لماذا تراجعت بريطانيا عن إرسال جنود لأوكرانيا؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
لندن- لا تزال أصداء تصريحات وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس بشأن إرسال بلاده قوات إلى أوكرانيا تتردد بقوة، وهو ما دفع رئيس الوزراء ريشي سوناك إلى محاولة استدراك حالة الجدل بتوضيح أن بلاده لا تنوي إرسال جنودها لأوكرانيا في الوقت الحالي.
وقال سوناك إن وزير الدفاع كان يقصد أن هذه الخطة مطروحة ولكن في المستقبل عندما تكون الظروف مواتية لها، وذلك لتهدئة الرأي العام البريطاني المتخوف من دخول بلاده في مواجهة مباشرة مع روسيا وجعل الجنود البريطانيين هدفا لها في حال وجودهم بأوكرانيا.
في المقابل، تمضي بريطانيا قدما في تعزيز حضورها العسكري بالقرب من الحدود الروسية، فبعد قرارها تسيير جزء من أسطولها إلى البحر الأسود وكذلك توجيه غواصاتها النووية إلى المحيط الهادي قررت لندن إرسال مقاتلات من طراز "تايفون" إلى بولندا قرب الحدود الروسية.
كل هذه التحركات العسكرية تنظر لها موسكو بعين الغضب، وتعتبرها خطوات مستفزة سيكون لها ثمن وخيم، لكن المملكة المتحدة تمضي في طريق دعم أوكرانيا، فما هي أسباب هذا الدعم الكبير لكييف، والذي لا يتفوق عليه سوى الدعم الأميركي؟
عقيدة سياسية وعسكرية
منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية اتخذت لندن قرارها بتقديم كل وسائل الدعم لأوكرانيا، وبات هذا الملف بمثابة عقيدة سياسية في بريطانيا لا تختلف بشأنه أحزابها، بل لا خلاف عليه بين الطبقتين السياسية والعسكرية.
وتعتبر بريطانيا ثاني داعم عسكري لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة بتقديمها أكثر من 4.6 مليارات جنيه إسترليني، وكانت السباقة لإرسال دبابات مقاتلة من طراز "تشالنجر" إلى الجيش الأوكراني قبل أن تلتحق بها دول أخرى.
كما كانت المملكة المتحدة أول من أعلنت موافقتها على إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، وكذلك تزويدها بصواريخ طويلة المدى.
ويمكن تفسير هذا الدعم السخي بنظرة بريطانيا إلى روسيا، حيث تعتبر كل التقارير العسكرية والإستراتيجية روسيا أكبر خطر أمني يهدد المملكة المتحدة.
وردا على تصريحات وزير الدفاع البريطاني بشأن إرسال قواته إلى أوكرانيا، أوضحت موسكو أن المدربين البريطانيين سيتحولون إلى أهداف مشروعة عند وصولهم إلى كييف.
وقال ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إن تدريب بريطانيا عسكريين على أراضٍ أوكرانية يدفع نحو حرب عالمية ثالثة، مؤكدا أن العسكريين البريطانيين سيتحولون إلى أهداف مشروعة عند وصولهم إلى كييف.
وأشار ميدفيديف إلى أنه في حال تزويد كييف بصواريخ "تاوروس" لضرب روسيا فإن الهجوم على مصانع إنتاجها الألمانية سيكون متوافقا مع القانون الدولي.
استعراض للعضلاتوفي هذا السياق، يعتبر البروفيسور طاهر عباس كبير الباحثين في "معهد الأمن والقضايا الدولية" (آي إس جي إيه) أن الإعلان البريطاني عن الرغبة في إرسال جنود لأوكرانيا في مهمة تدريبية "يرتبط برغبة بريطانية بالقيام بالمزيد وتشجيع دول الناتو على بذل المزيد لدعم أوكرانيا".
وفي حديثه للجزيرة نت، قال عباس إن "قضية مثل الإعلان عن إرسال مدربين إلى أوكرانيا يجب أن تبقى محاطة بالسرية، لكن الإعلان عنها يعني أن لندن تريد أن تظهر بمظهر القادر على تجاوز الجميع، وإعلان خطوات أكثر قوة في دعم أوكرانيا".
ووصف عباس إعلان بريطانيا عن قرب إرسال جنود إلى أوكرانيا ثم التراجع عن الأمر بأنه "عملية سياسية الغرض منها استعراض العضلات"، مضيفا أن المملكة المتحدة تريد أن "تظهر بمظهر القوي الذي لا يخشى التهديدات الروسية".
