم عدد مماثل (252) من السجناء السياسيين من بين الآلاف الذين تحتجزونهم".
وأضاف بوكيلة متوجها إلى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو "على عكسكم (...) ليس لدينا سجناء سياسيون".
وبوكيلة الذي استُقبل في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، هو حليف رئيسي لترامب في سياسته المناهضة للهجرة.
وفي غضون شهر واحد فقط، استقبل بوكيلة واحتجز 288 مهاجرا تم ترحيلهم من الولايات المتحدة، وأودِعوا في سجن ضخم شديد الحراسة في السلفادور، وبينهم 252 فنزويليّا معظمهم متهمون بالانتماء إلى عصابة ترين دي أراغوا التي أعلنتها واشنطن منظمة "إرهابية".
ووصف النائب العام الفنزويلي طارق ويليام صعب، اقتراح بوكيلة بـ"الساخر"، منددا بـ"الاعتقالات التعسفية" لمواطنيه الذين قال إنهم في حالة "اختفاء قسري في معسكر اعتقال" سلفادوري.
وقال صعب في بيان "أطلب على الفور اللائحة الكاملة مع تحديد هوية جميع المحتجزين ووضعهم القضائي، بالإضافة إلى إثبات على أنهم أحياء وتقرير طبي عن كلّ من هؤلاء الرهائن". كما طالب بمعرفة "ما هي الجرائم التي ارتكبها هؤلاء المواطنون الفنزويليون في السلفادور" وما إذا كانوا قد مثلوا أمام قاضٍ وإذا كان لديهم محامون.
والسبت، دعا الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو نظيره السلفادوري إلى تسليمه الكولومبيين المطرودين من الولايات المتحدة والمسجونين في مركز الاحتجاز نفسه.
ومن أجل ترحيل هؤلاء المهاجرين إلى السلفادور، لجأ ترامب إلى قانون حول "الأعداء الأجانب" يعود للعام 1798، لم يُستخدم إلا في أوقات الحرب.
وانتقد ترامب امس القضاة الذين عارضوا هذه السياسة، وذلك عقب قرار أصدرته المحكمة العليا أوقف موقتا عمليات ترحيل مهاجرين فنزويليين دون محاكمة استنادا إلى "قانون الأعداء الأجانب".
والأحد وجّه ترامب عبر منصته تروث سوشل انتقادات للمحكمة العليا من دون أن يسميها، في منشور ندّد فيه بـ"القضاة ومسؤولي إنفاذ القانون الضعفاء وغير الفاعلين الذين يسمحون بأن يستمر هذا الهجوم الشرير على أمّتنا، هجوم عنيف إلى درجة أنه لن يُنسى أبدا".