مساجد آل البيت في عهد السيسي.. الإمام الحسين يستعيد بريقه وقطار التطوير يصل عقيلة بني هاشم السيدة زينب
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
تواصل الدولة المصرية جهودها لعمارة المساجد وخاصة مساجد آل البيت منذ تقلد الرئيس عبدالفتاح السيسي، ضمن خطتها العناية بالمساجد معنى ومبنى، حيث ينتظر المصريون افتتاح مسجد السيدة زينب بعد نجاح الدولة في تجديد وتطوير مساجد الإمام الحسين رضي الله عنه، الظاهر بيبرس، والسيدة نفيسة رضي الله عنه.
يأتي ذلك من أجل إعادة بهاء ورونق المسجد وإتاحة الراحة النفسية التي يحتاجها رواد تلك المساجد القديمة والضاربة بجذورها في عمق التاريخ الإسلامي الذي لا يتجزأ عن الدولة المصرية، وفي التقرير التالي نرصد حالة المساجد قبل وبعد التطوير.
ويعد تطور مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه هو أول محطات التطوير التي بدأتها الدولة المصرية، فكان افتتاحه في شهر إبريل من العام الماضي، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي رفقة سلطان البهرة ما هو إلا بارقة أمل استقبلها عموم المصريين بالترحاب خاصة بعد معاناة مع جائحة كورونا وتطبيق إجراءات احترازية تسببت في غلق كثير من المساجد والزوايا قبل عودتها تدريجيا.
حيث وجهت القيادة السياسية بإعادة ترميم وتطوير كثير من المزارات والمساجد الدينية، وعلى رأسها مسجدي السيدة زينب ومسجد الإمام الحسين ومسجد السيدة عائشة، فيما وقعت محافظة القاهرة بروتوكولًا لتطوير مسجد الإمام الحسين، بمبلغ 150 مليون جنيه مبدئيا في عملية التطوير، ضمن مساهمة مؤسسة "مساجد" للتطوير.
وشملت عملية التطوير أرجاء المسجد من أرضيات وحوائط وأسقف، كذلك معالجة الأساسات والتربة المحيطة بالمسجد، وتحديث كافة الأنظمة من الكهرباء والمياه والصرف والتكييف وأنظمة المراقبة بالكاميرات، وأنظمة الإنذار ومكافحة الحريق، وتزويد المسجد داخليا وخارجيا بأحدث أنظمة الصوت.
كذلك تطبيق أعلى معايير النظافة المعمول بها عالميًا والتي تساهم في الحد من انتشار الأوبئة والأمراض وتحافظ على الصحة العامة.
وضم المسجد بعد تطويره ساحة للمصلين ليزداد أعداد المصلين في مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه وأقيمت لأول مرة خلاله صلاة التراويح العائدة بعد توقف لانتشار جائحة كورونا.
مسجد الظاهر بيبرس بالقاهرة ثالث أكبر مسجد أثري في مصر بعد مسجد الحاكم بأمر الله ومسجد أحمد بن طولون، لم يغفله قطار التطوير، حيث افتتح المسجد رسميًّا الآن بعد نحو 225 عامًا تقريبًا من الإغلاق لم تقم فيه الشعائر، فقد أسس هذا المسجد الظاهر بيبرس 666 هجرية ، وظل يؤدي رسالته مسجدًا نحو 550 عامًا وبدخول الحملة الفرنسية 1798م استخدمته موقعا عسكريًّا ثم توالت عليه الأحداث في عصر محمد علي ثم الحملة الإنجليزية إلى أن بدأ التفكير في إعادة ترميمه بتنسيق بين الدولة المصرية والجانب الكازاخي ما بين 2007 و 2008 ثم توقف العمل وعاد بقوة في 2018م.
تم على هذا المستوى بتكلفة تقدر بنحو 237 مليون جنيه مصري ، ساهم فيها الجانب الكازاخي الشقيق بـ 4 ونصف مليون دولار في 2007 و 2008 تقدر بنحو 27 مليون جنيه في حينه، وساهمت وزارة الأوقاف من مواردها الذاتية تحديدًا بـ 60 مليون و 500 ألف جنيه من الموارد الذاتية للوزارة، ونحو 150 مليون جنيه من وزارة السياحة والآثار ما بين مواردها الذاتية ودعم موازنة الدولة المصرية من وزارة التخطيط والمالية.
افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أغسطس الماضي، أعمال تطوير مسجد السيدة نفيسة، بحضور السلطان مفضل سيف الدين سلطان طائفة البهرة في الهند، وعدد من القيادات الدينية والشعبية.
ويقع مسجد وضريح السيدة نفيسة رضي الله عنها في نطاق حي الخليفة، بالمنطقة المسماة قديمًا بدرب السباع، وبالقرب من مسجد وضريح الإمام علي زين العابدين رضي الله عنه.
كما يقع مسجد السيدة نفيسة بالقرب من منطقة مصر القديمة وهو من أعرق المساجد بمحافظة القاهرة لاحتوائه على مقام السيدة «نفيسة بنت الحسن» وهى من أهل بيت رسول الله.
ويعتبر مسجد السيدة نفيسة، أحد أشهر مساجد "آل البيت" النبوي، ويعد أول مسجد فى طريق يعرف بطريق أهل البيت، وهو طريق يضم عدة محطات مشرفة منها مسجد السيدة نفيسة، ومشهد الإمام على زين العابدين، ومشهد السيدة زينب بنت الإمام علي، ومسجد السيدة سكينة بنت الحسين، والسيدة رقية بنت الإمام على بن أبى طالب، وسيدي محمد بن جعفر الصادق، والسيدة عاتكة عمة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
وعندما توفيت السيدة نفيسة، أراد زوجها دفنها في البقيع، فحزن أهل مصر حزنًا شديدًا، فهرعوا إلى الوالي واستجاروا به عند زوجها، ليرده عما أراد، فأبى، فجمعوا له مالا وفيرا وسألوه أن يدفنها عندهم، فأبى أيضا، فباتوا منه فى ألم عظيم، لكنهم عند الصباح فى اليوم التالي، وجدوه مستجيبًا لرغبتهم، فلما سألوه عن السبب قال: "رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول لى رد عليهم أموالهم وادفنها عندهم".
فيما ينتظر ملايين المصريين افتتاح مسجد السيدة زينب والذي يجرى العمل على قدمٍ وساق لافتتاح مسجدها بعد تطويره.
وتفقد أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أعمال تطوير مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بالقاهرة موجهًا الشكر إلى سيادة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على اهتمام سيادته بعمارة بيوت الله (عز وجل) بصفة عامة ومساجد آل البيت بصفة خاصة، كما وجه الشكر إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على جهودها العظيمة في تطوير مساجد آل البيت سواء ما تم في مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) ومسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) أم ما يجري من تطوير يليق بمسجد السيدة زينب (رضي الله عنها).
وخلال تفقده لأعمال تطوير مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) أشاد وزير الأوقاف بدقة أعمال التطوير، مؤكدًا أن مصر تسجل صفحات مضيئة في بناء وتطوير وعمارة المساجد سواء ما تم ويتم في مساجد آل البيت أو ما تم في مسجد سيدنا عمرو بن العاص ومسجد الظاهر بيبرس أو ما تم تشييده من مساجد تليق بتاريخ مصر وحاضرها وفي مقدمتها مسجد مصر ومركزها الثقافي الإسلامي أيقونة العمارة الإسلامية في العصر الحديث.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مساجد عمارة المساجد مساجد آل البيت الرئيس عبدالفتاح السيسي مسجد الإمام الحسين مسجد الظاهر بيبرس مسجد الإمام الحسین تطویر مسجد السیدة مسجد السیدة نفیسة مسجد الظاهر بیبرس مسجد السیدة زینب الدولة المصریة مساجد آل البیت رضی الله عنها رضی الله عنه ملیون جنیه
إقرأ أيضاً:
وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مسجد المشير طنطاوي لأداء صلاة الجمعة.. فيديو
وصل منذ قليل، الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى مسجد المشير طنطاوي لحضور صلاة الجمعة الثانية في رمضان.
ونشرت القناة الفضائية المصرية، بثا مباشرا لنقل فعاليات ثاني جمعة فى رمضان من مسجد المشير طنطاوي بالقاهرة الجديدة.
وحددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان: "وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ"، وقالت وزارة الأوقاف: إن الهدف من هذه الخطبة هو توعية الجمهور بمنزلة ومكانة وأجر الشهداء عند رب العالمين، علمًا بأن الخطبة الثانية تتناول التحذير البالغ من المراهنات الإلكترونية.
