عربي21:
2025-01-07@19:57:01 GMT

المصريون ضَحُّوا بما يكفي

تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT

تحدث الحاكم بأمره عن وفاة الملايين من الجوع في دولة لم يُسمِّها، لكنه ذكر التفاصيل التي تُبدي الاسم! وقد أراد بحديثه لفت نظر المصريين إلى تحمّل الجوع بدلا من هدم الدولة، معتبرا نفسه الدولة، ومعتبرا مسار التغيير السياسي خطرا على استقرارها، قافزا على حقيقة لا تقبل التشكيك والطعن، بأن الدولة شخص اعتباري لا يمكن تجسُّدها في شخص مادي، وأن الديمقراطية الكاملة تجلب الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، بينما حكم الفرد ينقض أسس استقرارهم جميعا.



جاء حديث رأس النظام السياسي متزامنا مع البدء المبكر لمسار الاستحقاق الانتخابي، ويعاني السيد أحمد طنطاوي، أكثر المرشحين جدية أمامه، من إعاقة أنصاره الراغبين في عمل توكيلات له، رغم أن أعضاء حملته الرسمية يتجاوز 23 ألف شخص، بحسب المرشح. كما يُثار حديث آخر عن تقدم رئيس الأركان الأسبق للجيش الفريق محمود حجازي بطلب ترشحه مرتين للمجلس العسكري، ليتمكن من المنافسة على المنصب، لكن لم يوافق المجلس على الطلبين، فضلا عن مناخ شديد القسوة اقتصاديا، وشديد القمع تجاه أي معارضة سياسية.

عانى المصريون من وعود زائفة بالاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي واستعادة الريادة الخارجية، وازدهار قدرة المصريين على شراء الاحتياجات اليومية، لكنهم وجدوا عنفا داخليا وانعدام الرؤية السياسية وتبعية خارجية لقوى إقليمية، وفقرا غير مسبوق، ومهانة من أجل جلب قوت اليوم، وهدما للبيوت وللمقابر أيضا، واحتقارا لمكانتهم الاجتماعية وتطلعاتهم السياسية، وفوق كل ذلك وجدوا تكرارا للوعود الزائفة دون تنفيذ
على مدار سنوات حكمه العشر عانى المصريون من وعود زائفة بالاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي واستعادة الريادة الخارجية، وازدهار قدرة المصريين على شراء الاحتياجات اليومية، لكنهم وجدوا عنفا داخليا وانعدام الرؤية السياسية وتبعية خارجية لقوى إقليمية، وفقرا غير مسبوق، ومهانة من أجل جلب قوت اليوم، وهدما للبيوت وللمقابر أيضا، واحتقارا لمكانتهم الاجتماعية وتطلعاتهم السياسية، وفوق كل ذلك وجدوا تكرارا للوعود الزائفة دون تنفيذ، وكذبا صُراحاً بأنه لم يعِدهم بشيء قبل استيلائه على السلطة، لكنهم لا يزالون يذكرون حركة يده المشيرة إلى المال وهو يقول عام 2014 قبل رئاسته: "لازم أغني الناس"، ووجدوه أفقرَهم بمشاريع وطموحات شخصية لا وطنية.

أصبح التضخم يدور في حدود نسبة 40 في المئة، وهذا هو الرقم الرسمي الذي تحيطه الشكوك، وأصبحت البطالة أكثر تفشيا مع دخول إحدى مؤسسات الدولة في الاقتصاد بقوة، فخرجت شركات عديدة من السوق، وتعطَّل العديد من العاملين في المهن غير النظامية مثل الفلاحين، وأصبحت قوارب الهجرة غير النظامية إحدى بوابات الخروج من الواقع الاقتصادي المزري، تحت حكم الفيلسوف الملهم، ومرشح الضرورة.

