قالت وزارة الدفاع في النيجر إن 29 جنديا على الأقل قتلوا في كمين نصبه متمردون بالقرب من حدود البلاد مع مالي، في أكثر الهجمات دموية منذ استيلاء عسكريين على السلطة في انقلاب عسكري في يوليو، وفق رويترز.

ووقع الهجوم عندما كان الجنود عائدين من عمليات نفذوها ضد المتشددين. واستهدفهم أكثر من 100 مسلح على متن مركبات ودراجات نارية باستخدام عبوات ناسفة ومفجرين انتحاريين.

وقالت وزارة الدفاع في بيان بثه التلفزيون الحكومي: "جاءت الحصيلة الأولية للهجوم على النحو التالي: سقط 29 جنديا في المعركة وأصيب اثنان"، مشيرة إلى أن عشرات المهاجمين قتلوا.

ولم تذكر الوزارة الجهة المسؤولة عن الهجوم، ولم تحدد موعد نصب الكمين تحديدا، لكنها قالت إن العملية العسكرية جرت في الفترة من 26 سبتمبر حتى الاثنين.

وأُعلن الحداد الوطني لمدة ثلاثة أيام.

وتشن النيجر ، على غرار جارتيها مالي وبوركينا فاسو حربا على متشددين على صلة بتنظيمي القاعدة و"داعش" والذين أسفرت هجماتهم عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من مليوني شخص في منطقة الساحل بغرب أفريقيا.

وتدير مالي وبوركينا فاسو أيضا حكومتان عسكريتان استولتا على السلطة في انقلابين.

ووقعت الدول الثلاث اتفاقا أمنيا، الشهر الماضي، تعهدت فيه بالدفاع المشترك ضد هجمات المتمردين و"المعتدين".

وعلى جانب آخر، نفى المجلس العسكري في النيجر قبول وساطة الجزائر لحل الأزمة السياسية في البلاد، على الرغم من إعلان الجزائر، الاثنين، أنها تلقت إخطارا رسميا بقبول النيجر لوساطتها.

"فترة انتقالية 6 أشهر".. قادة انقلاب النيجر يقبلون بالمبادرة الجزائرية وافق قادة الانقلاب في النيجر على مبادرة الوساطة الجزائرية القائمة على "مرحلة انتقالية مدتها ستة أشهر" لإيجاد حل سياسي للأزمة، وفق فرانس برس

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

عمق الجروح: مرافعة من أجل عدالة انتقالية سودانية

دكتور الوليد آدم مادبو

“العدالة ليست أن تنتصر، بل أن تعيد للناس إيمانهم بأنهم يستحقون الوطن.”
— نيلسون مانديلا

رغم وجاهة الدعوة إلى عدالة انتقالية مستوحاة من تجربة جنوب أفريقيا، كما أشار الدكتور الوليد أحمد عدلان في تعقيب له على مقالي: "في حضرة الجراح: استعادة التوازن الممكن"، فإننا لا يمكن أن نكتفي بالاستدعاء الرمزي لهذه التجربة دون تفكيك عناصرها وتكييفها مع السياق السوداني المأزوم. فالسؤال المركزي الذي يطرح نفسه هو: من يملك اليوم شرعية إطلاق مبادرة بحجم العدالة الانتقالية؟ إن غياب المؤسسات الوطنية الجامعة، وانقسام النخب، وتآكل ثقة الشارع في الفاعلين السياسيين، كلها تجعل من أي مسار عدالة انتقالية محفوفاً بخطر الاختطاف أو التوظيف الفئوي.

