إعادة اعمار درنة الليبية بعد الفيضانات تثير مخاوف حول كيفية توجيه التمويلات
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
في الوقت الذي تتواصل فيه كل يوم عمليات انتشال الجثث، أو على الأقل ما تبقى منها من تحت الأنقاض أو من البحر بمدينة درنة شرق البلاد، والتي دمرتها السيول، تتعالى في المقابل أصوات كل طرف سياسي باعلان مبالغ مالية بملايين اليوروهات.
بعد الفيضانات المدمرة، التي ضربت مدينة درنة الليبية، تتنافس الأطراف المتنازعة على السلطة في ليبيا، المهددة بالانقسامات والفساد، على نيل حصتها من إعادة الإعمار، مما عزز مخاوف على المستويين الوطني والدولي.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه كل يوم عمليات انتشال الجثث، أو على الأقل ما تبقى منها من تحت الأنقاض أو من البحر بمدينة درنة شرق البلاد، والتي دمرتها السيول، تتعالى في المقابل أصوات كل طرف سياسي باعلان مبالغ مالية بملايين اليوروهات.
وكانت حكومة الشرق قد أعلنت عن "مؤتمر دولي" لإعادة إعمار درنة في 10 تشرين الأول/أكتوبر، قبل أن تضطر إلى تأجيله حتى مطلع تشرين الثاني/نوفمبر وسط تشكيك من قبل المجتمع الدولي لكونها حكومة غير معترف بها من قبل الأمم المتحدة.
أشارت الحكومة إلى أنها قامت بتقييم الأضرار ومبالغ التعويضات المقرر دفعها للضحايا. كما أعلن البرلمان المنبثق عنها والذي يتخذ من شرق البلاد مقرّا له أنه خصص 1.9 مليار يورو لإعادة الإعمار، دون أن يحدد كيفية صرف هذه الأموال.
أما الحكومة المتمركزة بغرب البلاد، فقد أعلنت الأحد عن تمويل بقيمة حوالى 18 مليون يورو لصيانة المدارس المتضررة من الفيضانات في الشرق، في مؤشر على تعزيز الفوضى المؤسساتية في البلاد.
"تكلفة تعسفية"واعتبر الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبد الله باتيلي في بيان الاثنين أن "تقديرات التكلفة التعسفية ومبادرات إعادة الإعمار أحادية الجانب التي أعلن عنها دون شفافية ومن دون تأييد جميع السلطات المعنية وأصحاب الشأن".
وطالب عبد اللهباتيلي بـ "تقييم موثوق ومستقل وموضوعي للأضرار والاحتياجات وإلى تقديرات للتكلفة تُحدد بمهنية مع ضمان شفافية عمليات التعاقد والصفقات".
وخلفت الفيضانات الناجمة عن العاصفة دانيال آلاف القتلى والمفقودين، كما اضطرت أكثر من أربعين ألف شخص إلى النزوح.
شاهد: فرق الإنقاذ تواصل جهودها لانتشال جثث ضحايا الفيضانات قبالة مدينة درنةالنيابة العامة تصدر أمرًا بتوقيف 8 مسؤولين في ليبيا بعد فيضانات درنةتحكم ليبيا سلطتان تنفيذيتان متنافستان، واحدة في طرابلس بالغرب، بقيادة عبد الحميد الدبيبة والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة والأخرى في الشرق الذي يسيطر عليه المشير خليفة حفتر تحت مظلة البرلمان.
كما طالبت بعثة الأمم المتحدة في البيان السلطات الليبية والمجتمع الدولي بـ "تيسير الاتفاق على آلية وطنية ليبية موحدة ومنسقة تقود جهود التعافي وإعادة الإعمار وضمان الشفافية والمساءلة، على أساس تقييم موضوعي للوضع والاحتياجات ميدانيا".
إلى ذلك أوضح رؤساء البعثات الدبلوماسية في ليبيا في بيان مشترك "ندعم بشدة دعوة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لإرساء آلية وطنية ليبية موحدة بالتنسيق مع الشركاء المحليين والوطنيين والدوليين تكون قادرة على تقديم إغاثة شفافة وخاضعة للمساءلة تتجاوب مع احتياجات إعادة الإعمار إثر كارثة الفيضانات".
"مخاوف من الاستيلاء على المساعدات"من جانبها، دعت الولايات المتحدة الأسبوع الفائت السلطات الليبية إلى "التأكد من أن المال العام يستخدم بشفافية ومسؤولية، وأن المساعدات تذهب إلى المحتاجين".