يمكن لأي متجول في الأسواق أن يرى كيف أصبح الشعب مكتئبا خلال تجوله داخلها، فأسعار الخضروات الأساسية للطعام مثل الطماطم والبصل تجاوزت حدود المعقول، وأصبحت الأسعار الطبيعية لمعظم الفواكه تصل إلى 30 جنيها (دولار تقريبا) للكيلوغرام الواحد، وهذا رقم مزعج لأي أسرة مصرية، إذ جرت عادة المصريين على "التحلية بالفاكهة" بعد وجبة الغداء، حتى بالنسبة للشاي، المشروب المفضل، فقد بلغ سعر كيلوجرام السكر 40 جنيها، وأصبح التنازل عن هذه العادات أو تقليلها قرارا قهريا، وقد سبقهما التنازل عن كثير من الضروريات والحاجيات في الوجبات الغذائية الأخرى.

هذا الحديث لا يمثِّل إلا قطرة في بحر معاناة يومية لأجل لقمة العيش، وكلمة معاناة يومية ليست تعبيرا صحفيا، بل هي معاناة محسوبة بالدقائق والساعات أمام احتياجات كل شخص من جهة، واحتياجات من يعولهم من جهة أخرى، ما ساهم في رفع مستوى التوتر وبالتالي الخلافات الأسرية والطلاق، وحتى الجرائم والمشاجرات الزوجية، فتمر الأوقات عصيبة على كل مستدين ومحتاج، وقد أصبحوا في حالتهم بسبب السياسات غير الرشيدة والإنفاق غير المجدي اقتصاديا، فضلا عن الإنفاق الخارجي من أجل تلميع صورة شخص رأس النظام وسياسته في الحكم، بينما قطاعات واسعة من الشعب غارقة في الفقر والحاجة.

هذا الفقر يستغله النظام لتثبيت أوضاعه، وقد تكرَّمَ السيسي بحديثه عن إمكانيته هدم الدولة بمليار جنيه، وكشَفَ ما كانوا يقومون به لاستغلال المحتاجين ومدمني المخدرات، بل استخدام 100 ألف شخص لمدة 10 أسابيع بهذا المبلغ الزهيد، والمفارقة أنه كان يستخدمهم بـ20 جنيها فيما يبدو، ثم اعترف بأن الغلاء زاد ويحتاج إلى 1000 جنيه لكل شخص، فشهد على نفسه بمقدار ضعف العملة والغلاء اللذين تسبب بهما، واندفع بجرأته غير المحمودة ذاكرا هذا المسار أمام القضاة، وهم أحد أهم مصادر العدالة والأمان للمجتمع، ثم أعلن ذلك على الملأ.

الفقر يستغله النظام لتثبيت أوضاعه، وقد تكرَّمَ السيسي بحديثه عن إمكانيته هدم الدولة بمليار جنيه، وكشَفَ ما كانوا يقومون به لاستغلال المحتاجين ومدمني المخدرات
قبيل الانتخابات الهزلية الثالثة في عهد أسوأ مستبد في تاريخ مصر، يحتاج هذا الشخص إلى إدراك أن المصريين ضَحُّوا بما يكفي خلال فترة حكمه، بل بما يزيد عن قدرتهم واستطاعتهم، بينما يرفل هو في نعيم أموال الرئاسة ومخصصاتها وحفلاتها، ويخاطب المصريين في كل وقت موجها لهم نصائح عبثية في الزواج والطلاق والعزائم والدين والسياسة والاجتماع، بينما كان مشهورا عنه في تخصصه الأساسي في عمله في أشرف المؤسسات المصرية، أنه ضابط محدود القدرات، وتأكدت هذه الصورة لمن لم يزامله عند كل خطاب له فتبدو وحشيته، ويبدو ضعف إدراكه في آن واحد.

ويحتاج المصريون في المقابل إلى السعي لإجراء التغيير بأهدأ صورة ممكنة طالما كان ذلك في المستطاع، وإذا سُمح لأحد المرشحين المستقلين بالانتقال إلى مرحلة ثانية في صراع الرئاسة، فإن المحتم أن ينتفض المصريون لإجراء التغيير السياسي حتى وإن كان المرشح لا يمثل أفضل اختيار للناخبين، لكن يكفي أنه مستقل الإرادة وجاد في نيته إحداث التغيير.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصريين السيسي المخدرات الرئاسة مصر السيسي الرئاسة المخدرات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

المصريون بالسعودية يحررون توكيلات لحزب الجبهة الوطنية من السفارة بجدة

حرر المصريون بالخارج توكيلات لتأسيس حزب الجبهة الوطنية، وذلك في إطار جمع الحزب لتوكيلات التأسيس والتي انطلقت في يوم الثلاثاء الماضي، في أعقاب الإعلان عن تدشين الحزب رسميا في يوم الإثنين من الأسبوع المنصرم.