ولهذا، لا بد من استحضار تجارب أخرى لا لمجرد المقارنة، بل لاستخلاص عناصر النجاح والإخفاق: في رواندا، على سبيل المثال، لعب القضاء الشعبي دوراً في إعادة تشكيل الروح الجماعية، لكنه أغفل أسئلة العدالة السياسية والاجتماعية. أما في كولومبيا، فساهم الاتفاق مع الفارك في تقليل العنف لكنه اصطدم بعدم رضا قطاعات شعبية عن “تنازلات غير كافية”. بينما في تونس، انتهت تجربة "هيئة الحقيقة والكرامة" إلى نتائج محدودة بسبب ضعف الإرادة السياسية، مما يعلّمنا أن وجود هيئة لا يكفي ما لم تُسند بشرعية اجتماعية واسعة، وأطر قانونية محمية، وإرادة إصلاحية واضحة.

من هذه التجارب نستخلص درسًا مهمًّا: العدالة الانتقالية ليست مسارًا قانونيًا فحسب، بل عقد اجتماعي جديد، يتطلب شرعية شعبية، وتمثيلًا تعدديًا، وإرادة صادقة. ولذا فإن التحدي في السودان لا يكمن فقط في إنشاء هيئة أو لجنة، بل في ضمان شفافيتها، وتحصينها من التوظيف الفئوي، وجعلها تعبيرًا عن وجدان جماعي، لا إرادة فصيل سياسي.

إننا لا نحتاج إلى عدالة تُستخدم كسلاح انتقائي، ولا إلى مصالحة تُفرض بغير اعتراف، بل إلى عدالة تحقّق التوازن الأخلاقي والسياسي، من خلال إعادة توزيع المعنى والثقة، قبل الثروة والسلطة. ما نحتاجه هو عدالة انتقالية سودانية الأصل، متعددة الأصوات، ضامنة للكرامة لا مُكرّسة للغلبة. عدالة تؤسس لسردية وطنية واحدة، تحوّل المأساة إلى ذاكرة جامعة، وتحرّر المستقبل من سطوة المظلومية العمياء أو الاستعلاء الأجوف.

هناك تشابه في البنية الاجتماعية المعقدة بين السودان ورواندا من حيث تداخل الهويات العرقية والدينية الذي أدى إلى نزاعات دموية؛ هناك تشابه في مركزية الدولة وتاريخ الانقلابات بين السودان وتجربة تشيلي بعد بينوشيه أو إندونيسيا بعد سوهارتو، حيث واجهت الدولة تحديات في إعادة الثقة بين المؤسسة العسكرية والمجتمع، وما شهدته البلاد من انتقالات ديمقراطية معقدة. كما يوجد تشابه في عمق الجروح والانقسامات الإثنية بين السودان وجنوب أفريقيا أو كولومبيا، إذ جرى تحويل الصراع من حالة انتقامية إلى مشروع وطني، عبر آليات للعدالة الانتقالية توازن بين المصارحة والمصالحة.

إن إعادة بناء السودان لا تبدأ من محاكمات شعاراتية، بل من مكاشفة صريحة مع الذات: لقد أخطأنا حين اخترنا التنازع على السلطة بدل التشارك في المسؤولية، وأخطأنا حين قدّمنا الولاء الحزبي أو الجهوي على الولاء الوطني، وأخطأنا بل أجرمنا حين جعلنا الثورة سوقًا للمقايضة، والسياسة مجرد تفاوض سطحي والدين أداة للقمع وليس مظلة للعدالة. أخطأنا حين ظننا أن الانتماء للمركز صكّ نجاة، وأن الهامش مجرد فائض سكاني يمكن تدجينه. أخطأنا حين أنكرنا على الآخرين إنسانيتهم، فخسرنا إنسانيتنا في الطريق.

ولن نستعيد الوطن ما لم نعترف بأخطائنا، إذا لم يكن ذلك بدوافع قيمية فليكن بدوافع مصلحية. فالاعتراف بالمسؤولية الجماعية لا يُعد ترفًا أخلاقيًا، بل شرطًا لازمًا لاستعادة التوازن الوطني. فما وصلنا إليه من انهيار لم يكن وليد لحظة خارجية، بل نتيجة تراكمات داخلية من العجز، والخذلان، والتقاعس عن إنصاف المظلومين، وعن الانتصار للقيم التي تحفظ تماسك المجتمعات وتمنع تغوّل السلطة أو تفكك الدولة.

