رغم تنديد موسكو.. برلمان أرمينيا يُصدق على اتفاقية نظام روما للجنائية الدولية
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
وسط معارضة داخلية وخارجية، صدق البرلمان الأرميني على اتفاقية نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بعدما صوت لصالحه 60 عضوا.
ويحتاج التصديق الذي عارضه 22 عضوا بالبرلمان إلى توقيع رئيس الدولة ليدخل حيز التنفيذ بعد 60 يوما من استكمال إجراءات الدولة الداخلية.
وقبيل التصويت، أكد رئيس لجنة الشؤون القانونية في البرلمان يجيشه كيراكوسيان، إن بلاده تقوم بتوفير ضمانات إضافية لأرمينيا في مواجهة أي تهديد محتمل لسلامة أراضيها من أذربيجان.
ولفت إلى أن التصديق يعني أن أي اجتياح مقبل لأراضي البلاد سيكون مسألة ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما سيكون له تأثير رادع لأي طرف معادٍ.
ويأتي تصديق البرلمان اليوم على الاتفاقية وسط رفض داخلي من المعارضة التي تعتبره خطوة غير دستورية ومحفوف بالمخاطر، وخارجي من موسكو التي تعتبره قرار عدواني ضدها.
وفي هذا السياق، أعلنت كتلة أرمينيا المعارضة أنها تعتبر التصديق على نظام روما الأساسي وفق الإجراء المعروض غير دستوري.
وأشارت الكتلة إلى أن هذه المسألة ليست محل نقاش في هذه المرحلة.
اقرأ أيضاً
أذربيجان وأرمينيا.. تدافع إقليمي ودولي يعقد مسار الأزمة في قرة باغ
من جانبه، قال الحزب الجمهوري الأرميني، وهو جزء من تكتل لدي الشرف، إن قرار السلطات الأرمينية التصديق على نظام روما الأساسي في الوضع الجيوسياسي الحالي محفوف بعواقب لا يمكن التنبؤ بها.
والخميس، ندّد الكرملين (الرئاسة الروسية) باعتزام أرمينيا الانضمام إلى نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، ورأى فيه قرارا عدوانيا تجاه روسيا.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن بلاده لا ترحب بقرار يريفان الانضمام إلى الجنائية الدولية.
وكانت الجنائية الدولية أصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ملف مرتبط بجرائم حرب ارتكبت في أوكرانيا.
وفي وقت سابق، أعلنت أرمينيا أن التصديق على نظام روما الأساسي لا يرتبط بعلاقاتها مع روسيا، بل برغبتها في ملاحقة مسؤولين أذربيجانيين.
وشهدت الفترة الأخيرة توترا في علاقات روسيا بأرمينيا، رغم أن البلدين حليفان تقليديان.
وقد استدعت روسيا مؤخرا سفير أرمينيا للاستفسار منه عن "إجراءات غير ودية" اتخذتها بلاده، بعدما أعلنت يريفان عن تدريبات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
أرمينيا تعلن إحباط محاولة انقلاب للاستيلاء على السلطة
المصدر | الخليج الجديد+ وسائل إعلام
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أرمينيا نظام روما الأساسي البرلمان الأرميني المحكمة الجنائية الدولية روسيا المعارضة الأرمينية أذربيجان نظام روما الأساسی الجنائیة الدولیة
إقرأ أيضاً:
هل تقود روسيا القيصرية إلى نظام عالمي مُتعدد الأقطاب؟
حمد الناصري
تمتلك روسيا الاتحادية جوانب ثقافية مُتعددة، تتشابك إثنياتها في تقاليد شتى، لا سيما المتعلقة بالأدب والفن الشعبي والموسيقى التقليدية والعمارة والسينما والفلسفة والسياسة، وكل ذلك له تأثير على الثقافة العالمية، ناهيك عن امتلاكها ثقافة مادية ثرية كالتراث التقني الذي تثري به.
والثقافة الروسية نشأت منذ نشوء السلاف الشرقيين وتكوين معتقدهم الوثني في الغابات والسهول، كما تأثرت مناطق أوروبا الشرقية وأوراسيا بالثقافة الروسية؛ فالشعب السلافي في روسيا عبارة عن أتراك "بدو" والتتار وقبائل أخرى من أصول إيرانية. أو ما يُعرف بشعوب الفينية الأوغرية وشعوب البلطيق والأسكندنافيين والشعوب الجرمانية عبر الشمال الروسي.