واعتبر المتحدث أن روسيا "لا تستطيع القيام بأي شيء تجاه بريطانيا، لأنها لم تعد قوية كما كانت قبل الحرب في أوكرانيا رغم أنه ليست لدينا صورة واضحة عن المنتصر والمنهزم في هذه الحرب"، مشيرا إلى أن موسكو "تفهم أن الغرب عموما -وبريطانيا خصوصا- يريد إرسال رسائل سياسية ودبلوماسية أكثر من كونها عسكرية، ولهذا فروسيا لن تقوم بأي رد فعل عنيف".
البحث عن الزعامة
من جهته، يفسر البروفيسور فواز جرجس رئيس قسم العلاقات الدولية في جامعة لندن للاقتصاد (إل إس إي) السلوك البريطاني تجاه روسيا بكون المملكة المتحدة "تريد أن تقول للعالم وليس لروسيا فقط إنها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي أصبحت غير مقيدة، وقادرة على التحرك وحدها ومواجهة روسيا".
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى البروفيسور جرجس أن "بريطانيا تريد أن تتميز عن الاتحاد الأوروبي، ولهذا فهي تسبق الجميع في الإعلان عن خطوات الدعم العسكري لأوكرانيا كما حدث في إرسال الدبابات والطائرات والصواريخ بعيدة المدى".
وأضاف أن بريطانيا "متدخلة في الحرب في أوكرانيا أكثر من أي دولة أوروبية، فهي من يوفر الأسلحة الفتاكة وتزود الأوكرانيين بالمعلومات المخابراتية بشكل يومي، ووزير الدفاع البريطاني يهاتف نظيره الأوكراني يوميا لمتابعة سير المعارك".
ووصف الدور البريطاني في الحرب الأوكرانية بأنه "دور طلائعي، وهي تعتبر رأس الحربة إلى جانب الولايات المتحدة ومتقدمة على كل الدول الأوروبية، وهذا ما تريده لندن بالفعل بأن تبقى لصيقة بالولايات المتحدة أكثر من قربها من الاتحاد الأوروبي".
وتوقع الخبير البريطاني أن روسيا "لن يصدر عنها أي رد فعل بشأن نية بريطانيا إرسال جنود إلى أوكرانيا، لأنها منغمسة في الحرب ولا تريد فتح جبهات أخرى"، متابعا أنه مقتنع بـ"رغبة القيادة الروسية في إلحاق الضرر ببريطانيا، لكنها تعلم أيضا ثمن أي خطوة مشابهة، ولهذا فهي تحجم عن الأمر".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المملکة المتحدة إلى أوکرانیا ترید أن أکثر من
إقرأ أيضاً:
وزير الدفاع البريطاني السابق يزور رواق الصحراء المغربية في معرض لندن للطاقات المتجددة
زنقة 20 | متابعة
استقبل الخطاط ينجا، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، صباح اليوم الثلاثاء بالعاصمة البريطانية لندن، وزير الدفاع البريطاني السابق والنائب عن حزب المحافظين، ليام فوكس، وذلك داخل رواق الجهات الجنوبية للمملكة المغربية المشارك في فعاليات المنتدى الدولي للطاقات المتجددة والبيئة والتنمية المستدامة “Innovation Zero”.
وجاء هذا اللقاء بحضور سفير صاحب الجلالة بلندن، السيد حكيم حجوي، حيث قدم الخطاط ينجا شروحات موسعة حول المؤهلات الاقتصادية والاستثمارية التي تزخر بها الأقاليم الجنوبية، خصوصًا جهة الداخلة – وادي الذهب، في مجالات استراتيجية على رأسها الطاقات المتجددة، الهيدروجين الأخضر، والأمونياك.
كما تم اطلاع المسؤول البريطاني السابق على الدينامية التنموية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، بفضل النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والذي حوّل هذه الأقاليم إلى قطب استثماري وتنموي صاعد على الصعيد الإفريقي.
وفي هذا السياق، جدد رئيس الجهة التأكيد على وجاهة المبادرة المغربية للحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية، كحل سياسي وحيد وواقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بما يضمن الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة المغاربية.
ويعد ليام فوكس من أبرز الأصوات السياسية داخل حزب المحافظين البريطاني الداعمة لمغربية الصحراء، حيث سبق له أن تقلد مناصب وزارية مهمة، من بينها وزارة الدفاع ووزارة التجارة الدولية، كما شغل رئاسة حزب المحافظين بين سنتي 2003 و2005. كما سبق له أن قام بزيارة إلى مدينة الداخلة، حيث عبّر حينها عن تقديره للمبادرة المغربية، مبرزًا ما تزخر به الجهة من فرص استثمارية واعدة.
وتعكس هذه الزيارة لمسؤول بريطاني من هذا المستوى، عمق التقارب المغربي البريطاني، وتقدم نموذجا حقيقيا للدبلوماسية الترابية التي ينتهجها المغرب، والتي يعبر من خلالها المنتخبون عن صوت الساكنة، في مواجهة الأطروحات الانفصالية التي باتت خارج منطق العصر والواقع.