وجاء نص خطبة الجمعة الثانية في رمضان كما يلي :
لمشاهدة البث المباشر من هنا
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَمَا تَقُولُ، وَلَكَ الحَمْدُ خَيْرًا مِمَّا نَقُولُ، سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، وأَشهدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، إلهًا أَحَدًا فَرْدًا صَمَدًا، وأَشهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:
فَإِنَّ أَجَلَّ صُوَرِ النُّبْلِ والشَّرَفِ والوَفَاءِ وَالفِدَاءِ أَنْ يَجُودَ الإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ يُقَدِّمَ رُوحَهُ سَخِيًّا بِهَا فِدَاءً لِوَطَنِهِ، إِنَّهَا مَرْتَبَةٌ لَا تُدَانِيهَا مَرْتَبَةٌ، وَمَنْزِلَةٌ لَا تُقَارِبُهَا مَنْزِلَةٌ، لَحْظَةٌ مِنَ الزَّمَانِ بِوَزْنِ الزَّمَانِ كُلِّهِ، يَوْمَ تُطِلُّ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَالِجبَالُ عَلَى بَطَلٍ مِنْ أَبْنَاءِ مِصْرَ فِي لَحْظَةِ خَطَرٍ لَمْ يَعُدْ أَمَامَهُ سِوَى أَحَدِ خِيَارَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَنْجُوَ بِنَفْسِهِ وَيُؤْثِرَ سَلَامَتَهُ لِيَتْرُكَ الخَطَرَ يَتَسَلَّلُ إِلَى بَلَدِهِ وَوَطَنِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْثرَ الوَطَنَ وَيَفْتَدِيَهُ بِرُوحِهِ وَيُقَدِّمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِهِ، وَيَوْمَ أَنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ نَجَاةَ بَلَدِهِ تَكْمُنُ فِي تَقْدِيمِ رُوحِهِ قَدَّمَهَا فِدَاءً لِوَطَنِهِ رَخِيصَةً لِيَسْتَمِرَّ الوَطَنُ نَابِضًا بِالحَيَاةِ، مُثْمِرًا بِالخَيْرِ وَالسَّلَامِ وَالإِبَاءِ وَالنَّمَاءِ.
أَيُّهَا النَّاسُ، تَأَمَّلُوا الشَّهِيدَ فِي جِنَانِ الفِرْدَوْسِ وَعَلْيَاءِ الخُلُودِ، يُطِلُّ عَلَيْنَا مِنْ وَرَاءِ حُجُبِ الغَيْبِ لِيَرَى طِفْلًا وَلِيدًا يَنْظُرُ إِلَى الحَيَاةِ بِأَمَلٍ، ، وَلِيَرَى مَرِيضًا يَنْتَظِرُ لَحْظَةَ شِفَاءٍ عَلَى يَدِ طَبِيبٍ وَفِيٍّ، وَلِيَرَى عَالِمًا عَاكِفًا فِي قَاعَةِ دَرْسِهِ، وَلِيَرى فَلَّاحًا يَغْرِسُ بِحُبٍّ أَرْضَهُ، وَلِيَرَى أُمًّا كَرِيمَةً تَرْعَى بَيْتًا كَرِيمًا، وَجَمِيعُ هَؤُلَاءِ فِي كِفَّتِهِ وَفِي أَمَانِهِ، فَإِنَّ الشَّهِيدَ اسْتَقْبَل الشَّهَادَةَ بِشَجَاعَةٍ لِيَحْيَا هَؤُلَاءِ، مَاتَ الشَّهِيدُ لِيَحْيَا وَطَنُهُ، وَكَأَنَّنَا بِالشَّهِيدِ يُطِلُّ مِنْ وَرَاءِ حُجُبِ الغَيْبِ عَلَى وَطَنٍ عَزِيزٍ لِيَسُرَّ قَلْبَهُ أَنَّ أَرْضَ الكِنَانَةِ بِسَائِرِ شَعْبِهَا الكَرِيمِ يَقِفُونَ امْتِنَانًا لَهُ وَعِرْفَانًا بِقَطْرَةِ دَمٍ شَرِيفَةٍ سَالَتْ مِنْهُ افْتِدَاءً لَهُمْ بِرُوحِهِ.
