شفق نيوز:
2025-01-04@09:17:31 GMT

الناسُ تتلظى و(العجايا) تستعرض!

تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT

الناسُ تتلظى و(العجايا) تستعرض!

لقد كشفت كارثة احتراق قاعة الأعراس في قضاء الحمدانية الى الشرق من الموصل عاصمة محافظة نينوى، حقيقة أن الدولة لا يمكن أن تأخذ مجراها وقوتها وديمومتها بوجود مجموعات مسلحة وميليشيات مهيمنة على مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وأثبتت تلك المأساة التي راح ضحيتها مئات الأطفال والنساء والشيوخ، في أول كارثة من نوعها بعد ملجأ العامرية في العاصمة العراقية أبان الحرب العراقية الإيرانية، بأنه حان الوقت لفتح ملفات هذه المجاميع والفصائل المسلحة وما تحتويه من تنظيمات ومافيات وزعامات تخفي وراء وجودها فضائح تزكم الأنوف وهي تستعرض عضلاتها بين الأهالي وتتدخل في الصغيرة والكبيرة في شؤون الدولة بما يعيق ديمومتها ويشيع الفوضى والفلتان على حساب هيبة الدولة ومكانتها.

بعد سقوط النظام بسنوات أبتلي العراق وخاصة المدن بتلك الجماعات والميليشيات التي تمركزت في النقاط التي تدر وتنزف أموالاً كالمنافذ الحدودية والموانئ ونقاط السيطرة الثابتة والمتحركة بين المدن، إضافة إلى الشركات الأجنبية والمحلية والمشاريع بكل مستوياتها وتجارة الخمور والمخدرات والأسلحة، حيث تفرض على الجميع أتاوات وبدل مرور وبدل ما يُسمى بالحماية وضرائب وتبرعات إجبارية، وهذا ما يحصل اليوم من البصرة وحتى الموصل وغرباً من ربيعة وسنجار وحتى عرعر على الحدود السعودية، حيث تنتشر مافيات مسلحة وزعامات ميليشياوية بتجهيزات عسكرية وإمكانيات لا تمتلكها الدولة تُشيع الرعب والإرهاب بين الأهالي وفي تلك المراكز لتفرض هيمنتها على صناديق الأموال والضرائب والدخول والخروج وابتزاز الأموال.

والعجيب أن رؤساء هذه العصابات التي شرعنت نفسها بعباءة أجهزة الدولة ومؤسساتها، يتجولون في المدن والقرى بأرتال من أحدث السيارات وبعشرات من عناصر الحماية مرتدين أزياء تشبه أزياء رعاة البقر في أمريكا، بل عن قادة تلك المافيات أطلقوا لحاهم وشعر رؤوسهم وكأنهم قراصنة البحار، علماً بأن غالبيتهم أنصاف أميين وغير متعلمين اشتروا شهادات مزورة من جامعات مشبوهة في لبنان وإيران، وجمعوا حولهم أفواج من العاطلين عن العمل برواتب مغرية في تشكيلات شبه عسكرية من أفواج وألوية بحجة الحفاظ على الأمن ومكافحة الإرهاب، وأصبحت شماعة الإرهاب واحدة من أهم وسائلهم للإيقاع بأي شخص لمجرد معارضته لهم أو وقوفه بالضد من ارتزاقهم، وهذا ما يحصل في العديد من مدن العراق الغربية والشمالية الغربية وصولاً إلى ميناء البصرة وبقية المنافذ الجنوبية والشرقية مع إيران والكويت والسعودية.

لقد تحولوا بين ليلة وضحاها إلى اقطاعيات مالية ضخمة تساندهم أذرع تنفيذية وقضائية، بل ونجحوا من خلال تلك الأموال في صناعة أحزاب كارتونية امتدت الى كراسي البرلمان، وهذا ما اتضح في كوارث عديدة حصلت خلال السنوات الماضية بسبب حمايتهم للفساد المستشري في مفاصل الدولة وآخرها كارثة قاعة الأعراس في قضاء الحمدانية إلى الشرق من مركز مدينة الموصل ذي الغالبية المسيحية والتي راح ضحيتها المئات من الأطفال والنساء والشيوخ، حيث أشرت التحقيقات الأولية إلى تورط العديد من زعماء تلك المافيات والميليشيات بشكل أو بآخر في تلك الكوارث، بحمايتهم لأصحاب تلك المشاريع أو مالكين لها أو فاعلين رئيسيين فيها لأغراض انتخابية أو سياسية عدوانية.

إن ما تقوم به هذه المجموعات وزعمائها يذكرنا بالمثل الدارج في الشعبيات العراقية (عجايا والدنيا عيد)* حيث ما يزال هذا المثل يستحوذ على موقعه كأقوى توصيف لفعاليات وسلوكيات وحتى أزياء رؤساء الجماعات المسلحة والميليشيات التي انتشرت ونمت بشكل سرطاني خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد نجاح القوات العراقية والبيشمركة والتحالف الدولي في القضاء على الهيكل الإداري لتنظيمات الإرهاب التي كانت تسيطر على عدة مدن عراقية وكردستانية، وتحول هؤلاء القراصنة إلى أبطال كارتون ونمور ورقية تمثل على مسرح الانتصار على الإرهاب، بينما تقوم بأعمال لا تختلف كثيراً عما كانت تقوم به تلك التنظيمات الإرهابية إلا اللهم بفارق الزي والملابس حيث عرف عن عناصر تنظيم الدولة الزي الافغاني أو الباكستاني، بينما يرتدي أبطال الكارتون من زعماء العصابات أزياء قراصنة البحار وممثلي هوليود في أفلام رعاة البقر.