لم يكن بمقدور أي بلد أن يختـرق صفنا الوطني، لو لم تكن هناك فراغات في الجدار، نتوءات في الوعي، وتشققات في نسيج الكرامة جعلتنا نفقد الثقة في أنفسنا ونتعامل مع الحليف التنموي على أساس أنه عدو وهمي (التعبير بتصرف للأستاذة سارة الحوسني)، أو أن نتوهم الصداقة مع غريم أزلي وعدو استراتيجي. كان والدي كثيرا ما يقول لي: لا تتجلى براعة السياسي يا بُني في قوله "نحن مستهدفون"، إنما في تجنيب شعبه الاستهداف. ولأن الوطن ليس جغرافيا نرثها، بل معنى نصوغه بأفعالنا وصدق مقاصدنا، فإننا لا ننجو إلا حين نصغي لصوت الضمير لا ضجيج الشعارات، وحين نقاوم الإغراء ونرفض الاصطفاف الأعمى، وحين نستنكر دعوات الإقصاء: لا مدنيًا يُقصي العسكري، ولا عسكريًا يحتقر المدني، بل معادلة رشيدة تُقيم ميزان الوطن على ساقين: القوة المنضبطة، والحكمة المستنيرة.

ورغم أن المرافعة الأخلاقية هذه تظل ضرورية، فإننا بحاجة إلى ترجمة هذا الطموح إلى آليات تُصمَّم من الداخل، وتعكس التنوع الحقيقي للمجتمع السوداني، لا أن تُفرض بمنطق الوصاية أو الحسابات السياسية الضيقة. يحتاج هذا الأمر إلى تضافر جهود كل المختصين (قانونيين دستوريين، علماء اجتماع، أساتذة علوم سياسية، اقتصاديين، إلى آخره)، الزعماء الأهليين من قبليين ودينيين، خبراء عالميين لهم تخصصات شتى في حقول المعرفة السودانية المختلفة، شباب الثورة الغيورين وكافة أبناء الوطن الحادبين. نحتاج إلى إعداد جيد قبل أن ندعو الضحية والجلاد إلى قاعة الشعب وإلى ساحة الحقيقة والمصالحة.

حينها لن نحتاج إلى عصا خارجيّة أو مبادرة أممية تُعيدنا إلى جادة الطريق، بل إلى قلوبٍ تعترف، وعقول تُدبّر، وسواعد تتضافر. فالتاريخ لا يرحم المتقاعسين، ولا يسامح المزيفين. فلنبدأ إذن من حيث تتلاقى القلوب لا تتصادم، ومن حيث يُغفر الماضي لا يُنسى، ومن حيث تُبنى الذاكرة المشتركة لا لتثبيت الألم، بل لتحويله إلى حكاية خلاص.

‏April 28, 2025

مقالات مشابهة

  • مقتل أكثر من 12 في اشتباكات طائفية في سوريا
  • بحوث الصحراء: توزيع أكثر من 150 ألف شتلة وتنظيم 30 دورة تدريبية و 200 زيارة ميدانية
  • السويد – الجزائر .. الفاف تعلن موعد انطلاق عملية بيع التذاكر
  • الفاف تعلن انطلاق عملية بيع تذاكر ودية الجزائر والسويد
  • الضربة القاضية لعصابة الجزائر…مالي والنيجر وبوركينافاسو يلتفون حول جلالة الملك
  • الجوية الجزائرية تُطلق خطوط مباشرة جديدة خلال الشتاء المقبل
  • عمق الجروح: مرافعة من أجل عدالة انتقالية سودانية
  • إيران تعلن إحباط واحد من أكثر الهجمات الإلكترونية اتساعاً وتعقيداً
  • الدفاع الروسية: مقتل 1195 جندياً أوكرانياً خلال 24 ساعة
  • أكثر من 41 ألف مستفيد بمستشفى أجياد ومراكز طوارئ الحرم خلال 3 أشهر