أَيُّهَا الكِرَامُ، إِنَّ الكَلِمَاتِ لَتَعْجِزُ عَنْ وَصْفِ جَلَالِ أَجْرِ الشَّهِيدِ، وَلَذِلَكِ فَإِنَّ رَبَّ العَالَمِينَ جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ بَيَانَ العَطَاءِ الإلَهِيِّ لِلشَّهِيدِ، فَهَا هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ}، فَيَا أُمَّ الشَّهِيدِ اطْمَئِنِّي وَأَبْشِرِي، إِنَّ وَلَدَكِ البَطَل فِي جِوَارِ رَبِّ العَالَمِينَ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ، يَتَنَعَّمُ بِأَجْرِهِ وَيَسْتَنِيرُ بِنُورِهِ، وَقَدْ وَصَفَ لَنَا القُرْآنُ الكَرِيمُ ثَمَانِيَةَ أَرْكَانٍ وَقَوَاعِدَ بُنِيَتْ عَلَيْهَا مَكَارِمُ الشَّهِيدِ، حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللهِ أَمْوَاتًا} نِدَاءٌ لِكُلِّ أَبٍ وَأُمٍّ، لِشَعْبِ مِصْرَ العَظِيمِ، إِيَّاكُمْ أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَنْ لَقِيَ رَبَّهُ شَهِيدًا قَدْ مَاتَ {بَلْ أَحْيَاءٌ} حَيَاةً بَاقِيَةً خَالِدَةً سَرْمَدِيَّةً تَتَقَاصَرُ بِجِوَارِهَا حَيَاتُنَا الفَانِيَةُ، {عِنْدَ رَبِّهِمْ} عِنْدِيَّة القَدْرِ وَالشَّرَفِ وَالفَخْرِ وَالمَجْدِ، {يُرْزَقُونَ} وَإِذَا تَكَلَّمَ رَبُّ العَطَاءِ عَنِ الرِّزْقِ وَالعَطَاءِ فَهُوَ العَطَاءُ والتَّجَلِّي وَالفَيْضُ وَالكَرَامَةُ وَالنُّورُ وَالنَّعِيمُ المُقِيمُ {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللُه مِنْ فَضْلِهِ} {وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ}، يَنْظُرُ الشُّهَدَاءُ مِنْ حُجُبِ الغَيْبِ لِرِفَاقِهِمْ الجُنُودِ المُخلِصِينَ يُنَادُونَهُمْ فِي هَمْسٍ لَا يَسْمَعُهُ الكَوْنُ: قَدِ افْتَدَيْنَاكُمْ بِحَيَاتِنَا، فَلَا تُفَرِّطُوا فِي الأَمَانَةِ {أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ}.
وَهَذِهِ بَعْضُ البَشَائِرِ النَّبَوِيَةِ وَالمَكَارِمِ المُصْطَفَوِيَّةِ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ، بَثَّهَا لَنَا الجَنَابُ الأَكْرَمُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَ: «لَا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ أَبَدًا»، وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إلَّا الَّذِي مَاتَ مُرابِطًا فِي سَبِيلِ اللهِ؛ فَإِنَّه يُنْمَى لَهُ عَمَلُه إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ».
عِبَادَ اللهِ، مَا أَجْمَلَ أَنْ تَتَعَانَقَ ذِكْرَى يَوْمِ الشَّهِيدِ مَعَ ذِكْرَيَاتِ العِزِّ وَالشَّرَفِ الرَّمَضَانِيَّةِ، مَا بَيْنَ غَوْثِ بَدْرٍ، وَفَتْحِ مَكَّةَ، وَمَعْرَكَةِ حِطِّينَ، وَمَلْحَمَةِ عَيْنِ جَالُوتَ، وَإِشْرَاقَةِ العَاشرِ مِنْ رَمَضَانَ أُكْتُوبَر؛ لِتَتَجَلَّى صُوَرُ الأَبْطَالِ فِي أَبْهَى حُلَّةٍ، وُجُوهٌ طَيِّبَةٌ نَحَتَتْهَا شَمْسُ الصَّحَراءِ، وَعُيُونٌ سَاهِرَةٌ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَسَوَاعِدُ قَوِيَّةٌ تَحْمِلُ السِّلَاحَ دِفَاعًا عَنِ الوَطَنِ، وَقُلُوبٌ عَامِرَةٌ بِالإِيمَانِ وَاليَقِينِ.