[email protected]

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي

إقرأ أيضاً:

العلاقات العراقية الإيرانية بعد زلزال سوريا

مر أقل من شهر على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، لكن تأثيرات التغيير الذي حصل لايزال يعيد تشكيل الإقليم كله، ويعيد تغيير شكل العلاقات في الدول نفسها التي تعنى بهذا التغيير، وليس العلاقة بين هذه الدول مع سوريا وحسب.

ولعل إيران المتضرر الأكبر مما حدث؛ فقد تقطعت أوصال الهلال الشيعي الذي عملت على مدى 44 عاما على صناعته، فمنذ العام 1980 استطاعت إيران أن تبني علاقات استراتيجية مع نظام حافظ الأسد الذي وقف معها بقوة في حرب الثماني سنوات مع العراق، وصل الأمر إلى حرمان سوريا نفسها من واردات مرور النفط العراقي من أنبوب كركوك ـ بانياس لنقل النفط عام 1982، الأمر الذي أفقد العراق، يومها، نصف قدرته التصديرية، ولم يبق له سوى تصدير النفط عبر خط كركوك ـ جيهان المار عبر تركيا، بعد تعذر تصدير النفط عبر الخليج العربي بسبب الحرب.

ومنذ عام 1982دخلت إيران بشكل رسمي في لبنان، بعد زيارة الشيخ صبحي الطفيلي (الذي كان يرأس وقتها تجمع علماء البقاع) لإيران ولقاء الخميني في تلك السنة، ثم إعلان التزامهم «بقرار الولي الفقيه» وتشكيل حزب الله، الذي تأخر الإعلان الرسمي عنه إلى 16 شباط/ فبراير 1985، بل إن بعض المصادر تشير إلى أن تسمية «حزب الله» كانت اقتراحا للخميني نفسه. وقد دخل الحزب في مواجهات عسكرية عديدة مع حركة أمل الشيعية، لم تنته إلى عام 1990، لغرض احتكار التمثيل الشيعي في لبنان لمصلحة إيران.

ويكتمل هذا الهلال بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث استطاعت إيران أن تتغول في العراق، بسبب طبيعة العلاقات التي كانت تحكم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، بإيران، ذلك أن هذا التنظيم تشكل في إيران بالأساس بقرار من الخميني شخصيا، ليكون بمثابة المظلة للمعارضة الإسلامية الشيعية العراقية المؤمنة بمقولة ولاية الفقيه، وترأسه لحظة التأسيس آية الله محمود الهاشمي الشاهرودي الذي كان أحد أعمدة النظام الإيراني.

والخميني سمح للمجلس بالتعاون الرسمي مع الولايات المتحدة الأمريكية التي كان قد يصفها بعبارة الشيطان الأكبر. وقد اضطرت الولايات المتحدة للقبول بهذا الأمر الواقع لأسباب عديدة، كان أحدها الحاجة إلى تحييد الطرف الشيعي في سياق مواجهتها مع المقاومة السنية المتصاعدة.

لم تخسر إيران سوريا وحسب بسقوط نظامها، بل خسرت حزب الله أيضا، فلم تعد هناك إمكانية حقيقية لأي تواصل لوجستي بين إيران ولبنان، وبالتأكيد لن تسمح الولايات المتحدة، أو الاحتلال الإسرائيلي، لإيران باستخدام البحر أو الجو لتعويض هذه الخسارة، خاصة بعد الذي تعرض له حزب الله في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل. وبالتأكيد لا تعول إيران على إمكانية استمرار الأوضاع في اليمن على ما هي عليه، لاسيما بعد تحول المواجهة مع الحوثيين إلى مواجهة ذات طابع دولي، وهو ما ستكون له تداعيات حتمية على الأوضاع في اليمن عموما، وعلى سلطة الأمر الواقع التي شكلها الحوثيون هناك بدعم إيراني مباشر.

هذه التغييرات الجيوسياسية المتلاحقة، ستفرض، بالضرورة، شروطها على العلاقات العراقية الإيرانية، خاصة في ظل إدارة ترامب وفريقه وتصريحاتهم المعلنة تجاه إيران؛ فزيادة الضغط على إيران ستفرض على الفاعل السياسي الشيعي الذي يحتكر القرار السياسي في العراق اليوم، خيارات صعبة جدا، ليس سياسيا فقط، وإنما اقتصاديا وعسكريا أيضا.