وشهدت السفارة المصرية بجدة، إقبالًا من المصريين بالسعودية، لتحرير توكيلات تأسيس حزب الجبهة الوطنية.

وينص القانون على أن يقدم الإخطار بتأسيس الحزب كتابة لجنة شئون الأحزاب مصحوبا بتوقيع خمسة آلاف عضو من أعضائه المؤسسين مصدقا رسميا على توقيعاتهم، ويرفق بهذا الإخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب، وبصفة خاصة نظامه الأساسى ولائحته الداخلية وأسماء أعضائه المؤسسيين وبيان الأموال التى تم تدبيرها لتأسيس الحزب ومصادرها وأسم من ينوب عن الأعضاء فى إجراءات تأسيس الحزب.

وذكر الحزب أنه يسعى لضخ دماء جديدة في شرايين الحياة السياسية، وإثراء التجربة الديمقراطية وتعزيز ثقافة الحوار، ليكون نموذجا عمليا يجسد قيم التعاون والمشاركة والتكامل بين مختلف أطياف المجتمع. كما يسعى الحزب لإيجاد البديل لمن فقدوا الثقة في الخطابات السائدة في الحياة الحزبية، وتحقيق تطلعات الشعب المصري العظيم نحو مستقبل مزدهر ومستقر، وتأكيدا على قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة.


وقال الحزب إنه "يجمع الحزب بين طاقات الشباب وخبرات الأجيال في إطار رؤية شاملة قائمة على التعددية واحترام اختلاف الرؤى والأفكار، حزب يضم تحت مظلته نخبة وطنية صادقه تنشد مسارا ديمقراطيا شفافا يحقق أحلام وطموحات جموع المصريين في وطن عزيز وكريم، ويسعى من أجل توفير مقومات الحياة الكريمة التي تليق بكل مصرية ومصري من أبناء هذا الوطن"..


ويضم الحزب الجديد والذى تم تدشينه أمس الأحد من قلب العاصمة الإدارية، الهيئة التأسيسية للحزب جميع فئات المجتمع المصرى، حيث إنها تضم 8 وزراء سابقين و8 إعلاميين وكتاب و7 رجال أعمال و15 برلمانيا ومفتى سابق ورئيس النواب سابق و10 سيدات و5 شباب و8 من خلفيات فكرية معارضة، إضافة لمحافظين سابقين وشخصيات قيادية فى ميدان العمل المجتمع.

مقالات مشابهة

  • علماء يرسلون كبسولة داخل الجهاز الهضمي فماذا وجدوا؟
  • نواب: الرئيس وجه رسائل حاسمة عكست تلاحم ووحدة المصريين خلال كلمته بالكاتدرائية
  • د.حماد عبدالله يكتب: الأقباط المصريون !
  • قنصل عام مصر بمرسيليا تستعرض جهود وزارة الخارجية لتلبية احتياجات المصريين بالخارج
  • نقابة الأطباء: إلغاء الحبس الاحتياطي لا يكفي وليس إنجازا كبيرا
  • نائبة حماة الوطن: المصريون نسيج واحد ولا فرق بين مسلم ومسيحي
  • تسعة أشهر عن الانتخابات: هل يكفي الوقت لاختيار مفوضية جديدة؟
  • جمعية رجال الأعمال المصريين والأفارقة تثمن مبادرة الدولة لدعم الصناعة بـ30 مليار جنيه
  • المصريون بالسعودية يحررون توكيلات لحزب الجبهة الوطنية من السفارة بجدة
  • عصام شيحة: المصريون يتطلعون لبرلمان يعبر عن تطلعاتهم