وللإمبراطورية البيزنطية واليونانية روابط قوية في روسيا القديمة أواخر الألفية الأولى بعد الميلاد، إضافة إلى ثقافة بحر الشمال كالأرانجيين أو الفايكينج الأسكندنافيين في الألفية الثانية للميلاد. وكان لها أثر عميق على الثقافة الروسية، ومن خلال ذلك الاندماج القبائلي أو الثقافي الزاخر بتراث بعيد وعميق تشكَّلت القبائل السلافية الأولى، واندمجت في ثقافات الشمال الأوروبي وأوروبا الشرقية وآسيا الشرقية التي شكلت الهوية الروسية.
ولا شك أن الزخم الكبير لثقافة "الفولجا" التي عُرفت بـ"روس كاجاناتي" أو بـ"روس الكييفية"؛ إذ بدأ المسيحيون الأرثوذكس يتوافدون عبر الإمبراطورية الرومانية الشرقية في القرن التاسع، واعتنقت روس الكييفية رسميًا المسيحية الأرثوذكسية في عام 988 ميلادية. وعُرِفت بالثقافة الروسية في الألفية التي تلت توليف الثقافات السلافية والبيزنطية. وهكذا طورت روسيا ثقافتها وتأثرت بموقعها بين ثقافتين أوروبية وآسيوية أي ثقافة روسية أوراسية.
وبعد سقوط القسطنطينية على يد العثمانيين الأتراك عام 1453م، ظلت روسيا الدولة الأرثوذكسية الأكبر في العالم، فأطاحت بإرث الخلافة البيزنطية في فكرة روما الثالثة. وتداعت الأحداث بين عامي 1547م- 1721م وقعت أحداث تاريخية مهمة، من مثل نشوء سمات ثقافية روسية تطورت إلى ما يعرف بـ"روسيا القيصرية".
تطورت إصلاحات بطرس الأكبر الذي حكم بين عامي 1682 و1725 وحكم الإمبراطورية الروسية لقرنين من الزمان، والتي توافقت ثقافتها مع الثقافة الأوروبية إلى حد كبير. وقد تغير الموقف في القرن العشرين حين أصبحت الأيديولوجية الشيوعية في الثقافة الروسية مُستوردة من أوروبا.
وتعد اللغة الروسية أكثر اللغات السلافية تجانسًا والأكثر انتشارًا واعتمادًا في روسيا. ويقع أشهر المتاحف الروسية في العالم على نهر النيفا في مدينة سانت بطرسبورج.
خلاصة القول.. يُعد التنوع الثقافي الروسي ميزة تنافسية في السياسة الدولية؛ إذ أصبحت الثقافة الروسية قوة ناعمة تُشغل المنظمات العالمية، مُجبرةً بذلك الدول المتقدمة على الاهتمام بتعزيز تنوعها الثقافي الخاص. ويُثير هذا التفاعل تساؤلات حول افتراضات نظام عالمي أحادي القطب، مُحتملًا أن يؤدي إلى احتكار لهذا التنوع الثقافي. وبدلًا من ذلك، يُفترض وجود نظام عالمي متعدد الأطراف يُعزز التنوع الثقافي الحقيقي ويسعى لسياسة مجتمعية موحدة، يُمارس قيادته إيجابًا وخارجًا عن أي انحياز.
أسئلة كثيرة تدور في دهاليز السياسة، فضلًا عن طرح قضايا وتوقعات فكرية مهمة كالدور الثقافي القوي المُحتمل حدوثه لروسيا نتيجة تنوع مصادره التاريخية والفكرية والدينية والعرقية، كما إن دور روسيا الحالي والقوي في السياسة العالمية والناتج عن نمو جانبها العسكري إلى درجة كبيرة، جعل صوتها يصدح في الساحة السياسية الدولية العُليا، وجعل منها ندًا لا يُستهان به للولايات المتحدة الأمريكية، ناهيك عن تحالفاتها السياسية والاقتصادية مع دول المنطقة وبالأخص في الشرق الأوسط؛ مما جعلها معادلًا منطقيًا لكفة ميزان القوى العالمية.