عبرت العديد من الشخصيات الليبية عن المخاوف من الاستيلاء على المساعدات ما دفع رئيس بعثة وكالة المساعدات الأميركية في ليبيا جون كارديناس، نهاية أيلول/سبتمبر للقاء رئيس ديوان المحاسبة الليبي وأكد ضرورة وجود اجراءات الرقابة على أي منح أو مساهمات دولية من شأنها أن تساهم في إعادة إعمار المناطق المتضررة وضمان عدم التصرف فيها في غير الأوجه المخصصة لها".
كما تعبر كلوديا غازيني المتخصصة في الشؤون الليبية في مجموعة الأزمات الدولية، عن مخاوف من أن "الحكومات الليبية المتنافسة تستخدم هذه الأزمة بشكل انتهازي"، مذكرة بالصراع على النفوذ و"حملات التضليل" من أجل "تولي مسؤولية جهود إعادة الإعمار".
وتجد الحكومتان المتنافستان نفسيها مضطرتان إلى التعاون والتنسيق من خلف الكواليس والحفاظ على الوضع الراهن من أجل تقاسم ثروات هذا البلد النفطي، بحسب محللين.
وندد المبعوث الأممي السابق إلى ليبيا غسان سلامة في العام 2018 بـ"الاقتصاد القائم على السلب في ليبيا"، معتبرا أنه "العائق الرئيسي أمام العملية السياسية". ويبقى هذا التقييم سائرا إلى اليوم وفقا لمراقبين.
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية "لأسباب لوجستية ومنح المزيد من الوقت".. تأجيل مؤتمر إعادة إعمار درنة انقطاع الاتصالات في درنة غداة تظاهرات ضد السلطات بسبب الفيضانات درنة من الجو | مئات المباني المدمرة التي جرفتها الفيضانات إعصار ليبيا فيضانات - سيول الطقس درنةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إعصار ليبيا فيضانات سيول الطقس درنة تغير المناخ نزاع مسلح الشرق الأوسط كوارث طبيعية روسيا فرنسا إسرائيل تاريخ انتخابات جمهورية السودان تغير المناخ نزاع مسلح الشرق الأوسط كوارث طبيعية روسيا فرنسا إعادة الإعمار یعرض الآن Next فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
الحوز في طريق التعافي بإنجاز مئات المنازل لإيواء العائلات ضحايا الزلزال المدمر
زنقة 20. الحوز
وسط جماعة أمغراس الجبلية، الواقعة ضمن النفوذ الترابي لإقليم الحوز، يمر أحمد، الذي كان يعمل فلاحا قبل وقوع الزلزال. اليوم، يبدو أكثر نشاطا، إذ عاد لتربية المواشي وزراعة الأرض التي طالما أحبها.
يقول أحمد، الذي كان من بين الأشخاص الذين فقدوا منازلهم بالكامل بدوار “أكني”، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه “رغم أن الزلزال دمر جزءا كبيرا من الأرض والمنزل، إلا أن الأمل لم يفارقنا. بدأت أشعر بأننا نتعافى، وبفضل تسارع جهود إعادة الإعمار، نعود للحياة شيئا فشيئا”.
فبعد أشهر على زلزال الحوز، عاد سكان جماعة أمغراس، على غرار باقي الجماعات الترابية المتضررة بالإقليم، إلى حياتهم اليومية، كما عادت المحلات التجارية الصغيرة إلى العمل، واستأنف الفلاحون أنشطتهم الفلاحية مجددا، وبدأت العائلات تستعيد روتينها المعتاد داخل منازلها المبنية حديثا.
وكما هو الحال بالنسبة لأحمد، تحدثت عائشة، إحدى ساكنة دوار “تفغاغت” بنفس الجماعة، عن عودتها رفقة أسرتها، منذ 5 أشهر، إلى منزلهم الجديد الذي أصبح أكثر متانة في مواجهة الكوارث، مؤكدة أن “مواجهة الحياة اليومية كانت صعبة، لكن الآن بفضل الدعم الذي حصلنا عليه، عدنا إلى منازلنا وبدأنا نعيش كأي عائلة أخرى، والأهم من ذلك أننا عدنا إلى حياتنا الطبيعية”.
بدوره، يشكل رشيد، رجل في الخمسينيات من عمره، كان يعمل في المجال الحرفي قبل الزلزال، مثالا لقدرة ساكنة الجماعة القروية على التكيف والصمود. اليوم، أصبح رشيد واحدا من بين العاملين الذين يساهمون في إعادة إعمار دوار “آيت ترغيت” عبر توظيف خبرته الحرفية في مجال البناء وطلاء الواجهات.