فَلْنَقِفْ وَقْفَةَ إِجْلَالٍ وَإِكْبَارٍ لِشُهَدَاءِ الوَطَنِ، وَلْنُحِي ِسيرَتَهُمْ، وَلْنُرَبِّ أَوْلَادَنَا عَلَى بُطُولاتِهِمْ، وَلْنَغْرِسْ فِي النَّشْءِ مَعَانِيَ الشَّهَامَةِ وَالتَّضْحِيَةِ وَالفِدَاءِ، وَلْنُقَدِّمْ لَهُمْ مَلَاحِمَ شُهَدَاءِ الوَطَنِ قِصَصًا مُلْهِمَةً، وَنَمَاذِجَ مُنِيرَةً، تُحْيِي فِي دَاخِلِهِمْ مَجْدَ أُمَّةٍ قَامَ عَلَى أَكْتَافِهَا شَرَفُ الرُّجُولَةِ وَالفِدَاءِ.
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فَيَا أَيُّهَا الكِرَامُ: إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ المُبَارَكِ مَيْدَانُ التَّنَافُسِ وَالتَّسَابُقِ عَلىَ فِعْلِ الطَّاعَاتِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِأَنْوَاعِ القُرُبَاتِ، فَأَرُوا اللهَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا؛ فَإِنَّ المَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَيْرَ هَذَا الشَّهْر الفَضِيلِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنَ الحِرْمَانِ وَالخِذْلَانِ أَنْ يَسِيلَ لُعَابُ إِنْسَانٍ عَلَى كَسْبٍ سَرِيعٍ أَثِيمٍ، فَيُقْبِلُ عَلَى المُرَاهَنَاتِ الإِلِكْتِرُونِيَّةِ الَّتِي هِيَ مَيْسِرٌ مُحَرَّمٌ وَسُلوكٌ مُجَرَّمٌ، وَأَكْلٌ لِأَمْوَالِ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، يَقُولُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وَيَقُولُ سُبْحَانَه: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ}.
أَيُّهَا المُكَرَّمُ، إِنَّ تَعْكِيرَ صَفْوِ طَاعَتِكَ للهِ تَعَالَى بِالقِمَارِ والمُرَاهَنَاتِ خَوْضٌ فِي مَسَالِكِ المَخَاطِرِ وَالشُّرُورِ، وَظُلْمٌ لِلنَّفْسِ وَلِلْغَيْرِ، إِنَّ المَرَاهَنُاتِ الإِلِكْتِرُونِيَّةَ مَيْسِرٌ وَقِمَارٌ، وَمَعْصِيَةٌ لِلهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ، كَيْفَ تَطيبُ نَفْسُكَ أَنْ تَأْخُذَ مَالَ غَيْرِكَ بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ مِنْ غَيْرِ حَقٍّ وَلَا كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ؟! كَيْفَ تَهْنَأُ بِشَهْر الطَّاعَةِ والرَّحْمَةِ وَالخَيْرِ وَالفَيْضِ وَالعَطَاءِ وَأَنْتَ تُقَامِرُ وَتُرَاهِنُ وَتَرْجُو ضَرْبَةَ حَظٍّ مُهْلِكَةً مُوبِقَةً؟! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ غَايَةَ الصِّيَامِ التَّقْوَى؟! فَكَيْفَ لِمُقَامِرٍ أَنْ يَكُونَ مِنْ عِبَادِ اللهِ المُتَّقِينَ؟!
عِبَادَ اللهِ، وَجِّهُوا طَاقَاتِكُمْ إِلَى العَمَلِ وَالإِنْتَاجِ، احْشدُوا هِمَمَكُمْ لِلتَّنْمِيَةِ وَخِدْمَةِ الوَطَنِ، تَعَرَّضُوا لِلرَّوْحَانِيَّاتِ وَتَذَوَّقُوا لَذَّةَ المُنَاجَاةِ فِي شَهْرِ البَرَكَاتِ وَالنَّفَحَاتِ، تَنَافَسُوا فِي الطَّاعَةِ وَالقُرْبِ {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ}.
اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الحَلَالَ الطَّيِّبَ وَبَارِكْ لَنَا فِيهِ
وتَقَبَّلْ صِيَامَنَا وَقِيَامَنَا وَصَالِحَ أَعْمَالِنَا
وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