فالعراق يعتمد بشكل كبير على إمدادات الغاز الإيرانية لمحطاته الغازية لإنتاج الكهرباء، كما أنه يستورد طاقة كهربائية من إيران لسد النقص الكبير لديه، وإذا ما كانت الولايات المتحدة قد استثنت العراق من عقوباتها بشأن هذين الأمرين خلال السنوات الثماني الماضية، فليس هناك ما يمنع الصقور في إدارة ترامب الجديدة من إلغاء هذه الاستثناءات من أجل مزيد من الضغط على الفاعلين السياسين الشيعة في العراق لتحجيم علاقتهم بإيران.

كما أن هيمنة الفيدرالي الأمريكي على تحويلات الدولار إلى العراق، سيعطي للإدارة الجديدة القدرة على استخدام هذه الأداة الثمينة نحو مزيد من الضغوط الاقتصادية، لاسيما أن العراق متهم بمساعدة إيران التي تعتمد بشكل كبير على الفجوات المتعلقة بإدارة الدولار في البنك المركزي العراقي، وفي البنوك العراقية الأهلية، للحصول على الدولار من العراق.

لقد غضت الإدارتان الأمريكيتان السابقتان الطرف أيضا عن حجم التجارة الكبير بين العراق وإيران، الذي وصل في العام 2024 إلى ما يزيد عن 12 مليار دولار (وفقا لمساعد وزير الاقتصاد رئيس مصلحة الجمارك الإيرانية محمد رضواني فقد بلغت واردات العراق من إيران 3 مليارات و772 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024) دون حساب أثمان الغاز والكهرباء، أو استيرادات الأسلحة والذخائر من إيران، وعلى الأغلب ستكون هذه الورقة حاضرة في أذهان صانع القرار الأمريكي إذا ما قرر زيادة الضغط على إيران والعراق معا.

الملف الأهم في هذا السياق هي الميليشيات العراقية التي ترتبط عضويا بالحرس الثوري الإيراني والتي يطلق عليها في العراق الميليشيات الولائية (لإيمانها بالولي الفقيه واتباع أوامره بوصفها أوامر مقدسة واجبة الطاعة). وهي تشكل الغالبية العظمى من الميليشيات التي تنضوي تحت مسمى «الحشد الشعبي» وهي تتلقى تمويلها من الموازنة العراقية العامة دون أن تأتمر بأوامر الدولة العراقية! فقد دخلت هذه الميليشيات بمواجهات مباشرة مع القوات الأمريكية في العراق، كما وسعت عملياتها لتشمل القواعد الأمريكية في سوريا والأردن أيضا، ولتشمل إسرائيل في سياق مبدأ «وحدة الساحات» التي رفعتها إيران.

جميع المؤشرات تذهب إلى أن ثمة قرارا أمريكيا بعدم السماح لهذه الميليشيات بالبقاء على ما هي عليه، (مع أن الولايات المتحدة ساهمت بنفسها في تغول هذه الفصائل في سياق الحرب على داعش، وكانت تمدها بشكل غير مباشر بالسلاح، وتوفر لها غطاء جويا في عملياتها العسكرية) واليوم أصبح مستقبل هذه الميليشيات على المحك، وبالتالي فإن تعاطي الدولة العراقية معها سيحدد إلى حد كبير طبيعة العلاقات العراقية الإيرانية مستقبلا.

لكن إيران تمتلك عمليا ورقة أخيرة، وهي ورقة ملفها النووي، وقد تفكر في استخدام هذه الورقة لضمان الإبقاء على وجودها في العراق «غرة هلالها» في مقابل تنازلات مريرة في الملف النووي خاصة وهي تعلم أن ترامب رجل صفقات في النهاية، وليس رجل مبادئ!

في جميع الأحوال، لم تعد العلاقات العراقية الإيرانية شأنا داخليا للبلدين، بل أصبح شأنا إقليميا ودوليا، والمعضلة هنا أنه ليس ثمة قرار للدولة العراقية في هذا الشأن في ظل الغياب المطلق للعقلاء في إدارة الدولة، وسيكون موقفها تبعا لما يقرره الآخرون!

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • بكري: الغرياني هو “مفتي الإرهاب في ليبيا”.. ومفترض أن يُعامل معاملة “المجانين”
  • «لاغرياني ولا برياني».. مصطفى بكري ساخرا من مفتي الإرهاب في ليبيا بعد هجومه على مصر
  • التربية العراقية تثبت مديرين عامين بالأصالة في 7 محافظات (وثيقة)
  • انتبه، نشال!: المرأة التي غزت الانترنت لمكافحتها الجريمة بشوارع البندقية
  • العلاقات العراقية الإيرانية بعد زلزال سوريا
  • خاص.. تدهور كبير بأوضاع مدينة سورية على الحدود العراقية (صور)
  • بيان من العمل العراقية بشأن دفعة الإعانة الاجتماعية للشهر الجاري
  • الداخلية العراقية: تسليم المطلوب الكويتي إجراء قانوني ضمن التعاون الدولي
  • الحشد الشعبي يعزز قواته في الأنبار ضمن خطة لتأمين الحدود العراقية السورية
  • تعرف على المدن التركية التي يعيش فيها الناس أطول عمراً؟