وتتغير الحياة في جماعة أمغراس الجبلية بسرعة رغم الجراح التي خلفها الزلزال، بالموازاة مع تسريع عجلة إعادة الإعمار، حيث تحرص لجنة اليقظة والتتبع المحدثة على مستوى عمالة الإقليم على تنفيذ برنامج إعادة البناء وتأهيل المناطق المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية، بما يضمن تحسين ظروف عيش الساكنة المتضررة، وتمكينها من السكن في ظروف تحفظ الكرامة الإنسانية، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وبالمناسبة، أوضح منسق برنامج إعادة البناء وتأهيل المناطق المتضررة جراء الزلزال، حسن إيغيغي، أن الأشغال بلغت مستويات إنجاز جد متقدمة، حيث انتهت عملية البناء بالنسبة لأكثر من 15 ألف و100 سكن أعيد بناؤه وتأهيله للسكن، أي بنسبة 60 في المائة، في أفق أن تصل نسبة تقدم الأشغال في غضون الشهرين القادمين إلى 80 في المائة.
وأكد السيد إيغيغي، في تصريح مماثل، أن “هذه المعطيات تجسد حصيلة إيجابية، لا سيما إذا استحضرنا أنه لم تمر بعد على بداية أشغال البناء والإعمار سنة كاملة، حيث لم تبدأ هذه العملية مباشرة بعد 8 شتنبر 2023، نظرا لقيام لجنة قيادة وتتبع عملية إعادة البناء وتأهيل المناطق المتضررة بعمليات أخرى ضرورية لفتح المجال أمام عملية البناء”.
وأشار إلى أن أكثر من 10 في المائة من الأسر المعنية بإعادة الإعمار التي لم تباشر بعد عملية البناء، تدخل في إطار مشاكل بين الورثة، أو عدم مباشرة المستفيدين لعملية البناء رغم توصلهم بالدفعة الأولى من الدعم المرصود من طرف الدولة، حيث باشرت السلطات المحلية إشعارهم، وإنذارهم، وحثهم على بدء الأشغال أسوة بالمستفيدين الآخرين الذين أنهوا البناء وعادوا إلى منازلهم.
وسجل أنه فيما يرتبط بالمساكن التي تقع في المناطق ممنوعة البناء أو تستلزم تدابير خاصة، فقد تم تنفيذ حلول بديلة، وبدأ المستفيدون منها في أشغال البناء، مشيرا إلى أنه رغم كل الإكراهات والصعوبات الميدانية المطروحة، خاصة أن إعادة الإعمار تتم بمناطق جبلية صعبة الولوج، قامت لجنة القيادة والتتبع بتنزيل برنامج إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة بعمل إيجابي يمنح ساكنة الإقليم إمكانية السكن والعيش في ظروف لائقة.
من جانبه، أبرز مدير وكالة العمران الحوز، أمين بويه، الدور الذي تضطلع به مجموعة العمران في عملية إعادة الإعمار، لاسيما المواكبة التقنية لعملية إعادة البناء عبر وضع رهن إشارة المتضررين مهندسين معماريين وطبوغرافيين ومهندسين بمكاتب الدارسات، وكذلك مختبر من أجل تتبع عملية إعادة الإعمار.
وأضاف السيد بويه، في تصريح مماثل، أن عملية من هذا الحجم تضم أزيد من 26 ألف و253 مستفيد من عملية إعادة البناء، لا تخلو من مجموعة الإكراهات والتحديات الموضوعية التي تتمثل، بالخصوص، في قلة اليد العاملة المتخصصة في البناء، وصعوبة التضاريس نظرا للطبيعة الجبلية للإقليم، والتكلفة العالية لنقل مواد البناء خاصة في بعض المناطق النائية بالإقليم.
والأكيد أن عودة الحياة إلى طبيعتها في جماعة أمغراس بعد الزلزال، تمثل رمزا للتحدي والإرادة التي لا تنكسر، بالموازاة مع عملية إعادة الإعمار، التي تمضي بوتيرة متسارعة بباقي الجماعات الترابية لإقليم الحوز، حيث يظل الأمل قويا في قلوب الساكنة المحلية سعيا منها لكتابة فصول جديدة من التعافي والعودة إلى حياتها الطبيعية.
زلزال الحوز